أحببت زميلا لي في العمل, واستطاع اقناعي بشتي الطرق أن أتزوجه بعقد عرفي حفاظا علي مكانته وصورته أمام زوجته وأبنائه ووسط زملائه. وأثث لي منزلا أنيقا.. وبعد عامين حدثت خلافات كثيرة بيني وبين زوجي,واتفقنا علي الانفصال, فهل عقد زواجي صحيح من الوجهة الشرعية؟
وهل يحق لي مطالبته بنفقة زوجية؟ وهل أستطيع الرجوع والإقامة في منزل الزوجية مع العلم بوجود ورقة الزواج معي؟ أرجو سرعة الإجابة.
البداية مع رأي الشريعة الإسلامية في هذا الموضوع والذي يوضحه لنا د.علوي خليل أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون قائلا: الزواج العرفي غالبا ما يطلق علي الزواج الذي لم يسجل في المحكمة, وهذا الزواج إن اشتمل علي الأركان والشروط وعدمت فيه الموانع فهو زواج صحيح لكنه لم يسجل في المحكمة, وقد يترتب علي ذلك مفاسد كثيرة, إذ أن المقصود من تسجيل الزواج في المحكمة صيانة الحقوق لكلا الزوجين وتوثيقها, وثبوت النسب وغير ذلك, ورفع الظلم أو الاعتداء إن وجد, فربما يتمكن الزوج أو الزوجة من أخذ الأوراق العرفية وتمزيقها وإنكار الزواج, وهذه التجاوزات تحدث كثيرا. وسواء كان الزواج عرفيا أو غير عرفي فلا بد أن تتوفر فيه الأركان والشروط كي يكون صحيحا. أما الأركان فأهمها: الإيجاب و القبول وأما الشروط فأهمها: الولي والشاهدان والصداق( المهر) لقوله صلي الله عليه وسلم: لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل, ولقوله صلي الله عليه وسلم: أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل, فنكاحها باطل, فنكاحها باطل, فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها, فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له, وأما الصداق فلا بد منه لقوله تعالي:( وآتوا النساء صدقاتهن نحلة), النساء:4] ولقوله صلي الله عليه وسلم لرجل أراد أن يزوجه من امرأة:التمس ولو خاتما من حديد. ومن هنا فإننا ننصح بالبعد عن الزواج العرفي, والحرص علي الزواج الصحيح الموثق.
كما ينبه إلي صورة محرمة منكرة يقع فيها بعض الناس وهي:( أن يلتقي الرجل بالمرأة ويقول لها: زوجيني نفسك, فتقول زوجتك نفسي, ويكتبان ورقة بذلك, ويعاشرها معاشرة الأزواج بحجة أنهما متزوجان زواجا عرفيا), فهذه الصورة ليست زواجا عرفيا ولا غيره, بل هي زنا لأنها تمت دون وجود الولي والشاهدين, وعلي من فعل ذلك التوبة إلي الله سبحانه وتعالي, وإذا أراد الزواج فليتزوج وفق الضوابط الشرعية المعتبرة في الزواج كما تقدم.
أما عن رأي القانون في حقوق المرأة من زواجها بعقد عرفي فيوضحه نشأت جلال عثمان المحامي بمحكمة النقض قائلا: إن الزواج الموثق علي يد مأذون دليل علي قيام الزوجية, والزواج بورقة عرفية ليس له ظل في الحقيقة والواقع القانوني, فالزواج الموثق يحفظ حقوق كل من الزوجين المالية وغير المالية, وفي الزواج بورقةعرفية ضياع لهذه الحقوق. فالزواج الموثق صيانة لشرف المرأة وشرف أهلها وفيه حماية لعرضها من ألسنة الناس, وفيه إحياء للولد ودليل علي ثبوت نسبه لأبيه, أما الزواج بورقة عرفية ففيه جدل أمام القضاء والناس. والمشرع يعترف بالوثائق الرسمية ولا يعترف بالأوراق العرفية كما في المادة99 من القانون رقم87 لسنة1931, فلا تسمع دعاوي الزوجية عند الإنكار إلا بوثيقة رسمية, وفي المادة17 من القانون رقم1 لسنة2000 لا تقبل عند الإنكار الدعاوي الناشئة عن عقد الزواج في الوقائع اللاحقة علي أول أغسطس سنة1931 ما لم يكن الزواج ثابتا بوثيقة رسمية, ومع ذلك تقبل دعوي التطليق أوالفسخ بحسب الأحوال دون غيرهما إذا كان الزواج ثابتا بأي كتابة.. ومؤدي ما سبق أن المشرع لم يعط للمرأة حقا سوي إقامة دعوي الطلاق أمام القضاء بأي ورقة عرفية, ولم يخولها إقامة أي من الدعاوي الناشئة عن الزواج مثل إثبات الزواج أو حقها في النفقة وباقي الحقوق الأخري, وذلك بقصد غلق باب الزواج بورقة عرفية, ولكنه أباح إثبات نسب الأبناء بكافة طرق الإثبات ومن بينها عقد الزواج العرفي. أما الرجوع لما تسميه السائلة منزل الزوجية, فيمكنها الرجوع إليه من تلقاء نفسها, وإذا منعها من الدخول تتقدم بشكوي للنيابة العامة وتطلب تمكينها, لأن المشرع في هذه الحالة يحمي الحيازة في ذاتها مجردة عن سببها, وعليها تقديم صورة من عقدالزواج العرفي كقرينة علي إقامتها بتلك العين, وستستمع النيابة أقوال الجيران الملاصقين وستطلب تحريات المباحث, وسيكون كلاهما في صفها إذا كانت تدخل الشقة عيانا جهارا, وغالبا ما ستمكنها النيابة من الشقة.
اترك تعليقاً