اٍعتراف متهم على متهم
الطبيعة القانونية لشهادة متهم على متهم
كثيرا ما يتم التساؤل عن الطبيعة القانونية للتصريحات التي يدلي بها المتهمون بعضهم ضد بعض، هل تعد اعترافات أم شهادات أم مجرد أقوال وتصريحات لا أقل ولا أكثر؟ إن الجواب عن هذا التساؤل يقتضي التفريق بين حالات متعددة:
الحالة الأولى: التي يكون فيها المتهم قد أفضى باعترافات حول واقعة إجرامية معينة وفي نفس الوقت يوجه اتهامات الى أشخاص آخرين بأنهم كانوا معه أو أنهم هم مقترفو الجريمة وأن دوره اقتصر فقط على الأعمال التحضيرية أو أنهم هم الذين باعوه المخدر أو الخمر… إلخ فهذه التصريحات لا يصح أن تعد شهادة بالمعنى المتعارف عليه مسطريا لعدة اعتبارات:
1 – لأن الخلط بين الشهادة والاعتراف لا يجوز، فالاعتراف لازم والشهادة متعدية، بمعنى أن اعتراف الشخص باقتراف جريمة معينة في ظروف وملابسات معينة هي شهادة على نفسه تلزمه وحده ولا يمكن أن تتعداه الى الغير.
2 – أن من شروط الشاهد أن يكون موضوعيا ومحايدا بمعنى ألا يكون طرفا في الواقعة المشهود بها وهو ما لا يتوفر في المتهم المعترف الذي لا ينكر أنه طرف في الواقعة الاجرامية.
الحالة الثانية: وهي التي يدلي فيها المتهم بتصريحات حول واقعة إجرامية غير الواقعة الاجرامية التي كان من فعلتها أو من المشاركين فيها وذلك ضد متهم آخر، كما إذا قام هو بجريمة قتل وقدم تصريحات ضد متهم آخر قام بإخفاء الجثة، أو قام هو بجريمة سرقة وشهد على متهم آخر بأنه وجه الضرب والجرح الى المجني عليه في اشتباك وقع بين الاثنين بعد تمام السرقة… فأمثال هذه التصريحات لا مانع من اعتبارات شهادة إذا توافرت فيها الشروط الشكلية والموضوعية لأداء الشهادة وتحملها، وذلك بالتمييز الدقيق بين صفة الشخص المستمع إليه كمتهم وصفته كشاهد، فيعامل معاملة المتهمين بشأن التهم المنسوبة إليه، ويعامل معاملة الشهود بشأن المعلومات التي يريد الافضاء بها ضد المتابعين الآخرين، وذلك من خلال الأمر بإخراجه من القاعة وأدائه اليمين القانونية بعد ذلك، وإلا فإن تصريحاته لا يصح أن تعتبر شهادة بالمفهوم القانوني
موقف القضاء:
الشائع والمتداول أن اعتراف متهم على متهم أو متهم ضد متهم لا يصح في حد ذاته أن يكون دليلا يقضى بموجبه، وقد بلغ ذلك الشائع مبلغ المثل لدى العوام، إلا أن ذلك المتداول والشائع لا يمثل الحقيقة سواء من حيث القانون أو العمل القضائي فقد رأينا أن القانون لا يتضمن أي نص يقضي بمنع الاعتماد على تصريحات متهم في إدانة متهم آخر وأن الأمر متروك للسلطة التقديرية للقضاء حسب ظروف وملابسات كل قضية، وهذا هو الموقف الذي تبناه المجلس الأعلى البحرينى في العديد من قراراته والتي يظهر منها أن المحكمة يمكنها أن تبني حكمها بالإدانة على تصريحات بعض المتهمين ضد بعض شريطة أن تعلل حكمها تعليلا كافيا بها لا يجافي المنطق .
ومن رايي الشخصي أن هذا التوجه صحيح وأسلم ومن خلال متابعتي لأحكام المحاكم الجنائيه البحرينيه أن التوجه هو عدم التعويل علي أعتراف متهم علي أخر الا بوجود أدلة مساندة .
وقد اعتبرت محكمة النقض المصرية.( بأن وصف أقوال المتهم في الدعوى على متهم أخر فيها بأنها اعتراف متهم على متهم تعبير خاطئ ولا تعتبر في نظر القانون اعترافاً وإنما تعد من قبيل الاستدلالات التي يجوز أن تعزز بها ما لديها من أدلة ).
وقد قضت ايضا محكمة النقض المصرية في حكم سابق على أن ” اعتبار متهم شاهد على آخر . يتحقق به التعارض في المصلحة بينهما” .(طعن رقم 26 لسنة 50 ق جلسة 4/5/1980).
فما هو موقف القضاء الليبي من الموضوع ؟
دهبت المحكمة العليا الليبية الى انه ليس فى القانون ما يمنع المحكمة من ان تعول فى ادانة متهم على اعتراف متهم آخر معه , متى اطمأنت المحكمة الى ان هدا الاعتراف جاء صحيحا , وكان محلا لثقتها دون اٍن تكون ملزمة بتعزيز هدا الاعتراف بادلة اخرى , ودلك ان حجية اعتراف متهم على آخر مسألة تقديرية بحته متروكة لرأى قاضى الموضوع يأخد بها متى اطماٍن الى صحة الاعتراف ويطرحها ادا لم يقتنع بصحته .( جلسة23 /1/1973)
( منقول وبتصرف من قبلنا )
اترك تعليقاً