مرحبا بالنيابة العامة
عبدالعزيز بن عبدالله الخريجي
محامي مستشار
بصدور الأمر الملكي فجر اليوم رقم (أ/240) وتاريخ 22/09/1438 المتضمن تعديل مسمى هيئة التحقيق والإدعاء العام لتكون بمسمى النيابة العامة وإرتباطها المباشر بالملك، يتحقق إكتمال وتوافق منظومة السلطة القضائية مع النظام الأساس للحكم (دستور المملكة) الصادر عام 1412، ونُص في الأمر الملكي المبارك في تمهيده:
“ونظراً إلى الصفة القضائية لأعمال هيئة التحقيق والإدعاء العام، وتمشياً مع القواعد والمبادئ النظامية المتبعة في العديد من دول العالم، وبما يتفق مع القواعد والأحكام الشرعية، ولأهمية وضرورة الفصل بين السلطة التنفيذية في الدولة والهيئة وأعمالها بإعتبارها جزءاً من السلطة القضائية، ومنحها الإستقلال التام في مزاولة مهامها؛ بما يضمن لها مباشرة عملها بكل حياد، ودون تأثير من أي جهة كانت.”
إن الأمر الملكي من أهم غاياته الإصلاح والتصحيح بسلخ التحقيق والإدعاء العام من السلطة التنفيذية وتحديداً وزارة الداخلية، لكون طبيعة عمل الإدعاء تختلف كلياً عن العمل الأمني الضبطي، وليتحقق تفرغ وزير الداخلية والوزارة للعمل الأمني والضبطي، ولتكون النيابة العامة رقيباً مستقلاً على أعمال أفراد الضبط والسجون، وكذلك ضمانة للمجتمع بعدم التأثير على ما يصدر من النيابة العامة من أي جهة كانت لإرتباطها بالملك مباشرة، إضافة للتماشيّ مع المادة (45) نظام أساس للحكم المدرجة مع النصوص الخاصة بالسلطة القضائية.
ونوضح بأن الصفة القضائية غايتها التأكيد على استقلال أعضاء النيابة العامة (الهيئة سابقاً) من أي تأثير في عملهم كائناً من كان، وعدم خضوعهم إلا للقواعد والأحكام الشرعية وللأنظمة، وكذلك مساواتهم في الدرجات الوظيفية للسلك القضائي، وذلك جلي وبيّن لذوي الإختصاص في المرسوم رقم (م/31) وتاريخ 1436/04/13، ونصوص نظام النيابة العامة (هيئة التحقيق والإدعاء العام سابقاً) المقرر ضمانات متعددة كما هي للقضاة، استقلال وحصانة، إلا أن التبعية لوزارة الداخلية أو تقليص التبعية للإشراف عام 1436 كان عائق حقيقي ونافٍ للإستقلال واقعاً.
إن الأمر الملكي نقلة نوعية تاريخية في البيئة العدلية الجنائية السعودية، فلن يكون هناك تدخل من الشرط أو الإمارات أو وزارة الداخلية أو غيرهم بعمل النيابة العامة، إذ زالت كل الحجج لما جاء بالأمر صراحة: ” ثانياً: ترتبط ” النيابة العامة ” بالملك، وتتمتع بالإستقلال التام، وليس لأحد التدخل في عملها.” والآمال بصدور نظام للعقوبات لما له حاجة مجتمعية وقضائية ماسة وملحة.
ونشير بأن الأمر الملكي، ولما كان مضمونه مؤثر ولا محالة بعدة أنظمة أخرى فحدد بأنه على هيئة الخبراء مع الجهات ذات العلاقة الرفع بالتقرير والتوصيات حيال ما رتبه الأمر الملكي من تأثير خلال مدة أقصاها (90) يوماً من تاريخ الأمر الملكي.
وختاماً، نقدم الشكر لمعالي الشيخ محمد العبدالله العريني رئيس هيئة التحقيق والإدعاء العام على ما قدمه من جهود فيما سبق، ونبارك لمعالي الشيخ سعود بن عبدالله المعجب ( النائب العام ) الثقة الملكية برئاسة النيابة العامة، أعانه الله وسدده، فأمامه تحديات كبيرة، فالنيابة صمام الأمان الأول للمجتمع قبل القضاء، فعليها مراعاة وتطبيق قواعد البطلان الإجرائية وحماية الحريات والحقوق وتفعيل كثير من النصوص النظامية الإجرائية لتحقيق الإستقرار والأمان المجتمعي.
هذا ما أمكن بيانه على عجالة في هذه الأيام العشر المباركة ..
إن وفقت وأصبت فمن الله وفضله والحَمدُلِله، وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان، وأستغفر الله العليّ العظيم لوالديّ ولي ولزوجتي وذريتي وإخواني والمسلميّن ونتوب إليه ..
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً