التأمين
يقوم التأمين assurance في جوهره على فكرة التعاون الطوعي بين أفراد الجماعة الواحدة لمواجهة خطر ما يحتمل أن يصيب واحداً أو أكثر من أفراد الجماعة ويصعب، بل قد يتعذر، تحمله من قبل فرد أو بعض أفراد الجماعة، وبهذا التعاون يتم تحمل الخطر من قبل الجميع بخسارة مقبولة ومحمولة من قبلهم جميعاً. والتعاون يكون إما قبل وقوع الخطر للحيلولة دون وقوعه، بالقدر المستطاع، أو بعد وقوعه للإسهام في تحمل نتائجه بصورة مشتركة.
والطوعية في هذا التعاون مبعثها أنها جاءت نتيجة حاجة الفرد إلى حماية نفسه وأمواله من أخطار محتملة الوقوع، فضمن هذا الإطار من التعاون يحمي الأفراد أنفسهم ومصالحهم فرادى ومجتمعين. تقوم مؤسسات وشركات التأمين بدور مهم في تنظيم هذا الإطار وإدارته مستفيدة في عملها المتخصص من قوانين الإحصاء والاحتمالات المتوقعة في المستقبل، بما يخص احتمالات وقوع المخاطر وحجم الأضرار المتوقعة الناتجة عن حدوث تلك الأخطار، مستعينة بقوانين الأعداد الكبيرة في تحديد أسعار التأمين المناسبة، وتحسين شروط الأغطية التأمينية المطلوبة.
يعرف القانون المدني السوري في المادة /713/ منه التأمين بأنه: «عقد يلتزم المؤمِّن بمقتضاه أن يؤدي إلى المؤمَّن له أو المستفيد الذي اشترط التأمين لصالحه مبلغاً من المال أو إيراداً مرتباً أو أي عوض مالي آخر في حالة وقوع الحادث أو تحقق الخطر المبين في العقد، وذلك نظير قسط أو أي دفعة مالية أخرى يؤديها المؤمَّن له للمؤمِّن».
أما الفقهاء المصريون فقد عرفوا التأمين بما يلي: «التأمين عملية فنية تزاولها هيئة منظمة مهمتها جمع أكبر عدد ممكن من المخاطر المتشابهة وتحمل تبعتها عن طريق المقاصة فيما بينها وفقاً لقوانين الإحصاء، ومن مقتضى ذلك حصول المستأمن أو من يعيِّنه حال تحقق الخطر المؤمَّن منه على عوض مالي يدفعه المؤمِّن مقابل وفاء الأول بالأقساط المتفق عليها في وثيقة التأمين».
أما المشرّع الأمريكي فقد عرف التأمين بما يلي: «التأمين هو عقد بمقتضاه يتعهد شخص تعويض شخص آخر عن خسارة أو تلف أو مسؤولية تنشأ عن حادث عارض أو غير معروف مقدماً».
ولعل أفضل تعاريف التأمين ما اقترحه الفقيه الفرنسي هيمار، إذ عرفه بأنه: «عملية يحصل بمقتضاها أحد الأطراف وهم المؤمَّن له نظير دفع قسط على تعهد لمصلحته أو لمصلحة الغير من الطرف الآخر الذي هو المؤمَّن بأن يدفع هذا الأخير أداءً معيناً عند تحقق الخطر المبين في العقد، وذلك بأن يأخذ على عاتقه مهمة تجميع مجموعات من المخاطر وفقاً لقوانين الإحصاء».
نشأة التأمين
الأخطار التي واجهت الإنسان منذ القديم في مراحل التطور البشري كبيرة وكثيرة، فانحباس الأمطار في السماء أو غزارة الهطول والعواصف والحرائق ومخاطر البحار والمحيطات التي اضطر الإنسان إلى عبورها طلباً للمال أو رغبة في كشف مجاهيلها ومكنوناتها، إضافة إلى أخطار الكائن البشري على بني جنسه وغلبة شريعة الغاب في الكثير من الأماكن والأمراض وغيرها، كل هذه المخاطر دفعت الإنسان الواعي إلى التفكير بوسيلة تحميه وممتلكاته من جزء كبير منها، فكان التأمين الوسيلة المناسبة لمساعدته في مواجهة هذه التحديات. وأول طرق التأمين وأقدمها طريقة التأمين على القرض الجزافي البحري، فبموجب هذه الطريقة كان صاحب السفينة يقوم بالاقتراض من أصحاب رؤوس الأموال بما يعادل قيمة السفينة وحمولتها بفائدة مرتفعة جداً. فإذا ما بدأت الرحلة البحرية ووصلت البضاعة مع السفينة الناقلة بسلام إلى مرفأ الوصول رد المقترض القرض إلى المقرض مع الفوائد العالية. أما إذا غرقت السفينة وحمولتها فإن المقترض لا يرد شيئاً إلى المقرض وتبرأ ذمته تجاهه.
عرف اللومبارديون الذين كانوا يسكنون شمالي إيطالية هذه الطريقة للتأمين البحري، إذ إن نشاطهم الرئيسي كان مركّزاً في التجارة البحرية، وقد نقلوا هذا النشاط إلى إنكلترة وبقية الدول الأوربية منذ القرن الثالث عشر الميلادي، وظل الأمر كذلك حتى القرن الخامس عشر الميلادي، حين عُرف التأمين البحري بثوبه الجديد كأول أنواع التأمين المنظمة المعروفة، وكانت «أوامر برشلونة» أول وثائق التأمين البحري في ذلك التاريخ.
وفي القرن السادس عشر الميلادي، وبفعل الحاجة إلى تأمين شخص إنكليزي مشهور في ذلك الوقت اسمه جيوبينز، قام 16 تاجراً من تجار لندن بالتأمين على حياته لصالح أحد المحامين بمبلغ 383 جنيه إسترليني وذلك في عام 1583. وقد كان هذا العقد هو أول عقد تأمين على الحياة.
وفي القرن السابع عشر أو قبله بقليل، ظهر التأمين ضد أخطار الحريق، ولا يزال حريق لندن الكبير الذي شب في أحد أحياء لندن المكتظة بالسكان عام 1666 خير شاهد على قدم التأمين ضد الحريق. فقد قامت شركات التأمين بتسديد التعويض للأشخاص المؤمَّن لهم عن الخسارة التي لحقت بهم من جراء هذا الحريق، وأبقت المكان المحروق حتى اليوم دليلاً على أهمية التأمين ضد الحريق.
وفي القرن التاسع عشر ظهر التأمين ضد الحوادث الشخصية. ونتيجة لهذا النوع من التأمين ظهر التأمين على السيارات منذ عام 1901. أما أحدث أنواع التأمين فقد كان تأمين الطيران، لضمان مخاطر الانتقال بالطائرات سواء لركابها أو للغير.
وظائف التأمين الاجتماعية والاقتصادية
للنشاط التأميني وظائف ومهام كثيرة، اجتماعية واقتصادية انطلاقاً من دوره المهم في حماية الفرد بشخصه بوصفه أهم عامل من عوامل العملية الإنتاجية وحماية ممتلكاته ومسؤولياته تجاه الغير، عن أخطاء ارتكبها بغير قصد وحماية الاقتصاد الوطني.
فتأمينات الحياة توفر الأمن والأمان للفرد في حياته، وتمنحه الطمأنينة على غده ومستقبل أولاده. صحيح أن التأمين على الحياة لا يرد الموت وعاديات الأيام، فهناك أمور محتومة لا يمكن دفعها أو الهروب منها، والهدف الأساسي من هذا النوع من التأمين إنما هو مساعدة الفرد في حياته على مواجهة الخسائر التي قد تلحق به جراء حوادث مؤسفة أو لأسرته من بعده إذا انتهى الحادث إلى وفاته، إذ تخفف من آثار النكبة عليها مالياً ومعاشياً. وتأمينات الحياة تساعد الفرد الذي يتعرض لحوادث جسدية مؤذية على تحمل الخسارة الناتجة عن توقفه عن العمل، أو مصاريف دخول المشافي والفحوصات اللازمة والعمليات وغيرها، وفي حالات العجز الكلي سواء كان دائماً أو مؤقتاً، فإن التأمين يساعد الفرد بالتعويض عليه فوراً أو بمبالغ معينة مدى حياته.
والتأمين يساعد على زيادة الإنتاج والإنتاجية من جراء الطمأنينة، إذ يعمل المؤمَّن عليه من دون خوف أو قلق على مستقبله ومستقبل أفراد أسرته المسؤول عنهم قانوناً. وهذا ما يسهم في تحسين المستوى المعاشي ويفتح آفاق التعلم والتزود بمتطلبات الحياة التي تتسارع على نحو ملحوظ باتجاه التضخم والتعقيد، مما ينعكس على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية تطوراً وتقدماً. والتأمين، بصفته وسيلة لحماية الاقتصاد الوطني، يقوم بدور الحارس الخفي للمنشآت المؤمَّنة العامة والخاصة بغرض المحافظة على وسائل الأمن والسلامة فيها صالحة وجاهزة وتوفيرها بالقدر المستطاع في بعض المنشآت من خلال منح أسعار تأمين أفضل كلما كانت وسائط الإنذار والإطفاء الآلي أو اليدوي متوافرة.
ويعمل التأمين على مساعدة أصحاب المعامل التي تتعرض لحرائق أو انفجارات فوراً بتعويضهم عن الخسائر المادية الناتجة عن تلك الحوادث المشمولة بالتأمين بالسرعة الممكنة، الأمر الذي يساعدهم على شراء آلات بديلة عن الآلات المحترقة ويعيد عجلة الإنتاج إلى الحركة والدوران من دون إرباكات تذكر على نحو محسوب ومدروس. وبهذا المعنى فإن التأمين يساعد المؤمَّن لهم على الاستمرار في تنفيذ العقود التسويقية لمنتجاتهم داخلياً وخارجياً والمحافظة على ميزانهم التجاري متوازناً، ومن ثمّ المحافظة على رفد موازنة الدولة بفوائض الأرباح، كما هو مقدر ومخطط مما يضمن موازنة عامة مستقرة ومتنامية.
والتأمين يعمل من خلال كونه أحد الأقنية الادخارية، بل من أهم الأقنية الادخارية في سحب جزء من الكتلة النقدية الموجودة لدى الأفراد، والتي كان سيذهب القسم الأكبر منها لشراء سلع استهلاكية أو خدمات بعضها ضروري وبعضها غير ضروري، فتنخفض قيمة الوحدة النقدية من جراء زيادة العرض وينخفض معدل التضخم، إذ توجه شركات التأمين هذه الأقساط المحصلة من الأفراد في تأمينات الحياة أو توجه قسماً من احتياطياتها الفنية باتجاه الاستثمار في مشاريع إنتاجية وخدمية مدروسة وعوائدها عالية، فيزيد عرض المنتجات ويتحسن مستوى الخدمات فتنخفض الأسعار وتقل معدلات التضخم.
ولعل من أهم الوظائف الاجتماعية للتأمين حماية أفراد المجتمع من حوادث السير المؤسفة التي أتت عليها بعض قوانين السير، ومنها قانون السير السوري لعام 1974 الذي أوجب في المادتين /203/ و/204/ على مالكي المركبات السورية أو حائزيها أو سائقيها التأمين على مسؤوليتهم المدنية تجاه الغير عن الحوادث التي تلحقها بهم هذه المركبات إذا كان استخدامها قانونياً، وكذلك التأمين الإلزامي على المركبات الأجنبية الداخلة إلى القطر العربي السوري، عبوراً أو بغرض المكوث المؤقت ضد الأضرار المادية والجسدية التي تحدثها هذه المركبات في سورية.
وهناك وظائف أخرى هي:
ـ الاحتياط للمستقبل: إذ يتحمل المؤمَّن له بعض التضحيات المالية بموجب عقود التأمين في الحاضر، يقتطعها من دخله احتياطاً للمستقبل. فهذه وسيلة منبهة لأخطار المستقبل وموجهة للوقاية منها.
ـ إيثار الغير على النفس: يظهر ذلك في التأمين على الحياة، إذ يؤثر المؤمَّن عليه ذويه ومن هو المسؤول عن رعايتهم على نفسه، فيؤمِّن على حياتهم من دخله لمصلحتهم سواء انتهى هذا التأمين في حياته أو ابتدأ بعد وفاته.
ـ التعاون والتضامن: وهو جوهر التأمين والأساس الذي يقوم عليه، ويتمثل في توزيع الخطر على الجميع حين يتعرض له بعضهم. وهذا تعاون على الخير ضد النكبات وعوادي الأيام.
ـ الاعتماد على الذات: ينمي التأمين ظاهرة الاعتماد على النفس وعدم الاعتماد على الغير، بأن يحتاط المرء لغده وما قد يقع فيه من ماله الخاص باختياره.
ـ تنمية الشعور بالمسؤولية تجاه نفسه وتجاه أسرته ومن يهمه مستقبلهم، إذ يتخذ من القرارات، ومنها التأمين، ما يوفر لهم الحياة السعيدة.
ـ تمكين المشرفين على الوحدات الاقتصادية من التفرغ لرسم السياسات الإنتاجية في جو يسوده الأمان والقدرة على التنبؤ مما يؤدي إلى ارتفاع مستوى الكفاية الإنتاجية نتيجة التفرغ لأعمالهم، من دون أن ينشغلوا بطوارئ وحوادث العمل التي تتحمل نتائجها شركات التأمين.
ـ تمكين المنشأة من إجراء تقديرات سليمة لتكلفة الإنتاج عن طريق تغطية الأخطار المتوقعة التي تؤثر بلا شك على تكلفة الإنتاج.
ـ توفير الضمانات لرأس المال واستمراره في أداء دوره الحيوي في الاقتصاد عن طريق الوظيفة التعويضية التي يقدمها التأمين لأصحاب المشاريع المؤمَّن عليها، وهو الهدف الأساسي من التأمين.
ـ التأمين وسيلة لتكوين رؤوس الأموال من خلال الاحتياطيات المتجمعة لدى شركات التأمين، والتي يمكن توجيهها لتمويل المشاريع التنموية.
ـ وهو عامل من عوامل الائتمان يوفر للمؤمِّن الضمانات التي تسهل عمليات الاقتراض من الدائن. وعلى مستوى الدولة يساعد التأمين الاقتصاد القومي؛ إذ يمكن الدولة من الحصول على ما تحتاج إليه من قروض بتوظيف الأموال الطائلة التي تملكها شركات التأمين في شراء السندات الحكومية التي تصدرها الدولة والشخصيات المعنوية العامة وذلك في بلدان نظام الاقتصاد الحر.
ـ وهو كذلك وسيلة من الوسائل التي تحقق التوازن التلقائي في المجتمع، ففي أثناء الرواج الاقتصادي يدفع العاملون جزءاً من دخولهم أقساط تأمين لتغطية حالات البطالة والتعطل عن العمل، وهذا ما يقلل من القوة الشرائية في أوقات الكساد تصرف لهم تعويضات تزيد مقدرتهم الشرائية.
ومن خلال استعراض هذه الوظائف، يتبين دور التأمين المهم في حماية الأفراد وممتلكاتهم وضمان مسؤولياتهم تجاه الغير، مثلما تظهر مهام التأمين في المحافظة على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي وحماية الاقتصاد القومي بوجه عام.
طرق التأمين
للتأمين في سورية طريقتان:
الطريقة الأولى، التأمين المباشر: وذلك بأن يتقدم طالب التأمين سواء كان جهة عامة أو خاصة أو قطاعاً مشتركاً بطلب خطي إلى مؤسسة التأمين السورية التي تدرس هذا الطلب بوساطة العاملين المعنيين في دوائر هذه المؤسسة في الإدارة العامة والفروع، ويقومون باحتساب جَعَالة التأمين المتناسبة مع الأخطار المطلوب التأمين ضدها. ويبلّغ طالب التأمين بالموافقة على طلبه، بعد أن يسدد الجعالة المتفق عليها، ويسري مفعول التأمين من تاريخ إبرام العقد، أي بعد أن يقترن الإيجاب بالقبول.
الطريقة الثانية: أن يقوم الوكيل أي وكيل مؤسسة التأمين السورية، بتفويض من طالب التأمين، بتقديم مشروع عقد تأمين خطي إلى مؤسسة التأمين التي يقوم عاملوها بتدقيق هذا المشروع وتحديد الأخطار المطلوب التأمين ضدها والشروط وأسعار التأمين، وعندما تتم الموافقة على الطلب يأخذ المشروع رقماً وتاريخاً محددين ويسري مفعول التأمين من تاريخ توقيع المفوضين على المشروع.
تنظيم التأمين ومؤسساته في القانون السوري
وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية في سورية هي الجهة المشرفة على قطاع التأمين فيها. ويتألف قطاع التأمين اليوم من: المؤسسة العامة السورية للتأمين، بوصفها المؤسسة العامة الوحيدة المرخص لها ممارسة جميع أعمال التأمين المباشر في سورية، إضافة إلى أعمال إعادة التأمين.
ـ وشركة الاتحاد العربي لإعادة التأمين، وهي شركة اتحادية انبثقت عن الاتحاد الثلاثي بين دول سورية ومصر وليبية عام 1974، وهي تمارس فقط أعمال إعادة التأمين، سواء المسندة لها من السوقين السورية أو الليبية، أو الأعمال التي تقبلها من الخارج، بعد أن علّقت عضوية مصر فيها منذ عام 1978 بعد زيارة الرئيس السادات إلى القدس.
المؤسسة العامة السورية للتأمين: تأسّست عام 1952 بالمرسوم التشريعي رقم /226/ تاريخ 7/8/1952، وكان اسمها في ذلك الوقت شركة الضمان السورية، وذلك للقيام بجميع معاملات الضمان وإعادة الضمان وضمان الضمان، وقد ظلت تمارس أعمالها في السوق السورية إلى جانب العشرات من شركات ووكالات وفروع التأمين العربية والأجنبية. وفي عام 1961 أُمّمت شركة الضمان السورية بالقرار رقم /117/ لعام 1961، وآلت ملكيتها إلى الدولة وحصرت بها أعمال التأمين في سورية، وطلب إلى بقية الشركات ووكالات التأمين تصفية حقوقها في مدة زمنية محددة. وفي عام 1977 صدر المرسوم التشريعي رقم /1650/ بتغيير اسم شركة الضمان السورية إلى المؤسسة العامة السورية للتأمين، توفيقاً لأوضاعها مع المرسوم التشريعي رقم /18/ لعام 1974، وزيد رأسمالها مراراً حتى بلغ رأسمالها اليوم /250/ مليون ليرة سورية، وهناك توجهات لمضاعفة هذا الرقم في المستقبل القريب. يساعد المؤسسة في القيام بمهامها مجموعة من الوكلاء والمنتجين المرخص لهم بأعمال التأمين، ينتشرون في جميع محافظات القطر لنشر الوعي التأميني وتسويق التأمينات الاختيارية، كتأمينات الحياة والحريق والتأمين البحري من جميع الأخطار. وتتألف المؤسسة العامة السورية للتأمين من أربع عشرة مديرية مركزية، ولمؤسسة التأمين السورية فروع في مختلف المحافظات. ولها أيضاً مكاتب في بعض المدن الكبرى مثل مكتب بانياس ومكتب تدمر وغيرهما.
أنواع التأمين التي تمارسها مؤسسة التأمين السورية:
1ـ تأمين المركبات السورية والأجنبية العابرة للقطر: تقوم مؤسسة التأمين السورية بهذه المهمة منذ تاريخ تأسيسها أي منذ عام 1952، وقد ظل هذا النوع من التأمين اختيارياً حتى عام 1974، وهو العام الذي صدر فيه قانون السير السوري الجديد الذي قضى في المادتين /203/ و/204/ منه بوجوب التأمين على جميع المركبات السورية المسجلة في دوائر ومديريات النقل، وعلى المركبات الأجنبية العابرة للقطر ضد الأضرار الجسدية التي تحدثها هذه المركبات للأفراد في سورية. وضعت مؤسسة التأمين السورية هذا التأمين الإلزامي موضع التطبيق مع بداية الشهر العاشر من عام 1974، وذلك حفاظاً على المواطنين السوريين ومن في حكمهم وثرواتهم والتعويض عن الأضرار الجسدية التي تلحق بأي منهم من جراء حوادث سير مشمولة بالتأمين. وفي عام 1991 قامت المؤسسة العامة السورية للتأمين بتوسيع التأمين الإلزامي ليشمل الأضرار المادية التي تحدثها السيارات السياحية السورية أو المركبات الأجنبية الداخلة إلى سورية عبوراً أو بغرض المكوث المؤقت للمواطنين في سورية، إضافة إلى الأضرار الجسدية التي جرى التأمين عليها إلزامياً منذ عام 1974. وهناك إلى جانب التأمين الإلزامي القانوني التأمين الاختياري الذي يشمل هيكل المركبة المؤمنة والأضرار التي يمكن أن تلحق بها من جراء خطأ السائق أو خطأ الآخرين بالتسبب بالحادث.
2ـ التأمين على أخطار النقل البحري والبري والجوي على البضائع المستوردة إلى سورية والمصدرة منها: إذ تقوم مؤسسة التأمين السورية بمهام التأمين على جميع مستوردات القطر، سواء كانت عائدة للقطاع العام أو الخاص أو المشترك ولبعض الصادرات عند نقلها للخارج ضد مخاطر النقل. وقد كان التأمين على المستوردات إلزامياً، في الحالات التي يفتح فيها اعتمادات مستندية لدى المصارف السورية. وفي عام 1979 أصدر وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية القرار رقم /337/ لعام 1979 ألزم بموجبه جميع الجهات المستوردة إجراء التأمين على إجازات الاستيراد لدى مؤسسة التأمين السورية. وقد أناط القرار بالأمانات الجمركية حق التدقيق والتأكد من التأمين، بأن جعل وثيقة التأمين إحدى وثائق تخليص البضاعة، وهذه الإلزامية مقتصرة على الحدود الدنيا، أما تأمين جميع الأخطار فقد ظل اختيارياً.
3ـ التأمين على الأسطول الجوي التجاري: يتم التأمين على الأسطول الجوي التجاري العائد لكل من مؤسسة الطيران العربية السورية والقوى الجوية عن طريق مؤسسة التأمين السورية في أسواق تأمين الطيران العالمية في إنكلترة وفرنسة وفي روسية لبعض الطائرات الشرقية الصنع، وهذا التأمين يشمل هياكل الطائرات ومسؤولياتها تجاه الغير وركابها وتأمين المخاطر الحربية أيضاً، كما أن المؤسسة تقوم بالتأمين على الطائرات الزراعية أيضاً.
4ـ التأمين على الأسطول البحري التجاري: ويتم التأمين على الأسطول البحري التجاري السوري لدى مؤسسة التأمين على الهياكل والمحركات ضد مخاطر البحر والحريق والجنوح والاصطدام وغيرها.
5ـ التأمين ضد أخطار الحريق والسرقة والانفجار والتأمين الشخصي والمسؤولية المدنية: يتم التأمين على هذه المخاطر لدى المؤسسة العامة السورية للتأمين، فمنشآت ومعامل القطاع العام مؤمنة وقسم كبير من المعامل الخاصة مؤمن عليها هي الأخرى ضد مخاطر الحريق والانفجار. وهناك التأمين ضد أخطار المسؤولية المدنية تجاه الغير وتأمين السرقة لناقلي الأموال وأمناء الصناديق والتأمين الشخصي لحماية الأشخاص.
6ـ التأمين الهندسي: تقوم مؤسسة التأمين السورية بالتأمين على جميع المشاريع العائدة للدولة في سورية من تاريخ البدء بالتنفيذ حتى تسليمها إلى المالك مروراً بالتركيب والتجربة، إذ يُلزم المتعهدون والمقاولون إجراء التأمين على مشروعاتهم لدى مؤسسة التأمين السورية، ووثيقة التأمين تعدُّ إحدى الوثائق المهمة التي لا تبرأ ذمة المتعهد قبل إبرازها للمالك، وهناك مشاريع خاصة يؤمن عليها أيضاً.
7ـ التأمين على الحياة: تقوم مؤسسة التأمين السورية بتنفيذ برامج التأمين على الحياة المتنوعة وأهمها:
1ـ التأمين على الحياة بوثيقة تأمين مختلط فردي.
2ـ التأمين على معاش تقاعدي.
3ـ التأمينات الجماعية.
4ـ التأمينات المؤقتة.
ويأخذ التأمين على الحياة اهتماماً خاصاً في مؤسسة التأمين السورية كونه يتعامل مع الإنسان الذي هو منطلق الحياة وغايتها، والذي هو العنصر الأهم في العملية التنموية، لذلك فإن حمايته هي غاية الطموح، ويتم التعامل مع هذا النوع من التأمين من منظور علمي أساسه أنه لا شيء يرد القضاء والقدر، ولكن يمكن التدخل عن طريق التأمين للمساعدة في التخفيف من آثاره المادية على العائلة التي فقدت معيلاً أو تعرض معيلها لعجز كلي دائم أو مؤقّت، نتيجة تعرضه لحادث مشمول بالتأمين، وذلك بالتعويض على المؤمَّن عليه أو أسرته من بعده بالمبالغ المتفق عليها في التأمين.
أعمال إعادة التأمين
تقوم بمهام إعادة التأمين في المؤسسة العامة السورية للتأمين إحدى المديريات المركزية فيها تسمى مديرية إعادة التأمين، التي تتألف من دائرة الاتفاقيات ودائرة الحسابات، إضافة إلى دائرة الأعمال المقبولة. وهذه المديرية تتابع إعادة تأمين المخاطر الكبيرة المطلوب إعادة التأمين فيها، كالطيران وأجسام السفن وأخطار النقل البحري والأخطار الكبيرة ضد الحريق والانفجار مع كبريات شركات إعادة التأمين العالمية في ألمانية وسويسرة وفرنسة وإنكلترة والسويد، ومع شركات إعادة التأمين العربية، ومنها شركة الاتحاد العربي لإعادة التأمين، مركزها دمشق، وهي منبثقة كما ذُكر عن اتحاد الجمهوريات الثلاث سورية ومصر وليبية. وهذه الشركة مهامها محصورة في أعمال إعادة التأمين الواردة والصادرة منها، ومنها الأعمال الواردة إليها من السوقين الليبية والسورية حصةً إلزامية نص عليها قانون إحداث هذه الشركة الاتحادية ومقدارها 10٪ من الأعمال التي تعيدها شركات التأمين المباشر في القطرين المذكورين، وهي تقوم بممارسة أعمال إعادة التأمين وتبادل الأعمال مع الأسواق الأخرى عربية أو أجنبية.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً