نظرية العوامل المتعددة لانريكو فيري
يعتبر العالم فيري من أبرز علماء الاجرام الذين اتجهــوا نحـو الاتجاه التكاملي بعنايتهم بكل مـن العوامـل الداخليـة و العوامـل الاجتماعية ، و هذا ما يستدعي ان نعرض لنظرية ، و ذلك فيما يلي :
– تحديد العوامل الاجرامية
تعتبر نظرية لانريكو فيري في تحليل السلوك الاجرامي نموذجـا للاتجاه التكاملي الذي يفسر الجريمة ، بناء على عوامل متنوعة فردية و طبيعية اجتماعية ، و لعله احد المفكرين الذين لم يقعوا في التفـسير الأحادي للجريمة و ردها الى مجموعة من العوامل . حيث يرى فيري ، ان الجريمة ثمرة حتمية لعوامل معينة ، و تبعا لذلك ، فهو يؤمن بحتمية الجريمة ، شأنه في ذلك شأن انصار المدرسة الوضعية التـي تنكـر حرية الاختبار لدى الفرد ، و تراه على العـكس ، مسيرا بظروفـه الداخلية العضوية و النفسية ، و كذلك بالعوامل الاجتماعية المحيطة به ، و من هذا المنطلق ، يرجع فيري السلوك الاجرامي الى عوامل فردية و اخرى خارجية . فالعوامل الفردية ، ترتبط بشخص المجـرم و هـي لصيقة به ، و منها ما يتعلق بالتكوين العضوي للفرد ، و منها ما يرتبط بتكوينه النفسي ، و منها ما يرتبط بخـصائص شخصـية ، كـالجنس و السن .
اما العوامل الخارجية ـ فهي بدورها ترتبط بالوسط الاجتماعي الـذي يعيش فيه الفرد ، كالبيئة الاسرية و نظام التعليم و التنظـيم الـسياسي و الاقتصادي ، كما تكون ايضا على شكل عوامل طبيعية ، كالمناخ و الانتاج الزراعي و طبيعة التربة .
و تبعا لذلك ، يخلص فيري ، الى ان ارتكاب الجريمـة بالنـسبة للفرد ، ينتج من تفاعل العوامل الداخلية و الخارجية بمختلف انواعها ، اما بالنسب لتفسير حركات الاجرام في المجتمع ، فهو يرى انه يكون نتيجة تضافر عدة عوامل في المجتمع و خلال مرحلة زمنية معينـة ينشأ عنها ما اسماه يقانون الاشباع الاجرامي ، و مؤدى هذا القـانون ، ان تضافر عوامل اجتماعية و طبيعية معينة بعوامل فرديـة خاصـو ببعض الاشخاص ، من شأنه ان يفرز في مجتمع معين عددا مـن الجرائم . و و يصنف فيري المجرمين الى فئات متعددة ، فهم ليسو على نمط واحـد ، لكـونهم يختلفـون بـاختلاف شـذوذهم البيولـوجي و الاجتماعي ، فهناك المجرم المجنون الذي يصاب بمرض عقلي يفقده الادراك و يدفعه الى ارتكاب الجريمة نتيجة ذلك ، و هنـاك المجـرم بالميلاد الذي يشبه الى حد بعيد النمودج الذي قرره لمبـروزو مـع تركيز الاول على صفاته النفسية ، و هناك المجترم المعتـاد الـذي يرتكب أكثر من جريمة و يصبح محترفـا و لا يستطيع ان يتحول عن السلوك الاجرامي بسبب اعتياده ـ و هناك المجـرم بالعاطفة الذي ينصف بالانفراد الشديد و المزاج العصبي و الطبيعة الدموية ، و يرتكب الجريمة بدافع الكره او الحب او الغضب او الغيرة و يندم و يلوم نفسه على ذلك ، و قد يصل به الامر الى الانتحار ، و هناك المجرم بالصدفة الذي ينتفي لديه الميل للاجرام ، و لكنه قد يرتكب الجريمـة بـسبب ضعفه في عدم القدرة على مقاومة ظروف معينة .
اترك تعليقاً