أن تنظيم رأس مال الشركة هو أهم جانب نجده عند المشرع ذلك لأن الاعتبار المالي للشركات وخصوصاً الشركات المساهمة يعد الركيزة الأساسية لهذهِ الشركات ومن الطبيعي أن الشركات سواءً المالية أو شركات الأشخاص قد تحتاج إلى زيادة في رأس مالها وفقاً لما يتطلبه وصفها الاقتصادي اوالقانوني . عليه سوف نتكلم عن زيادة رأس المال في الشركات أثناء ممارستها لنشاطها والتغيرات التي تؤدي إلى دخول مساهم جديد في نطاق الشركة بعد الزيادة ونرى وسائل زيادة الشركة لراس مالها في القانون العراقي والقوانين الأخرى وهل يكون وضع زيادة راس المال موضع مميز للشركة القابضة ام لا ؟ ونود الاشارة ان بحث هذه النقطة يكون في الشركة المساهمة بوصفها المثال الجيد للشركة القابضة … نشير الى ان المقصود بزيادة راس المال هو ((تعديل لعقد الشركة بزيادة راس مالها وفقا للوسائل والإجراءات التي يحددها القانون اما باصدار اسهم جديدة او بزيادة القيمة الأسمية للاسهم))(1).
ولابد من الإشارة الى ان زيادة راس مال الشركة تصرف قد يرتب اثرا قانونيا تكون نتيجته تبعية شركة لأخرى. ويمكن ملاحظة ان زيادة الشركة لراس مالها قد يكون لأسباب عديدة ، فقد يكون منها ازدهار اعمالها وحاجتها الى اموال جديدة لتوسيع مشاريعها او ان ديونها التي تتطلب منها اموال جديدة لتسديدها وهنالك عدة صور لزيادة راس المال وتمثل صور زيادة راس المال رغبة حصول المساهمين على اسهم بدل الربح النقدي ويكون ذلك عن طريق تحويل الأرباح الى الأحتياطي ثم اضافته الى راس المال من خلال تحويله الى اسهم توزع مجانا على المساهمين(2). وهذه الحالة نتصورها بالنسبة للشركات قوية النفوذ في الأسواق ذلك لان الذي يدفع المساهمة لهذا هو ارتفاع سعر السهم فيعزز به المساهم رصيده من ويعتبر استثمارا جديداً للأرباح من جهة أخرى كما أن نشاط الشركة قد يتسع بما يتطلب زيادة رأس المال. ومن صور زيادة رأس المال هو تحويل ما على الشركة من ديون إلتى تعطى للدائنين في حالة عجز ميزانيتها بسبب إلحاح الدائنين في المطالبة بديونهم وهكذا تضاف الأسهم الجديدة إلى رأس المال الأصلي فيزداد عدد المساهمين وتقل الديون عن الشركة (3).
عرضنا فيما تقدم لبعض أسباب زيادة رأس مال الشركة القائمة وصور تلك الزيادة مع إمكانية دخول شركة قابضة بصفة شريك وقد يكون الشريك قابضا ((مسيطرا )) وبهذا الأمر يكون في حالة أن الشركة التي تدخل في مساهمة وتسيطر على الشركة أن كانت شركة وطنية مع أننا يجب أن نذكر أن المساهمة توجد حقوقاً والتزامات فالشركة القابضة عند دخولها في الشركة القائمة كمساهم يجب عليها أن لا تقوم بأي عمل يضر بمصالح الشركة إلا أن دخول الشركة في المساهمة لزيادة رأس مال شركة قائمة يتطلب النظر إلى عدة جوانب مثل جنسية الشركة المساهمة المسيطرة ومحل عقد الشراء. ونشير هنا ان القانون العراقي الملغي يحدد المشاركة للشركات الأجنبية مع انه يوجد دور للشركات الأجنبية في الواقع العراقي وبصورة مستقلة أو بالتعاون من خلال نظام فروع ومكاتب الشركات والمؤسسات الاقتصادية الأجنبية (رقم5 لسنة 1989 الملغي بالأمر 64 لسنة 2004 الصادر من سلطة الأحتلال الأمريكي) فنجد نص المادة الاولى من هذا النظام وبتعريفه لفرع الشركة او المؤسسة الاقتصادية الأجنبية هو ((ما يجاز بموجب هذا النظام من فروع الشركات أو المؤسسات ألأجنبية التي تمارس نشاطاً دائماً في العراق بموجب معاهدة أو اتفاق أو عقد مع الدولة أو متعاقدة لتنفيذ مشروع مع دوائر الدولة أو القطاع الاشتراكي أو شركات القطاع المختلط أو الاتحادات أو الجمعيات التعاونية أو الشركات المساهمة الخاصة التي لا يقل رأس مالها الاسمي عن مليون دينار وذلك بعد موافقة الجهة القطاعية المختصة )) النص الجديد المعمول به الآن هو نص الأمر 64 لسنة 2004 حيث ينص في القسم (6) في البند(1) (يجوز للمستثمرين الأجانب استثمار الأموال في جميع القطاعات الاقتصادية في العراق… )
بعدما تقدم سنتناول بعض الجوانب التي تثيرها مساهمة شركة قابضة أجنبية على شركة وطنية وتبدأ من مسألة الجنسية حيث النص المميز الأول للشخص من حيث النظام الذي تحكمه وانطلاقاً من نظام مراقبة الأعمال الأجنبية، رقم (51) لعام 1978 (الملغي) حيث ينص في الفقرة (آ) على أن ((لا يجوز لأي شخص أجنبي تعاطى الأعمال التجارية في الملكية سواءٍ بصفته الشخصية أو بالانابة أو الوكالة عنه شخص أخر أو بالاشتراك في شركات عادية أو المساهمة في شركات ،…ما لم يحصل على موافقة خطية بذلك من رئيس الوزراء ))(1) على أن الفقرة (ب)تقرر حق مساهمة الأجنبي يشترط أن لا تزيد مساهمة الأجنبي عنه (49 %) من رأس المال وذلك في الشركات التجارية باستثناء الشركات الصناعية والسياحية والمقدمات المتعلقة بها . اما في ظل الأمر 39 الخاص بالأستثمار لسنة 2003 فقد اعطى هذا الأمر المرونة اللازمة في الأستثمار وشجع الأستثمار الأجنبي حيث جاء تحت القسم (4) البند(2) (لاتفرض القيود على حجم الأستثمار الأجنبي في الكيانات التجارية المستحدثة او القائمة في العراق ، مالم يرد في هذا الأمر نصا صريحا بخلاف ذلك ).وكذلك ما جاء في القسم (6) البند(1) من امر سلطة الأحتلال، وايضا ورد تحت القسم (7) الفقرة(د) (الأستثمار عن طريق شراء او تملك كيان تجاري استثماري ) واخيرا ما ورد في القسم (13) وتحت عنوان معاملات المستثمرين جاء مايلي (لايكون ملزما أي نص قانوني يعيق العمل بهذا الأمر او يحول دون العمل به . ويحظى جميع المستثمرين الأجانب منهم والعراقيين، على معاملة متساوية في ظل القانون بأستثناء ما ورد في هذا الأمر خلافا لذلك ). فما ورد من هذه النصوص تعطي الفرصة الأكبر في انتشار نموذج الشركة القابضة ، من غير ان يكون هناك عائق قانوني او قيد من السيطرة على الشركات الوطنية او بالعكس .
ويمكن ملاحظة أن جنسية الشركة تمثل قيداً على حرية الشركة القابضة في السيطرة ….ألا إنه إلى جانب هذا يظهر لنا معيارا أخر هو معيار التبعية السياسية للأشخاص المؤسسين أي أن جنسية الشركة تتحدد على اعتبار الأغلبية المسيطرة على إدارة الشركة . ذلك على إعتبار أن الشركة عبارة عن مجموعة مصالح شركاء(4). ونعتقد أننا لو سرنا خلف هذا النظام السياسي للجنسية لأصبحت الشركات التابعة شركات تابعة بالجنسية أيضاً وهذا لا يصح في المنطق القانوني ، فنجد أن أغلب التشريعات وآراء الفقه تجعل من النظام القانوني للشخص الاعتباري الذي نشأ منه كما في القانون العراقي الذي يعتبر الشركة عراقية إذا تأسست في العراق، وعلى ذلك فان دخول او سيطرة الشركة القابضة على غالبية الأسهم لا يؤثر في صفة الشركة القابضة ولا الشركة التابعة، أنما تغيير جنسية الشركة أمر خطير لذلك نجد أن الجمعية العمومية غير العادية لها صلاحيات واسعة جداً إلا انه لا تستطيع من تغيير جنسية الشركة حتى لو ملكت الشركة القابضة الأغلبية في الجمعية العمومية فأن ذلك يتعارض مع الحكم القانوني (العام يقيد الخاص). فتكون نتيجة القاعدة المتقدمة ان الشركة في أي دولة كانت لا تتغير جنسيتها اذا تضمن قانونها كما يتضمن القانون العراقي التعبير الذي نصت عليه المادة (23) من قانون الشركات العراقي رقم 21 لسنة 1997 (( تكون الشركة المؤسسة في العراق وفق احكام هذا القانون عراقية )).
ونؤكد هنا ان قرار الجمعية العامة مهما بلغ لايمكن أن يتجاوز النص القانوني فتظل الشركة تتميز عن جنسية الافراد المكونين لها . ثم إن المساهمة في شركة قائمة تنصب على الأسهم والحصص وهذه هي محل الشركة، فالحصص في التكوين المالي للشركات الخاصة، ويندر أن تتقدم شركة قابضة للسيطرة المباشرة على هذه الحصص ،أما شراء الأسهم فهو ما يهم الشركة القابضة من غير أن يكون الربح هو الدافع للشراء لأنها كثيراً ما تعرض عن شراء الأسهم الممتازة التي يقتصر آثرها على الربح دون الأصوات وهو ما تبتغيه الشركة القابضة (5). ولابد من الاشارة الى أن شراء الأسهم حسب قانون سوق عمان المالي يخضع لشكلية بحيث إذا حدث شراء داخل عمان ولكن خارج السوق المالية يكون باطلاً بينما شراء الأسهم خارج الإقليم الأردني يعتبر صحيحاً غير نافذ فيتوجب تسجيله في سوق عمان بمدة أقصاها شهر(6). يظهر لنا أن الشركة القابضة يمكنها السيطرة على الشركات من خلال شركات وطنية تابعة لها ولو سأل سائل كيف تكونت هذه الشركات الوطنية التابعة ؟ الجواب يتمثل في تكوين شركات وسيطة للشركة القابضة ينتج عن المساهمات الجزئية دون حد السيطرة أو التبعية ولكن هذه عندما تتوحد جهودها لدعم ستراتيجية الشركة القابضة تتمكن الشركة من فرض سيطرتها وبذلك إن المساهمة الجزئية المتفرقة تعمل عند اتحادها على جعل السيطرة للشركة القابضة ولكن إذا سمح قانون هذه الدول بالطرق غير المباشرة للمساهمة .
____________________
1- ينظر . كامل البلداوي و مهند ابراهيم الجبوري، زيادة راسمال الشركة المساهمة في التشريع العراقي ، بحث منشور في مجلة الرافدين للحقوق، كلية القانون جامعة الموصل ،ع 10 ، اذار 2001 ، ص 52 .
2- المصدر نفسه، ص 51 .
3- ينظر د .مرتضى نصر الله ، الشركات التجارية ، مصدر سابق ، ص286 .
4- ينظر د. محمد كمال فهمي . اصول القانون الدولي الخاص ،ط2، 1981، ص31 .
5- ينظر د. محمد حسين إسماعيل ، الشركة القابضة وعلاقتها بشركاتها التابعة ، مصدر سابق ، ص64 .
6- المصدر نفسه ، ص65 .
المؤلف : رسول شاكر محمود البياتي
الكتاب أو المصدر : النظام القانوني للشركة القابضة
الجزء والصفحة : ص83-89.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً