نقل الملكية و أثرها علي عقود الايجار في القانون الاردني
المحاميان: د.حمزة أبو عيسى ود.عبد الله الخصيلات
تقتضي طبيعة الحياة أن تنتقل الملكية من شخص إلى آخر بأي سبب من أسباب انتقال الملكية كالبيع أو الإرث أو غير ذلك، فما مصير عقد الإيجار المبرم بين المالك القديم والمستأجر؟
من الثابت أن عقد الإيجار يبقى صحيحاً ويسري على المالك الجديد، فقد نصت المادة 691 من القانون المدني على أنه (إذا بيع المأجور بدون إذن المستأجر يكون البيع نافذاً بين البائع والمشتري ولا يؤثر ذلك على حق المستأجر)، كما أن المادة الثانية من قانون المالكين والمستأجرين رقم 11 لسنة 1994 عرفت المالك بأنه من يملك حق التصرف فيما يؤجره أو الشريك الذي يملك ما يزيد على نصف العقار أو الشخص الذي يخوله القانون حق ادارة العقار وأي شخص تنتقل إليه الملكية من المالك الأصلي. وبالتالي فإن الشخص الذي تنتقل إليه ملكية المأجور من المالك الأصلي يصبح هو المؤجر بدلاً من سلفه.
لذا فإن عقد الإيجار المبرم مع المالك السابق يبقى سارياً بحق المالك الجديد والمستأجر فلا يوجد داع لإبرام عقد جديد، وإذا تم ذلك فإنه يعد إلغاء للعقد القديم؛ إذ قضي بأن: “العقد الجديد المبرم بين المالك الجديد والمستأجر يلغي العقد المبرم مع المالك القديم”. (تمييز حقوق 214/2000).
هذا ولأنه في بعض الحالات قد يكون هنالك تواطؤ بين المالك السابق والمستأجر، كأن يحرر العقد بأجرة زهيدة أو لمدة طويلة مثلاً قبل بيع العقار، فقد اشترطت محكمة التمييز الأردنية الموقرة لنفاذ العقد بين المالك الجديد والمستأجر ألا يكون ثمة تواطؤ بين المالك القديم والمستأجر، حيث قضت بما يلي: “يستفاد من نصوص قانون المالكين والمستأجرين أن المشرع لم يتقيد بالقواعد العامة لعقود الإيجار وإنما وضع قواعد خاصة مستثناة من القواعد العامة وتقضي القواعد الخاصة باعتبار عقد إيجار العقار المعقود مع المالك الأصلي -البائع- سارياً بحق خلفه المشتري بدون أن يشترط لهذا أن يكون عقد الايجار ثابت التاريخ، وبذلك فلا يعد المشتري لغايات قانون المالكين والمستأجرين من الآخرين ويعد عقد الإيجار المعقود بين المالك السابق والمستأجر سارياً بحق مشتري العقار، ولو لم يكن ثابت التاريخ بما أن المشتري لم يثبت تواطؤ المستأجر والمؤجر على تقديم تاريخ عقد الإيجار على تاريخ البيع”. (تمييز حقوق 1373/1998 و1306/1999). كما قضي بأن عقد الإيجار المنظم بين المستأجر والمالك السابق والذي لم يرد ما يدل على وجود أي تواطؤ عند تنظيمه يعد سارياً بحق المالك الجديد وملزما له ولا يجوز له معارضة المستأجر بالانتفاع بالعقار (تمييز حقوق 3570/2007).
ووفقاً للمادة 206 من القانون المدني التي تنص على انصراف أثر العقد إلى المتعاقدين والخلف العام، فإنه يجب دفع الأجرة إلى المالك الجديد شريطة أن يكون هذا المالك الجديد قد أشعر المستأجر عدلياً بأن ملكية المأجور قد آلت إليه، وقد قررت محكمة التمييز الأردنية في ذلك بأن: “المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المطالبة بأجرة المأجور هي للعاقد بصرف النظر عن كونه مالكاً وفق تعريف قانون المالكين والمستأجرين لأن الأجر المسمى في العقد هو من حقوق العقد وحقوق العقد تنصرف إلى العاقد المؤجر وخلفه العام عملاً بنص المادة 206 من القانون المدني. وعليه فإن وفاء المستأجر المدعي للأجور للعاقد أو ورثته أو خلفه العام إنما يكون وفاءً صحيحاً إن ثبت صحة هذا الوفاء، وأنه يتوجب على المالك الجديد للعقار إشعار المستأجر عدلياً بأن ملكية المأجور قد آلت اليه حتى يقوم بدفعها له” (تمييز حقوق 2780/1999).
أما إذا لم يقم المالك الجديد بإشعار المستأجر عدلياً بأن الملكية آلت إليه فهو من يتحمل مسؤولية ذلك وليس المستأجر لأنه مقصر والمقصر أولى بالخسارة، فقضي بما يلي: “بما أن المالك الجديد للمأجور لم يعلم المدعى عليه بطريق قانوني قبل استحقاق الأجرة بأنه أصبح المالك الجديد للعقار بل قام بذلك عن طريق توجيه الانذار العدلي رقم 8652 تاريخ 6/5/1996 والذي تبلغه المدعى عليه في 11/5/1996 وبعد أن كان قد دفع الأجور. وبما المدعي قد قصّر في إعلام المدعى عليه بأنه أصبح المالك للعقار قبل استحقاق الأجرة ودفعها بوسيلة أصولية ولمرجع رسمي منصوص عليه بقانون المالكين والمستاجرين فإن هذا الوفاء هو وفاء قانوني. إن القواعد العامة تلزم المالك الجديد بإعلام المستأجر بأنه أصبح المالك الجديد للعقار وبأن تدفع الأجور إليه وذلك بالوسيلة القانونية التي تحقق ذلك” (تمييز حقوق 2449/1998).
كما قضي بأنه من المقرر في قضاء محكمة التمييز أن دفع المستأجر الأجور المستحقة في صندوق المحكمة باسم المالك السابق للعقار المأجور قبل تبلغه الإنذار العدلي بلزوم دفعها لموجه الانذار المالك الجديد يعد وفاء صحيحاً بها لعدم علم المدعى عليه بانتقال ملكية العقار المأجور إلى المدعي قبل وصول الإنذار وعلى ذلك يكون سبب الإخلاء الذي استند اليه المدعي في دعواه قد انهار.* إن المالك الجديد قد قصّر بحق نفسه حيث قام برفع دعوى الإخلاء قبل إخطار المدعى عليه المستأجر بأنه قد أصبح مالكاً للعقار قبل استحقاق الأجرة والمقصر أولى بتحمل الخسارة (تمييز حقوق 2170/1998).
ويجب التأكيد هنا أن المالك الجديد لا يستحق الأجرة من المستأجر إلا عن المدة التي تلي تاريخ تسجيل الملك على اسمه وينحصر حقه في المطالبة بالتخلية بسبب تخلف المستأجر عن دفع الأجور عن المدة التي تلي تسجيل الملك على اسمه. والأجور السابقة هي من حق المالك السابق وهي دين مترتب له بذمة المستأجر ولا ينتقل هذا الدين إلى المالك الجديد تبعاً لانتقال الماجور (تمييز حقوق 47/1953).
كما أن المالك الجديد لا يتحمل مسؤولية ما قبضه المالك السابق من مبالغ تزيد على مقدار الأجرة المستحقة له. فلا يجوز إجراء التقاص بين ما دفع إلى المالك السابق من مبالغ تزيد على مقدار الأجرة القانونية وبين بدل الإيجار المستحق للمالك الجديد الذي انتقل إليه العقار بطريق الشراء (تمييز حقوق 47/1952).
اترك تعليقاً