مناقشة قانونية حول دور محكمة العدل العليا في قانونها الجديد
*محمد العبادي
المتتبع لقوانين محكمة العدل العليا يجد أن هذه المحكمة قد مرت بأربعة مراحل سواء ناحية التشكيل والاختصاص وهذه المراحل هي :
المرحلة الأولى: اختصاصات محكمة العدل العليا في ظل قانون تشكيل المحاكم النظامية رقم 26 لسنة 1952 ، وهنا كان الأردن يأخذ بنظام القضاء الموحد بمعنى أن هناك جهة إدارية واحدة تنظر في المنازعات بين الأفراد بعضهم ببعض، والمنازعات التي تكون الإدارة طرفاً فيها وهذا هذا القضاء الموحد هناك قاضي مدني ينظر في هذه المنازعات.
وكانت محكمة التمييز تنعقد بصفتها محكمة عدل عليا. وهنا كرس المشرع نظام القضاء الموحد وحدد اختصاصاتها على سبيل الحصر في تسع (9) اختصاصات، بالإضافة إلى (4) اختصاصات إضافية نصت عليها بعض القوانين الخاصة مثل قانون نقابة المحامين رقم 11 لسنة 1972 ، وقانون تنظيم شؤون المصادر الطبيعية رقم 23 لسنة 1968. وقانون العلامات التجارية رقم 33 لسنة 1952 وقانون امتيازات الاختراعات والرسوم رقم 22 لسنة 1953.
المرحلة الثانية:
ووفقاً للقانون المؤقت رقم 11 الذي صدر عام 1989 حيث أصبحت هذه المحكمة تتمتع باستقلالية كاملة وتم تطبيق نظام القضاء المزدوج، بمعنى ان تكون هناك جهتين قضاءيتين جهة القضاء المدني وتختص بالفصل في المنازعات التي تقع بين الأفراد ، وجهة القضاء الإداري وتختص بالفصل في المنازعات التي تقع بين الإدارة والأفراد.
وهنا حدد المشرع أيضاً اختصاصات هذه المحكمة على سبيل الحصر بـ (8) اختصاصات. والملاحظ أن المشرع وسع اختصاصات هذه المحكمة لتشمل ولاية التعويض بالإضافة لولاية الإلغاء.
المرحلة الثالثة: اختصاص محكمة العدل العليا في ظل القانون رقم 12 لسنة 1992 وهنا وسع المشرع اختصاصات هذه لتمتد إلى ولاية التعويض ، كما أنه فصل في هذه الاختصاصات الهامة مثل الطعن في أي قرار إداري نهائي حتى لو كان محصناً بالقانون الصادر بمقتضاه بمعنى أن المشرع الغى تحصين أي قرار إداري يصدر عن السلطة التنفيذية حتى لو كان صادراً عن مجلس الوزراء. كما أن المحكمة تختص بنظر طلبات التعويض عن القرارات والإجراءات السابقة سواء كانت رفعت بصفة أصلية أو تبعية .
اخيراً وتطبيقاً للتعديل الدستوري على المادة (100) من الدستور التي تنص على أن : ” تعيين أنواع المحاكم ودرجاتها وأقسامها واختصاصاتها وكيفية إدارتها بقانون خاص على إنشاء قضاء إداري على درجتين ” .
وحتى يرى هذا القانون المنظم للقضاء الإداري النور فإننا نقترح ما يلي:
أولاً: إعادة تنظيم القضاء الإداري الأردني على درجتين وعلى النحو التالي:-
إنشاء محاكم إدارية ابتدائية في أقاليم المملكة الثلاث إقليم الشمال وإقليم الوسط وإقليم الجنوب، وتختص هذه المحاكم في البت في المنازعات الإدارية ابتداءً ونقترح تسميتها بمحاكم الدرجة الأولى على غرار القضاء الإداري الفرنسي والمصري والسوري واللبناني.
تغيير مسمى محكمة العدل العليا لتصبح مجلس الدولة الأردني وهو يعتبر بمثابة قاضي استئناف إداري متخصص بالطعن في أحكام هذه المحاكم.
ثانياً: أن يكون اختصاص هذه المحاكم واسعاً ويمتد إلى منازعات الضرائب والرسوم والعقود الإدارية.
ثالثاً: تحديد رسوم هذه المحاكم سواء المحاكم الإدارية أو مجلس الدولة الأردني من طرف المشرع.
رابعاً: ضم ديوان التشريع والرأي إلى مجلس الدولة الأردني ليصبح اسمه قسم الفتوى التشريع وتكون مهمته صياغة التشريعات القانونية وتعديلها او إلغائها أو استبدالها بتشريعات أخرى جديدة تتلاءم مع الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
كما يقوم هذا القسم بإبداء الآراء الاستشارية للإدارة سواء كانت ملزمة (وتحدد حالات الإلزام هنا) أو غير ملزمة وفي كلتا الحالتين لا يجوز للإدارة أن تتصرف قبل استشارة المحكمة وخصوصاً في مجال القرارات الإدارة التنظيمية.
خامساً: المساهمة في تحديث التشريعات في المملكة وتطويرها وإعداد البحوث والدراسات بالإضافة لعقد الندوات والمؤتمرات المتخصصة.
وسنحاول في دراسة قادمة التطرق لتنظيم إجراءات التقاضي أمام هذه المحاكم لتتلائم مع القانون الجديد.
*ا.د محمد وليد العبادي
عميد كلية القانون-جامعة آل البيت
اترك تعليقاً