نفاذ المعاهدات الدولية من غير معاهدات الصلح و التحالف و ما يتعلق بحقوق السيادة في مصر وفقاً لدستور 2014
المعاهدة أو الاتفاقية الدولية: كل اتفاق دولى فيما بين دولتين أو أكثر إذا دون هذا الاتفاق سواء فى وثيقة واحدة أو أكثر وأيا كان نطاق المسائل التى ينظمها أو موضوعها. (1)
إلزامية المعاهدة الدولية في دستور 2014
نصت المادة 151 من دستور 2014 على أن:
يمثل رئيس الجمهورية الدولة في علاقاتها الخارجية، ويبرم المعاهدات، ويصدق عليها بعد موافقة مجلس النواب، وتكون لها قوة القانون بعد نشرها وفقا لأحكام الدستور.
ويجب دعوة الناخبين للاستفتاء على معاهدات الصلح والتحالف وما يتعلق بحقوق السيادة، ولا يتم التصديق عليها إلا بعد إعلان نتيجة الاستفتاء بالموافقة.
وفي جميع الأحوال لا يجوز إبرام أية معاهدة تخالف أحكام الدستور، أو يترتب عليها التنازل عن أي جزء من إقليم الدولة.
وأيضاً نصت المادة 93 على أن:
تلتزم الدولة بالاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الانسان التي تصدق عليها مصر ، وتصبح لها قوة القانون بعد نشرها وفقاً للأوضاع المقررة.
وقد قضت محكمة النقض في هذا الشأن بــ :
لما كانت الإجراءات التي استلزمتها المادة 151 من الدستور المصري للعمل بالإتفاقيات الدولية من موافقة رئيس الجمهورية ومجلس الشعب والتصديق عليها من رئيس الجمهورية ثم نشرها بالجريدة الرسمية ومن ثم تكون قد روعيت في شأن اتفاقية الجات، وإذ التزم الحكم المطعون فيه المؤيد لحكم أول درجة بالرسوم التي حددتها هذه الاتفاقية، فإنه يكون قد أعمل صحيح القانون، ويضحى النعي عليه على غير أساس، الأمر الذي يضحى معه الطعن غير مقبول. (الطعن رقم 13821 لسنة 75 ق)
وفي حكم آخر للمحكمة الادارية العليا جاء فيه:
لما كان ذلك وكان مجلس الشعب قد وافق بجلسته المنعقدة بتاريخ 16/4/1995 على قرار رئيس الجمهورية رقم 72 لسنة 1995 الصادر بتاريخ 20/3/1995 بالموافقة على انضمام مصر لمنظمة التجارة العالمية والاتفاقيات التي تضمنتها، ثم صدق عليها رئيس الجمهورية بتاريخ 19/4/1995، ونشر ذلك بعدد الجريدة الرسمية رقم 24 تابع في 15/6/1995، ومن ثم تغدو لهذه الاتفاقية قوة القانون، وتطبق باعتبارها قانوناً مصرياً. (الطعن رقم 6965 لسنة 49 ق)
وبهذا يتضح أن دستور 2014 استلزم لنفاذ المعاهدات الدولية داخل مصر الشروط التالية:
1/ أن تكون مصر طرفاً في المعاهدة.
“وتصبح مصر طرفاً في المعاهدة بتوقيع وموافقة #رئيس_الجمهورية على المعاهدة باعتباره الذي يمثل مصر في علاقاتها الخارجية.
لما كانت المادة 310 من قانون المرافعات -والتي اختتم بها المشرع الفصل الخاص بتنفيذ الأحكام والأوامر والسندات الأجنبية -تقضى بأنه إذا وجدت معاهدات بين مصر وغيرها من الدول بشأن تنفيذ الأحكام الأجنبية فإنه يتعين إعمال أحكام هذه المعاهدات وكانت مصر قد انضمت إلى إتفاقية نيويورك لسنة 1958 بشأن أحكام المحكمين الأجنبية وتنفيذها بقرار رئيس الجمهورية رقم 171 لسنة 1959 وصارت نافذة إبتداءاً من 8 يونيو سنة 1959 ومن ثم فإنها تكون قانوناً من قوانين الدولة واجبة التطبيق ولو تعارضت مع أحكام قانون المرافعات (الطعن رقم 2994 لسنة 57 ق)
2/ أن يتم الحصول على موافقة#مجلس_النواب .
المقرر -في قضاء محكمة النقض -أن إبرام الدولة لمعاهدة تمت الموافقة عليها من السلطة التشريعية يجعلها قانوناً من قوانينها النافذة يجرى تطبيقها على المنازعات الخاصة بها ونصت الفقرة الأولى من المادة الثالثة من القانون 141 لسنة 1981 بتصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة على أن “يستمر تطبيق أحكام اتفاقات التعويضات المبرمة مع بعض الدول الأجنبية على رعايا هذه الدول الذين خضعوا لتدابير الحراسة المشار إليها في المادة الأولى من هذا القانون” (الطعن رقم 2500 لسنة 67 ق)
3/ أن يتم التصديق عليها من رئيس الجمهورية.
للاتفاقيات التي تبرمها الدولة ذات المرتبة والقوة الإلزامية للقانون بمجرد التصديق عليها ونشرها (فتوى رقم 818 سنة 56)
4/ أن يتم نشرها في الجريدة_الرسمية .
لما كانت جمهورية مصر العربية قد انضمت لمنظمة التجارة العالمية والاتفاقات التي تضمنتها الوثيقة الختامية المتضمنة نتائج جولة أورجواي للمفاوضات التجارية متعددة الأطراف وجداول تعهدات جمهورية مصر العربية في مجالي تجارة السلع والخدمات الموقعة في مراكش بالمملكة المغربية بتاريخ 15/4/1994 وذلك بموجب القرار الجمهوري رقم 72 لسنة 1995 والذي وافق عليه مجلس الشعب بجلسته المنعقدة في 16/4/1995 ونشرت بالجريدة الرسمية في 15/6/1995 دون الجداول والتي نشرت بتاريخ 29/8/2002 استداركاً لما سبق نشره بتاريخ 15/6/1995 دون تحفظ على مواعيد التطبيق أو إشارة إلى إرجائها لتاريخ آخر وبالتالي فهو كاشفاً، وليس منشئاً ومن ثم فإن الاتفاقية بما أرفق بها من جداول تعهدات مصر تعتبر من قوانين الدولة، ومن ثم واجبة التطبيق في تاريخ نشرها 15/6/1995، ولما كان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد انتهى في قضائه إلى ذلك فإنه يكون سائغاً وله معينه من الأوراق ويكفي لحمل قضائه، فإن النعي عليه بأن الاتفاقية سالفة الذكر لا تعد تشريعاً نافذاًَ في مصر إلا من تاريخ نشر الجداول التي تضمنت التعريفة الجمركية في 29/8/2002 يكون غير صحيح الأمر الذي يغدو معه الطعن برمته غير مقبول مما يتعين معه التقرير فيه بذلك. (الطعن رقم 2333 لسنة 75 ق)
حيث أنه يمتنع على المحاكم المصرية تطبيق المعاهدة الدولية طالما أنها لم تنشر داخلياً وذلك لأن النشر يعد شرطاً لازماً لاكتساب المعاهدة قوة القانون، ولذا يعد الدفع بعدم النشر من الدفوع الجوهرية في هذا الصدد والتي تتعلق بالنظام العام. (2)
فتصبح المعاهدة في مرتبة معادلة للقوانين الداخلية للدولة.
حيث يصدر رئيس الجمهورية قراراً بالموافقة على الاتفاقية وتنشر بقرار وزير الخارجية بنشر المعاهدة في الجريدة الرسمية يحدد فيه تاريخ العمل بهذه الاتفاقية.
ما تأثير إصدار تشريع داخلي خاص بالمعاهدة بالقوة الإلزامية لها؟
اتجه أغلب الفقه فى مصر الى أن المعاهدات الدولية التي تم إبرامها والتصديق عليها ونشرها تصبح نافذة دون حاجة لإصدارها في شكل تشريع خاص بها من البرلمان أي أنها تصبح في مرتبة القانون الداخلي ومن ثم تصبح خاضعة لرقابة الدستورية في ضوء ذلك ويستند غالبية الفقه في هذا الصدد الى الأخذ بمبدأ وحدة القانونية الدولي والداخلي باعتبارهما نظام قانوني واحد.
والقضاء المصري لم يحسم هذا الأمر أيضاً فقد انتهت محكمة النقض المصرية في بعض أحكامها بتبنيها مذهب وحدة القانون وأنه يكتفي بالتصديق والنشر دون حاجة الى إصدار المعاهدة الدولية في صورة تشريع داخلي،
ولما كان وفاق سنة 1902 قد صدق عليه مجلس النظار ونشر بالوقائع الرسمية كما نشر بمجموعة القوانين والقرارات المصرية فإنه يكون قانوناً من قوانين الدولة . (الطعن رقم 137 لسنة 22 ق)
وفي حكم آخر لم تكتفي المحكمة بالتصديق على المعاهدة لنفاذها داخلياً وإنما تستلزم صدور مرسوم أو قرار أو قانون يميز للمعاهدة أن تنتج آثارها داخلياً على نحو كامل.
اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية المنعقدة بتاريخ 1961/4/18 والتي أصبحت قانوناً نافذاً في مصر بمقتضى القرار الجمهوري 469 لسنة 1964 المنشور بالجريدة الرسمية بتاريخ 1964/11/25 قد نصت في مادتها الثالثة . (الطعن رقم 450 لسنة 45 ق)
الاتفاقية التي تبرمها جمهورية مصر العربية مع دولة أخرى لتنظيم مسألة بعينها تتعلق برعايا أي منهما تصبح بصدور القرار الجمهوري الخاص بها تشريعا نافذا في مصر تطبق على المنازعات الخاضعة لها بوصفها قانونا “داخليا”، ومن ثم فإنها لا تعد عملاً من أعمال السيادة التي يخرج عن ولاية المحاكم نظر النزاع بشأنها . (الطعن رقم 3868 لسنة 67 ق)
(1) المحكمة الدستورية العليا – الطعن رقم 30 – لسنة 17 قضائية
(2) المعاهدات الدولية أمام القاضي الجنائي – على عبد القادر القهوجي – ص9
(3) نطاق الرقابة على دستورية المعاهدات الدولية – محمد السيد صالح حجازي
اترك تعليقاً