ميثاق منظمة الوحدة الأفريقية
إعلان دوربــــان
تقديراً لمنظمة الوحدة الأفريقية بمناسبة انطلاق الاتحاد الأفريقي
نحن رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأفريقي المجتمعين فى دورتنا الأولي فى دوربان ، جنوب أفريقيا ، قد اعتمدنا الإعلان التالي تقديراً لمنظمة الوحدة الأفريقية :
لقد تجمع ، منذ تسع وثلاثين سنة مضت رؤساء دول وحكومات البلدان الأفريقية المستقلة آنذاك فى أديس أباب ، إثيوبيا ، لتأسيس منظمة الوحدة الأفريقية . وكانت الأهداف الرئيسية لإنشاء المنظمة تمثل بين أمور أخرى ، فى تحرير القارة من رواسب الاستعمار والفصل العنصري وتعزيز الوحدة والتضامن بين الدول الأفريقية وتنسيق وتكثيف التعاون من أجل التنمية والدفاع عن سيادة ووحدة أراضى الدول الأفريقية وتعزيز استقلالها وكذلك توطيد التعاون الدولي فى إطار الأمم المتحدة .
إن الهوية المشتركة ووحدة الهدف التين ولدتهما منظمة الوحدة الأفريقية قد أصبحت قوة دينامية فى خدمة الشعوب الأفريقية وهي تواصل كفاحها من أجل التحرير الكامل للقارة الأفريقية فى الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية . ولم تكن هذه القوة الدينامية أكثر حسماً فـى أي مكان من العالم مثلما كانت عليه في الكفاح الأفريقي من أجل تصفية الاستعمار . ومن خلال لجنة التنسيق لتحرير أفريقيا التابعة لمنظمة الوحدة الأفريقية عملت القارة وتحدثت بصوت واحد مع تصميم تام على التوصل إلى توافق دولي في الرأي على دعم كفاح التحرير . واليوم نحتفل بالقضاء التام على الاستعمار في أفريقيا وقد أصبح الفصل العنصري فى طي النسيان .
ومن أجل تحقيق أحد الأهداف الرئيسية لميثاقها فإن منظمة الوحدة الأفريقية كانت تسعى إلى معالجة مشكلة الفقر والتخلف فى القارة واعتمدت استراتيجياتها فى هذا الصدد بما فى ذلك خطة عمل لاجوس لعام 1980 وبيانها الختامي اللذين لا زالا يشكلان مخططاً لتكامل أفريقيا وتنميتها.
فى يونيو من عام 1991 تم التوقيع على المعاهدة المؤسسة للجماعة الاقتصادية الأفريقية ، ودخلت الآن حيز التنفيذ وتهدف هذه المعاهدة إلى إنشاء المجموعات الاقتصادية الأفريقية من خلال سوق مشتركة مبنية على المجموعات الاقتصادية الإقليمية . واليوم قد أخذت المجموعات الاقتصادية الإقليمية تتعزز وتثبت أنها المحرك للتكامل . وتبذل المجموعة الاقتصادية لدول وسط أفريقيا ومجموعة تنمية الجنوب الأفريقي والسوق المشتركة لشرق أفريقيا والجنوب الأفريقي والاتحاد المغاربي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والهيئة الحكومية المشتركة للتنمية وتجمع دول الساحل والصحراء ( سين – صاد ) جهوداً كبيرة فى مجال التنمية والتكامل الاقتصاديين إضافة إلى تعزيز السلام من خلال حل النزاعات فى أقاليمها ، ولا نزال ملتزمين بالتعاون القاري والعالمي بما في ذلك تعزيز التعاون الأفريقي العربي .
وعلى المسرح السياسي أكد إعلان عام 1990 لمنظمة الوحدة الأفريقية حول الوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي في أفريقيا والتغييرات الجوهرية التي تحدث فى العالم ، على عزم أفريقيا على اتخاذ المبادرة لتقرير مصيرها ومعالجة تحديات السلام والديمقراطية والأمن وكانت آلية منع النزاعات وإدارتها وتسويتها التي تم إنشاؤها فى عام1993 تعبيراً عن هذا التصميم على القيام بمهمة إحلال السلام والاستقرار فى أفريقيا بكل جدية .
ومن خلال هذه الآلية تمكنت منظمة الوحدة الأفريقية من المشاركة فى حل العديد من النزاعات التي ظلت ولا تزال تجتاح القارة وقد أحدثت الآلية فرقاً جوهرياً ليس فقط من حيث الأهمية السياسية لتصميمنا على السعي من أجل تحقيق السلام ولكن أيضاً من حيث الإطار العملي الذي وفرته للقارة لمعالجة النزاعات وأوضاع النزاعات .
لقد ظلت منظمة الوحدة الأفريقية في طليعة عملية تعزيز مراعاة حقوق الإنسان والشعوب . ويعتبر ميثاق منظمة لوحدة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب وإعلان جراند باي وخطة عملها حول حقوق الإنسان من المواثيق التي صدرت عن المنظمة من أجل تعزيز حقوق الإنسان . ويعزز جميع هذه المواثيق تصميمنا على ضمان استجابة أفريقيا للتحدي المتمثل في احترام وتعزيز وحماية حقوق الإنسان وسيادة القانون.
لقد استجابت منظمة الوحدة الأفريقية أيضاً لطموحات الشعوب الأفريقية فى حريات سياسية أكبر ملازمة لحكومات ديمقراطية .وفي هذا الصدد ، كانت المنظمة في طليعة عملية تعبئة الحكومات للالتفاف حول تصميم جديد لوضع الشعوب تدريجياً في صميم عملية إتخاذ القرارات . وليس الميثاق حول المشاركة الشعبية الصادر في عام 1990 سوي دليل على هذا التصميم الجديد .
وتخطو أفريقيا اليوم خطي ثابتة على درب إشاعة الديمقراطية ففي مقررنا في الجزائر العاصمة حول التغييرات غير الدستورية الصادرين في عام 1999 وفي عام 2000 ، على التوالي جددنا تصميمنا على أن يتم حكم أفريقيا على أساس الديمقراطية وعن طريق حكومات تقوم على إرادة الشعوب التي يتم التعبير عنها عن طريق انتخابات شفافة وحرة وعادلة .
وبالمثل ، فإنا في إعلاننا الرسمي لعام 2000 بشأن المؤتمر حول الأمن والاستقرار والتنمية والتعاون في أفريقيا ، اتفقنا على مبادىء أساسية تحكم تعاوننا في مجالات الأمن والتنمية وتعزيز الديمقراطية والحكم الرشيد في القارة .
لقد تمكنت أفريقيا من خلال منظمة الوحدة الأفريقية من الاستجابة للكثير من التحديات الآخري التي تواجهها سواء في مجال حماية البيئة أو مكافحة الإرهاب الدولي أو وباء فيروس العوز المناعي البشري – الإيدز والملاريا ومرض السل أو التعامل مع القضايا الإنسانية مثل مسائل اللاجئين والمشردين والألغام الأرضية والأسلحة الصغيرة والخفيفة ، من بين أمور أخرى . وقد قامت أفريقيا بعمل جماعي من خلال منظمة الوحدة الأفريقية .
نحن رؤساء الدول والحكومات المجتمعين في الدورة الأولي لاتحادنا الأفريقي ، نعرب عن اعتزازنا بالآباء المؤسسين لمنظمة الوحدة الأفريقية ونشيد بمواظبتهم والتزامهم بالوحدة الأفريقية . لقد صمدوا في وجه المناورات المؤدية إلى الشقاق من قبل منتقصي أفريقيا وكافحوا من أجل كرامة أفريقيا ومجد جميع شعوب القارة . وعلى نفس الوتيرة ، نحيي جميع الأمناء العامين وجميع الرجال والنساء الذين خدموا منظمة الوحدة الأفريقية بتصميم والتزام.
نشيد بمنظمة الوحدة الأفريقية ونجدد التزامنا بمزيد من العزيمة بمبادئها وأهدافها ومثلها العليا المتمثلة في الحرية والوحدة والتنمية والتى سعى الآباء المؤسسون إلى تحقيقها من خلال إنشاء المنظمة منذ تسع وثلاثين عاماً خلت . وفي الوقت الذي نودع فيه منظمة الوحدة الأفريقية ، نجدد التزامنا بذكراها كرائدة ومحررة وموحدة ومنظمة وروح لقارتنا .
نؤكد من جديد التزامنا بأهداف الاتحاد الأفريقي الذي قد تم الشروع فيه في الدورة غير العادية الرابعة لمؤتمر رؤساء دول وحكومات منظمة الوحدة الأفريقية بالجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمي وعلى نحو ما هو وارد في إعلان سرت الصادر في 9/9/99.
ونكرس أنفسنا مجدداً للأهداف المتعلقة بالشراكة الجديدة لتنمية أفريقيا كبرنامج للاتحاد الأفريقي من أجل تعزيز التعاون والتكامل فيما بين البلدان الأفريقية في عالم تزداد فيه العولمة والتغلب على انتشار الفقر والسعي لضمان نوعية حياة أفضل لكافة شعوب أفريقيا .
نلتزم بالعمل على نحو عاجل لإقامة جميع الهياكل المؤسسية من أجل المضي قدما ببرنامج عمل الاتحاد الأفريقي ونناشد ميع الدول الأعضاء الوفاء بالتزاماتها السياسية والمالية واتخاذ جميع التدابير اللازمة لتقديم الدعم المطلق لمبادرات الاتحاد الرامية إلى تعزيز السلام والأمن والاستقرار والتنمية المستدامة والديمقراطية وحقوق الإنسان في القارة .
ولضمان مشاركة شعوبنا ومنظماتها للمجتمع المدني في أنشطة الاتحاد بالإنشاء المبكر للبرلمان الأفريقي والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والثقافي اللذين نص عليهما القانون التأسيسي لاتحادنا .
نرحب ونعترف بالإسهام الكبير للشباب والنساء ومجتمع الأعمال والممثلين البرلمانيين والمجتمع المدني ونناشد كافة أصحاب المصالح هؤلاء مواصلة مشاركتهم بشكل تام كشركاء في نهضة القارة الأفريقية من خلال برامج الاتحاد . ونؤكد من جديد ، وبشكل خاص، ما تنهض به المرأة من دور محوري على كافة مستويات المجتمع ونقر بأن أهداف الاتحاد الأفريقي لا يمكن تحقيقها دون إشراك المرأة ومشاركتها بشكل تام في هياكل الاتحاد وعلى كافة الأصعدة .
نلاحظ أهمية مواصلة التعاون مع شركاء أفريقيا وكذلك مع المنظمات الإقليمية والقارية في تعزيز أهداف الاتحاد الأفريقي .
نعلن ونحن ندخل في عهد جديد من تاريخ قارتنا ، التزامنا بالمبادىء والأهداف التي حددناها في القانون التأسيسي لاتحادنا من أجل ضمان حياة شعوبنا في سلام وازدهار . ونكرس أنفسنا من جديد أيضاً لتنفيذ جميع برامج وسياسات ومقررات الاتحاد الأفريقي .
حرر في دوربان جنوب أفريقيا بتاريخ 10 يوليو 2002
اترك تعليقاً