نظرة قانونية معمقة على العقوبات البديلة
هل ستكون بالفعل بديلًا عن السجن، وتحقق المقاصد الشرعية والنظامية، وتقوم الشارد والمعوج، وتهذب سلوكه بعمل خدمي وتطوعي أو بغرامات مالية، بدلًا من وضعه في السجن واختلاطه بمن لهم سوابق إجرامية؟ وما مفهوم العقوبات البديلة وأنواعها وحقيقتها وآثارها؟ ولماذا يحكم بها بعض القضاة في حين لا يلتفت إليها البعض الآخر؟ وماذا عن تجارب الدول العربية والإسلامية في هذا الشأن؟ وهل حقًا ينحو التوجه العالمي صوب «العقوبات البديلة» بدلًا من السجن؟ أسئلة كثيرة تثار حول القضية وبخاصة بعد أن بدأ عدد من قضاة المملكة أبرزهم الشيخ ياسر الدوسري الرئيس السابق لمحكمة صامطة والحالي لمحكمة تبوك، في إصدار عدة أحكام ألزمت المتهم بقضاء فترة في الخدمة العامة أو العمل الخيري، بالإضافة إلى علماء آخرين ألزموا المتهم بحفظ اجتزاء معينة من كتاب الله أو تنظيف احد المساجد، «الرسالة استطلعت آراء العديد من القضاة والمختصين في جدوى الأخذ بنظام العقوبات البديلة في ثنايا التحقيق التالي:
سيناقش الملتقى العلمي للاتجاهات الحديثة في «العقوبات البديلة» الذي تنظمه وزارة العدل غدا السبت بالرياض خلال ثلاثة أيام في 11 جلسة وبحضور أكثر من 47 شخصية من النخب العلمية المحلية والعربية من أعضاء هيئة كبار علماء وأعضاء هيئات التدريس بالجامعات والمختصين في الشأن العدلي وخبراء في الإعلام وعلم النفس والاجتماع «العقوبات البديلة « شرعيا وقضائيا وتربويا واجتماعيا وجنائيا وامنيا، وتجربة المملكة وبعض الدول في تطبيق العقوبات البديلة، ودور مراكز الرعاية والتأهيل في تطبيقها.
ستخصص الجلسة الأولى والأخيرة للتوصيات، وستستهل جلسات الملتقى بجلسة عن مفهوم العقوبة وأنواعها، يرأسها عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء الشيخ الدكتور أحمد بن علي المباركي، ويشارك فيها عضو هيئة كبار العلماء الشيخ عبدالله بن محمد بن خنين، وعدد من أعضاء هيئة التدريس بالجامعات السعودية، ويرأس الجلسة الثانية صاحب السمو الملكي والأستاذ بقسم السياسة الشرعية بالمعهد العالي للقضاء بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الأمير الدكتور عبدالعزيز بن سطام بن عبدالعزيز حيث تناقش الجلسة «حقيقة العقوبات البديلة« بمشاركة عدد من القضاة، والثالثة يرأسها رئيس تحرير عكاظ الأستاذ محمد بن فرج التونسي وتناقش أنواع العقوبات البديلة بمشاركة عدد من الحقوقيين والأكاديميين والقضاة من عدد من الجامعات العربية.
وفي اليوم الثاني يناقش الحضور تنفيذ العقوبات البديلة ودور الجهات ذات العلاقة بتنفيذ العقوبات البديلة والعلوم ذات الصلة بتطبيق العقوبات البديلة ويشارك بها عدد من الإعلاميين، والمختصين في علم الاجتماع وعلم النفس والسياسة الجنائية والعقوبات البديلة برئاسة معالي وكيل وزارة العدل الشيخ عبداللطيف الحارثي، والسياسة الجنائية ودورها في تحديد العقوبات التعزيرية والعقوبات البديلة ضمن المؤتمرات الدولية وأهمية التناول الإعلامي لمبادئ السياسة الجنائية والعقوبات البديلة. ويستعرض تلك المحاور عدد من أعضاء هيئات التدريس بعدد من جامعات مختلفة وعدد من الإعلاميين.
وتخصص جلسات اليوم الثالث للحديث عن آثار العقوبات البديلة واستعراض تجارب في تطبيق العقوبات البديلة، حيث يستعرض من خلالها تجربة دولة قطر وتجربة دولة المغرب وتجربة دولة الجزائر إضافة إلى تجربة المملكة العربية السعودية، ودور مراكز الرعاية والتأهيل في تطبيق العقوبات البديلة، وتختتم الجلسات برصد استعراض التوصيات.
العيسى: بادرت بتطبيق تنفيذ العقوبات البديلة لكن يتحتم علينا استعراض التجارب والخبرات
أكد وزير العدل الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى أن ملتقى الاتجاهات الحديثة في العقوبات البديلة يأتي ضمن المرحلة العلمية لمشروع الملك عبدالله لتطوير القضاء، وأنه يعنى بتحديد مفهوم العقوبات البديلة والوسائل الفاعلة لتطبيقها وتنفيذها العديد من المحاور، وأوضح أن الوزارة تهدف من خلال إقامة هذا الملتقى إلى إيضاح أهمية العقوبات البديلة في الأحكام القضائية، وتحقيق المقاصد التي يتوخاها المشرع والمنظم من العقوبة، من خلال الوصول لمعنى دقيق لمفهوم العقوبات في النص الشرعي تحديدًا وفي إثره النص النظامي، واستجلاء النصوص والحالات والوقائع المساندة لهذه الفكرة.
وأشار إلى أن الأحوال والمستجدات المعاصرة تتطلب منا اليوم أكثر من ذي قبل أن نقدم طرحا هادفا ومثمرا لهذا الموضوع المهم الذي بدأت بوادره الإيجابية في بعض الأحكام القضائية وإن كنا نريد أن يشمل البقية بحسب الاقتضاء، وبخاصة أن قضاءنا يعتمد تحكيم الشريعة الإسلامية التي تقضي قواعدها بالأخذ بالمقاصد والغايات وعدم الأخذ بالمنهج المجرد للظاهر، وهو ما حصل فيه بعض الفوات من وجهة نظرنا كما هو توجه بعض المدارس الفقهية.
وكشف العيسى عن أنه بادر بتطبيق تنفيذ هذه العقوبات منذ زمن ولكن يتحتم علينا استعراض الكثير من التجارب والخبرات والأطروحات والرؤى التي ستحقق المزيد من الثراء النظري والتطبيقي في هذا المجال بمشيئة الله تعالى.
الدبيان: المجتمع أحوج ما يكون لمثل هذا التطوير الملح لما له من آثار إيجابية
أوضح القاضي بوزارة العدل ورئيس تحرير مجلة العدل الدكتور علي بن راشد الدبيان
أنه ومنذ سنوات قريبة بدا على خارطة القضاء مفهوم جديد يرتسم في جانب الأحكام الجزائية الصادرة عن المحاكم في بلادنا، أصطلح على تسميته بالعقوبات البديلة، والمقصود به تغيير الحالة النمطية التي تجري على نسقها الأحكام العقابية الصادرة من المحاكم الجنايات المختلفة التي لم يقدر لها عقوبة محددة شرعًا من صورتها الموروثة والمتداولة في عموم العالم قديمه وحديثه بالسجن والجلد والغرامة إلى أنواع أخرى من التكاليف والإلزامات، التي تحقق معنى العقوبة وتبلغ مقاصدها ردعًا وزجرًا واستصلاحًا وتقويمًا ولكن بطريقة نوعيه أكثر تناسبًا وفاعليه في أحوال الجناة تشديدًا وتخفيفًا ولأن هذا النوع من العقوبات لم يكن معروفًا في سالف الوقت ولم تتداوله المحاكم وتجري على سنته.
وأضاف لا يخفى على قضاة الشريعة أن الأحكام الموكولة للقضاة في تقديرها وأنواعها حسب نوع الجنايه وحال الجاني وأثر الجناية في الناس ومراعاة المصالح العامة والخاصة هي من الأحكام المتغيرة الخاضعة للظروف والأحوال والأوضاع والأمكنة والأزمنة والعوائد، وهي تتنوع وتتجدد باجتهاد الحكام والقضاة حسبما يحقق الأهداف والمقاصد المشروعة للعقوبة ولكي نحدد المسار ونوضح الأحكام فلا بد وبإلحاح من مثل هذا المجتمع العلمي البحثي يلتقي فيه النخبة من القضاة والباحثين للمداولة والمدارسة في هذا الموضوع الحيوي إنه بحق نقلة نوعية في اتجاه دراسة الجوانب الموضوعية في القضاء والتقعيد لها لا سيما المستجد منها، وأكد أن المجتمع أحوج ما يكون لمثل هذا التطوير الملح لما له من آثار إيجابية واضحة على مختلف الوقائع لا سيما ونحن نقدر متغيرات العصر واختلاف عوائد الناس وتحولات المجتمع التي تؤكد إعادة الدراسة والتقويم والمراجعة لكل منظومة العملية القضائية لنواكب الأحداث ونحقق واقعًا مصداقية قضاء الشريعة وصلاحيته لكل زمان وكان واستيعابه لمختلف المتغير.
المحيميد: العقوبات في الشريعة مناسبة لكل زمان ومكان وشاملة لكل أنواع الوقائع
بيّن رئيس التفتيش القضائي بالمجلس الأعلى للقضاء الشيخ الدكتور ناصر بن إبراهيم بن صالح المحيميد والذي سيتناول في ورقته «مفهوم العقوبات البديلة ونطاق تطبيقها» أن العقوبات في الشريعة مناسبة لكل زمان ومكان، شاملة لكل أنواع الوقائع، سواء كانت عقوبات حدية منحصرة، أو تعزيرية واسعة؛ قابلة للتنوع والتغير بحسب أحوال الزمن والوقائع، فيحدث للناس من القضاء وفق ما أحدثوا من القضايا.
وأضاف أن التنوع في القضية التعزيرية، يقوم على ركائز أساسية ثابتة، وينطلق من دعائم أصيلة راسخة، ولقد كثر في زمننا هذا الحديث عن العقوبات التعزيرية البديلة، وجاءت المناداة الواسعة بالنظر في أنواعها وأحوالها، وبخاصة لما كثرت الوقائع الموجبة للعقاب، وأصبح إيقاع العقوبة تحيط به عدة أطر، تتعلق بالمحكوم عليه ومن يعول، وبالمجتمع ومن يخالط، وبالدولة وما تنفق، كما جاءت الدعوة الصريحة لإيجاد مراجعات للعقوبات الشهيرة فيما يحقق الهدف من دفع جماح الخطيئة بأسهل الطرق واسلم الأحكام وأيسرها. ومن هنا تحركت المنظمات الدولية، والجهات البحثية العلمية والمؤسسات القضائية، والجهات التنفيذية لتفعيل أنواع من العقاب تخرج عن دائرة العقوبة بالسجن ونحوه، فأُعدت الأنظمة والدراسات لتقرير بدائل عقابية متنوعة تطرح أفقًا واسعًا لمفهوم العقاب، يمكن إنزاله في المجتمعات لدفع الجريمة وحصر آثارها السلبية.
وكشف عن أن علماء الأمة قرروا سعة النظر في تقرير العقوبات التعزيرية، لأن العقوبات التعزيرية بجميع أنواعها يرجع أمر تعيينها وتقديرها وتقريرها إلى اجتهاد القاضي المستند إلى النظر المصلحي الذي يناسب الواقعة والفاعل والمجتمع والزمان والمكان.
وأضاف المحيميد: لقد ظهرت مناداة عامة بالدعوة للتوسع في إيقاع العقوبات البديلة عن السجن بشتى أنواعها وقد وجدت دراسات وأنظمة تقرر هذه البدائل وتؤصلها وتدعو لها وهناك نوع من أنواع هذه البدائل ألا وهو الإلزام بالعمل التطوعي يحتاج لمزيد بحث ودراسة لأن بعض صوره متصلة بالجانب التعبدي المحض أو المشترك.
السلامة: الأحكام البديلة ما زالت محدودة التطبيق والموجود منها يمثل حالات اجتهاد
أوضح الرئيس المساعد للمحكمة الجزئية بمحافظة جدة فضيلة الشيخ إبراهيم بن صالح السلامة والذي سيتناول في ورقته «الأحكام البديلة: الحاجة وعوائق التنفيذ» أنه برغم الجدل الواسع عن الأحكام البديلة وبروز مطالب بالتوسع في تطبيقها وهي مطالب تنامت في السنوات الأخيرة وبخاصة في الأوساط القضائية والإعلامية والاجتماعية وفي الجهات التنفيذية والأمنية وبخاصة السجون، إلا أن المدقق لمضمون ذلك الجدل يجده يتمركز حول التوسع في تطبيقها أو عدمه، دون التعمق فيما يتعلق بها من جوانب شرعية واسعة وما يتصل بها من إجراءات تنفيذية متشعبة.
وعدد أهم المحاور المرتبطة بالموضوع في: تعريف الأحكام البديلة ومفهومها وشرعيتها اجتهاد القاضي وسلطته التقديرية فيها عوائق تنفيذها تفاوتها تطبيقها وجهود الإعداد له، مؤكدًا على أن اجتهاد القاضي عامل مهم في تحديد الحكم الشرعي البديل، ويتصل بذلك الاجتهاد مسألة السلطة التقديرية للقاضي، ثم يعرج إلى العوائق والمشكلات التي يذكرها المعنيون وأبرزها (هل سلطة القاضي في اختيار الحكم البديل مطلقة أم مقيدة؟ وهل يمكن الحكم على استخدام القاضي سلطته التقديرية بالشكل القويم والهادف أم لا؟
وقال إن البعض الآخر لا يرى في ذلك عائقا؛ إذ الأصل في القاضي الاجتهاد في تحديد الأحكام وما يناسب منها القضية، فالقاضي المجتهد له الأهلية في إصدار أحكام بديلة، وتتحدد تلك الأهلية من خلال صفات وخصائص عدة يجب توافرها في شخص ذلك القاضي المجتهد في مجال الأحكام البديلة أهمها: المعرفة اللازمة بالفقه القضائي عموما وما يتصل باختصاصه منه وسعة آفاقه ومداركه الثقافية والاجتماعية؛ لأن ذلك يجعله على دراية ومعرفة بالعديد من المعطيات والجوانب المؤثرة في اختياره للحكم ومنها: نوع القضية وأطرافها أو المتضررون منها وبيئة حدوثها والعوامل المتصلة بالمجتمع عموما وغير ذلك.
وقال: هناك عوائق في تنفيذ الأحكام البديلة وتفاوت الأحكام البديلة لأنها فردية وتتوقف على اجتهاد القاضي في اختيار الحكم ومدى تحقيقه لمقصده، وكذلك اجتهاده في مراعاة المحددات أو العوامل المؤثرة في اختيار الحكم البديل.
وأضاف: ما زالت الأحكام البديلة محدودة التطبيق، وما هو موجود منها يمثل حالات اجتهاد فردي.. لكن أهميتها الشرعية القضائية واضحة والحاجة للعمل بها قائمة مستقبلا خاصة في ضوء متغيرات اجتماعية عديدة.. لذا فإنه يمكن أن يكون التطبيق مشروعا وطنيا ضخما يتم الإعداد والتخطيط لتأسيسه تأسيسا صحيحا وقويما له، ومن أهم ما يجب مراعاته أن يكون التطبيق على مراحل، وكذلك الاهتمام بالدراسات والبحوث العلمية من قبل الجهات القضائية والمؤسسات العلمية المتخصصة لكل ما يتصل بالأحكام البديلة: تطبيقها وتنفيذها، والاستفادة من التجارب المحلية والإقليمية والعربية والعالمية في هذا المجال.
واعتبر السلامة أن من أهم ما يتطلبه هذا المشروع هو تحديد آليات التنفيذ «البديلة»والمناسبة للمملكة، ومنها مثلا مرافق خاصة مستقلة أو تابعة لجهات معنية بالتنفيذ، ويمكن أن يكون هذا عملا وطنيا عاما تشارك فيه العديد من مؤسسات الدولة والمجتمع ومن أهم متطلبات التوسع في تطبيق الأحكام البديلة إصدار ما يلزم ذلك من نظم ولوائح وأدلة خاصة بها.
الشنقيطي: اختلاف أنظمة المجتمعات وقوانينها يوجد تباينًا في ملاءمة البدائل
أكد رئيس قسم العدالة الجنائية وعضو هيئة التدريس بكلية الدراسات العليا بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية الدكتور محمد عبدالله ولد محمد الشنقيطي والذي سيتناول في ورقته «أنواع العقوبات البديلة التي تطبق على الكبار« أن الحديث عن العقوبات البديلة أصبح ملحًا لما تبين من العيوب والسلبيات المصاحبة للسجن، والنظام القضائي في الإسلام يأخذ بكل الوسائل التي تحقق المصالح وتدرأ المفاسد بشرط ألا تتعارض مع ثوابت الشرع.
وتابع: حينما يكون إيقاع العقوبة مع وجود البديل المناسب حيفًا في حق الجاني فإن القضاء لا يتوانى في الأخذ بالبديل على أن تكون تلك البدائل متمشية مع كل مجتمع حسب طبيعة الجريمة ونوعية المجرمين وتفاوتهم في القدرة على تحمل البدائل، ثم إن اختلاف أنظمة المجتمعات وقوانينها وثقافاتها يوجد تباينًا في ملاءمة البدائل وصلاحيتها من بيئة إلى أخرى، لذلك كانت مناهج الباحثين في تناول الإجراءات البديلة مختلفة من حيث تقسيم وتنويع تلك الإجراءات، فمنهم من تعامل معها تعاملًا نظريًا بغض النظر عن البيئة التي يمكن أن تطبق فيها، ومنهم من تعامل معها تعاملًا عمليًا من حيث إمكانية تطبيقها في الدول العربية، دون أن يضع لها معايير تجعل لكل زمرة منها إطارًا يجمع جزئياتها، ومنهم من قسمها باعتبار الطابع الذي يطبع كل مجموعة منها مع خلو تلك الأبحاث التي تم الوقوف عليها من التأصيل الشرعي، كما أن النظر إلى تنوعها باعتبار سن المعاقبين وقدرتهم على تحملها أمر من الأهمية بمكان، وركز الشنقيطي على مفهوم «كبار السن» وتحديد البداية العمرية لهم وتطبيق العقوبات البديلة على المسنين.
عبدالمنعم: اتجهت النظم الحديثة إلى الحد من عقوبة الحبس واستبدالها بالبديلة
أشار خبير البحوث الإسلامية برئاسة المحاكم الشرعية بقطر وأستاذ بقسم العدالة الجنائية بكلية الدراسات العليا بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية الدكتور فؤاد عبدالمنعم أحمد والذي سيتناول في ورقته مفهوم العقوبة في الشرع إلى أن الجزاء المقرر لمصلحة الجماعة على عصيان أمر الشارع سبحانه، وهي الزواجر التي وضعها الله سبحانه وتعالى للردع عن ارتكاب ما حظر وترك ما أمر؛ ثم تطرق لمفهوم العقوبة في القانون وشخصية العقوبة، وقضائية العقوبة، وقال: تتنوع أنواع العقوبة في الإسلام بالنظر إلى علاقة كل منها بغيرها من العقوبات إلى عقوبات أصلية وهي العقوبات المقررة أصلا للجريمة ومنها الجلد للزاني المحصن، وبديلة وهي عقوبات تحل محل عقوبة أصلية إذا امتنع تطبيق هذه لسبب شرعي ومنها الدية إذا درء القصاص عن القاتل عمدا، وتبعية وهي عقوبة تتبع عقوبة أصلية بقوة العقوبة دون حاجة للحكم بها ومنها حرمان القاتل من الميراث، وتكميلية وهي عقوبة تتبع عقوبة أصلية ولا تصب الجاني إلا إذا حكم عليه ومنها تغريب الزاني غير المحصن، وتتنوع العقوبات بالنظر إلى من يتولى استيفاءها إلى عقوبات لا يستوفيها إلا الإمام أو نائبه وهي الحدود، وعقوبات أجيز فيها استثناء ترك استيفائها لولي الدم أو للمجني عليه، وتتنوع العقوبات بالنظر إلى سلطة القاضي في تقديرها إلى عقوبات قدرها الشارع على نحو لا زيادة فيها ولا نقصان عند تطبيق القاضي لها.
وأضاف: يتميز النظام الإسلامي جانب العقوبة أن هناك عقوبات مقدرة ومحددة من الشارع وهي المتعلقة بحق الله ليس للقاضي فيها سلطة تقديرية لتعلقها بالنفع العام للمجتمع وعقوبتها استئصالية وتكون لأنواع معينة من الجرائم مثل الردة وزنا المحصن وبعض حالات القتل العمد فتكون رحمة بالمجتمع ويكون هذا هدف من أهداف الشريعة الإسلامية عامة وفي العقوبة خاصة.
وتابع: اتجهت بعض النظم الحديثة إلى الحد من عقوبة الحبس واستبدالها بعقوبة بديلة وبخاصة في عقوبة الحبس قصيرة المدة كالتشغيل بالنفع العام كنظافة المدارس والمساجد وغيرها، أما ما يتعلق بالقصاص في النفس ودون النفس وفي القتل شبه العمد عند البعض فهذه حق العبد فيها غالب بمعنى أنه يجوز أن يعفو وأن يتصالح في مقابل الدية أو أكثر أو أقل من الدية؛ ولا يمنع ذلك حق الله (حق المجتمع) بعقوبة تعزيرية، وهذا التقسيم لا نجده في الأنظمة الوضعية لأنه تشريع الله.
الحميدي: اختلف العلماء في التعزيز هل يتجاوز فيه الحدود الشرعية أم لا؟!
أوضح أستاذ قسم العقيدة بجامعة أم القرى الدكتور عبدالعزيز بن أحمد بن محسن الحميدي والذي سيتناول في ورقته «أنواع العقوبات في الشريعة الإسلامية» أن التعزير وهو تأديب وإصلاح وزجر على ذنوب لم تشرع فيها حدود والكفارات، وليس فيها حد بحسب الجناية في العظيم والصغير وبحسب الجاني في الشر وعدمه، وهو يبدأ من التبكيت والتوبيخ وقد يصل إلى القتل في أحوال، وان التعزيز قد يؤدي على فعل محرم أو ترك واجب أو فعل مكروه أو مطل أو ظلم أو فحشاء وعداوات ونحو ذلك، وقد اختلف العلماء في التعزيز هل يتجاوز فيه الحدود الشرعية أم لا، واختلفوا أيضا هل يجوز أن يبلغ بالتعزيز القتل أم لا، ثم تعرض للعقوبات المالية، والنفي والتغريب، والحبس والهجر.
السعيد: الغاية من العقوبات البديلة الحيلولة دون دخول بعض الأشخاص السجون
قال أستاذ الدراسات العليا لقانوني العقوبات وأصول المحاكمات الجزائية الدكتور كامل السعيد والذي سيتناول في ورقته «العقوبات البديلة المطبقة على الصغار» ان الغاية من العقوبات البديلة الحيلولة دون دخول بعض الأشخاص السجون حتى لا يتعلموا فيها فقدان الثقة بالنفس والرذيلة وتنظيم العصابات الإجرامية، ونتيجة لهذه الأسباب فكر المصلحون بوسائل جديدة لعلها تعود بالخير على السجناء أنفسهم وعلى المجتمع، مؤكدا أنه لا يمكن تطبيق نظام العقوبات البديلة على التدابير أو العقوبات التي تطبق على الصغار أو الأحداث في أي مرحلة من مراحل أعمارهم، وعدم جواز ملاحقة الصغار الذين يرتكبون جرائم في المرحلة الأولى من مراحل أعمارهم والتي تتراوح بين الولادة وتمام السنوات السبع الأولى لانعدام أسس المسؤولية الجزائية وهما الوعي وحرية الاختيار أو الإرادة الحرة، وعدم جواز فرض أي عقوبة جزائية على من يرتكب من الأحداث جرائم في المرحلة العمرية الثانية وهي التي تتراوح بين تمام السبع سنوات والثانية عشرة، وضرورة الاهتمام بالمؤسسات الإصلاحية حكومية كانت أم أهلية معتمدة من قيام الوزارات المختصة في البلدان العربية الخاصة بتوقيف الأحداث وخضوعهم للتدابير والعقوبات التي تفرض عليهم، وذلك بتعيين كوادر مؤهلة خاصة بهذا الشأن، وذلك بغض النظر عن تسمية تلك المؤسسات كما نوصي بالعمل على توحيد المصطلحات المتعلقة بهذه المؤسسات في البلاد العربية.
اترك تعليقاً