سيادة القانون: الحماية التي توفرها قواعد الإجراءات القانونية
الأنظمة الديمقراطية تصون حقوق المتهمين من خلال قواعد الإجراءات القانونية
لقد امتلك كل الذين تولوا إدارة أنظمة العدالة الجنائية في كل المجتمعات عبر التاريخ سلطات تنطوي على إمكانية الاستبداد وإساءة استخدام السلطة. فقد تم* باسم الدولة* سجن الأفراد ومصادرة ممتلكاتهم وتعذيبهم ونفيهم أو إعدامهم بدون أي مبرر قانوني* وفي كثير من الأحيان بدون توجيه تهم رسمية إليهم إطلاقا. ولا يمكن لأي مجتمع ديمقراطي إجازة مثل هذه الانتهاكات.
وفي حين أنه من الضروري أن تملك كل دولة سلطة المحافظة على النظام ومعاقبة الأعمال الإجرامية* إلا أنه يتعين أن تكون القوانين والإجراءات التي تعتمدها الدولة في تطبيق قوانينها معلنة وواضحة محددة* لا سرية أو اعتباطية أو خاضعة للتلاعب السياسي فيها* كما يتعين أن تكون تلك القوانين والإجراءات واحدة للجميع. وهذا بالذات هو المقصود بقواعد الإجراءات القانونية.
وقد تطورت في الأنظمة الديمقراطية الدستورية القوانين المعتمدة التالية لتطبيق قواعد الإجراءات القانونية:
* لا يمكن للشرطة تفتيش منزل أي كان بدون أمر من محكمة يظهر وجود سبب معقول للقيام بمثل هذا التفتيش. ولا مكان لقرع الشرطة السرية الباب في منتصف الليل في النظام الديمقراطي.
—
* لا يمكن اعتقال أي شخص بدون توجيه تهم مكتوبة واضحة له تحدد الانتهاك الذي يدّعى أنه ارتكبه. وعلاوة على ذلك* ينص المبدأ المعروف باسم “أوامر الإحضار” (habeas corpus) على أن لكل شخص معتقل الحق في إحضاره أمام محكمة (كي ينظر القاضي في قانونية حبسه) ويجب إطلاق سراحه إذا ما قررت المحكمة عدم وجود سند قانوني لاعتقاله.
* يجب عدم احتجاز المتهمين بارتكاب جرائم فترات طويلة في السجن قبل محاكمتهم. ويملك المتهمون حق الحصول على محاكمة علنية بسرعة وحق مواجهة من يتهمونهم واستجوابهم.
* يتعين على السلطات الموافقة على إطلاق سراح المتهم بكفالة* أو إطلاق السراح المشروط* حتى موعد المحاكمة في حال عدم وجود احتمال يذكر بهرب المتهم أو ارتكابه جرائم أخرى.
* لا يمكن إجبار الأشخاص على الإدلاء بشهادة ضد أنفسهم. ويجب أن يكون هذا الحظر ضد تجريم الذات القسري مطلقاً غير مقيد بأي شروط. وكنتيجة قياسية تتبع ذلك* لا يجوز للشرطة تعذيب المشتبه بهم أو إساءة معاملتهم جسدياً أو نفسياً في أي ظرف من الظروف.
* لا يمكن محاكمة الشخص على ذات الجرم مرتين؛ أي أنه لا يجوز اتهامه مرة ثانية بنفس الجريمة إذا ما كانت محكمة ما قد حكمت ببراءته من تلك الجريمة.
* إن القوانين الموضوعة بعد حدث ما بحيث يكون لها أثر رجعي محظورة هي أيضاً نظراً لاحتمال إساءة السلطات لاستخدامها. وهذه القوانين هي قوانين يتم سنها بعد الواقعة بحيث يمكن توجيه تهمة ارتكاب جريمة لشخص ما رغم أن ما قام به لم يكن مخالفاً للقانون عندما قام به.
* تحظر العقوبات القاسية أو غير المألوفة.
ولكن أياً من هذه القيود لا يعني أن الدولة تفتقر إلى السلطة الضرورية لفرض تطبيق القانون ومعاقبة المذنبين. بل على العكس من ذلك* كلما ازداد اعتبار المواطنين إدارة نظام العدالة الاجتماعية في المجتمع الديمقراطي منصفاً وحامياً للسلامة الفردية* علاوة على خدمته المصلحة العامة* كلما كان ذلك النظام أكثر فعالية.
اترك تعليقاً