هل الضريبة العقارية مهددة بعدم الدستورية بالنسبة للوحدات التي لا تدر دخلاً؟
لازال الجدل مستمرا بين القانونيين والدستوريين حول مدى دستورية قانون الضريبة العقارية على الرغم من أنه ليس مستحدثاً، حيث صدر فى 2008، بينما بدأت الحكومة تطبيقه 2013، وأعادت تنظيم أحكامه بالقانون الحالى رقم 117 لسنة 2014، كما أن الضريبة العقارية مفروضة فعلاً بموجب القانون رقم 56 لسنة 1954، المعروف باسم «العوايد».
بشأن عدم دستورية فرض ضريبة عقارية على الوحدات التى لا تدر دخلا يتناول الآتى :-
1- لا يجوز فرض ضريبة على رأس مال لا يغل دخلاً وبطريقة دورية متجددة، ولفترة غير محددة مع زيادة تحكمية مفترضة فى قيمة الضريبة السنوية المستحقة عليه، ينطوى على عدوان على الملكية.
2- خضوع الوحدات التى لا تدر دخلا للضريبة السنوية المستمرة مع زيادة تقدير قيمتها يؤدى إلى أن تستغرق الضريبة قيمة العقار فى وقت غير بعيد وهو ما يعنى مصادرته
3- جواز استرداد ما تم سداده في حالة الحكم بعدم دستورية النصوص المطعون عليها بعدم الدستورية.
تنص المادة الثامنة من القانون رقم 196 لسنة 2008 بشأن إصدار قانون الضريبة على العقارات المبنية.
على أنه: « تفرض ضريبة سنوية على العقارات المبنية أياً كانت مادة بنائها وأياً كان الغرض الذي تستخدم فيه، دائمة أو غير دائمة، مقامة على الأرض أو تحتها أو على الماء، مشغولة بعوض أو بغير عوض، سواء أكانت تامة ومشغولة أو تامة وغير مشغولة أو مشغولة على غير إتمام، وتحدد اللائحة التنفيذية إجراءات حصر العقارات المبنية، وتسري الضريبة على جميع العقارات المبنية وما في حكمها في جميع أنحاء البلاد»-وفقا لـ«سعد»-.
ولما كان هذا النص به شبهة عدم الدستورية وفقا لسبق صدور حكم من المحكمة الدستورية بشأن حالة مماثله لما ورد بهذا النص وهو ما أكدته محكمة النقض والمحكمة الادارية العليا وذلك على التفصيل التالى :-
أولا:- عدم جواز جواز فرض ضريبة على رأس مال لا يغل دخلاً وبطريقة دورية متجددة، ولفترة غير محددة مع زيادة تحكمية مفترضة فى قيمة الضريبة السنوية المستحقة عليه، ينطوى على عدوان على الملكية ويعتبر ذلك مخالفا للدستور .
القاعدة-بحسب «سعد»- أن الدخل – هو الوعاء الأساسى للضريبة أما فرض ضريبة على رأس مال لا يغل دخلاً وبطريقة دورية متجددة، ولفترة غير محددة مع زيادة تحكمية مفترضة فى قيمة الضريبة السنوية المستحقة عليه، فإنه ينطوى على عدوان على الملكية .
وفيه تقول المحكمة الدستورية العليا في حكمها الصادر بجلسة 19/6/1993 :-
إنه و إن صح أن تتخذ الضريبة وسيلة لتوزيع أعباء النفقات العامة على المواطنين وفقاً لأسس عادلة، إلا أنه لا يجوز أن تفرض الضريبة، و يحدد وعاؤها، بما يؤدى إلى زوال رأس المال المفروضة عليه كلية أو الإنتقاص منه بدرجة جسيمة، فما لذلك الغرض شرعت الضريبة، و ما قصد الدستور أن تؤدى فى نهاية مطافها إلى أن يفقد المواطن رأس المال المحمل بعبئها أو جانباً جسيماً منه ليؤول الأمر إلى زوال وعائها كلية أو إطراد تقليصه، و من ثم كان الدخل – و باعتباره من طبيعة متجددة و دورية – هو الذى يشكل – على إختلاف مصادره – الوعاء الأساسى للضريبة، إذ هو التعبير الرئيسى عن المقدرة التكليفية للممول، بينما يشكل رأس المال وعاء ضرائبياً تكميلياً فلا يلجأ المشرع إلى فرض الضريبة عليه إلا إستثناء، و لمرة واحدة، أو لفترة محددة، بحيث لا تنال الضريبة من وعائها بأكمله أو تمتص معظم جوانبه، وأن فرض ضريبة على رأس المال الذى لا يغل دخلاً، و بطريقة دورية متجددة، و لفترة غير محددة، مع زيادة تحكمية مفترضة فى قيمة الضريبة السنوية المستحقة عليه، ينطوى على عدوان على الملكية بالمخالفة للدستور من الدستور، كما يناقض مفهوم العدالة الإجتماعية الذى نص الدستور الحالى.
وقالت المحكمة في أسباب حكمها أن الدستور ما قصد أن تؤدى فى نهاية مطافها إلى أن يفقد المواطن رأس المال المحمل بعبئها ليؤول تنفيذها فى النهاية إلى فقدان وعائها أو الانتقاص الجسيم منه، ومن أجل ذلك كان الدخل- باعتباره من طبيعة متجددة ودورية- هو الذى يشكل- على اختلاف مصادره- الوعاء الأساسى الرئيسى للضريبة، إذ هو التعبير الرئيس عن المقدرة التكليفية للممول، بينما يشكل رأس المال وعاء تكميليا للضرائب لا يلجأ المشرع إلى فرض الضريبة عليه إلا استثناء ولمرة واحدة أو لفترة محددة بحيث لا تؤدى الضريبة بوعائها كليا أو تمتص جانباً جسيماً منه.
وقد يرى المشرع أحياناً فرض ضريبة على رأس مال يغل دخلاً ويراعى أن يتم الوفاء بهذه الضريبة من دخل رأس المال الخاضع للضريبة. أما فرض ضريبة على رأس مال لا يغل دخلاً وبطريقة دورية متجددة، ولفترة غير محددة مع زيادة تحكمية مفترضة فى قيمة الضريبة السنوية المستحقة عليه، فإنه ينطوى على عدوان على الملكية بالمخالفة لنص المادة 34 من الدستور، كما يناقض مفهوم العدالة الاجتماعية الذى نصت المادة 38 من الدستور على قيام النظام الضريبى على أساسه وهو ما يوجب القضاء بعدم دستورية .
[ المحكمة الدستورية القضية رقم 5 – لسنة 10 – تاريخ الجلسة 19 / 6 / 1993 دستورية
المحكمة الدستورية القضية رقم 62 – لسنة 4 – تاريخ الجلسة 25 / 9 / 1993 – مكتب فني 6 رقم الجزء 1 – رقم الصفحة 50 ]
ثانيا :- خضوع الوحدات التى لا تدر دخلا للضريبة السنوية المستمرة مع زيادة تقدير قيمتها يؤدى إلى أن تستغرق الضريبة قيمة العقار فى وقت غير بعيد وهو ما يعنى مصادرته:
لما كان فرض ضريبة عقارية وبطريقة تصاعدية ومستمره على عقار لا يدر دخلا مع زيادة تقدير قيمتها يؤدى إلى أن تستغرق الضريبة قيمة العقار فى وقت غير بعيد وهو ما يعنى مصادرته وهو الامر المخالف للدستور
وفيه قضت المحكمة الادارية العليا بأن:-
أن فرض ضريبة على رأس المال الذى لا يغل دخلاً وبطريقة دورية متجددة ولفترة غير محددة مع زيادة تحكمية مفترضة فى قيمة الضريبة السنوية المستحقة عليه ينطوى على عدوان على الملكية بالمخالفة لنص المادة 34 من الدستور، ويناقض مفهوم العدالة الاجتماعية الذى نصت عليه المادة (38) من الدستور الذى يقوم النظام الضريبي على أساسه .
الادارية العليا [الطعن رقم 908 – لسنة 32 – تاريخ الجلسة 9 / 1 / 1994 – مكتب فني 39 رقم الجزء 1 – رقم الصفحة 623 ]
الادارية العليا [الطعن رقم 958 – لسنة 32 – تاريخ الجلسة 10 / 3 / 1990 – مكتب فني 35 رقم الجزء 2 – رقم الصفحة 1318 ]
المحكمة الادارية العليا الطعن رقم 1545 لسنة 32 ق جلسة 7/11/1987
ثالثا :- جواز استرداد ما تم سداده في حالة الحكم بعدم دستورية النصوص المطعون عليها بعدم الدستورية
وفيه تقول محكمة النقض :-
لما كانت المحكمة الدستورية قد قضت بتاريخ 19/6/1993 فى الطعن رقم 5 لسنة 10 ق دستورية. بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة 3 مكرر والمادة 3 مكرر 2 من القانون رقم 107 لسنة 1976 المعدل بالقانونين رقمى 24 لسنة 78 و 13 لسنة 84 فيما تضمناه من فرض ضريبة على الأراضى الفضاء غير المستغلة والمنشور بالجريدة الرسمية بتاريخ 8/7/1993 بما مؤداه زوال الأثر القانونى لفرض هذه الضريبة ، وما يترتب على ذلك من الأحقية فى استرداد ما سبق أن سدد منها إعمالاً للنص القانونى المقضى بعدم دستوريته
محكمة النقض [الطعن رقم 6161 – لسنة 66 – تاريخ الجلسة 25 / 2 / 2003 ]
وتقول أيضا محكمة النقض :-
لما كان من المقرر – أنه إذا كان المبلغ المطالب برده تم تحصيله بحق ثم صدر قانون أو تشريع أزال السبب الذي كان مصدراً له أصبح بقاءه تحت يد من حصله قائماً على غير سند يحق لصاحبه استرداده باعتباره ديناً عادياً يسقط الحق في اقتضائه بمدة التقادم العادي، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإلزام الطاعنة برد قيمة ضريبة الأرض الفضاء التي حصلتها من المطعون ضده استناداً إلى حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 5 لسنة 10 ق المعمول به بتاريخ 8/7/1993 بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة 3 مكرراً والمادة 3 مكرراً (2) من القانون رقم 107 لسنة 1976 بإنشاء صندوق تمويل مشروعات الإسكان الاقتصادي فيما تضمنه من فرض ضريبة على الأرض الفضاء، وكان ذلك بأسباب صحيحة ولها أصلها الثابت في الأوراق بما لازمه أن تحصيل هذه الضريبة قد تم بحق إلا أنه بصدور حكم المحكمة الدستورية سالف البيان تنتفي معه شرعية تحصيلها بما يتقادم معه الحق في اقتضائها بالتقادم العادي البالغ مدته خمسة عشر عاماً، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإن النعي عليه بسبب الطعن من سقوط الدعوى بالتقادم الثلاثي يكون في غير محله الأمر المتعين عدم قبول الطعن.
[الطعن رقم 1678 – لسنة 67 – تاريخ الجلسة 8 / 11 / 2010 ]
[الطعن رقم 155 – لسنة 67 – تاريخ الجلسة 22 / 11 / 2010 ]
[الطعن رقم 1009 – لسنة 67 – تاريخ الجلسة 28 / 4 / 2011 ]
ومن ثم يجوز الطعن بعدم دستورية نص المادة الثامنه من القانون رقم 196 لسنة 2008 فيما تضمنته من فرض ضريبة سنوية على العقارات المبنية أياً كانت مادة بنائها وأياً كان الغرض الذي تستخدم فيه، دائمة أو غير دائمة، مقامة على الأرض أو تحتها أو على الماء، مشغولة بعوض أو بغير عوض، سواء أكانت تامة ومشغولة أو تامة وغير مشغولة أو مشغولة على غير إتمام.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً