مقدمة هامة لدراسة القانون الجنائي
[u]تعريف القانون الجنائي:[/u]
القانون الجنائي هو مجموعة القواعد والنصوص التي تنظم مبادئ التجريم وتحدد الأفعال المجرمة والجزاءات المقررة لها، كما تنظم إجراءات البحث والتحقيق في الجرائم ومسطرة المحاكمة وتنفيذ العقوبات المحكوم بها، وهو يتفرع إلى:
1) القانون الجنائي العام:
يتكلف بتحديد الأحكام العامة أو المبادئ العامة للتجريم والعقاب والمسؤولية الجنائية.
2) القانون الجنائي الخاص:
يشمل النصوص التي تحدد الجرائم المختلفة مع بيان الشروط الخاصة بكل جريمة كما تحدد العقوبة التي يفرضها المشرع جزاءا لها.
3) قانون المسطرة الجنائية: (قانون الإجراءات الشكلية):
يتعلق بالقواعد التي تنظم إجراءات البحث والتحقيق والمحاكمة والجهات الموكول إليها أمر ذلك وكيفية تنفيذ العقوبات.
الهدف:
بما أن حارس الأمن يعتبر حسب قانون المسطرة الجنائية من أعوان الشرطة القضائية، وينتمي إلى قوة عمومية موكول إليها أمر المحافظة على النظام العام، فإنه يتعين عليه الإلمام بكل فروع القانون ليعرف حدود صلاحياته ويؤدي واجبه المهني بدون تعسف أو تجاوز يمس بحقوق الأفراد.
الجريمة
تعريف :
مفهوم الجريمة بتنازعه التعريف القانوني والتعريف الاجتماعي.
فالتعريف القانوني هو الذي أخذ به المشرع المغربي بقوله في الفصل 110 من القانون الجنائي : ” الجريمة هي عمل أو امتناع عن عمل مخالف للقانون الجنائي ومعاقب عليه بمقتضاه”.
وعند تفحص هدا الفصل نجد أن المشرع قد أغفل علة التجريم كما أنه لم ينص إلا على الركنين المادي والقانوني مع إغفال الركن المعنوي.
أما التعريف الاجتماعي للجريمة فقد أخذ به الفصل الأول من المجموعة الجنائية حيث ينص على علة التجريم بقوله: ” يحدد التشريع الجنائي أفعال الإنسان التي يعدها جرائم بسبب ما تحدثه من اضطراب اجتماعي و يوجب زجر مرتكبيها بعقوبات أو تدابير وقائية “.
وحتى يكون مفهوم الجريمة أكثر وضوحا لابد وأن يتضمن أركانها الثلاثة. فالجريمة بمعناها القانوني الدقيق لا تقوم إلا بتوافر شروط عامة يطلق عليها أركان الجريمة وهي أركان عامة وإلى جانب هذه الأركان العامة لابد من توافر عناصر خاصة للجريمة تختلف من جريمة إلى أخرى و تسمى بالعناصر الخاصة و يتكفل النص القانوني الخاص بتحديدها.
أركان الجريمة:
من الناحية القانونية لا يكون الفعل أو الامتناع جريمة إلا إذا كان منصوصا عليه بنص صريح في القانون (الركن القانوني)، وتم ارتكابه أو محاولة ارتكابه بإخراجه إلى العالم الخارجي (الركن المادي)، وذلك من طرف شخص سليم العقل قادر على التمييز وله إرادة وإدراك بالنسبة للوقائع التي يرتكبها (الركن المعنوي). وهكذا تكون أركان الجريمة ثلاث أركان :
الركن القانوني
لا يمكن للمشرع أن يخلق جرائم و لا أن يعين لها عقوبات إلا إذا تدخل بنص قانوني يضمن به حقوق الأفراد و المجتمع. وهو بعمله هذا يقرر مبدأ شرعية التجريم والعقاب ومبدأ الشرعية أو القانونية هو مبدأ عالمي تأخذ به كل التشريعات الحديثة وهو مبدأ يحمي الفرد من التحكم ولا يستطيع القضاء معاقبته إلا على الأفعال التي اعتبرها المشرع جرائم ولا معاقبته إلا بالعقوبات التي حددها من حيث النوع والمقدار بنص سابق، وهكذا فتصرفات الفرد لا تعاقب إلا إذا نص القانون على تجريمها وحدد لها عقابا طبقا لمبدأ : “لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص ” وهذا المبدأ كان شائعا حتى في النظم والشرائع القديمة كالقانون الروماني واليوناني، وفي الشريعة الإسلامية نجد تطبيقات له من خلال الآية الكريمة : “وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا”، كما أن هذه القاعدة ما هي إلا إعمال للمبدأ الشهير .”الأصل في الإنسان البراءة والأصل في الأشياء الإباحة” .
وفي النظام القانوني المغربي نجد تأكيدا لهذا المبدأ من خلال الفصل 3 من القانون الجنائي بل والأكثر من هذا هو أن هذه القاعدة هي قاعدة يحميها الدستور المغربي عندما نص عليها من خلال الفصل 10.
الركن المادي:
إن القانون الجنائي وخلافا للأخلاق والأديان لا يعاقب الإنسان عن أفكاره ونواياه ولا عن مشاعره وأحاسيسه ما دامت حبيسة مخيلاته. ولا يبدأ عمل القانون إلا إذا تجسدت هذه الأفكار واتخذت شكلا ماديا ملموسا. لأن أساس التجريم هو ما تحدثه الجريمة من اضطراب اجتماعي والأفكار ما دامت في خيال صاحبها لا ينشأ عنها أي خلل في المجتمع بل ينبغي إخراجها إلى العالم الخارجي لأنه في هذه الحالة وحدها يمكن إلحاق الضرر بالمجتمع وهذا السلوك المادي الخارجي المعاقب عنه قد يكون عادة إيجابيا يتخذ صورة القيام بعمل ( النشاط الإيجابي ) كما أنه قد يقتصر على مجرد الامتناع أو عدم القيام بعمل حالة كون القانون يأمر بالقيام به (النشاط السلبي) .
عناصر الركن المادي:
وتختلف طبيعة الأعمال المكونة لهذا الركن حسب صنف الجريمة، ففي الجرائم الشكلية أو جرائم السلوك يتمثل في صورة القيام بعمل أو الإمتناع عن عمل يحذره القانون بصرف النظر عما قد يترتب عنه من نتائج أما في جرائم النتيجة فلتحقق الركن المادي لابد من إتيان فعل وتحقق نتيجة إجرامية ووجود علاقة سببية بينهما.
الركن المعنوي:
ويتمثل في انصراف إرادة الشخص إلى ارتكاب جريمة معينة، فالفعل أو الامتناع المخالف للقانون ينبغي أن يصدر عن الفاعل وهو على بينة واختيار من تصرفه وعلمه بالواقعة المقبل عليها من الناحية المادية والقانونية. غير أن الأفراد قد يرتكبون جرائم خطأ، وهي جرائم غير عمدية لكنها تقترف عن طريق الإهمال أو عدم التبصر أو الاحتياط أو عدم مراعاة النظم والقوانين مثال ذلك “جرائم حوادث السير” .
ترتيب الجرائم:
ترتب الجرائم حسب خطورتها والعقوبات المقررة لها إلى :
أ/- جنايات (الفصل 16 ق.ج) : وهي الجرائم التي يعاقب عليها المشرع بإحدى العقوبات التالية : الإعدام أو السجن المؤبد أو المؤقت من 5 إلى 30 سنة أو الإقامة الإجبارية أو التجريد من الحقوق الوطنية .
ب/- الجنح (الفصل 17 ق.ج) : وهي نوعان : جنح تأديبية وهي الجريمة التي يعاقب عليها القانون بالحبس الذي يتجاوز حده الأقصى سنتين ولا يتجاوز خمس سنوات، وجنح ضبطية وهي الجريمة التي يعاقب عليها القانون بالحبس الذي لا يتجاوز حده الأقصى سنتين أو بالغرامة التي تزيد عن 1200 درهم .
ج/- المخالفات : وهي الجريمة التي يعاقب عليها المشرع بعقوبة الاعتقال لمدة تقل عن شهر أو الغرامة التي لا تزيد عن 1200 درهم .
ما يجب القيام به :
– الحيلولة دون وقوع جرائم بالشارع العام، وهذا يتطلب الحزم واليقظة في أداء المهمة.
– قبل التدخل يجب التأكد أن الفعل المقترف يشكل جريمة.
– في حالة ارتكاب الشخص لجريمة وخاصة الجنايات والجنح يتعين إيقافه، حبسه وتجريده من كل أداة خطيرة، التعرف على هويته واقتياده إلى أقرب دائرة للشرطة.
– في حالة المخالفة يجب أخذ هوية المخالف وضبط المخالفة المرتكبة دون إيقافه أو سياقته إلى مصالح الشرطة.
المـحــاولة
تعـريـف:
إذا كان القانون الجنائي لا يعاقب على الأفكار والنوايا ولا يعاقب كقاعدة عامة على مرحلة التحضير لارتكاب الجريمة، فإنه يتدخل بالعقاب إذا بدأ الجاني في تنفيذ الركن المادي للجريمة. فإذا نجح في تنفيذ جريمته كنا أمام جريمة تامة. وأما إن تخلفت النتيجة كنا أمام جريمة ناقصة. أو كما يسميها المشرع المغربي ” بالمحاولة ” وقد نص عليها في الفصل 114 ق.ج بقوله : ” كل محاولة ارتكاب جناية بدت بالشروع في تنفيذها أو بأعمال لا لبس فيها تهدف مباشرة إلا ارتكابها، إذا لم يوقف تنفيذها، أو لم يحصل الأثر المتوخى منها إلا لظروف خارجة عن إرادة مرتكبيها تعتبر كالجناية التامة، ويعاقب عليها بهذه الصفة.”
· عناصر المحاولة: انطلاقا من النص السابق يمكن استخراج العناصر التالية:
§ النية الإجرامية : لا بد أيضا أن تتجه إرادة الجاني إلى ارتكاب الجريمة التامة أي بكل عناصرها، حيث يهدف الجاني إلى إتيان السلوك وتحقيق نتيجة معينة، ومن هنا كانت المحاولة دائما جريمة عمدية ذات قصد جنائي.[/u]
§ البدء في التنفيذ: ويعني أن المجرم يبدأ و يشرع في تنفيذ الركن المادي للجريمة بأي عمل يهدف إلى تحقيق نتيجتها، فلا محاولة إذن إذا لم يبدأ الجاني في تنفيذ الجريمة أو لم يأت أي عمل لا لبس فيه يهدف مباشرة من ورائه إلى تحقيق جريمته. § انعدام العدول الإرادي : هذا العنصر يعني توقف المجرم عن إتمام الركن المادي للجريمة بسبب ظروف لا دخل لإرادة الجاني فيها. فهناك ظرف أو مانع خارجي يتدخل فيحول دون إتمام التنفيذ. وذلك كأن يرى المجرم أثناء قيامه بفعلته رجال الشرطة مقبلين نحو مكان الحادث، فهذا عدول غير إرادي.
· صور المحاولة :
للمحاولة ثلاث صور هي: الجريمة الموقوفة، الجريمة الخائبة، الجريمة المستحيلة.
– الجريمة الموقوفة:
وهي التي تقف فيها أعمال التنفيذ لأسباب خارجية عن إرادة الجاني قبل أن يشغل ما أعده من الوسائل لاقتراف الجريمة. ونحو ذلك أن يصوب شخص بندقيته نحو خصمه، وعندما يهم بإطلاق النار يدركه شخص ثالث فينزع منه البندقية أو يهدده بسلاحه إن هو نفذ جريمته. فهنا إن لم يتم النشاط نكون أمام جريمة موقوفة.
– الجريمة الخائبة:
هي الجريمة التي لا تتحقق نتيجتها الإجرامية دون عدول من الجاني أو تدخل لأي عامل أجنبي رغم أن الفاعل استنفذ كل الأنشطة التي اعتقد أنها سوف توصله إلى النتيجة التي أرادها. ومثال ذاك أن يريد شخص سرقة مال شخص آخر وعندما يضع يده في جيبه يجده فارغا من النقود.
– الجريمة المستحيلة :
وهي الجريمة التي لا يمكن فيها أن تتحقق فيها النتيجة الإجرامية لأن ذلك مستحيل و غير ممكن و مثال ذلك : ” محاولة إجهاض امرأة وهي غير حامل “.
العقـاب:
محاولة الجناية: يعاقب عليها بالعقوبة المقررة للجناية التامة (الفصل 114).
محاولة الجنحة: يعاقب عليها إذا نص القانون صراحة على ذلك بالعقوبة المقررة لهذه الجنحة (الفصل 115).
محاولة المخالفة: غير معاقب عليها إطلاقا (الفصل 116).
ما ينبغي القيام به :
· [u]بالنسبة للمخالفات : لا يمكن لحارس الأمن أن يتدخل لأن المحاولة لا تتحقق في المخالفة مثال: لا يمكن تسجيل مخالفة بالنسبة لسائق [/u]
سيارة أراد أن يوقف سيارته في مكان ممنوع، فانتبه لحارس الأمن و تراجع عن ذلك.
· [u]بالنسبة للجنايات و الجنح : لا ينبغي على حارس الأمن أن يتدخل قبل البدء في تنفيذ الركن المادي للجريمة. بل يكتفي بالمراقبة.[/u]
مثال: شخص وقف ليلا أمام متجر، فربما فعل ذلك لينظر إلى الملابس المعروضة داخل الواجهة الزجاجية للمتجر، أو ربما لسرقته.
فحارس الأمن لا يمكنه استفسار هذا الشخص عن وقوفه، ولكن إذا شرع في تكسير الواجهة الزجاجية، وجب آنذاك التدخل وإيقافه لأن محاولة الجريمة تحققت.
ما ينبغي كتابته :
على حارس الأمن أن يتذكر جيدا تعاقب الأفعال المقترفة من طرف المجرمين وأن يحرر تقريرا مفصلا يعكس فيه بصفة موضوعية كل الأفعال.
المساهمة والمشاركة والفاعل المعنوي
قد ينفرد شخص واحد بتصميم وتنفيذ الجريمة، وقد يتم تنفيذها من أكثر من فاعل واحد، ويأخذ تعدد الجناة من الناحية القانونية صورتين:
أ-المساهمة:
لم يعرف المشرع المغربي المساهمة وإنما تعرض للمساهم وذلك من خلال الفصل 128 من القانون الجنائي حيث يقول : ” يعتبر مساهما في الجريمة كل من ارتكب شخصيا عملا من أعمال التنفيذ المادي لها”.
ففي المساهمة يقوم كل واحد من الجناة بتنفيذ بعض الوقائع المكونة للجريمة كأن يقوم شخصان بتكسير باب متجر ويستوليان على محتوياته. وأيضا: شخص يسكب بنزين على دار وآخر يضرم النار فوقها. فالمساهم يكون فاعلا أصليا لأنه قام بعمل من أعمال التنفيذ المادي للجريمة. فالمساهمون يقومون بأعمال رئيسية لإخراج المشاريع الإجرامية إلى حيز الوجود، لذلك فهم فاعلون أصليون. وهم يستعيرون صفتهم الإجرامية من وقائع الجريمة.
ب- المشاركة:
إذا كان المشارك وخلافا للمساهم لا يرتكب أي عمل من أعمال التنفيذ المادي للجريمة، ولكن عمله يقتصر على مساعدة المساهم كأن يقوم بأعمال ثانوية غير داخلة في عناصر الجريمة مثال: أن يقدم سلاحا لشخص آخر ليستعمله في جريمة القتل. وهكذا يمكن القول أن المشاركين هم من يقومون بأعمال ثانوية في إخراج المشروع الإجرامي إلى حيز الوجود، وهم دائما يستعيرون صفتهم الإجرامية من الفاعلين الأصليين.
والمشرع المغربي تطرق للمشاركة في الجريمة من خلال الفصل 129 من القانون ج الذي ينص على أنه: ” يعتبر مشاركا في الجناية أو الجنحة من لم يساهم مباشرة في تنفيذها، ولكنه أتى أحد الأفعال الآتية:
1- أمر بارتكاب الفعل أو حرض على ارتكابه، وذلك بهبة أو وعد أو تهديد أو إساءة استغلال سلطة أو ولاية أو تحايل أو تدليس إجرامي؛
2- قدم أسلحة أو أدوات أو أية وسيلة أخرى استعملت في ارتكاب الفعل مع علمه بأنها ستستعمل لذلك؛
3- ساعد أو أعان الفاعل أو الفاعلين للجريمة في الأعمال التحضيرية أو الأعمال المسهلة لارتكابها مع علمه بذلك؛
4- تعود على تقديم مسكن أو ملجأ أو مكان للاجتماع لواحد أو أكثر من الأشرار الذين يمارسون اللصوصية أو العنف ضد أمن الدولة أو الأمن العام أو ضد الأشخاص أو الأموال مع علمه بسلوكهم الإجرامي.
وانطلاقا من النص يمكن القول أن للمشاركة شروطا إن انعدمت إحداها انتفت المشاركة وهذه الشروط هي:
شروط المشاركة:
1- تحقق إحدى الحالات المنصوص عليها في الفصل 129 من القانون ج.
2- علم المشارك بما يعتزم القيام به الفاعل الأصلي، فيقدم له الأداة أو المسكن، أو المساعدة، أو غيرها من الحالات المذكورة، وهذا أمر ضروري ليتوافر لديه القصد الجنائي لقيام المسؤولية الجنائية.
3- وجود فعل رئيسي منصوص على تجريمه في القانون الجنائي من نوع جناية أو جنحة.
العقوبة:
ينص الفصل 130 من القانون ج على أن : ” المشارك في جناية أو جنحة يعاقب بالعقوبة المقررة لهذه الجناية أو الجنحة”. ويضيف الفصل 131 أن الظروف الشخصية لا تؤثر إلا على من تتوفر فيه، أما الظروف العينية المتعلقة بالجريمة فإنها تنتج مفعولها بالنسبة لكل المساهمين أو المشاركين حتى ولو كانوا يجهلونها.
أما المشاركة في المخالفات فلا عقاب عليها مطلقا كما ينص على ذلك الفصل 129 من القانون ج في فقرته الأخيرة.
ج-الفاعل المعنوي:
ينص الفصل 131 من القانون ج على أنه:” من حمل شخصا غير معاقب، بسبب ظروفه أو صفته الشخصية، على ارتكاب جريمة، فإنه يعاقب بعقوبة الجريمة التي ارتكبها هذا الشخص”.
فقد يعمد شخص، سيئ النية إلى استغلال الوضع القانوني لشخص آخر بسبب ظروفه أو صفته الشخصية، فيسخره لارتكاب الجريمة، وذلك كأن يكون هذا الأخير عديم المسؤولية إما لجنون أوعته أو صغر في السن، فيأمره على ارتكاب جريمة اعتقادا منه أنه لن يتعرض للعقوبة لأن من ارتكب الفعل غير مسؤول، لكن المشرع توقع هذه الحالة وقرر معاقبة المحرض من أجل الجريمة، وهذا موقف طبيعي ومنطقي لأن الفاعل الحقيقي هو المحرض، أما الشخص الغير المسؤول والذي سخر لارتكاب الفعل ففعله، فإنه يعد مجرد أداة للتنفيذ مسخرة من طرف المحرض الذي يسمى في هذه الحالة بالفاعل المعنوي ويوصف أيضا في الكتابات الجنائية بالمجرم الجبان.
ما ينبغي القيام به:
إذا تعلق الأمر بجرائم متلبس بها فعلى حارس الأمن أن لا يوقف الفاعل الأصلي بمفرده بل ومشاركيه أيضا إن أمكن ذلك أو أن يسجل أوصافهم بدقة إذا لاذوا بالفرار. خاصة وأننا نعلم أن هناك جرائم ترتكب من عدة أشخاص بالشارع العام كالسرقات بالخطف والسرقات من داخل السيارات.
ما ينبغي تحريره:
يحرر حارس الأمن بعد كل تدخل تقريرا يصف فيه بدقة دور كل طرف في الجريمة، ولضابط الشرطة أن يحدد من خلال بحثه ما إذا كان الأمر يتعلق بمشاركة أم لا.
الأسباب الموضوعية لانعدام المسؤولية الجنائية
قد تقوم الجريمة وتتحقق المسؤولية عنها وفقا للمبادئ العامة التي سبق التطرق لها، ومع ذلك ترفع الصفة الإجرامية عن الفعل ولا يلحق مرتكبه أي جزاء جنائي، حيث يعود الفعل أو الامتناع إلى أصلهما من الإباحة، وتسمى الأسباب التي من شأنها السماح بارتكاب أفعال هي في الأصل جرائم دون إمكانية مؤاخذة فاعليها عليها بأسباب التبرير أو الإباحة أو أسباب رفع المسؤولية الجنائية وهذه التسميات كلها هي بمعنى واحد.
وقد تعرض المشرع المغربي لأسباب التبرير في الفصول 124 و125 من القانون الجنائي فنص في الفصل 124 على أنه : “لا جناية ولا جنحة ولا مخالفة في الأحوال الآتية:
− إذا كان الفعل قد أوجبه القانون وأمرت به السلطة الشرعية؛
− إذا اضطر الفاعل ماديا إلى ارتكاب الجريمة، أو كان في حالة استحال عليه استحالة مادية اجتنابها وذلك لسبب خارجي لم يستطع مقاومته؛
− إذا كانت هذه الجريمة قد استلزمتها ضرورة حالة للدفاع الشرعي عن نفس الفاعل أو غيره أو عن ماله أو مال غيره بشرط أن يكون الدفاع متناسبا مع خطورة الاعتداء.
× التبرير الناتج عن أمر القانون وإذن السلطة الشرعية:
إذا قام شخص بتنفيذ عمل يأمر به القانون وتأمر به السلطة الشرعية، فإن عمله هذا يكون مباحا ولو كان معاقب عليه. لكن ما الحكم إذا ارتكب الشخص الفعل استجابة لواجب القانون دون أمر السلطة الشرعية أو العكس؟ قبل الإجابة عن هذا السؤال لابد من الإشارة إلى أن القانون يؤخذ بمفهومه الواسع بحيث يشمل الإذن الصادر عن الهيئة التشريعية أو الهيئة التنفيذية بل وحتى ما يستنبط من العرف وقواعد المعاملات وكذا الشريعة الإسلامية وذلك لبساطتها والتي لا تتعدى حدود التأديب وما تفرضه بعض المهن والألعاب الرياضية .
بعد توضيح مفهوم القانون المقصود في الفصل 124 نشير إلى مسألة مهمة وهي:
هل المقصود من الفصل 124 الفقرة 1 من إذن القانون وأمر السلطة الشرعية توفر حالة دون أخرى ؟ أم ينبغي توفرهما معا؟ على اعتبار أن واو العطف تفيد الجمع وليس الاختيار ؟.
إن ظاهر النص لا يتماشى مع الواقع ذلك أن هناك حالات كثيرة يكفي فيها توافر أحد الشرطين لوجود حالة التبرير. وهذا ما يتطلب منا التمييز بين حالة أمر القانون وحده، وحالة إذن السلطة الشرعية وحدها.
أولا: أمر القانون دون إذن السلطة الشرعية:
إن الأمثلة على ذلك كثيرة منها:
· الطبيب الذي يقوم بناء على أمر القانون بالتبليغ عن مرض معد، لا يعد مرتكبا لجريمة إفشاء السر المهني، لأن الأمر القانوني موجه إليه مباشرة ولا يحتاج في ذلك أمرا صادرا من السلطة الشرعية.
· قاضي التحقيق الذي يقوم بتفتيش منازل الأشخاص المتهمين، فهو لا يعتبر ماسا بحرمة المسكن لأن أفعاله تكون بأمر القانون.
· ضابط الشرطة القضائية الذي يمكنه أن يضع المشبوه فيه تحت الحراسة النظرية خلال المدة القانونية (الفصل 66 من ق.م.ج).
· ضابط الشرطة القضائية في حالة التلبس يمكنه أن يمنع كل شخص يرى ضرورة في الاحتفاظ به من مغادرة مكان الجريمة إلى أن ينتهي من تحرياته(الفصل 65).
· يمكن لكل شخص ضبط شخصا آخر متلبسا بجناية أو جنحة أن يلقي عليه القبض وأن يسوقه إلى أقرب ضابط للشرطة القضائية (الفصل 76 ق.ج).
ثانيا: إذن السلطة الشرعية دون أمر القانون:
يقصد بهذه الحالة أن الرئيس يصدر أمرا غير شرعي لمرؤوسه، بمعنى آخر إذا أمر الرئيس بارتكاب فعل مخالف للقانون فهل يكون عمل المرؤوس هنا مبررا ولا يتعرض للعقاب ؟ وبالتالي فإن رئيسه هو الذي يتحمل تبعة هذا الخرق أم أنه إذا قام بتنفيذ
أمر رئيسه يكون قد ارتكب فعلا مخالفا للقانون ويستحق عليه العقاب؟ المسألة معقدة وقد ثارت نقاشات فقهية : فمن تكون له الأولوية في الطاعة هل القانون أم الرئيس؟.
إن المشرع المغربي في الفصلين 225 و258 متعه بعذر معفي من العقاب وحمل الرئيس الذي أصدر الأمر وحده العقاب.
225 ق.ج “… لكن إذا أثبت أنه تصرف بناء على أمر صادر من رؤسائه في مادة تدخل في نطاق اختصاصهم ويوجب عليه طاعتهم فإنه يتمتع بعذر معف من العقاب، وفي هذه الحالة تطبق العقوبة على الرئيس الذي أصدر الأمر وحده…”.
× التبرير الناتج عن الإكراه المادي:
استنادا للفقرة الثانية من الفصل 124 من القانون الجنائي فإن حالة الإكراه المادي هي حالة موضوعية يصعب على الشخص مقاومتها و يجد نفسه مكرها ماديا على ارتكاب الفعل الإجرامي. كأن يجبر الشخص على التزوير في محرر رسمي بالقوة من طرف شخص آخر. و قد يكون هذا الإكراه المادي إما بفعل الإنسان أو الحيوان أو الطبيعة ومن شروطه :
− أن يكون هذا الإكراه ماديا وليس معنويا.
− أن يكون خارجيا أي من أصل خارجي و لا دخل فيه لإرادة الشخص المكره.
الدفـاع الشرعــي
إذا كان الأصل أن الدولة وحدها لها الصلاحية في توقيع العقاب على الجاني، فإن القانون نزولا عند بعض الضرورات العملية، أجاز للأفراد في حالات خاصة وضمن شروط محددة أن يقوموا مقام الدولة في حماية أرواحهم وممتلكاتهم بأنفسهم وكذا أرواح وممتلكات غيرهم. إذا لم يوجد أعوان القوة العمومية الموكول إليهم أمر ذلك، وهذا ما يصطلح عليه بالدفاع الشرعي الذي جاء به الفصل 124 في فقرته الأخيرة “لا جناية ولا جنحة ولا مخالفة في الأحوال الآتية:
…………………………………
3- إذا كانت الجريمة قد استلزمتها ضرورة حالة للدفاع الشرعي عن نفس الفاعل أو غيره أو عن ماله أو مال غيره، شرط أن يكون الدفاع متناسبا مع خطورة الاعتداء.
وكذا الفصل 125 من القانون الجنائي الذي يقضي بما يلي : ” تعتبر الجريمة نتيجة الضرورة الحالة للدفاع الشرعي في الحالتين الآتيتين :”
1- القتل أو الجرح أو الضرب الذي يرتكب ليلا لدفع تسلق أو كسر حاجز أو حائط أو مدخل دار أو منزل مسكون أو ملحقاتهما.
2- الجريمة التي ترتكب دفاعا عن نفس الفاعل أو نفس غيره ضد مرتكب السرقة أو النهب بالقوة “.
وهكذا سوف نعرض للشروط العامة للدفاع الشرعي في فقرة أولى وفي فقرة ثانية للحالات الخاصة.
الشـروط العامـة للدفـاع الشرعي:
للدفاع الشرعي شروط منها ما يتعلق بفعل الاعتداء ومنها ما يتعلق بفعل الدفاع.
1- [u]الشروط المتعلقة بفعل الاعتداء : [/u]
أ- [u]وجود اعتداء غير مشروع :[/u]
ويقصد به كل فعل مخالف للقانون الجنائي يشكل خطرا على الفاعل أو على غيره، لا يستطيع دفعه إلا بارتكاب جريمة، أما إذا كان الاعتداء لا يشكل جريمة في نظر القانون فإنه لا يبرر فعل الدفاع ومثال ذلك : الشخص الذي يزعم الدفاع عن نفسه ضد شرطي يحاول إيقافه وهو متلبس بجريمة السرقة مثلا.
ب- [u]أن يكون الاعتداء على النفس أو المال:[/u]
لا يلزم أن يكون الاعتداء واقعا على نفس الفاعل أو ماله حتى يبرر فعل الدفاع بل يمكن أن ينصب على نفس الغير أو ماله. ويدخل هنا الاعتداء على الحياة أو السلامة الجسدية كالضرب والجرح، والاعتداء على المال كالدفاع ضد السرقة، الإتلاف، التخريب، حريق عمومي.
ج- أن يكون الاعتداء خطرا حقيقيا وحالا:
ومعنى هذا أنه لا يعتد بالخطر الوهمي بل أن يكون الاعتداء حالا ووشيك الوقوع بحيث لا يمكن تجنبه إلا بارتكاب جريمة، أما إذا كان فعل الدفاع قد ارتكب كرد فعل ضد اعتداء تم وانتهى فإننا لا نكون أمام دفاع وإنما انتقام لا يجيزه القانون، كذلك لا يكون الاعتداء حالا إذا كان التهديد بالاعتداء مستقبلا. وعليه فإن الاعتداء يكون حالا إذا لم يكن أمام المعتدى عليه أية وسيلة لتفادي ارتكاب الجريمة كاللجوء إلى السلطة.
2- الـشروط المتعلقة بفعـل الدفــاع :
أ- أن يكون الدفاع ضروريا بحيث هو الوسيلة الوحيدة لرد الاعتداء وتفادي خطر العدوان بحيث لا ينبغي أن تكون هناك وسائل أخرى لتفادي ارتكاب الجريمة،
ب- أن يكون فعل الدفاع متناسبا مع خطورة الاعتداء :
إن ممارسة حق الدفاع الشرعي لا يهدف إلى الانتقام من المعتدي أو إنزال الجزاء به بقدر ما يهدف إلى تمكين المعتدى عليه من وسيلة لدرء الخطر المحدق به أو بغيره في ماله أو نفسه، لهذا وجب أن يستعمل هذا الحق دون إفراط أو تجاوز، وتقدير التناسب بين فعل الاعتداء والدفاع هي مسألة موضوعية يرجع الفصل فيها لقاضي الموضوع الذي يراعي الظروف والملابسات في كل حالة على حدة.
× الحــالات الممتازة للدفــاع الشــرعي:
ينص الفصل 125 من ق.ج على أنه :
“تعتبر الجريمة نتيجة الضرورة الحالة للدفاع الشرعي في الحالتين الآتيتين:
أولا : القتل أو الجرح أو الضرب الذي يرتكب ليلا لدفع تسلق أو كسر حاجزا أو حائط أو مدخل دار أو منزل مسكون أو ملحقاتهما.
ثانيا : الجريمة التي ترتكب دفاعا عن نفس الفاعل أو نفس غيره ضد مرتكب السرقة أو النهب بالقوة.”
إن الحالتين المشار إليهما في الفصل أعلاه لا يشترط فيهما لتبرير الفعل توافر الشروط العامة السابقة الذكر للدفاع الشرعي، وهذا هو الأصل في تسميتها بالحالات الخاصة أو الممتازة للدفاع الشرعي إذ أقام المشرع قرينة قانونية على توافر الشروط إذا تحقق فعل الدفاع في الحالتين المشار إليهما سابقا.
ما يجب القيام به (حالة الاعتداء على الشرطي) :
− قبل الدفاع يجب التأكد من كون عناصر الدفاع الشرعي متوفرة، ويتعين أن يظل الحارس متزنا هادئ الأعصاب.
− استعمال تقنيات الدفاع الذاتي لتفادي الاعتداء أو كل وسيلة أخرى لمقاومة الخصم.
− يمكن استعمال عصا الدفاع إن اقتضى الأمر.
− الاستعانة بالجمهور إن كان المجرم خطيرا بهدف إيقاف الاعتداء وإيقافه، حين إيقافه على المجرم يجب حبسه لتجريده من كل أداة خطيرة.
− التعرف على هويته و تصفيده واقتياده إلى أقرب مركز للشرطة.
− الاحتفاظ ببعض الشهود وأخذ هويتهم.
− الاتصال بقاعة المواصلات.
ما ينبغـي كتـابتـه :
كلما اضطر حارس الأمن لاستعمال العنف دفاعا عن نفسه أو غيره يجب عليه تحرير تقرير مفصل يشير فيه إلى :
− ظروف التدخل (الزمان والمكان).
− سبب التدخل (اعتداء موجه ضده أو ضد غيره).
− تسلسل الوقائع أي ذكر الأفعال التي صدرت من المعتدي والوسائل التي استعملها.
− الإشارة إلى أن فعل الدفاع أتى مباشرة وكرد فعل فوري لفعل الاعتداء.
− ذكر هوية بعض الشهود.
الأسباب الشخصية المؤثرة على المسؤولية الجنائية
حسب الفصل 134 من القانون الجنائي فإن الأسباب الشخصية التي تعدم وتنقص الإدراك والتميز لدى الشخص هي:
– الخلل العقلي والضعف العقلي.
– القصور الجنائي.
– بعض الظروف التي يجد الشخص نفسه فيها والتي قد تؤثر على المسؤولية إذا توافرت بعض الشروط، كحالة السكر الاضطراري والإكراه المادي والغلط في القانون.
× [u]العاهات العقلية:[/u]
لقد ميز المشرع المغربي بين حالة الخلل العقلي الذي اعتبره مانعا من الموانع الكلية للمسؤولية الجنائية وبين حالة الضعف العقلي الذي اعتبره سببا من أسباب تخفيفها فقط.
وهكذا فقد نص المشرع في الفصل 134 ق.ج على أنه: “لا يكون مسؤولا ويجب الحكم بإعفائه، من كان وقت ارتكابه الجريمة المنسوبة إليه، في حالة يستحيل عليه معها الإدراك، أو الإرادة نتيجة لخلل في قواه العقلية. وفي الجنايات والجنح يحكم بالإيداع القضائي في مؤسسة لعلاج الأمراض العقلية وفق الشروط المقررة في الفصل 76 من ق.ج. أما في مواد المخالفات فإن الشخص الذي يحكم بإعفائه – إذا كان خطرا على النظام العام – يسلم إلى السلطة الإدارية.
أما الفصل 135 من ق.ج فينص على مفهوم المسؤولية الجنائية الناقصة وعلى تخفيف العقوبة، وهكذا يشير الفصل المذكور إلى أنه: ” تكون مسؤولية الشخص ناقصة إذا كان وقت ارتكابه الجريمة مصابا بضعف في قواه العقلية من شأنه أن ينقص إدراكه أو إرادته ويؤدي إلى تنقيص مسؤوليته جزئيا. وفي الجنايات والجنح تطبق على الجاني العقوبات أو التدابير الوقائية المقررة في الفصل 78 ق.ج أما في المخالفات فتطبق العقوبات مع مراعاة حالة المتهم العقلية “.
وهكذا نجد أن المشرع المغربي قد تخلى عن مسؤولية المجنون لأن المسؤولية الجنائية تفرض الإدراك والإرادة وحرية التصرف، وهذا يتنافى مع حالة المجنون والمعتوه.
× [u]القصور الجنائي:[/u]
تكريسا للاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي صادق عليها المغرب والمتعلقة بحقوق الإنسان عامة وحقوق الطفل خاصة، ومراعاة لما تقره الشريعة الإسلامية من تكريم للإنسان، تم في إطار ما تستلزمه مصلحة القاصر الجانح من تهذيب وتقويم لسلوكه وإعادة إدماجه بشكل يسير داخل المجتمع، فقد أكد المشرع الجنائي على كل ذلك، فرفع سن الرشد الجنائي من 16 إلى 18 سنة؛ الأمر التي تنص عليهالمادة 140 من القانون الجنائي ويدعمها منصوص المادة 458 من قانون المسطرة الجنائية.
وبقراءة المادتين يتبين أن المشرع المغربي ميز بين حالتين خاصة بالقاصرين بدل الثلاث حالات المنصوص عليها سابقا في ظل التشريع السابق، وهذه الحالات المذكورة في خلال الفقرة الثانية والفقرة الثالثة من المادة 458 من قانون المسطرة الجنائية هي التي تؤكدها على التوالي مقتضيات المادتان 138 و139 من القانون الجنائي.
وعليه فدراسة القصور الجنائي تقتضي دراسة الحالتين معا :
أ – [u]الصغير الذي لم يبلغ 12 سنة: ( ف 138 ق ج و458 ق م ج ):[/u]
يعتبر منعدم المسؤولية بصفة مطلقة، وبالتالي يعفى من العقاب لذا فهو لا يودع بأي مؤسسة سجنية، ولو بصفة مؤقتة ومهما كان نوع الجريمة ( ف 473 ق م ج ).
أما فيما يخص العقوبات المالية إلى جانب الصوائر القضائية، فيتحملها ممثله القانوني المسؤول مدنيا حسب ما نصت عليه المادة 465 من ق م ج.
وفيما يخص الحكم، فلا يمكن الحكم على هذا النوع من الأحداث إلا بتدابير الحماية أو التهذيب المنصوص عليها في القانون على الشكل التالي :
– [u]إذا كانت الأفعال تكتسي طابع الجناية: واحد أو أكثر من تدابير الحماية أو التهذيب المنصوص عليها في المادة 481 من ق م ج.[/u]
– [u]إذا كانت الأفعال تكتسي طابع الجنحة : تطبق عليه مقتضيات المادة 480 من ق م ج المتمثلة في تنبيهه وتسليمه إلى أحد الأشخاص المنصوص عليهم في المادة المذكورة ما لم يكن مهملا أو كان ممثله القانوني سيء الأخلاق والسمعة. فيتم آنذاك تسليمه لشخص جدير بالثقة أو مؤسسة مرخص لها للقيام بهذا النوع من الأعمال مع إمكانية وضعه تحت نظام الحرية المحروسة مؤقتا للاختبار لمدة لا يمكن في جميع الأحوال أن تتجاوز تاريخ بلوغ القاصر 18 سنة كاملة.[/u]
– [u]إذا كانت الأفعال تكتسي صيغة مخالفة ( ف 468 من ق م ج ): ففي هذه الحالة لا يتم سوى تسليمه لأحد الأشخاص المنصوص عليهم في المادة المذكورة أعلاه دون اتخاذ أي إجراء آخر معه.[/u]
ب – [u]الحدث الذي يتراوح عمره بين 12 و18 سنة: (الفصل 138 من ق ج والفصل 458 من ق م ج):[/u]
يعتبر هذا النوع من الأحداث ناقصي المسؤولية بسبب عدم اكتمال تمييزهم، غير أن نقصان المسؤولية لديهم لا يجعلهم في مأمن من العقاب كما هو الشأن بالنسبة لمن هم أقل من 12 سنة.
فالقاعدة العامة، أنهم لا يودعون في المؤسسات السجنية، ولو بصفة مؤقتة، اللهم إذا ظهر أنه من اللازم القيام بذلك بسبب ظروف الحدث أو شخصيته أو استحال اتخاذ أي تدبير من تدابير الحماية أو التهذيب المنصوص عليها في المادة 481 من ق م ج في حق الحدث حسب منصوص المادتين 473 و482 من ق م ج.
وبالتالي فالعقاب يكون على الشكل التالي :
– [u]إذا كانت الأفعال المرتكبة لها صفة جناية أو جنحة :[/u]
فيطبق في حق الحدث آنذاك إما تدبير واحد أو أكثر من تدابير الحماية أو التهذيب المنصوص عليها في المادة 481 من ق م ج أو إحدى العقوبات المقررة في المادة 482 من ق م ج، وهي العقوبات السالبة للحرية أو المالية بدل تدابير الحماية المذكورة أو لاستكمال هذه التدابير إذا كان ذلك لفائدة الحدث سواء لظروفه أو شخصيته بشرط تعليل ذلك في منطوق الحكم.
ففي حالة الحكم بعقوبة سالبة للحرية، يخفض حدها الأدنى والأقصى إلى النصف، أما إذا كانت العقوبة المقررة للفعل المرتكب من طرف الحدث هي الإعدام أو السجن المؤبد أو لمدة 30 سنة فهذه العقوبة تستبدل بعقوبة سجنية تتراوح بين 10 إلى 15 سنة ( ف 493 من ق م ج ).
وإذا كانت العقوبة السالبة للحرية هي الحبس الذي يساوي أو لا يتجاوز السنتين أو الغرامة التي لا تزيد عن 5.000 درهم، أمكن بعد موافقة الحدث ووليه القانوني وكذا ضحية الفعل أن يطلبوا تطبيق مسطرة الصلح المنصوص عليها في المادة 41 من ق م ج وفقا لأحكام المادة 461 من ق م ج.
– [u]إذا كان الفعل يكتسي صفة مخالفة :[/u]
ففي هذه الحالة يقتصر على التوبيخ أو الحكم بالغرامة، أما إذا كانت المخالفة معاقب عليها بغرامة مالية فقط دون وجود متضرر أو ضحية، فيمكن أن يقترح على المسؤول المدني بمقتضى سند قابل للتنفيذ أداء غرامة جزافية تبلغ نصف الحد الأقصى للغرامة المنصوص عليها قانونا وفقا لأمر قاضي التحقيق الذي أوكل إليه المشرع في هذه الحالة اختصاص البث في هذا النوع من المخالفات المنسوبة للأحداث المتراوحة أعمارهم ما بين 12 و18 سنة.
العقوبات والتدابير الوقائية
1- العقوبات:
تعريف:
العقوبة عبارة عن جزاء قانوني يوقعه المجتمع على مرتكب الجريمة بناء على حكم صادر عن محكمة جنائية مختصة، وهذا الجزاء أو الإيلام يصيب المجرم في جسمه أو حريته أو ماله أو في حقوقه السياسية والمدنية والاجتماعية.
خصائصها:
أ- صفة الشرعية:
يشترط في العقوبة أن تكون قانونية أي محددة سلفا بنص قانوني. وتصبح معلومة من طرف الجمهور وملزمة للجميع. وهذا ما يعبر عنه بشرعية التجريم والعقاب أو بمبدأ : ” لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص سابق”. والذي يفيد أن المشرع يتولى وحده تحديد العقوبات الواردة على الأفعال المجرمة وذلك منعا لكل تعسف للسلطات الحاكمة وحفاظا على مصالح الأفراد.
ب- صفة الشخصية:
وهي تقضي بفرض العقوبة على المجرم وحده، فلا نيابة في العقوبات، قال تعالى : ” ولا تزر وازرة وزر أخرى”. صدق الله العظيم. وباستثناء حالة المسؤولية الجنائية عن فعل الغير، فإن مبدأ شخصية العقوبة هو السائد في القانون الجنائي.
ج- صفة المساواة:
الناس يتساوون أمام القضاء في تحمل العقوبات كيف ما كان مركزهم في المجتمع، فلا دخل ولا اعتبار للمكانة الاجتماعية للأشخاص. لكن هذه المساواة قد تكون مستساغة من الناحية القانونية، أما من الناحية العملية، فالمساواة في تحمل العقوبات تفقد توازنها، بحيث أن السجن مثلا يحدث آلاما متفاوتة حسب صفة ووضعية الشخص المذنب.
د- صفة القضائية: القانون الجنائي ذو طبيعة قضائية بحيث لا يمكن العقاب على الجرائم إلا بواسطة القضاء. وتدخل القضاء يعتبر ضمانا للحريات الفردية والجماعية. فالدولة لا تستطيع أن تلجأ إلى التنفيذ المباشر للعقوبة في حق الجاني ولو اعترف هذا الأخير بالجريمة المرتكبة بل دائما الدولة تلجأ إلى القضاء ليؤكد لها حقها في العقاب.
أنواع العقوبات :
· العقوبات الأصلية: حسب الفصل 14 من القانون الجنائي تكون العقوبة أصلية عندما يسوغ الحكم بها لوحدها دون أن تضاف إليها عقوبة أخرى. وقد تطرقت لها الفصول 16 و17 و18 من القانون الجنائي كما يلي: الفصل 15 ق.ج : ” العقوبات الأصلية إما جنائية أو جنحية أو ضبطية “.
أ/ العقوبات الجنائية الأصلية: حسب الفصل 16 من ق.ج. هي: − الإعدام؛ − السجن المؤبد، السجن المؤقت من 5 سنوات إلى 30 سنة؛ − الإقامة الإجبارية؛ − التجريد من الحقوق الوطنية.
ب/ العقوبات الجنحية الأصلية: حسب الفصل 17 من ق.ج هي: 1- الحبس من شهر إلى خمس سنوات باستثناء حالات العود أو غيرها التي يحدد فيها القانون مدة أخرى. 2- ظهير 25/07/1994 : الغرامة التي تتجاوز 1200 درهم. ج/ العقوبات الضبطية الأصلية: حسب الفصل 18 ق.ج. هي: 1- الاعتقال لمدة تقل عن شهر. 2- ظهير 25/07/1994 الغرامة من 30 درهم إلى 1200 درهم. · العقوبات الإضافية: حسب الفصل 14 من ق.ج.، فإن العقوبات الإضافية هي : ” التي لا يسوغ الحكم بها وحدها أو عندما تكون ناتجة عن الحكم بعقوبة أصلية”.
وقد حددها الفصل 36 ق.ج. في:
1- الحجر القانوني؛
2- التجريد من الحقوق الوطنية؛
3- الحرمان المؤقت من ممارسة بعض الحقوق الوطنية أو المدنية أو العائلية؛
4- الحرمان النهائي أو المؤقت من الحق في المعاشات التي تصرفها الدولة؛
5- المصادرة الجزئية للأشياء المملوكة للمحكوم عليه بصرف النظر عن المصادرة المقررة كتدبير وقائي في الفصل 89 من ق.ج؛
6- حل الشخص المعنوي؛
7- نشر الحكم الصادر بالإدانة.
انقضاء العقوبات وإيقاف تنفيذها:
القاعدة العامة أن العقوبة الجنائية يجب أن تنفذ على صاحبها بمجرد ما تصبح نهائية بحكم جنائي بات وقاطع. إلا أن المشرع المغربي تعرض إلى أسباب انقضاء العقوبة في الفصل 49 من القانون الجنائي، ولوحظ أن هذه الأسباب إما أنها تؤثر على العقوبة فتقضي عليها أو تعفي منها، وإما أنها تمحو الحكم فيصبح وكأنه لم يكن والأسباب التي نص عليها الفصل 49 من القانون الجنائي هي:
− موت المحكوم عليه.
− العفو الشامل. − إلغاء القانون الجنائي المحكوم بمقتضاه. − العفو الخاص. − التقادم. − إيقاف تنفيذ العقوبة. − الإفراج الشرطي. − الصلح إذا أجازه القانون بنص صريح.
2[u]- التدابير الوقائية:[/u]
تعتبر التدابير الوقائية في جوهرها تدابير احتياطية للدفاع عن المجتمع، وهي لا ترمي إلى فرض عقاب على مجرم تثبت مسؤوليته، بل إلى تأمين حماية المجتمع ضد فرد لخطورته، وإعادة تربيته ليتسنى له استرجاعه مكان لائق في المجتمع، وهذه التدابير الوقائية لها في آن واحد دورا وقائيا وآخر شفائيا.
أ- أنواع التدابير الوقائية:
قسم القانون الجنائي المغربي التدابير الوقائية إلى تدابير وقائية شخصية وأخرى عينية.
· [u]التدابير الوقائية الشخصية:[/u]
حسب الفصل 61 من القانون الجنائي هي:
1- الإقصاء؛
2- الإجبار على الإقامة بمكان معين؛
3- المنع من الإقامة؛
4- الإيداع القانوني داخل مؤسسة لعلاج الأمراض العقلية؛
5- الوضع القضائي داخل مؤسسة للعلاج؛
6- الوضع القضائي في مؤسسة فلاحية؛
7- عدم الأهلية لمزاولة جميع الوظائف أو الخدمات العمومية؛
8- المنع من مزاولة مهنة أو نشاط أو فن سواء كان خاضعا لترخيص أم لا؛
9- سقوط الحق في الولاية الشرعية على الأبناء.
· [u]التدابير الوقائية العينية:[/u]
حسب الفصل 62 من القانون ج. هي:
1- مصادرة الأشياء التي لها علاقة بالجريمة أو الأشياء الضارة أو الخطيرة أو المحظورة امتلاكها،
2- إغلاق المحل أو المؤسسة التي استغلت في ارتكاب الجريمة.
· [u]أسباب انقضاء التدابير الوقائية والإعفاء منها(الفصل93 ق.ج):[/u]
1- موت المحكوم عليه.
2- العفو الشامل.
3- إلغاء القانون الجنائي المحكوم بمقتضاه.
4- العفو.
5- التقادم.
6- الإفراج الشرطي.
7- إعادة الاعتبار.
8- الصلح، عندما ينص القانون على ذلك صراحة.
على أن وقف تنفيذ العقوبة لا أثر له في تدابير الوقاية.
اترك تعليقاً