لما كان الهدف الأساسي للزواج هو العيش المشترك بين الزوجين ، فإنه يترتب على ذلك التزام الزوج بالإنفاق على زوجته من تاريخ العقد إلى انتهاء العلاقة الزوجية بعد وقوع الطلاق وحتى انتهاء العدة ، ويعد حقا من الحقوق الثابتة للزوجة والنفقة معناها في اللغة والإخراج ، والإنفاق. والنفقة اسم مصدر ، وفي اصطلاح الفقهاء هي اسم للشيء (المال) الذي ينفقه الانسان على نفسه وعياله وزوجته وأقاربه. وتشمل الطعام والكسوة والمسكن والدواء وجميع ما به مقومات الحياة بحسب العرف ، وهي حق (1) وواجب للزوجة على زوجها . وتستحق الزوجة النفقة على زوجها بمقتضى عقد الزواج الصحيح ، فلا تجب النفقة لمن عقد عليها عقدا فاسدا ، وتستحق الزوجة النفقة سواء أكانت ثرية أم فقيرة دون تمييز بينهما ، لتوفر سبب الاستحقاق وهو الزوجية (2) .وتستحق الزوجة نفقتها ولو كانت في بيت أهلها . لأن الزوج هو الملزم بالإنفاق عليها ، فلو كانت مريضة مرضا يمنعها من مطاوعة الزوج فنفقتها لازمة ، أما إذا مرضت الزوجة قبل الزفاف ، وكان مرضها عائقا دون انتقالها إلى بيت الزوج تسقط النفقة ، وكذلك أن امتنعت المرأة عن الانتقال إلى بيت الزوج . ونصت المادة (٢٣) على ذلك بقولها (1 - تجب النفقة للزوجة على الزوج من حين العقد الصحيح ولو كانت مقيمة في بيت أهلها إلا إذا طالبها الزوج بالانتقال إلى بت فامتنعت بغير حق) (3) .
أسباب وجوب النفقة :
وأسباب وجوب نفقة الزوجية على زوجها ما نصت عليه المادة (23) وهي :
أولاً : الزوجية : فقد أجمع الفقهاء المسلمون على أن نفقة الزوجة على زوجها ويأتي التوجيه الأخلاقي من القران الكريم بقوله تعالى : {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (4) ولقوله تعالى أيضاً : {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ} (5) إذن سبب نفقة الزوجة على زوجها ، هو (عقد الزواج الصحيح) الذي جعلها في عصمته هذا من ناحية ، ثم أن كرامة المرأة ، وصونها عن الابتذال أو تعريض كرامتها للامتهان ، موجب من ناحية أخرى ، أن تكون نفقتها ، في مال الزوج – بوصفه المسؤول الأول عن الأسرة – من حين العقد ، حتى ولو كانت موسرة ، أو مخالفة له في الدين ، أو كانت مقيمة في بيت أهلها طالما لم يطلبها الى بيته . أما إذا كان الزواج فاسدا أو باطلا ، فإنها لا تستحق النفقة ، لانتفاء سبب وجوبها .
ثانياً : أن تكون الزوجة صالحة للمعاشرة الزوجية : أما إذا كانت صغيرة لا يمكن الدخول بها فلا تجب لها النفقة عند أكثر الفقهاء حتى لو أمكن الانتفاع بها في الخدمة ، والزوجة المريضة تستحق النفقة إلا في حالتين :
١- أن تمرض قبل الزفاف بحيث لا يمكنها معه الانتقال إلى بيت الزوجية ، لأن حق المعاشرة غير ممكن في هذه الحالة .
٢- أن تمرض بعد الزفاف في بيت أبيها ، ويطلب منها الزوج الانتقال إلى بيته فتمتنع مع القدرة على الانتقال .
عناصر النفقة :
نصت الفقرة (2) من المادة (٢٤) على ما يأتي (تشمل النفقة الطعام والكسوة والسكن ولوازمها واجرة التطبيب بالقدر المعروف وخدمة الزوجة التي يكون لأمثالها معين) إذن تشمل النفقة الزوجية كل ما تحتاج إليه الزوجة لاستهلاكها في مقتضيات الحياة وتتطلب منه طعاما وكسوة ومسكنا ودواء وخدمة بحسب المتعارف عليه بين الناس ، وهي على النحو الآتي (6) :
١ - الطعام : أن نفقة الطعام غير مقدرة في نفسها ، وانما يجب للزوجة من الطعام ما يكفيها لإقامة البنية ، ويجوز للقاضي أن يفرض نفقة الطعام منفصلة أو ضمن النفقة بأنواعها ويراعي في ذلك حاجة الزوجة واقتدار الزوج . فإن كانت مقيمة في بيت الزوج ، ويتولى بنفسه الإنفاق عليها ، فليس لها أن تطلب تقدير نفقة على زوجها .
٢ - الكسوة : كسوة الزوجة واجبة من وقت العقد الصحيح ٠ وهي ما تحتاج إليه عادة الزوجة من الثياب لوقايتها الخارجية ، ويجوز للقاضي أن يفرض نفقة الكسوة منفصلة أو فمن النفقة بأنواعها ويراعي في ذلك حالة الزوجة واقتدار الزوج ؟ ويحدد أنواع الثياب ويعينها بما يتناسب مع حالته المالية ومنزلته الاجتماعية.
٣- المسكن : لما كانت نفقة الزوجة واجبة على زوجها ، ولما كانت النفقة الزوجية تشمل المسكن كما مر ذكره في المادة (٢٤ / ٢) آنفاً وهو هن مقومات الحياة وضروراتها . فإنه يجب على الزوج أن يهيء لزوجته مسكنا يليق بالسكن مستوفيا للشروط الشرعية ، لقوله عز شأنه : {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} (7) فإن امتنع الزوج عن ذلك فرض لها القاضي أجرة السكن . ولكي يكون المسكن شرعيا يجب توفر الشروط الآتية :
(أ) أن يكون المسكن لائقا بحاله وحالها بحيث يتناسب مع أمثالها ، وحالة الزوج الاجتماعية والمالية ، سواء أكان مسكنا صغيرا أم شقة من منزل لها مرافقها المستقلة ، أم غرفة تبعا لمقدرة الزوج وعرف أمثالها في المسكن . وأن يكون مشتملا على الأثاث والأواني والأدوات التي لا بد منها لكل بيت . وأن تكون الأثاث البينية غير متنازع عليها (8) .
(ب) أن يكون المسكن معدا في محل إقامة الزوج ، وفي مكان آمن وبين جيران صالحين ، بحيث تأنس بهم الزوجة وتأمن على نفسها ومالها ، ومن شروط البيت الشرعي أيضا تواجد الزوج في أغلب الأوقات (9) .
(جـ) أن يكون المسكن خاصا بالزوجة لا يشاركها فيه أحد حتى لو كان من أهل الزوج وأولاده من غيرها بغير رضاها . لأن راحة الزوجة في مسكنها حق من أبسط حقوقها ، فإذا ما شاركها السكن أهل زوجها كامه وأخته أو أخيه ، فقد يكون ذلك من أسباب ضيقها وهذا ما نصت عليه المادة (٢٦) على ذلك (ليس للزوج أن يسكن مع زوجته ضرتها في دار واحدة بغير رضاها ، وليس له إسكان أحد من أقاربه معها إلا برضاها ، سوى ولده الصغير غير المميز) (10) وهذه المادة توضح الحدود التي يتمكن ضمنها الزوج والزوجة في إمكان الغير في المسكن الزوجي . كما لا يحق للزوج أن يسكن مع زوجته ضرة لها في دار واحدة إلا إذا رضيت بذلك ، والمفهوم المخالفة للنص أنه من حق أي من الضرتين العدول عن موافقتها وعلى الزوج حينئذ أن يهيء لكل منهما مسكنا خاصا ، كما لا يمكن للزوج أن يسكن مع زوجته أولاده المميزين المولودين من زوجة أخرى إلا بموافقتها عملا بأحكام (م/ ٢٦) أحوال شخصية .
٤- نفقة الخادم : إذا كان الزوج موسرا ، وزوجته ممن اعتدن أن يكون لهن خادم ، كان على الزوج أن يحضر لها خادما وتكون نفقته عليه .
٥- أجرة التطبيب : نصت الفقرة (٢) من المادة (٢٤) على أن أجرة (11) التطبيب حق للزوجة على الزوج بالقدر المعروف . . . ومنها أجرة الطبيب وثمن الدواء . وهذا حكم تعبدي مستنبط من أحكام الشريعة الإسلامية وترجمه الرسول (صلى الله عليه وآله) بقوله : (خيركم خيركم لامرأته) وقال : (ما أكرم النساء إلا كريم) لذا فمن يرى زوجته وشريكة حياته مريضة تقاسي الأوجاع والآلام ثم يمتنع عن دفع أجرة الطبيب لها . . . فهو رجل ناقص المرؤة . ويتبع هذه العناصر ، عناصر أخرى ، حسب العرف ، كنفقات أو مصاريف الولادة (12) ، من أجرة القابلة والمستشفى وأجور العملية ، أو ما تتقوى به المرأة أبان الولادة ، ويحكم للزوجة بمصاريف الولادة بدعوى شرعية بعد عرضها على خبير لتقديرها على أساس أن مصاريف الولادة تعتبر دينا بالذمة . ولا يلزم الزوج . شرعا وقانونا – بدفع نفقات التدخين لزوجته (13) لان النفقة الزوجية تشمل الطعام والكساء والسكن والتطبيب وخدمة الزوجة التي يكون لأمثالها معين .
سقوط النفقة :
لئن كان السبب في وجوب النفقة الزوجية هو العقد الصحيح ، فان الشرط لاستحقاقها ، هو المعاشرة الزوجية والاستعداد لها ، فإذا تركت دار الزوجية ، أو نشزت الزوجة ، أو حبست عن جريمة أو دين ، أو امتنعت عن السكن مع زوجها ، أم رفضت السفر معه دون عذر ، فلا نفقة لها ، وقد نصت الفقرة (١) من المادة (٢٥) على حالات سقوط النفقة بقولها :
(1- لا نفقة للزوجة في الأحوال الآتية :
(أ) إذا تركت بيت زوجها بلا اذن ، وبغير وجه شرعي.
(ب) إذا حبست عن جريمة أو دين .
(جـ) إذا امتنعت عن السفر مع زوجها بدون عذر مشروع).
يفهم من الحالات ، أنه إذا خرجت الزوجة من دار الزوجية دون عذر ومن غير علم وموافقة زوجها فإنها لا نفقة لها وتعد ناشزا ، والنشوز يسقط حقها في النفقة . وكذلك إذا ارتكبت الزوجة جريمة وحكم عليها بالحبس عن جريمة أو دين (14) تطبيقا لأحكام قانون التنفيذ لكونها مدينة لأحد الناس فلا نفقة لها على زوجها ، وبالعكس فلو حبس الزوج فلا تسقط نفقتها.والفقرة الأخيرة تناولت مسألة امتناع الزوجة عن السفر مع زوجها ، فإن كان دون عذر مبرر فلا نفقة لها ، أي يجب أن تسافر الزوجة مع زوجها إذا تحققت شروط السفر فليس لها أن تمتنع. أما إذا كان لها سبب وجيه للامتناع كأن تكون مريضة لا تستطيع السفر معه ، أو كان القصد من السفر الأضرار بالزوجة بعيدا عن أهلها وعشيرتها ، أو كان الزوج غير أمين عليها بشرفها أو مالها ، فلا يسقط حقها بالنفقة. والى هذه الأحكام أشاره الفقرة (٢) من المادة (٢٥) إلى حكم جديد إذا كان الزوج متعسفا في طلب المطاوعة قاصدا الأضرار بها بقولها.” 2- لا تلزم الزوجة بمطاوعة زوجها ، ولا يعد ناشزا ، إذا كان الزوج متعسفا في طلب المطاوعة قاصدا الأضرار بها أو التضييق عليها ، ويعد من قبيل التعسف والأضرار بوجه خاص ما يأتي :
(أ) عدم تهيئة الزوج لزوجته بيتا شرعيا يتناسب مع حالة الزوجين الاجتماعية والاقتصادية.
(ب) إذا كان البيت الشرعي المهيأ بعيدا عن محل عمل الزوجة ، بحيث يتعذر معه التوفيق بين التزاماتها البيتية والوظيفية ” (15) .
(جـ) إذا كانت الأثاث المجهز للبيت الشرعي لا يعود للزوج.
(د) إذا كانت الزوجة مريضة بمرض يمنعها من مطاوعة زوجها” .
ولهذا تتريث المحكمة في إصدار الحكم بنشوز الزوجة حتى تقف على اسباب رفضها مطاوعة زوجها (16).كما ان على المحكمة ان تقضي بنشوز الزوجة ، بعد أن تستنفذ جميع مساعيها في إزالة الأسباب القائمة بينهما التي تحول دون مطاوعتها (17) ومن ناحية أخرى ، يعتبر حكم النشوز سببا من أسباب التفريق عملا بأحكام التعديل الرابع لقانون الأحوال الشخصية في 31/ 3 / ١٩٨٠ وليس حكم المطاوعة(18).و لهذا فقد جرى العمل بعد صدور التعديل على أن يصدر حكم المطاوعة وينفذ في دائرة التنفيذ وبعد امتناع الزوجة عن المطاوعة تزود داثرة التنفيذ الزوج باستشهاد بذلك ويقيم الزوج الدعوى لإثبات النشوز وذلك لخطورة حكم النشوز أن يترتب عليه التفريق وسقوط مهر الزوجة.
اساس تقدير النفقة :
أساس تقدير النفقة ، غير متفق عليه بين الفقهاء المسلمين فقال المالكية ، أن النفقة تقدر بوسع الزوج وحال الزوجة . أما الشافعية وبعض من الحنفية ، فقالوا ، أن النفقة تقدر بحسب حال الزوج فقط ، يسارا واعسارا ، وحجتهم قوله تعالى :(. . . لا يكلف الله نفسا إلا ما ءاتئها . . .) (19) ، والحنابلة قالوا تقدر النفقة بحسب حال الزوجين معا . والجعفرية بحال الزوجة .
أما المادة (٢٧) من قانون الأحوال الشخصية فنصت على أن” تقدر النفقة للزوجة على زوجها بحسب حالتيهما يسرا وعسرا ” . فإذا كال الزوجان موسرين تقدر نفقة اليسار واذا كانا معسرين تقدر نفقة الأعسار واذ كال أحدهما موسرا والآخر معسرا فتقدر نفقة الوسط . ونرى حال الزوج هو الأولى لانه هو المكلف بالنفقة . والمادة (٢٨) من القانون عالجت زيادة النفقة ونقصها إذا تغيرت حال المكلف بالنفقة ، أي الحال التي اتخذت أساسا لتقدير النفقة ، أو تغيرت الظروف المعاشية أو الاقتصادية العامة للبلد. بقولها : “1- تجوز زيادة النفقة نقصها بتبدل حال الزوجين المالية وأسعار البلد” . و عليه ، إذا أراد القاضي أن يقدر نفقة الزوجة فلا بد أن يراعي ما يأتي :
1- حال الزوجين المالية : وفي هذه الحالة تقدر النفقة حسب اقتدار الزوج المالي بما يناسب حالة ومكانة الزوجة المالية والاجتماعية.
٢ - حال الأسعار من الارتفاع والانخفاض : لأن ما يفرض للزوجة إنما هو ثمن لما تحتاجه ، ولا بد من الانتباه إلى مراعاة حال الزوج وحال الأسعار فإذا ما تغيرت حال الزوج المالية والأسعار وجب على القاضي- بناء على طلب الزوجة – أن يعدل نفقتها بما يناسب الوضع الجديد. . . وزيادة النفقة ونقصها تكون من خلال إقامة دعوى عند حدوث طوارئ تقتضي ذلك ، كزيادة موارد الزوج المالية أو ارتفاع تكاليف المعيشة ولوازمها . وقد يطلب الزوج تنقيص النفقة وتخفيضها كإحالته على التقاعد وراتبه التقاعدي أقل مما كان يتقاضاه عندما كان موظفا ، وهذا ما نصت عليه فقرة (٢) (م ٢٨) ” تقبل دعوى الزيادة أو النقص في النفقة المفروضة عند حدوث طوارئ تقتضي ذلك “.
النفقة المؤقتة :
قد تطول مدة الدعوى. فتقع المرأة في حرج من تأخير الحكم ، مع حاجتها إلى ما تنفق منه على نفسها. فإذا رأى القاضي الذي ينظر دعوى النفقة ، أن الزوجة بحاجة إلى شيء من النفقة ، قررها لها. و يجوز أن يفرض القاضي النفقة المؤقتة بعد تسجيل الدعوى مباشرة في قلم المحكمة ولو دون طلب. كما يجوز فرضها أثناء النظر في الدعوى وخلال أية جلة من جلسات المرافعة قبل ختامها . ويكون قرار القاضي بالنفقة المؤقتة مشمولا بأحكام النفاذ المعجل بقوة القانون ، رعاية لحاجة الزوجة بغية سد عوزها إلى أن تحسم الدعوى فإن حكم للزوجة بالنفقة احتسب ما تسلمته منها ، وإن ردت دعواها فما قبضته على سبيل النفقة المؤقتة دين للزوج في ذمتها. وهذا ما أكدت المادة (31) من القانون على أن “1- للقاضي اثناء النظر في دعوى الفقه أن يقرر تقدير نفقة مؤقتة للزوجة على زوجها ويكوك هذا القرار قابلا للتنفيذ .
يكون القرار المذكور تابعا لنتيجة الحكم الأصلي من حيث احتسابه أو رده ” .
وكما أجاز القانون للقاضي أثناء النظر في الدعوى أن يقدر نفقة مؤقتة للزوجة ، أجازت المادة (302) من قانون المرافعات المدنية للقاضي أن يقدر نفقة مؤقتة للأولاد(20) وللزوجة في عريضة الدعوى أو في أثناء المرافعة أو بطلب مستقل بعد إقامه دعوى النفقة . وينظم القاضي قرار النفقة المؤقتة بنسختين ويسلم نسخة منه إلى المدعية للتنفيذ ، ويكون هذا القرار قابلا للتنفيذ وتابعا لنتيجة الحكم الأصلي . . . ففي حالة حسم الدعوى فإن قرار الحكم يتضمن معالجة قرار النفقة المؤقتة . أما في حالة إبطال الدعوى فتشعر دائرة التنفيذ بذلك حيث يعد قرار النفقة كأن لم يكن . وفي كثير من الأحيان تصرف هذه النفقة من صندوق خاص ” صندوق النفقات المؤقتة ” (21) بالمحاكم إلى حين إكمال الإجراءات . فالزوجة التي تقيم دعوى تستحق نفقة تأخذها من هذا الصندوق لفترة من الزمن والى حين إبلاغ الزوج بدفعها ، ولكن الذي يجب أن نشير إليه أن بعض الزوجات وحينما تبدأ بتسلمها تترك الدعوى إلى أن تبطل فحينما ينتبه الزوج على ذلك يستفيد هو من إهمالها هذا فيراجع التنفيذ ويصبح كل ما أخذته الزوجة ليس من حقها فتبدأ مديرية التنفيذ بمطالبتها باسترداد ما أخذته . لذا وجب على جميع المحاكم أن تنبه الزوجة على هذه النقطة المهمة وهي متابعة دعواها .
دين النفقة :
دين النفقة يعد دينا قويا ، أن أنه وجب لإقامة الأولاد والمحافظة على البدن ، الذي هو أحد الضرورات الخمس- الجسم والعقل والدين والعرض والمال- التي جاء الشرع بضرورة حفظها وصيانها عن التلف ، وعدها القانون دينا ممتازا يتقدم على بقية الديون. الأصل في وجوب النفقة أن تثبت في ذمة الزوج من حين امتناعه عن الانفاق على زوجته ولو امتد سنوات(22) ولم يكن ثمة نشوز مسقط لها . ولم يقض بها قاض ، أو لم يكن هناك اتفاق على نفقة رضائية بين الزوجين. وعلى هذا صيغت الفقرة (١) من المادة (٢٤) على أنه ” تعتبر نفقة الزوجة غير الناشز دينا في ذمة زوجها من وقت امتناع الزوج عن الإنفاق ا” . يفهم من النص أنه أطلق جواز المطالبة بالنفقة عن مدة سابقة لاحتمال أن تترك مطالبته بالنفقة سنوات عديدة ثم تطالبه بعد ذلك فجأة وجملة واحدة. مما يرهق الزوج ويحرجه ، لذا نرى ضرورة تحديد المدة الماضية في الدعوى ، التي يحق للزوجة أن تطالب بنفقتها عنها بثلاث سنوات ، أو سنتين مثلا- كما فعلت بعض القوانين العربية – لتحمل الزوجة على المطالبة بحقها ، أولا فأولا. ولا تتأخر أو تسكت عن المطالبة أكثر من تلك المدة ، حيث يلاحظ أن بعض الزوجات ترفع دعوى تطالب بنفقة عشر سنوات أو خمس سنوات سابقة.
نموذج قرار فرض النفقة المؤقتة :
محكمة الاحوال الشخصية في …… رقم الاضبارة /
تشكلت محكمة الاحوال الشخصية في …. بتاريخ / / / من قاضيها السيد …… المأذون بالقضاء باسم الشعب واصدرت قرارها الاتي : ـ
المدعية /
المدعى عليه /
القــــــــرار
بناء على دعوى المدعية وثبوت الزوجية والبنوة ولطلب المدعية قررت المحكمة فرض نفقة مؤقتة للمدعية من نفقتها الزوجية ( ) يوميا ومن نفقة اولادها ….. ، …… ، …….. ، ………. ، لكل واحد منهم ( ) دينار يوميا . وذلك اعتبارا من تاريخ هذا القرار . قرارا تابعا لنتيجة الدعوى من حيث الزيادة والنقصان والاحتساب والرد قابلا للتنفيذ . استنادا لحكم المادة (31) من قانون الاحوال الشخصية والمادة (302) من قانون المرافعات المدنية وصدر القرار بتاريخ / / /
القاضي
قواعد عامة في دعاوى النفقة والمطاوعة (23) :
ا – إذا أقامت الزوجة دعوى نفقة وأقام الزوج دعوى مطاوعة فيجب توحيد الدعويين لأن دعوى المطاوعة تعد دفعا لدعوى النفقة.
2 – لا توجد دعوى النفقة مع دعوى التفريق ، حيث يتم الحكم في دعوى النفقة مع الاستمرار بدعوى التفريق ، أي لا يجوز استئخار دعوى النفقة لحين البت في دعوى التفريق (24) .
٣ - تعد دعوى المطاوعة مستأخرة إذا أقامت الزوجة دعوى التفريق (25) .
٤ - إذا استحصل الزوج حكما بمطاوعة زوجته ، فإن دائرة التنفيذ تكتفي (بتنبيه) الزوجة بالمطاوعة وتثبيت موقفها ، ولا ينفذ حكم المطاوعة جبرا . وللزوج بعد تنفيذ الحكم بالمطاوعة وتبلغ الزوجة و عند عدم مطاوعتها إقامة دعوى النشوز. ويترتب على الحكم على الزوجة بالنشوز.
(أ) للزوج إقامة دعوى التفريق بعد اكتساب حكم النشوز الدرجة القطعية.
(ب) للزوجة إقامة دعوى التفريق بعد مرور (سنتين) من تاريخ اكتساب حكم النشوز درجة البتات.
واذا حكمت المحكمة بالتفريق في الحالتين فتحكم بإسقاط مهرها المؤجل إذا كان التفريق بعد الدخول واذا كانت قد قبضته فتلزم برد نصفه . أما إذا كان التفريق قبل الدخول فتلزم الزوجة برد مهرها المعجل ويسقط مهرها المؤجل.(المادة ٢٥ / المعدلة) .
٥ – يجب إشعار دائرة التنفيذ بإبطال النفقة المؤقتة التي فرضتها ، بسبب ترك دعوى النفقة من قبل المدعية ، حيث لا يجوز الاستمرار بتنفيذها إذا أبطلت عريضة الدعوى.
٦ - للزوجة أن تطالب بالنفقة الماضية ضمن دعوى النفقة المستمرة ، كما يجوز لها المطالبة بالنفقة الماضية بدعوى مستقلة.
7- إذا أقامت الزوجة دعوى النفقة ووافق الزوج على مقدار معين يحكم لها ، أما إذا دفع بأنه معد لتهيئة بيت شرعي وبموافقة الزوجة تجري المحكمة الكشف عليه . . . وعندئذ يحكم للزوجة بالنفقة من تاريخ استدعاء الدعوى أو الترك إلى تاريخ إعداد البيت الشرعي.
__________________
1- أكد الرسول الكريم صلى الله عليه واله وسلم في حجة الوداع ” ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف ” وقال أطعموهن مما تأكلون وأكسوهن مما تكتسون ولا تضربوهن ولا تقبحوهن ” .
2- للمزيد من التفاصيل لاحظ ، د. احمد الكبيسي ، شرح قانون الاحوال الشخصية ، في الفقه والقضاء ، والقانون – الزواج والطلاق واثارهما ، مطبعة الارشاد ، بغداد – الجزء الاول ، 1970، ص ١٣٥ ، د. أنور العمروسي ، المرجع الوافي في قضاء الأحوال الشخصية للمعلمين ، دار الفكر الحديث للطبع والنشر ١٩٦3 ، ص ٢٥٥ - ٢٥٦ والشيخ محمد زيد الأبياني ، شرح الأحكام الشرعية في الأحوال الشخصية ، ص ٢٢٧ . زكي الدين شعبان ، الزواج والطلاق في الإسلام ، الدار القوصية للطباعة والنشر ، القاهرة ، ١١٦٤ ، ص ٦٨ .
3- جاء في الفصل (٢3) من قانون الأحوال الشخصية التونسي (على الزوج أن يعامل زوجته بالمعروف ويحسن معاشرتها ويتجنب إلحاق الضرر بها وأن ينفق عليها وعلى أولاده منها على قدر حاله وحالها في عامة الشؤون المشمولة في حقيقة النفقة والزوجة تساهم في الإنفاق على العائلة ، وتطيعه فيما يأمر به في هذه الحقوق تقوم بواجباتها الزوجية حسبما يقتضيه العرف والعادة) .
وكذلك الفصل (35) من مدونة الأحوال الشخصية المغربية ، حقوق المرأة على الزوج :
١- النفقة الشرعية من طعام وكسوة وتمريض واسكان .
٢- العدل والتسوية إذا كان ال جل متزوجاً بأكثر من واحدة.
3- السماح للزوجة بزيارة أهلها واستزارتهم بالمعروف.
٤- للمرأة حريتها الكاملة في التصرف في مالها دون رقابة الزوج أن لا ولاية للزوج على مال زوجته . ونص قانون الأحوال الشخصية الأردني في المواد (٣٥-٤٠) والمواد (٦٦- ٨٢) على أحكام النفقة.
4- سورة البقرة ، الآية (٢٣٣).
5- سورة الطلاق ، الآية (٧).
6- انظر د. أنور العمروسي ، المرجع الوافي في قضاء الأحوال الشخصية. . . المرجع السابق ، ص ٢٥٨ و ص ٢٦٢-٣٦٣ ، د. أحمد الكبيسي ، شرح قانون الأحوال الشخصية ، المرجح السابق ، ص 110 – 111 .
ود. محمد عباس السامرائي وآخرون ، شرح قانون الأحوال الشخصية ، ص ١١٠- 111 .
7- سورة الطلاق ، الآية (٦).
8- قرار ٩١٩ / شخصية/ ١٩٨٢ بتاريخ 29/ 12 / ١٩٨٢ . منشور في مجموعة الأحكام العدلية ، العدد (الرابع) السنة (١٣) ١٩٨٢ . وكذلك 1716 / شخصية / ٨٣-١٩٨٤ بتاريخ ١ / ٢ / ١٩٨٤ مجموعة الأحكام العدلية ، الأعداد ١ و ٢ و ٧ و ٤ لسنة ١٩٨٤ .
9- قرار ٧٧٠ / شخصية/ ٨٢-١٩٨٣ بتاريخ 27/ ١٠ / ١٩٨٢ نفس المصادر أعلاه.
10- قرار ٥٠٨ / شخصية/ 82 - ١٩٨٧ ، بتاريخ ١٦ / ١٠ / ٩٨٢ا ، نفس المصدر أعلاه .
11- نصت المادة (78) من قانون الأحوال الشخصية الأردني : (أجرة القابلة والطبيب الذي يستحضر لأجل الولادة عند الحاجة إليه وثمن العلاج والنفقات التي تستلزمها الولادة على الزوج بالقدر المعروف حسب حاله سواه كانت الزوجية قائمة أو غير قائمة .
12- قرار ٣٨٧ / شخصية/ ٩٧٥ في ١٤ / ٤ / ٩٧٥ا ، مجموعة الأحكام العدلية العدد الثاني ص ١ ، ١٩٧٥ وكذلك قرار ١٠٢٢ / شخصية/ ١٩٧٥ في ١٦ / ٧ / ١٩٧٥ مجموعة الأحكام العدلية (٣) السنة السادسة ١٩٧٥ .
13- قرار ١٩٧٤ / شخصية/ ١٩٧٩ في ٢٤ / ١ / ١٩٨٠ مجموعة الأحكام العدلية ، العدد الأول ، ص الحادية عشرة ، ٩٨٠ا .
14 أن نص القانون في المادة (٣٥ / ١- ب) غير دقيق لأن الحبس عن الدين ليس عقوبة ولا بديل عن الدين وانما هو أجزاء يتخذه المنفذ العدل لإجبار الموسر على دفع الدين وما سمي (الإكراه البدني) فليس من الدقة القول (حبست عن دين).
15- قرار مجلس قيادة الثورة رقم (١٣٥٧) في ٩ / ١٢ / ١٩٦٤ أوقف العمل بالبندين (أ وب) من الفقرة (2) المادة (٢٥) للعسكريين المكلفين و الاحتياط ما داموا يؤدونها ويسري أثره على الدعاوي التي لم يصدر فيها حكم مكتسب درجة البتات ويعمل به طيلة فترة الحرب.
منشور بالوقائع العراقية بعدد (٣٠٢٥) في ٢٤ / ١٢ / ١٩٨٤ .
16- انظر الفقرة (٣) من المادة (٢٥) من قانون الأحوال الشخصية العراقي.
17- الفقرة (٤) من المادة (٢٥) م القانون ذاته.
18- قرار 835 / شخصية / 82 – 1983 وبتاريخ ٢٥ / ١٢ / ١٩٨٢ منشور في مجموعة الأحكام العدلية ا العدد (الرابع) السنة (١٣) ١٩٨٢ .
وكذلك قرار ١٦٩٦ / شخصية/ ٨٣ - ١٩٨٤ في ٢٠ / ٢ / ١٩٨٤ مجموعة الأحكام العدلية ، الأعداد (١ و ٢ و ٣ و ٤) لسنة ١٩٨٤ .
19- سورة الطلاق ، الآية (٧).
20- أن نص المادة (٣٠٢) من مرافعات أعطى الصلاحية لمحكمة الأحوال الشخصية بالحكم بصفة مستعجلة بنفقة مؤقتة دون تخصيصها بالصغير المحضون وانما يجوز فرضها لطالب النفقة ولو كان كبيرا إذا توافرت الأسباب التي تدعو إلى فرضها . قرار محكمة التمييز ١٢١٤٩ / شخصية/ ١٩٨٨ في 22 / 12 / 1988.
21- أنشئ بموجب قرار مجلس قيادة الثورة رقم 253 في ١٨ / ٢ / ١٩٨٠ .
الوقائع العراقية (٢٧٥٨) في ٢٥ / ٢ / ١٩٨٠.
22- حدد قانون الأحوال الشخصية السوري المدة السابقة في المادة (٧٨) بقولها ” ١ - يحكم للزوجة بالنفقة من تاريخ امتناع الزوج عن الانفاق الواجب عليه . . . 2- لا يحكم بأكثر ٠ نفقة أربعة أشهر سابقة للادعاء” .
وكذلك تنص المادة (73) من قانون الأحوال الشخصية الأردني” إذا امتنع الحاضر عن الإنفاق على زوجته وطلبت الزوجة النفقة يقدر القاضي نفقتها اعتبارا من يوم الطلب ويأمر بدفعها سلفا للأيام التي يعينها ” . ونصت المادة (53) من مشروع القانون العربي الموحد للأحوال الشخصية على أنه ” لا يحكم للزوجة بأكثر من نفقة سنتين سابقتين على المطالبة القضائية ما لم يتفق الزوجان على خلاف ذلك” . وفي القانون المصري تمنع سماح دعوى النفقة- خاصة نفقة الزوجة- لأكثر من ثلاث منوات سابقة على تقديم الدعوى م (٩٩) . وفي التعديل الجديد لمسائل الأحوال الشخصية المصري بموجب قرار جمهوري بتاريخ ٢٠ / ٦ / ١٩٧٩ ، ولا تسمع دعوى نفقة المدة الماضية لأكثر من سنة نهايتها تاريخ رقم الدعوى . . . “.
23- انظر : عبد القادر إبراهيم علي/ خلاصة المحاضرات ، شرح قانون الأحوال الشخصية. . . ، المرجع السابق ص ٧٨ - ٨٠ .
24- قرار 931 / شرعية/ ١٩٧3 في ١٢ / ١٢ / ١٩٧٣ ، النشرة القضائية ، العدد الرابع ، السنة الرابعة ، 1973 ، ص 260.
25- قرار ٩٩٧ / شرعية/ ١٩٧3 في ٣٠ / ١٢ / ١٩٧٣ ، النشرة القضائية ، العدد الرابع ، السنة الرابعة ، 1973 ، ص 259.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
26 أبريل، 2018 at 11:56 ص
هل عمل الزوجة بدون علم واذن الزوج يعد مخالفة قانونية في التشريع العراقي. علماً ان الزوجة لم تكن تعمل قبل الزواج .
17 مايو، 2019 at 1:48 ص
السلام عليكم لي خمسة أبناء اربع بنات وولد واحد تطلقت امهم منذ ثمان سنوات وانا ادفع نفقه من ثمان سنوات ولدي البكر تجاوز عمره ٢٥سنه واخته تزوجت ولها أطفال والبقيه لايزالون في الدراسه متى تسقط نفقت الولد والبنت المتزوج وماهو الإجراء القانوني جزاكم الله خيرا
13 يونيو، 2019 at 12:42 م
هذا المقال مأخوذ من بحث موسوم بـ ((حكام النفقة الماضية والمستمرة للزوجة وتطبيقاتها القضائية)) – القاضي عباس زياد كامل السعدي – جامعة النهرين – 2015م … ولم اجد في المقال اشارة الى المصدر … يجب التحلي بالامانة العلمية ..
12 يناير، 2020 at 10:59 م
اذا تزوجت الزوجه المطلقه برجل اخر تستمر النفقه ام تقطع