نظريات القوة والغلبة
يرى أنصار هذه النظرية وعلى رأسهم الفقيه الألماني الشهير أوبنهيمر (Oppenheimer) والكاتب الفرنسي شارل بيدان (Charles boudant) أن الدولة كانت عبارة عن نظام اجتماعي معين، فرضه شخص أو فريق على بقية أفراد الجماعة مستخدمين القوة من خلال الحروب والصراعات تتشكل الدول.
ونظرا لكثرة الاتجاهات واختلافها حول هذا الموضوع وإن كانت تعتمد كلها على القوة والغلبة المادية والجسمانية أو المعنوية غير الدينية فإننا سنكتفي بذكر أهمها على التوالي:
الفرع الأول: نظرية ابن خلدون.
يقول العلامة ابن خلدون رائد هذه النظرية ( ولما كانت الرياسة إنما تكون بالغلب وجب أن تكون عصبية ذلك النصاب هو أقوى من سائر العصائب ليقع الغلب وتتم الرياسة لأهلها وكل عصبية منهم إذا أحست بغلب عصبية الرئيس لهم أقروا بالإذعان والإتباع ) ويفسر ابن خلدون قيام الدولة بثلاثة عوامل أساسية هي الزعامة والعصبية و العقيدة.
أولا: الزعامة .
تقوم الدولة من خلال ظهور زعيم تتوفر فيه شروط الزعامة مثل الاستقامة والكرم والشجاعة والمروءة ويفرض نفسه بالقوة.
ثانيا: العصبية.
تلعب العصبية دورا أساسيا عند البدو قبل طور الحضارة في مجال التماسك الاجتماعي، مما ينتج عنه شعور الأفراد بالانتماء إلى جماعة معينة على تشكيل قوة تدفعها إلى إخضاع الجماعات الأخرى الضعيفة.
ثالثا: العقيدة.
إن العقيدة عند ابن خلدون هي العامل الأساسي والقوي في تماسك الجماعات وقد اعتبر أن قيام مجتمع على أساس العصبية والعقيدة سيزيد في استقراره ودوامه وأعطى مثال لذلك بالمرابطين الذين قاموا على الدين والعصبية واستطاعوا الصمود كثيرا كقوة اجتماعية.
الفرع الثاني: النظرية الماركسية.
والتي ترى أن الدولة جاءت نتيجة الصراع الطبقي في المجتمع، وجاءت كتنظيم للحفاظ على مصالح الطبقة المسيطرة وهي الطبقة البرجوازية المالكة لوسائل الإنتاج، وعلى هذا الأساس فالدولة في نظر ماركس هي تنظيم مؤقت مرتبط بصراع الطبقات وسوف تزول بزوال البرجوازية وانتصار الطبقة الشغيلة في العالم.
الفرع الثالث: نظرية التضامن الاجتماعي.
يرى الأستاذ الفرنسي ليون دوجي أن الدولة ما هي إلا نتيجة لأربعة عوامل أساسية هي:
1) ـ انقسام الجماعة إلى أقوياء حكام يفرضون إرادتهم على الضعفاء محكومين.
2) ـ الخلاف السياسي يظهر سلطة الدولة، وهي لا تظهر إلا بانقسام الجماعة واستحواذ إحدى الطبقات على السلطة.
3) ـ عامل الإكراه يفرض سلطة الدولة بالقوة.
4) ـ التضامن الاجتماعي يجب أن يسمو فوق الفوارق الاجتماعية وفوق شدة الأقوياء وهو العامل الذي يجمع بين الطبقتين في دولة واحدة.
تقدير نظرية القوة والغلبة.رغم عدم بعد هذه النظرية عن الواقع فمن المؤكد أنها لا تصلح لتفسير نشأة جميع الدول، كما أنه حتى ولو قامت دولة ما على القوة فإنها سرعان ما تعود إلى الاستناد على الإرادة الشعبية لأن القوة وحدها لا تكفي لبناء دولة مستقرة.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً