_ على الرغم من وجود عديد من أحكام القضاء في مصر التي تعرضت لهذا الموضوع الا أنه لا يمكن الجزم باستقرار القضاء المصري على الأخذ بأحد الاتجاهات الفقهية في ذلك الشأن . ومع ذلك فان الفقه في مصر يقرر أن كثيراً من الأحكام سواء الصادرة من المحاكم العادية أو من مجلس الدولة قد ذهبت الى عدم مشروعية اللائحة التنفيذية فيما تضمنته من أحكام جديدة لم ترد في صلب القانون .
_ وعلى سبيل المثال لا الحصر ، حكم محكمة القضاء الاداري في 30 مارس 1954 ، حيث قضت المحكمة بأنه ” من المبادئ المقررة أنه يشترط لصحة صدور اللوائح والقرارات التي تجئ منفذة للقانون أن لا تكون مخالفة لقواعده أو أن تضيف اليه جديداً أو تعدل من أحكامه والا أصبحت معيبة ويكون لكل ذي شأن المطالبة بالغائها ، ومن حيث أن قرارات مجلس الوزراء الصادرة … قد عدلت من حدودها المقررة وفي هذا خروج عن ولايته اذ أنه لا يمكن قانوناً احداث مثل هذا الأثر الا اذا فوض بذلك صراحة بنص تشريعي في القانون نفسه ” .
_ ومن الواضح كما ورد في الحكم أن المحكمة قد رأت أن اللائحة قد عدلت من بعض أحكام القانون وهو ما يعد خروجاً عن ولاية مجلس الوزراء اللائحية والتعديل كما سبق القول أمر يختلف عن الاضافة ، ومن ثم فان أساس هذا الحكم هو وجود تعديل في اللائحة لأحكام القانون وليس مجرد ممارسة لحق الاضافة .
_ وفي فتوى لمجلس الدولة أنه ” لما كانت اللوائح التنفيذية ليس لها أن تتناول بالتنظيم أمور من صميم اختصاص المشرع بل يقتص الأمر فيها على وضع الأحكام المنفذة للقوانين والمراسيم بما ليس فيه تعديل لها أو خروج على أحكامها … فانه لا يسوغ للائحة أن تخرج على الشروط التي وضعها فاذا ما أضافت اللائحة شرطاً جديداً الى الشرط الذي وضعه القوانين كان ذلك قيداً جديداً أضافته اللائحة دون ترخيص سابق من القانون الأمر الذي يتعين معه عدم الالتفات الى هذا الشرط ..” .
_ ويمكن هنا أن نفسر هذه الفتوى على أساس أن المجلس وجد في الشروط الجديدة الواردة في اللائحة تعطيلاً لتنفيذ القانون دون أن يتطلب القانون ذلك . وهو أمر غير مشروع ، بالاضافة الى عدم لزوم هذه الشروط الجديدة لتنفيذ القانون .
_ وعلى خلاف هذه الأحكام التي أشار اليها الفقه تأييداً للأخذ بالتفسير الضيق لمدلول تنفيذ القوانين ، فهناك من الأحكام ما تسلم صراحة بشرعية اللوائح التنفيذية التي يرد بها اضافات جديدة ومنها على سبيل المثال حكم المحكمة الادارية العليا في 24 نوفمبر 1962 بشأن القانون 13 لسنة 1904 بخصوص المحلات المقلقة للراحة والمضرة بالصحة والذي حل محله القانون 453 لسنة 1954 المعدل بالقانون 356 لسنة 1956 والذي أوجب عدم فتح محل عام الا بعد الحصول على ترخيص يعطى مقدماً . فقد نصت لائحته التنفيذية الصادرة في 29 أغسطس 1904 على أن ” كل محل بطل تشغيله مدة سنة على الأقل لا يسوغ العودة الى ادارته الا برخص جديدة ” . فقضت المحكمة بأن ” هذه القاعدة الواردة في اللائحة التنفيذية لهذا القانون لا تكون متجاوزة لحدودها فيما أوردته في مقام بيان كيفية العمل بالقانون المشار اليه من نصوص منظمة لما ترك القانون للائحة بيانه من تفاصيل لأوضاع تناولها اجمالاً . ومن ثم فان حكم الفقرة الثانية من المادة الخامسة من هذه اللائحة ..يكون مكملاً لأحكام القانون ، وداخلاً في نطاق مقصدها وغير متعارض معها الأمر الذي يجعله واجب الاعمال والاحترام ” .
_ ومع ذلك فانه لا يمكن الجزم بموقف القضاء حول هذا الموضوع حيث تتردد أحكامه وان كنا نلاحظ ميله في معظم الأحكام الحديثة الى الأخذ بالرأي الذي يجيز للسلطة اللائحية التنفيذية الاضافة لأحكام القانون .
_ وخلاصة ما تقدم أن للائحة التنفيذية حق الاضافة الى قواعد القانون بشرط أن تكون القواعد الجديدة الواردة في اللائحة لازمة لتنفيذ القانون بالاضافة الى ضرورة توافر شروط مشروعية لهذه القواعد باعتبارها من القرارات الادارية ، وأهمها عدم مخالفة القانون بتعديله أو تعطيله أو الاعفاء من تنفيذه وهو ما جرى عليه العمل في معظم اللوائح التنفيذية .
اترك تعليقاً