مقال قانوني عن شهادة الزور أمام هيئة التحكيم
الدكتور أحمد عبد ظاهر
الشهادة الزور أمام هيئة التحكيم بين التحريم والتجريم
مقال للدكتور أحمد عبد الظاهر
أستاذ القانون الجنائي المساعد بجامعة القاهرة
الخبير القانوني لدى دائرة القضاء – أبو ظبي
*الشهادة الزور لغة تعني الشهادة الكاذبة. والشهادة الكاذبة مذمومة أخلاقا، محرمة دينا، مجرمة قانونا. فالشهادة الزور نوع خطير من الكذب، شديد القبح سيء الأثر، يتوصل بها إلى الباطل من إتلاف نفس أو أخذ مال، وفيها ضياع حقوق الناس وظلمهم وطمس معالم العدل، ومن شأنها أن تعين الظالم على ظلمه وتعطي الحق لغير مستحقه. وبهذه المثابة، فإن الشهادة الزور سبب لزرع الأحقاد والضغائن في القلوب، وتقويض أركان الأمن والسكينة بين الناس، والعصف بدعائم المجتمع وتدميره. ومن ثم، ساغ القول بأن الشهادة الزور «جريمة خلقية شائنة تنافي النظام العمراني، وتفضي إلى الفوضى في كل نواحي الحياة»().
وبالنظر لما للشهادة الزور من أضرار ومخاطر على الأفراد والمجتمعات، كان من الطبيعي أن تحرص الشريعة الإسلامية على تحريمها واعتبارها من أكبر الكبائر. والسند الشرعي لهذا التحريم يتمثل في القرآن والسنة والإجماع. فمن القرآن، نذكر قوله تعالى ﴿فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور﴾().
ويقول سبحانه في بيان صفة المؤمنين ﴿والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما﴾(). أما من السنة، فقد روي عن أبي بكر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ؟». قلنا: بلى يا رسول الله. قال: «الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئا فجلس، فقال: ألا وقول الزور، وشهادة الزور، فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت» (رواه البخاري ومسلم). وجلوس النبي بعد اتكائه يشعر بعظم الأمر، ويفيد تأكيد التحريم وقبح الذنب. وسبب ذلك كون شهادة الزور أسهل وقوعا على الناس، والتهاون بها أكثر، والحامل عليها كثير مثل العداوة والحقد والحسد وغير ذلك، فاحتاج الأمر إلى الاهتمام بها(). وفي حديث آخر، روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
«من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه» (رواه البخاري). وروي عنه أيضا قوله: «لا تزول قدما شاهد الزور يوم القيامة حتى تجب له النار». وروى الإمام أحمد عن أيمن بن خريم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام خطيبا، فقال:«أيها الناس عدلت شهادة الزور إشراكا بالله ثلاثا» ثم قرأ: ﴿فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور﴾. أما الإجماع، فقد أجمع علماء الأمة في سلفها وخلفها على أن شهادة الزور من المحرمات وأنها من أكبر الكبائر. وفي ذلك، تقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: «ما كان خلق أبغض إلى الرسول من الكذب، ولقد كان الرجل يكذب عنده الكذبة فما تزال في نفسه حتى يعلم أنه قد أحدث منها توبة». وذكر الإمام أبو حنيفة أنه كان عند محارب بن دثار، فتقدم إليه رجلان فادعى أحدهما على الآخر مالا فجحده المدعى عليه، فسأله البينة، فجاء رجل فشهد عليه، فقال المشهود عليه: لا والله الذي لا اله إلا هو ما شهد علي بحق، وما علمته إلا رجلا صالحا غير هذه الزلة فإنه فعل هذا لحقد كان في قلبه علي، وكان محارب متكئا فاستوى جالسا ثم قال: يا ذا الرجل سمعت ابن عمر يقول: سمعت رسول الله يقول:
«ليأتين على الناس يوم تشيب فيه الولدان، وتضع الحوامل ما في بطونها، وتضرب الطير بأذنابها وتضع ما في بطونها من شدة ذلك اليوم، ولا ذنب عليها، وإن شاهد الزور لا تقار قدماه على الأرض حتى يقذف به في النار»، فإن كنت شهدت بحق فاتق الله وأقم على شهادتك، وإن كنت شهدت بباطل فاتق الله، وغط رأسك وأخرج من ذلك الباب. ثم قال للرجل: بم تشهد ؟ قال: كنت أشهدت على شهادة وقد نسيتها، أرجع فأتذكرها فانصرف ولم يشهد عليه بشيء. وعن ربيعة بن أبي الرحمن قال: قدم رجل من العراق على عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: جئتك لأمر ماله رأس ولا ذنب (ذيل) فقال عمر وما ذاك؟ قال: شهادة الزور ظهرت بأرضنا، قال: وقد كان ذلك؟ قال: نعم، فقال عمر بن الخطاب: والله لا يؤسر (لا يحبس) رجل في الإسلام بغير العدول. وقد حكى البعض الإجماع على أن شهادة الزور كبيرة من الكبائر. ولا فرق بين أن يكون المشهود به قليلا أو كثيرا فضلا عن هذه المفسدة القبيحة الشنيعة جدا، ولا يحل قبولها وبناء الأحكام عليها ولذلك قالوا: فتوى المفتي وحكم الحاكم وقضاء القاضي لا تجعل الحرام حلالا ولا الحلال حراما، والقاضي إنما يحكم على نحو ما يسمع، فمن قضي له بحق أخيه فلا يأخذه، إنما قضي له بقطعة من النار يترتب عليها سخط الجبار، والأمور كلها على ما عند الله، وعند الله يجتمع الخصوم: ﴿ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين﴾().
ولا خلاف بين الفقهاء في أن شهادة الزور من الكبائر، وأن صاحبها مستحق للتعذير. وإنما الاختلاف في كيفية التعزير، فعند الإمام أبي حنيفة أنه يكون بالتشهير بحيث ينادى عليه لكي يحذر الناس منه، وقد أخذ بما كان يفعله شريح القاضي إذا ثبت عنده أن شاهدا شهد شهادة زور خاطب الناس قائلا: إن شريحا يقرئكم السلام ويقول إنا وجدنا هذا شاهد زور فاحذروه وحذروا الناس. أما أبو يوسف ومحمد صاحبا أبي حنيفة فيريان أن يضم إلى ذلك ضربه أسواطا إذا تاب، أما إذا لم يتب فيعزر بالضرب أخذا بفعل عمر – رضي الله عنه – في ضربه وتسخيم وجهه. وفي مذهب الإمام مالك، لا تقبل شهادة شاهد الزور أبدا، ويعزر بتسخيم وجهه وحلق رأسه، والطواف به في السوق. وأكثر أهل العلم على أن شهادته لا تقبل أبدا، وإن تاب وحسنت حالته فأمره إلى الله. وفي مذهب الإمام الشافعي، من ثبت أنه شهد بزور عزره القاضي بما يراه من توبيخ وضرب وحبس، وشهر حاله وأمر بالنداء عليه في المكان الذي له وجود فيه. وفي مذهب الإمام أحمد مثل ذلك. وذكر الإمام ابن القيم أن الحكمة في عدم سماع قول الكذاب أن أقوى الأسباب في رد الشهادة والفتيا والرواية الكذب، لأنه فساد في نفس آلة الشهادة والفتيا والرواية، فهو بمثابة شهادة الأعمى على رؤية الهلال، وشهادة الأصم الذي لا يسمع على إقرار المقر، فإن اللسان الكذوب بمنزلة العضو الذي قد تعطل نفعه، بل هو شر منه، فشر ما في المرء لسان كذوب، ولهذا يجعل الله سبحانه شعار الكاذب عليه يوم القيامة وشعار الكاذب على رسوله سواد وجوههم، والكذب له تأثير عظيم في سواد الوجه ويكسوه برقعا من المقت يراه كل صادق، فسيما الكاذب في وجهه ينادى عليه لمن له عينان والصادق يرزقه الله مهابة وجلالا فمن رآه هابه وأحبه، والكاذب يرزقه إهانة ومقتا فمن رآه مقته واحتقره.
وشهادة الزور لا تجوز، ولو توصل بها الإنسان إلى حقه. وفي ذلك، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: شهادة الزور والكذب حرام، وإن قصد بها التوصل إلى حقه. وشهادة الزور واحدة من حيث تحريمها، سواء كان المبتغى منها منفعة دنيوية أو خلافها. فعلى سبيل المثال، لو شهد شخص لآخر بقصد نفعه لكونه فقيرا فهذه الشهادة شهادة زور. وإذا شهد لإنسان قاصدا التسبب في حصوله على منفعة ومساعدته بالتالي على الزواج، فهذه شهادة زور. وإذا شهد لإنسان أنه مدين لكي يحصل له على صدقة من أحد فهذه شهادة زور. فالغاية من الشهادة الزور وحسن الباعث عليها لا يغير من حقيقة الجريمة وبشاعتها. والشهادة الزور جريمة دينية، سواء كانت في مجلس القضاء الرسمي أو في أي مجلس آخر يختص بالفصل في المنازعات.
والشهادة الزور جريمة في كل التشريعات الوضعية. فجميع القوانين الجنائية تجرم هذا الفعل وتعاقب عليه وتمايز في هذه العقوبة وفقا لطبيعة الجريمة وظروفها (الفصل الأول من الباب الثالث من الكتاب الثاني من قانون العقوبات الاتحادي لدولة الإمارات العربية المتحدة؛ الباب السادس من الكتاب الثالث من قانون العقوبات المصري؛ الفصل الأول من الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون عقوبات قطر؛ الفصل الأول من الباب الرابع من القسم الخاص من قانون العقوبات البحريني). ولا خلاف في توافر النموذج القانوني لجريمة الشهادة الزور إذا كان الجاني قد شهد زورا أمام إحدى المحاكم. ولكن التساؤل يثور عن حكم الشهادة الزور التي يؤديها الشخص أمام هيئة التحكيم، وما إذا كانت تقع تحت طائلة التجريم أم لا. وسنحاول الإجابة على هذا التساؤل من خلال بيان الحكم في القانون المقارن. وباستقراء التشريعات المقارنة في هذا الشأن، يمكن التمييز بين التشريعات التي تجرم صراحة الشهادة الزور أمام هيئة التحكيم (المطلب الأول) وبين التشريعات التي لا تنص صراحة على تجريم الشهادة الزور أمام هيئة التحكيم (المطلب الثاني).
المطلب الأول التشريعات التي تجرم صراحة الشهادة الزور أمام هيئة التحكيم
تنص بعض التشريعات صراحة على تجريم الشهادة الزور أمام هيئة التحكيم. والملاحظ أن هذا التجريم لم يرد في قانون العقوبات ذاته كما هو الشأن في الشهادة الزور أمام المحكمة، وإنما ورد في القانون المنظم لإجراء التحكيم. فعلى سبيل المثال، وفي دولة الإمارات العربية المتحدة، تقضي المادة (211) من قانون الإجراءات المدنية الصادر بالقانون الاتحادي رقم (11) لسنة 1992م بأن «على المحكمين أن يحلفوا الشهود اليمين وكل من أدى شهادة كاذبة أمام المحكمين يعد مرتكبا لجريمة الشهادة الزور».
وتنص المادة (200) من قانون المرافعات المدنية والتجارية القطري على أن «يحكم المحكمون في النزاع على أساس وثيق التحكيم وما يقدم إليهم من الخصوم وعلى المحكمين أن يحددوا للخصوم موعدا لتقديم مستنداتهم ومذكراتهم وأوجه دفاعهم وعلى الخصوم أن يقدموا للمحكمين جميع ما لديهم من الأوراق والمستندات التي في حوزتهم وأن ينفذوا جميع ما يطلبه المحكمون منهم. ويجوز لهيئة التحكيم أن تطلب إلى المحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع إصدار قرار بإبراز أي مستند ضروري للتحكيم يكون في حوزة الغير أو تكليف شاهد بالحضور لأداء الشهادة أمام الهيئة. ولهيئة التحكيم أن تحلف الشهود اليمين ويعتبر من أدى شهادة كاذبة أمامها مرتكبا لجريمة شهادة الزور أمام المحكمة ويجوز للجهة المختصة بعد إبلاغها من الهيئة إجراء التحقيق معه بشأنها وتقديمه للمحاكمة لمعاقبته بالعقوبة المقررة لها».
وتنص المادة (238) الفقرة الأخيرة من قانون المرافعات المدنية والتجارية البحريني لسنة 1971م على أن «للمحكمين أن يحلفوا الشهود اليمين أو أن يكلفوهم بالتصريح رسميا بقول الصدق، وكل من أدى شهادة كاذبة أمام محكم أو فيصل في مسألة جوهرية يعتبر أنه ارتكب جريمة شهادة الزور كما لو أدى الشهادة أمام محكمة مختصة، ويجوز إجراء التحقيق معه ومعاقبته بالعقوبة المقررة لشهادة الزور».
ويستفاد من النصوص السابقة أن الشهادة الزور أمام هيئة التحكيم تقع تحت طائلة التجريم. كما يستفاد أن المشرع الإماراتي والمشرع القطري يقرران تحليف الشاهد. ويتوسع المشرع البحريني، فيجيز لهيئة التحكيم تحليف الشاهد أو تكليفه بالتصريح رسميا بقول الصدق. وأخيرا، يلاحظ أن المشرع القطري ينفرد ببيان الإجراءات المتبعة في ملاحقة الشهادة الزور أمام هيئة التحكيم، مقررا قيام هيئة التحكيم بإبلاغ الجهة المختصة – وهي النيابة العامة – التي تقوم بدورها بإجراء التحقيق مع الجاني بشأن جريمة الشهادة الزور وتقديمه للمحاكمة لمعاقبته بالعقوبة المقررة لها.
المطلب الثاني التشريعات التي لا تنص صراحة على تجريم الشهادة الزور أمام هيئة التحكيم
يعتبر القانون المصري مثالا للتشريعات التي لا تنص صراحة على تجريم الشهادة الزور أمام هيئة التحكيم. إذ يخلو كل من قانون العقوبات المصري وقانون التحكيم الصادر بالقانون رقم (27) لسنة 1994م من النص صراحة على حكم الشهادة الزور أمام هيئة التحكيم. ومن ثم، لا مناص من الرجوع إلى القواعد العامة للقول بما إذا كان هذا الفعل يدخل ضمن النموذج القانوني العام لجريمة الشهادة الزور أم لا. بيان ذلك أن قانون العقوبات المصري يتناول جريمة الشهادة الزور والجرائم الملحقة بها في الباب السادس من الكتاب الثالث (المواد 294 إلى 301). وقد ورد هذا الباب تحت عنوان «الشهادة الزور واليمين الكاذبة». ويهمنا في هذا المقام أن نشير فقط إلى المواد (294) و(295) و(296) و(297). إذ تنص المادة (294) من قانون العقوبات المصري على أن «كل من شهد زورا لمتهم في جناية أو عليه يعاقب بالحبس». وتنص المادة (295) على أن «ومع ذلك إذا ترتب على هذه الشهادة الحكم على المتهم يعاقب من شهد عليه زورا بالسجن المشدد أو السجن. أما إذا كانت العقوبة المحكوم بها على المتهم هي الإعدام ونفذت عليه يحكم بالإعدام أيضا على من شهد زورا». وتنص المادة (296) على أن «كل من شهد زورا على متهم بجنحة أو مخالفة أو شهد له زورا يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين». وتنص المادة (297) على أن «كل من شهد زورا في دعوى مدنية يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين».
وفي تطبيق أحكام المواد سالفة الذكر، ذهبت محكمة النقض إلى أن «ما يتطلبه القانون للعقاب على شهادة الزور، هو أن يقرر الشاهد أمام المحكمة بعد حلف اليمين أقوالا يعلم بأنها تخالف الحقيقة بقصد تضليل القضاء. وإذ كان ذلك وكان الثابت من الشهادة المسندة إلى المطعون ضده لم تحصل أمام القضاء، وإنما أدلى بها في تحقيقات النيابة، فإن الواقعة لا تتوافر بها العناصر القانونية لجريمة شهادة الزور» (نقض 2 مايو 1972، مجموعة أحكام محكمة النقض، س 22، رقم 94، ص 384؛ نقض 15 أكتوبر 1985، س 36، رقم 154، ص 863). وفي حكم آخر، قضت المحكمة بأن «إذا كانت الشهادة المسندة إلى المتهم لم تحصل أمام القضاء كما يتطلبه القانون في جريمة شهادة الزور، فإن الواقعة لا تتوافر فيها العناصر القانونية للجريمة» (نقض 1 ديسمبر 1953، مجموعة أحكام محكمة النقض، س 5، رقم 47، ص 141). وقضى بأنه «يقتضي لاعتبار الشهادة مزورة ثلاثة شروط، الأول أن تكون كاذبة سواء كانت في صالح المشهود لأجله أو في مضرته، الثاني أن تكون وقعت بعد أداء اليمين القانونية، الثالث أن لا يرجع مؤديها عنها قبل انقضاء المرافعة، ومتى استجمعت شهادة الزور هذه الشروط جاز للمحكمة التي أديت أمامها محاكمة صاحبها (إن كانت ذات اختصاص بذلك) والحكم عليه بما يستحق دون توقف على الحكم في الدعوى الأصلية التي أديت الشهادة فيها» (29 أبريل 1893، الحقوق، س 8، ص 283).
ومن أحكام محكمة الموضوع قضى بأن «الشهادة التي تعتبر مزورة ويحكم على المتهم بها هي التي تؤدى أمام جلسة المحكمة، ولا يمكن للشاهد العدول عنها بعد تأديتها» (محكمة استئناف مصر 19 سبتمبر 1888، الحقوق، س 3، ص 356).
وقضت محكمة استئناف طنطا بأن«من المبادئ المقررة أن الشهادة لا تعتبر مزورة إلا إذا أديت أمام هيئة المحكمة بعد حلف اليمين وأن للشاهد أن يرجع عن شهادته حتى قفل باب المرافعة، فلا تعد مزورة شهادة الشاهد التي أداها أمام المحكمة مختلفة عن المنسوب إليه بمحضر البوليس» (محكمة استئناف طنطا 27 مارس 1897، القضاء، س 4، ص 235).
وقضت محكمة الموسكي الجزئية«أن الرأي الأصوب يقضي بأن اليمين ليست بشرط في شهادة الزور بل شروطها محصورة في تغيير الحقيقة والقصد السيئ واحتمال الضرر» (محكمة الموسكي الجزئية 16 مارس 1902، الحقوق، س17، ص 95).
وقضت محكمة أسيوط الجزئية بأنه «يلزم لتكوين جريمة شهادة الزور المنصوص عليها في المادة 254 عقوبات وما يليها أن تحصل الشهادة أمام المحكمة بعد حلف اليمين ولا أن يرجع الشاهد عنها حتى قفل باب المرافعة، فلا عقاب حينئذ بمقتضى المادة 254 عقوبات على من يشهد بعد حلف اليمين زورا أمام النيابة أثناء تحقيق التهمة» (محكمة أسيوط الجزئية 15 ديسمبر 1909، المجموعة الرسمية، س 11، ص 149).
)) راجع: عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري، كتاب الفقه على المذاهب الأربعة، دار ابن حزم للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، الطبعة الأولى، 2001م، ص 1380.
() سورة الحج: الآية 30.
() سورة الفرقان: الآية 72.
() راجع: الشوكاني، نيل الأوتار، عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري، كتاب الفقه على المذاهب الأربعة، المرجع السابق، نفس الموضع.
)) سورة الأنبياء: الآية 47.
اترك تعليقاً