ميراث ابن الزنا وأشباهـه في الفقه والقانـون السـوري
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
يتفق الفقهاء أن النكاح هو من أسباب الإرث الثلاثة (النكاح، النسب، والولاء). ويقصد بالنكاح هنا العقد الصحيح سواء حصل بعده دخول أو لا, وعلى هذا فلا توارث بسبب العقد الفاسد وإن حصل بعده دخول، ولا توارث أيضاً بسبب الدخول بشبهة..
ومن باب أولى أنه لا توارث بسبب العقد الباطل أو الزنا الذي يثبت به النسب من الأم ولا يثبت به أبوة الزاني لولد الزنا إلا إذا اعترف به دون بيان أنه من الزنا؛ فإذا قال الزاني لولد الزنا: هذا ابني ثبت نسبه منه، وإذا قال هو ابني من الزنا لم يثبت نسبه منه، وفي هذه الحالة إذا ماتت المزني بها ورث ولد الزنا منها باعتبار أن نسبه متصل بها بالولادة، وكذلك كل أقاربها فإنه يرث منهم ويرثون منه لقيام النسب؛ أما الزاني فلا توارث بينه وبين ولد الزنا، فلا يرث الولد الزاني ولا أقاربه، ولا يرث الزاني ولا أقاربه ولد الزنا، وذلك لانقطاع النسب، هذا ما لم يقر به الزاني.
وقد أخذ قانون الأحوال الشخصية بذلك ونص في المادة 303 منه، على أن: “مع مراعاة المدد المبينة في المادة 300، يرث ولد الزنى وولد اللعان من الأم قرابتها وترثهما الأم وقرابتها”. وولد اللعان هو الولد الذي نفاه أبوه وقطع نسبه عنه بالملاعنة أثناء قيام الزوجية؛ واللعان يقطع نسب المولود عن أبيه، ولا يقطعه عن أمه؛ فيكون مثل ابن الزنا في الإرث يرث من أمه وأقاربها ويرثونه لثبوت نسبه منها، ولا يرث أبيه وأقاربه لانقطاع نسبه عنه.
وفي هذا السياق لابد من الحديث عن اللقيط وهو الإنسان الذي لا يُعرف له أب أو أم بأن وجد صغيراً في الشارع أو نحو ذلك ثم تعهده إنسان رجل أو إمراة بالرعاية حتى كبر، فإنه لا ميراث له من أحد ولا أحد بحق القرابة لانقطاع نسبه.
كما توضع تركته في بيت المال (الخزينة العامة) على أنها مال لا مالك له؛ فإذا تزوج ورثه زوجه بحق العقد رجلاً كان أو إمراة، ولا يرثه من تعهده بالرعاية والتربية في قول الجماهير من الفقهاء، لأن ذلك ليس سبباً من أسباب الإرث؛ فإذا تبناه مربيه مع الإقرار بأنه لقيط كان تبنيه هذا باطلاً في الفقه والقانون، إلا أن المربي إذا أقر ببنوته المطلقة واستجمع الولد شروط الإقرار بالبنوة من جهالة النسب واحتمال السن، ثبتت بنوته منه وورث منه بسبب هذه البنوة.. وقد نص قانون الأحوال الشخصية على ذلك في المواد /134ـ 136/.
وفي الختام، قد يبدو هذا المقال استذكاراً لبعض نصوص القانون ومراجعة لقواعده، لكنه في الحقيقة دعوة للمشرّع بضرورة التدخل السريع لمعالجة أولاد الزنا من جهاد النكاح ومنع ميراثهم بنصوص قاطعة، خاصة أن التقديرات الأولية تشير إلى أن عددهم بات يفوق أربعين ألف طفل، وهو عدد لا بأس به ويشكل ظاهرة ينبغي معالجتها وعدم التهاون معها، لاسيما أنه لا يجب ترك الباب مفتوحاً لمكافأة آبائهم على قتل السوريين من خلال الاستفادة من قواعد إرثية وجدت برأي الفقهاء وليس بنص إلهي، وكذلك انسجاماً مع النهج التشريعي الوارد في القانون رقم 11 لعام 2015 الذي يمنع تملك الأجانب والعرب إلا بشرط المعاملة بالمثل.
اترك تعليقاً