المنازعات في مجال حجز المنقول:
من الطبيعي أن يكون ثمة احتمال لأن تطرأ منازعات أثناء التنفيذ بطريق الحجز على المنقول. فإن من النادر أن يذعن المدين للتنفيذ أو يمتثل بل أنه غالباً ما يعترض على التنفيذ ويحاول منعه أو عرقلته أو تأخيره. وله في ذلك وسائل شتى. وقد أتاح المشرع له أن يعترض على التنفيذ الجاري ضده، وهذا أمر طبيعي يقتضيه حق الدفاع – ولا يقال في هذا المجال أن المدين قد استنفذ حق دفاعه في مرحلة التقاضي أمام المحكمة التي صدر منها الحكم المراد تنفيذه فإن إبداء المدين لدفاعه قبل صدور الحكم لا يمنع من تخويل المدين حق الدفاع في مرحلة التنفيذ فهذه مرحلة جديدة ولاحقه على الحكم وقد يكون للمدين فيها وجه دفاع جديد ومقبول كأن يكون بعد الحكم قد سدد الدين الذى يجرى التنفيذ بمقتضاه أو أن تكون قد وقعت المقاصة فيه فيزول بذلك سبب التنفيذ:
وهو ركن لا يمكن التنفيذ بدونه لأن التنفيذ الذى يجرى دون سبب هو تنفيذ باطل. كما أن الدائن قد يطغى فيما يعمد إليه من تنفيذ أو يتحيف على حق المدين أو يتخذ ضده إجراءات باطلة – فمن الطبيعي إذن أن يكون للمدين وسيلة لدفع الأذى عن نفسه وان يتيح المشرع له السبيل للاعتراض حتى يتمكن من الدفاع عن نفسه.
كما أن المنازعة في التنفيذ قد لا تأتى من جانب المدين المنفذ ضده بل من جانب الغير إذا كان التنفيذ يمس بحقوق ذلك الغير أو بمصالحه. ومن جهة ثالثة فإن التنفيذ قد لا يجرى بحكم قضائي بل بسند تنفيذي آخر كعقد رسمي مذيل بالصيغة التنفيذية فلا محل للقول في هذه الحالة بأن المدين قد سبق له الدفاع عن نفسه واستنفذ بذلك حق دفاعه:
إذ أن حق الدفاع هنا لا يبدأ بالنسبة إليه إلا من وقت التنفيذ عليه لأن التنفيذ لم تسبقه دعوى يدافع المدين عن نفسه فيما أمام القضاء. ونستطيع أن نخلص من ذلك إلى أن الاعتراض على حجز المنقول قد يحصل من المدين أو من غير المدين. وان للاعتراض أسباباً متعددة منها ما هو موضوعي متعلق بالدين أو بالسند التنفيذي أو متعلق بمحل التنفيذ كما لو كان من المنقولات التي لا يجوز الحجز عليها، وقد يتعلق الاعتراض بأشخاص التنفيذ كما لو كان الحاجز غير ذي صفة أولاً مصلحة له في إجراء التنفيذ أو كما لو كان المحجوز عليه عديم الأهلية أو ممن لا يجوز التنفيذ عليهم كرجال السلك الدبلوماسي الأجانب فيما يتمتعون به من حصانة. وقد يتعلق الاعتراض بإجراءات التنفيذ كما لو جرى التنفيذ قبل إعلان سنده أو قبل مضى يوم على هذا الإعلان أو كان الدائن حاضراً وقت الحجز أو حدد موعدا للبيع قبل مضى ثمانية أيام من إعلان صورة محضر الحجز للمدين أو تسليمها إليه، أو قبل مضى يوم على الإعلان عن البيع أو دون أن يحصل الإعلان أصلاً، إلى غير ذلك من صنوف الاعتراضات التي لا يمكن حصرها والتي ينجلي العمل يومياً عن الكثير منها.
ويحصل الاعتراض اما برفع اشكال في التنفيذ إلى قاضى التنفيذ ليأمر بإيقاف التنفيذ – أو برفع دعوى موضوعية ببطلان التنفيذ، وقد تقترن هذه الدعوى بطلب مستعجل هو إيقاف التنفيذ إلى أن يفصل في الموضوع. وقد تم ابداء الاشكال امام المحضر عند ايقاع الحجز، كما أنه قد يتم برفع دعوى بصحيفة يودعها المعترض بقلم الكتاب وتنطوي على تكليف الدائن الحاجز بالحضور أمام قاضى التنفيذ:
وكل هذه الاعتراضات ترفع إلى قاضى التنفيذ، ويتم الفصل فيها طبقاً للقواعد العامة، سواء رفعت بصورة اشكال في التنفيذ أو صورة دعوى موضوعية، فهي لا تتميز بإجراءات أو آثار خاصة. وإنما عنى المشرع عناية خاصة بأحد الاعتراضات التي تثار عند الحجز على المنقول، وهو اعتراض الغير على الحجز بمقولة أن المال المحجوز مملوك للمعترض لا للمدين المحجوز عليه، وبذلك يكون الحجز على ذلك المال باطلاً لوقوعه على غير محل وهو ما يعرف باسم دعوى الاسترداد أو بالأصح دعوى استرداد المنقولات المحجوزة، فقد أفرد المشرع لهذه الدعوى طائفة من النصوص في باب حجز المنقول وتولى تنظيمها ووضع لها أحكاماً وقواعد خاصة باعتبارها أهم اعتراض يثور في هذا النوع من الحجز ولهذا فإننا نقتصر في هذا الفصل على دراسة هذه الدعوى. أما بقى الاعتراضات فإنه يكفى في شأنها الرجوع إلى القواعد العامة المتعلقة بإشكالات التنفيذ بصفة خاصة وبالدعاوى على وجه العموم.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً