نظرة قانونية في كفاءة العملية التشريعية في المجال التجاري في المملكة العربية السعودية
د. أحمد لطفي السيد مرعي
كلية الحقوق والعلوم السياسية – جامعة الملك سعود
من المعلوم أنه تختلف قواعد وإجراءات صدور الأنظمة وتعديلها في المملكة بحسب ما إذا كان النظام قد صدر بموجب أمر ملكي، كما هو الحال في النظام الأساسي للحكم، أو نظام مجلس الوزراء، أو نظام مجلس الشورى، أو بموجب مرسوم ملكي بالنسبة للقوانين العادية. وقد أكد المرسوم الملكي رقم م/23 وتاريخ 26/8/1412هـ على أن كلمة نظام الواردة في المادتين 19، 20 من نظام مجلس الوزراء لا تشمل الأنظمة التالية: النظام الأساسي للحكم، ونظام مجلس الوزراء، ونظام مجلس الشورى، ونظام المناطق. وهذا يؤكد أن إجراءات صدور هذه الأنظمة وتعديلها لا ينطبق عليه ما يسري على الأنظمة الأخرى.
وبالنسبة للأنظمة التجارية؛ فإن إجراءات صدورها وتعديلها لا يختلف في المملكة – كما هو الحال في كافة الدول – عن تلك الإجراءات المتبعة بالنسبة لصدور وتعديل الأنظمة العادية الأخرى. ودائما ما يمر النظام عند صدوره أو تعديله بخمسة مراحل هي: الاقتراح، الدراسة والتصويت، والمصادقة، والإصدار، وأخيراً النشر[1].
ولكل أهم تلك المراحل وأخطرها هي مرحلتي الاقتراح والدراسة، التي منهما تنطلق كل سبل التطوير، وبدون تفعيلهما لا يمكن الحديث عن نهضة تشريعية، ويجري تنظيم هاتين المرحلتين في المملكة على النحو التالي:-
أولاً: مرحلة الاقتراح:
يبدأ إطلاق مرحلة الاقتراح بشأن كافة الأنظمة في المملكة العربية السعودية، إما من قبل الملك، أو مجلس الشورى، أو أحد الوزراء، أو هيئة الخبراء بمجلس الوزراء. ولخصوصية بعض جوانب الأنظمة التجارية قد تشارك جهات معينة في عملية الاقتراح تلك.
وفيما يتعلق بمجلس الشورى بصفة خاصة؛ فإن المادة 23 من نظام مجلس الشورى قبل تعديلها كانت تعطي الحق لكل عشرة أعضاء في المجلس باقتراح مشروع نظام جديد، أو تعديل نظام قائم. وكان هذا الاقتراح يرفع لرئيس المجلس، الذي يرفعه بدوره إلى جلالة الملك، للحصول على الموافقة على الاقتراح. وكان هذا الأسلوب يعيق كفاءة التشريع وتطويره ويحد من سلطة المجلس في مجال خلق القاعدة القانونية. من أجل ذلك صدر الأمر الملكي رقم أ/198 وتاريخ 2/10/1424هـ بحيث أصبح لكل عضو في المجلس حق اقتراح مشاريع الأنظمة وطلب تعديل الأنظمة القائمة ودراسة هذا الاقتراح داخل المجلس، وعلى رئيس المجلس الرفع بما انتهت إليه المناقشات لجلالة الملك. غير أنه لم يتضح الإجراء الذي يتخذ بعد الرفع بالاقتراح للملك، والغالب أنه إما أن يحال لمجلس الوزراء، أو يعاد لمجلس الشورى لمزيد من الدراسة، أو لمناقشة مقترحات محددة من قبل الملك.
ورغم هذا الدور المتنامي لمجلس الشورى في مجال التشريع، إلا أنه يلاحظ أن المجلس قلما استخدم رخصة الاقتراح تلك، وربما يعود ذلك إلى الأسباب الآتية:
* عدم شعور عضو المجلس بأهمية دوره، بحسبان أن كامل السلطة التنظيمية في المملكة تستقر في يد مجلس الوزراء[2].
* استغراق وقت عضو مجلس الشورى في دراسة المواضيع التي تحال إليه من لجان المجلس، بحيث لا يتبقى له وقت لإعداد مقترحات بشأن إصدار أنظمة جديدة أو تعديل القائم منها.
* عدم إمداد عضو المجلس بالمعلومات والبيانات الكافية التي تمكن العضو بتقديم المقترح.
* قلة عدد الخبراء والمستشارين القانونين في إدارة المستشارين بالمجلس، الأمر الذي لا يمكن من مساعدة الأعضاء على صياغة مقترحاتهم.
وهكذا يغلب أن تأتي المقترحات من جانب الحكومة، بما يرسم توجها وفلسفتها، ويوسع من ثم من دور السلطة التنفيذية في صناعة التشريع. ولا يبقى لمجلس الشورى من دور إلا دراسة هذه المقترحات، خاصة وأن المادة 15 والمادة 18 من نظام مجلس الشورى توجب دراسة الأنظمة قبل صدورها بواسطة المجلس. والحقيقة أن المملكة لا تتفرد بذاتها بهذا الوضع بل إن الدراسات تكشف عن أن 90% من الأنشطة التشريعية في البرلمانات العربية تبادر بها السلطة التنفيذية، وأن 90% من هذه المقترحات الحكومية يوافق عليها بحالتها التي قدمت بها[3].
وهنا لابد من العمل على إيجاد الحلول التي تمكن من إحياء دور عضو مجلس الشورى في صناعة التشريع، ويمكن في هذا الصدد إنشاء إدارات قانونية متخصصة تساعد العضو على صياغة المقترحات، وإنشاء مركز معلومات ومكاتب بحوث ودراسات، تساعد الأعضاء على إجراء الدراسات التي يحتاجونها لإعداد مقترحاتهم.
ويشارك في عملية الاقتراح للأنظمة ذات الطبيعة التجارية والاقتصادية في المملكة العربية السعودية عدة جهات أخرى منها:
1- المجلس الاقتصادي الأعلى:إذ يختص المجلس وفقاً للفقرة (4/و) من المادة الخامسة من نظامه الصادر بالأمر الملكي أ/111 وتاريخ 17/5/1420هـ بدراسة مشروعات الأنظمة واللوائح المتعلقة بالشئون والقضايا الاقتصادية والأنظمة التي تحمي البيئة، وذلك بالتعاون مع الجهات المختصة، وهو ما يفهم منه أن للمجلس اختصاصاً في مجال اقتراح الأنظمة ذات الصلة بمشكلات التنمية الاقتصادية أو تعديلها.
2- الهيئة العامة للاستثمار:وفقاً للفقرة (8) من المادة الخامسة من تنظيم الهيئة العامة للاستثمار الصادر بقرار مجلس الوزراء رقم 20 وتاريخ 5/1/1421هـ؛ فإنه يحق للهيئة اقتراح تنظيمها أو الأنظمة الأخرى ذات العلاقة بالاستثمار.
وتشارك الجهات الحكومية – من خلال الوزير مباشرة أو المسئول عن الجهاز الحكومي وإن لم يكن بمرتبة وزير بموجب اقتراح يرفعه للوزير – في صناعة التشريع في المملكة من خلال دورها في مرحلة الاقتراح تلك. فللوزير أن يقترح نظاماً أو لائحة تتعلق بأعمال وزارته، كما أن له اقتراح ما يرى بحثه بعد موافقة رئيس مجلس الوزراء (م.22 من نظام مجلس الوزراء). هذا وقد صدر الأمر السامي التعميمي رقم 12661 وتاريخ 17/3/1424هـ محدداً بعض الضوابط التي يجب مراعاتها من قبل الجهات الحكومية عند اقتراح أو تعديل نظام ما. ومما تقرر في هذا الشأن بموجب هذا المرسوم أن على الجهة صاحبة الاقتراح مراعاة الآتي:
الأخذ في الاعتبار ما تقضي به الأنظمة والاتفاقيات التي تكون المملكة طرفاً فيها ذات الصلة بالمشروع المقترح. التنسيق مع الجهات ذات الصلة، والاستئناس بوجهات النظر العلمية والمهنية والفنية التي لها علاقة بذلك. مقارنة مشروع النظام أو التعديل المقترح بما هو معمول به في بعض الأنظمة الحديثة المعمول بها في الدول الأخرى.
وإذا كانت أغلب مشاريع الأنظمة في المملكة تأتي من قبل الوزارات المعنية والجهات الحكومية، إلا أنه مما يؤسف له أن الأمر سالف الذكر لم يتضمن – خلافاً لما عليه الحال في عديد من الدول – الإشارة إلى ضرورة أن تقوم الجهة الحكومية صاحبة الاقتراح بإعداد “السياسة التشريعية” التي تتضمن تحديداً للموضوع المطلوب معالجته، والخيارات المتاحة لذلك، لتحديد ما إذا كان صدور نظام جديد أفضل، أم الاقتصار على تعديل محدود في نظام قائم، وفوائد كل خيار، وتكلفته المالية، وتقييم أثاره المجتمعية، ونوع الوثيقة المطلوب إصدارها، والأداة المطلوبة لذلك، والجهة المعنية بتنفيذها. وغالباً ما يترك في المملكة إعداد هذه السياسة لمطلق ما تراه الجهة مقدمة الاقتراح دون أن تلزم فعلاً بتقديمها. وهذا لاشك قد يؤثر في كفاءة العملية التشريعية، إذ يمكن البدء في إعداد مشاريع أنظمة والسهر على دراستها لمدد طويلة، ثم ترك كماً مهملاً بعد فترة لظهور أن يمكن الاكتفاء بتعديل نظام قائم. كما أن قد يصدر النظام فعلاً، ثم سرعان ما تتكشف عيوبه الكبيرة عند نفاذه والبدء في تطبيقه.
هذا وقد كشفت أيضاً دراسة “البيئة العدلية ومتطلبات التنمية الاقتصادية” التي قدمت لمنتدى الرياض الثالث عام 1428هـ، إلى أن الجهات الحكومية التي تقوم على اقتراح الأنظمة نادراً ما ترفق – خلافاً لما جرى عليه العمل التشريعي في برلمانات الدول الأخرى – مذكرة إيضاحية بمشروع النظام المقترح، لاسيما إذا تعلق الأمر بنظام ذو طبيعة فنية كما هو حال الأنظمة التجارية[4]. وقد يعود هذا القصور إلى الأسباب الآتية:-
1- ضعف الاهتمام بالإدارات القانونية في الجهات الحكومية المختلفة، ووجود أعداد محدود من المستشارين القانونين بالإدارات القائمة، المر الذي كشفت عنه دراسة “النية التشريعية والقضائية في المملكة” التي قدمت لمنتدى الرياض الاقتصادي الأول عام 1423هـ.
2- ندرة مراكز المعلومات والبحوث القانونية بالجهات الحكومية التي تعنى بدراسة وتحليل الأنظمة ذات الصلة بنشاط تلك الجهة.
3- قلة الخبرات والكفاءات المتخصصة في المجالين الشرعي والقانوني التي تلتحق بالعمل في القطاع الحكومي.
هذا وقد نص التنظيم الخاص بهيئة الخبراء بمجلس الوزراء على حقها في اقتراح تعديل الأنظمة القائمة، وهو ما يعطيها الحق ضمناً في اقتراح نظام جديد. غير أنه يندر عملاً أن تنهض الهيئة بهذا الدور في العملية التشريعية، إذ أن جل وقت مستشاريها – قليلي العدد أيضاً – غالباً ما يذهب في دراسة ما يحال لهم من مشاريع الأنظمة من الجهات الأخرى؛ فضلاً عن عدم وجود مركز معلومات مؤهل بالهيئة يقوم على تقديم البيانات والمعلومات، لاسيما في مجال التشريعات المقارنة، والحلول القانونية التي وصلت إليها الدول الأخرى للتغلب على مشكلاتها المختلفة.
ثانياً: مرحلة الدراسة:
لا تظهر لنا بوضوح الإجراءات الواجب اتخاذها حال دراسة مشروع نظام جديد أو تعديل مقترح لنظام قائم. غير أنه في ضوء القرارات والتعاميم المعمول بها في هذا الصدد، وعلى رأسها الأمر السامي التعميمي رقم 12661 سالف الذكر، يمكن تلخيص هذه الإجراءات في الخطوات التالية:-
– يرفع مشروع النظام لمجلس الوزراء، ويحل للجنة العامة، أو اللجنة الفرعية للجنة العامة، أو لكليهما. وتشكل تلك اللجان من عدد من الوزراء.
– تقوم الأمانة العامة لمجلس الوزراء بتوزيع نسخ من مشروعات الأنظمة على الوزراء المعنيين ورؤساء الأجهزة المستقلة ممن هم في مرتبة وزير لإبداء ملاحظاتهم في مدة أقصاها ثلاثون يوماً من تاريخ ورودها إليهم.
– ترسل أصل المعاملة أيضاً لهيئة الخبراء بمجلس الوزراء لدراسة مشروع النظام في ضوء ما يرد من ملاحظات، وذلك عن طريق أحد مستشاريها وممثلين عن الجهات المعنية، ومندوب من الهيئة العامة للاستثمار، الذي وجبت مشاركته في دراسة الأنظمة واللوائح قبل صدورها وفقاً للأمر السامي التعميمي رقم 15148 وتاريخ 17/11/1421هـ، من أجل معرفة أبعادها وتأثيراتها على الاستثمار المحلي والأجنبي في المملكة. ثم يتولى مستشار الهيئة بعرض الموضع على الهيئة العامة للمستشارين بهية الخبراء لإبداء وجهة نظرهم في المشروع. وبعد ذلك يعاد المشروع للأمانة العامة لمجلس الوزراء، مرفقاً به محضر برأي الهيئة والجهات المعنية.
– يعرض كل ما سبق على اللجنة العامة واللجنة الفرعية للجنة العامة لمجلس الوزراء؛ فإن لم تكن هناك ملاحظات، يرفع المشروع لمجلس الوزراء للنظر في إقراره كمشروع للحكومة.
– يتم إحالة المشروع لمجلس الشورى ليتولى دراسته وفقاً لإجراءاته الداخلية (م.15، م.18 من نظام مجلس الشورى). ثم يرفع رأيه النهائي إلى مجلس الوزراء.
– إذا تطابق رأي المجلسين من خلال التصويت اعتبر أن ذلك إقراراً لمشروع النظام. وإذا اختلف المجلسان في الرأي، أعيد المشروع مرة أخرى لمجلس الشورى للنظر في رأي مجلس الوزراء؛ فإن استمر الأمر بين المجلسين على خلاف، رفع الأمر للملك لاتخاذ ما يراه.
هذا وقد لوحظت بعض المثالب على تلك المرحلة مما يقلل من الكفاءة التشريعية نوجزها في الآتي:
1- أن الجهات الحكومية عادة ما ترفع مشاريع الأنظمة دون أن تعطيها حقها من الدراسة، الأمر الذي يشكل عبئاً على هيئة الخبراء ومجلس الشورى من أجل تعديل هذه المشاريع لتظهر في صياغة مناسبة.
2- طول إجراءات هذه المرحلة، الأمر الذي يعرقل حركة التشريع وفاعليته. ويكفي أن نشير هنا مثلاً أن مشروع النظام الجديد للشركات جاوز السنوات في دراسته وإلى الآن.
3- عدم توافر الكفاءات المؤهلة في الجهات الحكومية كي تشارك عمل هيئة الخبراء بمجلس الوزراء في دراسة مشاريع الأنظمة. ولعله قد بدأ تدارك هذا الخلل في العامين الماضيين حينما صدر الأمر السامي التعميمي رقم 6883/ب وتاريخ 10/8/1428هـ القاضي بضرورة أن يكون مندوب الجهة الحكومية الذي يعاون هيئة الخبراء في دراسة مشاريع الأنظمة من ذوي التأهيل في موضوع المعاملة، وألا يقل عن المرتبة العاشرة وما في حكمها قدر الإمكان، ما لم يتضمن التوجيه الصادر في شأن المعاملة تحديد مستوى وظيفي معين للمشاركة في إجراء الدراسة.
4- عدم وجود لجنة متخصصة في الأنظمة من أعضاء مجلس الشورى، حيث يوزع الأعضاء المتخصصون في الأنظمة على لجان المجلس المختلفة، خلافاً لما عليه الحال في برلمانات الدول الأخرى، التي عادة ما تتضمن لجنة متخصصة لدراسة المقترحات ومشاريع القوانين[5].
5- ارتفاع عدد المشاريع المقدمة عاماً بعد أخر بما لا يتناسب مع قدرات الجهات المعنية بدراسة تلك المشاريع، سواء من الناحية البشرية، أو من الناحية الفنية، الأمر الذي من المؤكد أن يؤثر سلباً على مستوى صناعة التشريع ذاته. وتظهر لنا دراسة “البيئة العدلية ومتطلبات التنمية الاقتصادية” سالفة الذكر[6]، أنه بينما كانت مشاريع الأنظمة التي صدرت في عام 1422هـ فقط 11 نظام؛ فضلاً عن 5 تعديلات أنظمة في ذات العام، قفز هذا الرقم إلى 20 مشروع نظام في عام 1426هـ، بالإضافة إلى 15 تعديل في ذات العام.
وتتم الموافقة على مشروع النظام بعد عرضه على مجلس الوزراء في جلسة سرية (م.16 من نظام مجلس الوزراء). ويجري التصويت على المشروع مادة مادة، وذلك قبل التصويت على المشروع في مجموع مواده. ويجري هذا التصويت بحضور الوزير المعني الذي يدخل موضوع المشروع في اختصاصه أو من ينوب عنه، إلا عند الضرورة (م.15 من نظام مجلس الوزراء). ويلزم عند التصويت أن ينعقد مجلس الوزراء بحضور ثلثي أعضائه، ويكفي لإقرار المشروع موافقة أغلبية الأعضاء الحاضرين، وعند التساوي يعتبر رأي رئيس الجلسة مرجحاً (م.14 من نظام مجلس الوزراء). ويجوز في حالات استثنائية يترك لرئيس المجلس أمر تقدير وجودها أن ينعقد المجلس بحضور نصف الأعضاء على الأقل، وفي تلك الحالات لابد لإقرار المشروع موافقة ثلثي الأعضاء الحاضرين، ولا يكتفي بالأغلبية المطلقة.
وعلى كل؛ فإن الانتهاء من دراسة مشروع النظام أو التعديل وفق الإجراءات السابقة والتصويت عليه، تدخله – أياً كانت كفاءته من الناحية التشريعية – إلى مرحلة المصادقة والتي تتم بمجرد توقيع الملك على قرار مجلس الوزراء (م.7 من نظام مجلس الوزراء)، ثم إلى مرحلة الإصدار، كي يعبرها من خلال الأداة اللازمة لإصداره وهي المرسوم الملكي (م.70 من النظام الأساسي للحكم، م.23 من نظام مجلس الوزراء)، ثم يتم نشره في مرحلة أخيرة في الجريدة الرسمية (أم القرى)، ويكون النظام نافذاً من تاريخ نشره، ما لم ينص على تاريخ أخر (م. 71 من النظام الأساسي للحكم).
غير أن نفاذ النظام بالنشر قد يحد من قوته وفاعليته – وخاصة في مجال الأنظمة التجارية ذات الطبيعة الفنية – ارتباط سريان النظام على نحو سليم بضرورة صدور لائحة تنفيذية من الجهة المختصة التي حددها النظام، كوزير ، أو رئيس، أو محافظ، أو مجلس إدارة. وكثيراً ما كشف الواقع في هذا الصدد عن تأخر تلك الجهات في إصدار اللوائح التنفيذية المطلوبة، الأمر الذي جاء الأمر السامي رقم 584 وتاريخ 2/3/1423هـ ليحاول القضاء عليه من خلال تكليف سمو رئيس ديوان رئاسة مجلس الوزراء بمتابعة إصدار اللوائح التنفيذية بشكل دقيق. كما أن الأمر السامي التعميمي رقم 32386 وتاريخ 13/8/1423هـ قد أوجب الرفع للمقام الكريم بصفة عاجلة عما يستوجب عدم التأخير في إصدار تلك اللوائح، والأنظمة التي لم تصدر لوائحها التنفيذية بعد، والأسباب التي دعت إلى عدم إصدارها في وقتها.
“اللهم اجعل هذا العمل خالصاً لوجهك الكريم”
[1]حول هذه المراحل في النظام السعودي راجع، د. خالد بن عبد العزيز الرويس، د. رزق بن مقبول الريس، المدخل لدراسة العلوم القانونية، ط3، 1426هـ، ص105 وما بعدها.
[2]تتجه بعض الآراء إلى اعتبار مجلس الشورى هو السلطة التنظيمية في المملكة. ولكن هذا الرأي لم يقدم سندا لهذا التوجه. أحمد بن باز، تطور النظام السياسي والإداري في المملكة العربية السعودية، مطابع دار الشبل، الرياض، 1417هـ، ص111، ص217. بينما يعتبر البعض السلطة التنظيمية في المملكة “سلطة مركبة”. محمد الطويل وآخرون، الإدارة العامة في المملكة العربية السعودية، مطبوعات معهد الإدارة العامة، الرياض، 1416هـ، ص43-44. ولدينا أن هذا الرأي أيضاً تعوزه الدقة ذلك أن إقرار النظام في شكله النهائي لا يكون إلا لجهة واحدة فقط هي مجلس الوزراء (م.21 من نظام مجلس الوزراء)، وما الجهات الأخرى إلا مساعدين في الإعداد، وليسوا سلطة فعلية في صناعة التشريع. د. خالد بن عبد العزيز الرويس، د. رزق بن مقبول الريس، المدخل لدراسة العلوم القانونية، المرجع السابق، ص103، هامش2.
[3]راجع، السيد علي موسى، العملية التشريعية في الدول العربية، الخبرات القانونية والدروس المستفادة، 2002، ص26 وما بعدها.
[4]دراسة “البيئة العدلية ومتطلبات التنمية الاقتصادية”، لمنتدى الرياض الثالث، 1428هـ ص48.
[5]راجع د. على الصاوي، مستقبل البرلمان في العالم العربي، دار النهضة العربية، القاهرة، 2000، ص148 وما بعدها.
[6]دراسة “البيئة العدلية ومتطلبات التنمية الاقتصادية”، ص50.
اترك تعليقاً