مكافأة نهاية الخدمة طبقًا لنظام العمل السعودي
عمر عامري الحدادي
ان عبارة ومصطلح مكافأة نهاية الخدمة ومفهومها، من العبارات المتداولة بكثرة في مجال العمل والاعمال (الأهلي او الخاص)، ولأهميتها سوف نتناولها بالشرح والتحليل في اكثر من مقال بتعريف مفهومها والغرض منها، وطبيعتها القانونية،، وحالات استحقاقها والحالة التي تخفض من قيمتها، والحالات التي تمنع وتحرم العامل من استحقاقها مطلقا، وكيفية حسابها والاجر الذى يتخذ اساسا لحسابها.
فتُعرف مكافأة نهاية الخدمة بأنها: التزام على صاحب العمل يلتزم بموجبه، بأن يدفع للعامل مبلغًا معينًا من المال، يتناسب مع مدة خدمته وذلك عند انتهاء عقد العمل سواء كان محدد المدة او غير محدد المدة، وسواء أكان الانهاء من قبل صاحب العمل ام من قبل العامل.
اما الغرض منها فهو تأمين مبلغ من المال للعامل عند انتهاء عقده، ليسد به حاجته ومتطلباته المعيشية والحياتية الضرورية، حتى يعثر على عمل جديد وهذا هو الغرض الرئيس منها.
بالإضافة الى انها تعد تشجيعا للعامل على الالتحاق بالعمل بالقطاع الخاص والاستمرار فيه اطول مدة ممكنة، لان العامل يدرك حسب ما جاء في النظام حول المكافأة انها تزيد بزيادة مدة خدمته.
اما الطبيعة القانونية لمكافأة نهاية الخدمة، فقد تعددت الآراء حول تفسيرها، فالرأي الاول ذهب الى اعتبار مكافأة نهاية الخدمة أنها تعد بمثابة جزء من اجر العامل مؤجل الدفع، حيث يقطع ويجمد له حتى يتقاضاه بعد انتهاء خدمته، وذلك بدلا من ان يحصل العامل على اجر مرتفع.
وقد نقد هذا الرأي لعدة اسباب وهى: اذا كانت مكافأة نهاية الخدمة جزءا من الاجر مؤجل الدفع، لاستحقها العامل في جميع الاحوال التي ينتهى فيها عقد العمل باعتباره حقا مكتسبا له لا يجوز حرمانه منها، وهذا لا يجوز نظاما، لان المادة (80) من نظام العمل السعودي الصادر بموجب المرسوم الملكي رقم (م/51) وتاريخ 23/ 08 /1426هـ المعدل بموجب المرسوم الملكي الكريم رقم (م/ 46) وتاريخ 05/ 06 /1436هـ قد اعطت الحق لصاحب العمل في حرمان العامل من مكافأة نهاية الخدمة اذا ارتكب أي مخالفة من المخالفات المنصوص عليها في تلك المادة وهى تسع حالات.
بالإضافة الى انه اذا اعتبر أن مكافأة نهاية الخدمة جزء من الاجر، لاستوجب ذلك ان يكون حسابها على اجر العامل الفعلي دوريا طوال مدة خدمته، ولكن نظام العمل اخذ في احتساب المكافأة على اساس الأجر الاخير للعامل فقط حسب نص المادة (84) من نظام العمل، بالإضافة الى ان العامل يستحق المكافأة عن مدد وقف عقد العمل حتى في الحالات التي لا يستحق فيها اجرا عنها، والمثال على ذلك حالة غياب العامل عن العمل لمدة عشرين يوما متقطعة خلال السنة العقدية استنادا الى الفقرة (3) من تعريف الخدمة المستمرة للعامل في الباب الاول (المادة 2) من نظام العمل (مع انه يجب تعديل هذه المدة في هذه المادة لتصبح ثلاثين يوما بدلا من عشرين يوما، حتى تتوافق مع التعديل الاخير الوارد على الفقرة (7) من المادة (80) بزيادة مدة الغياب المتقطع الذى يحرم العامل من التعويض والمكافأة والاشعار الى ثلاثين يوما بدلا من عشرين يوما).
بالإضافة الى ان الاجازة المرضية اذا زادت عن شهر فيستحق العامل اجازة بثلاثة ارباع الاجر عن الشهرين الثاني والثالث ويستحق اجازة بدون اجر عن الشهر الرابع لهما استنادا للمادة 116 من نظام العمل وتكون خدمة العامل مستمرة خلال تلك الاجازات رغم تخفيض الاجر او حرمانه منه في الشهر الرابع.
اما الرأي الثاني: فقد ذهب الى اعتبار مكافأة نهاية الخدمة تعويضا عن الضرر المادي، والأدبي، الذى يلحق بالعامل عند انتهاء خدمته لدى صاحب العمل، وقد نقد هذا الرأي على اساس ان المكافأة ان كانت تعويضا عن الفصل، لوجب ثبوت ان ضررا اصاب العامل، ويقدر التعويض على حسب مقدار الضرر، ولكن مكافأة نهاية الخدمة المقررة في نظام العمل للعامل لا تشترط وقوع ضرر، وهى مقدرة ومحددة سلفا لكل العمال طالما توافرت شروط استحقاقها.
اما الرأي الراجح والذى ذهب اليه اغلب فقهاء القانون– ونحن نؤيده بقوة-، هو اعتبار مكافأة نهاية الخدمة بمثابة حق من نوع خاص منحه وقرره النظام والزم به صاحب العمل لمصلحة العامل، وذلك لاعتبارات المصلحة العامة ومقتضيات العدالة، باعتبار ان العامل طرف ضعيف في العلاقة العمالية، بالإضافة الى أن مكافأة نهاية الخدمة تعد كنوع ووسيلة من وسائل الضمان الاجتماعي وتأمين نظامي للعامل عند انتهاء علاقته العمالية بصاحب العمل، وينظر في حسابه الى جملة مدة خدمة العامل لدى صاحب العمل.
اما حالات استحقاق مكافأة نهاية الخدمة:
فإن العامل يستحق مكافأة نهاية الخدمة اذا انتهى العقد بإحدى حالات الانتهاء المنصوص عليها في المادة (74) من نظام العمل ومنها (اتفاق الطرفين على انهائه، او اذا انتهت المدة في العقد محدد المدة، او ببلوغ العامل سن التقاعد، او بسبب القوة القاهرة، او انهاء النشاط الذى يعمل به العامل).
او احد الاسباب العامة للإنهاء او استحالة التنفيذ وهى وفاة العامل، العجز الكلى عن العمل، المرض الطويل، ترك العمل نتيجة قوة قاهرة (استناداً للمادة 87 من نظام العمل، استقالة المرأة العاملة بسبب الزواج او الانجاب) (ان يكون ذلك بحد اقصى خلال ستة اشهر من الزواج او خلال ثلاثة اشهر من الانجاب استناداً للمادة 87 من نظام العمل)، او خلال التصفية او الافلاس او الاغلاق النهائي للمنشأة، ويستحق العامل ايضاً المكافأة اذا انهى عقد عمله سواء كان محدد المدة او غير محدد المدة استنادا الى أي حالة من الحالات المنصوص عليها حصراً في المادة (81) من نظام العمل (اذا لم يقم صاحب العمل بالوفاء بالتزاماته العقدية أو النظامية الجوهرية إزاء العامل، اذا ثبت أن صاحب العمل أو من يمثله قد أدخل عليه الغش وقت التعاقد فيما يتعلق بشروط العمل وظروفه، اذا كلف العامل دون رضاه بعمل يختلف اختلافاً جوهرياً عن العمل المتفق عليه، إذا وقع من صاحب العمل أو من احد افراد اسرته أو من المديرالمسؤول اعتداء يتسم بالعنف، او سلوك مخل بالآداب نحو العامل أو احد أفراد اسرته، إذا كان في مقر العمل خطر جسيم يهدد سلامة العامل أو صحته، إذا كان صاحب العمل أو من يمثله قد دفع العامل بمعاملته الجائرة إلى أن يكون العامل هو من أنهى العقد في الظاهر) او فى حالة استقالة العامل بشرط ان لا تقل خدمته عن سنتين.
اما الحالات التي تمنع من استحقاق مكافأة نهاية الخدمة فهي الحالات المنصوص عليها حصراً في المادة (80) من نظام العمل، وهى اذا وقع اعتداء على صاحب العمل، او المدير المسؤول، او احد رؤسائه، اثناء العمل او بسببه، اذا لم يؤد العامل التزاماته الجوهرية المترتبة على عقد العمل او لم يطع الاوامر المشروعة، اذا ثبت اتباعه سلوكاً سيئاً او عملا مخلا بالشرف او الامانة، اذا كان العامل معينا تحت الاختبار، اذا وقع من العامل عمدا أي فعل او تقصير يقصد منه الحاق خسارة جسيمة بصاحب العمل، اذا تغيب العامل دون سبب مشروع عن العمل لمدة ثلاثين يوما متقطعة او خمسة عشر يوماً متتالية خلال السنة العقدية، اذا ثبت ان العامل استغل مركزه الوظيفي لتحقيق مكاسب غير مشروعة، اذا ثبت ان العامل افشى الاسرار الصناعية او التجارية الخاصة بالعمل الذى يعمل فيه، او إذا استقال العامل بإرادته ولم تبلغ مدة خدمته السنتين كما ورد بالمادة (85) من نظام العمل.
-معايير احتساب المكافأة والاجر الذى يكون اساسا لحسابها، والمدد، والاستقالة المؤثرين على قيمتها بالنقصان او الزيادة، او عدم الاستحقاق.
فقد نصت المادة (84) من نظام العمل على الآتي (إذا انتهت علاقة العمل وجب على صاحب العمل ان يدفع للعامل مكافأة عن مدة خدمته تحسب على اساس اجر نصف شهر عن كل سنة من السنوات الخمس الاولى واجر شهر كامل عن السنوات التالية، ويتخذ الاجر الأخير اساسا لحساب المكافأة، ويستحق العامل مكافأة عن اجزاء السنة بنسبة ما قضاه منها في العمل).
وبناء على هذا النص الملزم لأطراف العلاقة التعاقدية فإن مدة خدمة العامل تكون مؤثرة في احتساب مكافأة نهاية الخدمة وقيمتها، والتي تبدأ من بداية العمل لدى صاحب العمل حتى تاريخ انتهائها بآخر يوم عمل للعامل، فيستحق العامل ما قيمته أجر نصف شهر عن اول خمس سنوات من الخدمة، وأجر شهر كامل اذا زادت خدمته عن خمس سنوات.
وتدخل في حساب تلك المدة فترة التجربة -إن وجدت- طالما لم يفسخ العقد خلالها، لان عقد العمل خلال فترة الاختبار -التجربة- هو عقد عمل معلق على شرط فاسخ يتمثل في عدم نجاح التجربة، فاذا تحقق الشرط الفاسخ ولم تنجح التجربة فإن العامل لا يستحق أي مكافأة عن تلك المدة، اما إذا لم يتحقق الشرط الفاسخ ونجحت التجربة، فإن مدة التجربة تدخل في حساب المكافأة.
وقد عرفت المادة (2) من نظام العمل خدمة العامل المستمرة لدى صاحب العمل والتي تعد مدة العمل التى تسوى وتحسب على اساسها مكافأة نهاية الخدمة، حيث عرفتها بالآتي (خدمة العامل غير المنقطعة مع صاحب العمل نفسه او خلفه النظامي من تاريخ ابتداء الخدمة، وتعد الخدمة مستمرة في الحالات الآتية: اولا الاجازات والعطل المقررة نظاما، ثانيا فترة الانقطاع لأداء الامتحانات وفقا لما منصوص عليه في هذا النظام، ثالثا حالات غياب العامل عن عمله بدون اجر، التي لا تزيد مدتها على عشرين يوما متقطعة في السنة).
فاستنادا الى نص المادة (2) أعلاه تكون الحالات الثلاث المذكورة فيها داخلة في مدة العمل وتسوى على اساسها المكافأة، مع ملاحظة ان الفقرة الثالثة من تلك المادة وهى حالة غياب العامل عن عمله بدون اجر، لمدة عشرين يوما متقطعة في السنة، كان يجب تعديلها -في تعديل نظام العمل الاخير- لتصبح ثلاثين يوما بدلا من عشرين يوما، حتى تتوافق مع الفقرة (7) من المادة (80) من نظام العمل والتي عدلت بزيادة مدة الغياب -الذى يحرم العامل من التعويض والمكافأة والاشعار ويكون سببا مشروعا للفصل- الى ثلاثين يوما متقطعة في السنة، بدلا من عشرين يوما قبل تعديل تلك المادة.
ويستحق العامل المكافأة عن اجزاء السنة بنسبة ما قضاه منها في العمل، والمقصود بالسنة هنا هي السنة العقدية، أي التي تبدأ من تاريخ بداية العقد او تجديده (ان وجد).
أما فيما يتعلق بالأجر الذى تسوى على اساسه مكافأة نهاية الخدمة فقد حددته المادة (84) على سبيل (الجزم) بأن المكافأة تسوى على اساس آخر اجر كان يتقاضاه العامل قبل انتهاء خدمته، والمقصود بالأجر هنا هو الاجر الفعلي استنادا للمادة (2) من نظام العمل، والاجر الفعلي هو الاجر الأساسي الذى يتقاضاه العامل مضافا اليه سائر الزيادات الاخرى المستحقة للعامل مثل البدلات والعمولات، والميزات العينية، والمنح والمكافآت (والمذكورة نصا ببعض الضوابط في المادة (2) من نظام العمل). واحكام مكافأة نهاية الخدمة متعلقة بالنظام العام، أي لا يجوز للعامل وصاحب العمل الاتفاق على مخالفة احكامها، والا كان هذا الاتفاق باطلا نظاما استنادا الى المادة (8) من نظام العمل.
الا ان ذلك ليس على اطلاقه بل يوجد عليه استثناء وهو ما جاء في المادة (86) من نظام العمل والتي نصت على انه -استثناء على المادة 8 من نظام العمل- يجوز الاتفاق على الا تحسب في الاجر الذى يسوى على اساسه مكافأة نهاية الخدمة جميع مبالغ العمولات او بعضها والنسب المئوية عن ثمن المبيعات وما اشبه ذلك من عناصر الاجر الذى يدفع الى العامل، وتكون قابلة بطبيعتها للزيادة او النقص.
اما فيما يتعلق بانتهاء عقد عمل العامل بالاستقالة، فإنها تؤثر على مقدار وقيمة المكافأة او عدم استحقاقها اساسا، وتنقسم الى اربع حالات الاولى: اذا كانت خدمة العامل اقل من سنتين واستقال العامل من العمل فلا يستحق أي مكافأة لنهاية الخدمة مطلقا، الثانية: اذا كانت خدمته اكثر من سنتين واقل من خمس سنوات واستقال العامل فإنه يستحق ثلث المكافأة (المنصوص عليها في المادة 84 من نظام العمل) الثالثة: اذا كانت خدمته اكثر من خمس سنوات واقل من عشر سنوات فإنه يستحق ثلثي المكافأة المنصوص عليها في المادة (84) الرابعة: اذا كانت خدمته اكثر من عشر سنوات فإنه يستحق كامل المكافأة المنصوص عليها في المادة (84) أي انه في هذه الحالة الرابعة لا تؤثر الاستقالة مطلقا على قيمة وحساب المكافأة، وهذا ما نص عليه نظام العمل في المادة (85) منه.
الا أن تأثير الاستقالة على مكافأة نهاية الخدمة بعدم الاستحقاق اصلا او تخفيض قيمتها بالنقص، هو قاعدة عامة يوجد عليها استثناء، وهو ما جاء في المادة (87) من نظام العمل حيث نصت على حق العامل (او العاملة) في كامل مكافأة نهاية الخدمة كاملة (كما نصت عليها المادة 84) حتى في حالة الاستقالة وترك العمل بالإرادة المنفردة، وذلك في حالتين الاولى: في حالة الاستقالة نتيجة قوة قاهرة خارجة عن ارادته (على سبيل المثال المرض الذى يطول شفاؤه او المزمن والذى يمنع العامل من العمل او صدور قرار استبعاد للعامل الوافد من الجهات الرسمية المختصة بالمملكة) اما الحالة الثانية فهي حق المرأة العاملة في الاستقالة وانهاء عقد عملها خلال ستة اشهر من تاريخ زواجها، او خلال ثلاثة اشهر من تاريخ وضعها (وسبق ان ذكرنا ذلك في مقالنا السابق حقوق المرأة العاملة في نظام العمل)
بالإضافة الى جميع الحالات المنصوص عليها في المادة (81) من نظام العمل والتي تعطى العامل الحق في ترك العمل وفسخ العقد مع احتفاظه بكامل حقوقه العمالية بما في ذلك حقه في كامل مكافأة نهاية الخدمة.
واذا انتهت خدمة العامل وجب على صاحب العمل دفع اجره وتصفية حقوقه خلال اسبوع على الاكثر من تاريخ انتهاء العلاقة العقدية، اما اذا كان العامل هو الذى انهى العقد وجب على صاحب العمل تصفية حقوقه كاملة خلال مدة لا تزيد على اسبوعين، ولصاحب العمل ان يحسم أي دين مستحق له بسبب العمل من المبالغ المستحقة للعامل (المادة 88 من نظام العمل).
وبهذا المقال نختم الحديث عن مكافأة نهاية الخدمة كما نص عليها نظام العمل السعودي.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
اترك تعليقاً