هل تفتيش حقائب ركاب المسافرين بالقطار يخالف القانون؟
يرفض بعض المواطنين إجراءات التفتيش الوقائية التي تشهدها محطات السكك الحديدية، المتمثلة في وضع حقائبهم على جهاز الكشف، أو التفتيش الذاتي أحيانا لأشخاص اشتبه رجال الأمن فيهم، بسبب أفعال مريبة دفعتهم للشك في كونهم مخالفين للقانون.
وفي كثير من المرات التي رفض فيها بعض الركاب تفتيش حقائبهم، أسفر التفتيش الذاتي عن اكتشاف حيازتهم لمواد مخدرة أو أسلحة، إلا أن دفاع المتهمين في تلك الوقائع دائما يستند في دفوعه أمام جهة المحاكمة إلى بطلان التفتيش قانونا، وعدم وجود إذن مسبق من النيابة العامة.
الدفع ببطلان تفتيش حقائب راكب القطار استنادا لعدم استصدار إذن من النيابة العامة، فندته محكمة النقض في حكم حديث أرست في حيثياته مبادئ قضائية جديدة، حول قانونية إجراءات تفتيش الركاب في محطات القطارات وما يماثلها، لتنهي الجدل حول هذه الإشكالية القانونية.
وأكدت محكمة النقض في القاعدة القضائية، أن تفتيش رجال الأمن لحقائب الركاب ليس إلا إجراء تأميني لحفظ سلامة القطارات وركابها إبان أو بعد إقلاعها، فضلا عنه كونه إجراء إداري تحفظي، وليس تفتيشاً قضائيا يحتاج إلى استصدار إذن من النيابة العامة.
وقالت “النقض”: لا يستلزم وجود أدلة كافية، أو صدور إذن سابق من سلطة التحقيق، أو صفة الضبط القضائي، فيمن يقوم بإجراءات تفتيش حقائب ركاب القطارات، وإذا أسفر التفتيش عن دليل يكشف جريمة معاقب عليها قانوناً، فإنه يمثل دليلا صحيحا على الاتهام.
وردت محكمة النقض على الدفوع المقدمة من هيئة الدفاع عن متهم بحيازة مواد مخدرة، التي زعم فيها المحامون بطلان القبض والتفتيش لعدم صدور إذن من النيابة العامة، وعدم امتلاك من قام بتفتيش حقائب المتهم صفة الضبطية القضائية، بالتأكيد على صحة إجراءات التفتيش وضبط المتهم، وما يحوزه من مخدرات.
وذكرت المحكمة، أن المتهم حسبما ثبت في محضر الضبط، وضع نفسه فى موضع الريب والشك برفضه الاستجابة إلى تعليمات الأمن بوضع الحقائب في جهاز الكشف عن المتفجرات، وهو الأمر الذي يبيح تدخل رجل السلطة العامة للكشف عما يحمله إعمالاً لصحيح القانون، ويكون ما قام به الضابط من تفتيشه وضبط ما بداخل حقائبه الذي تبين أنه مخدرات يدخل فى نطاق سلطته المقررة قانوناً، وبهذا أصبحت إجراءات التفتيش والضبط صحيحة لا يجوز التعويل على بطلانها ما يجعل الدفع في غير محله.
وأكدت القاعدة القضائية المستحدثة، أن التفتيش الذى أجراه الضابط إنما كان بحثاً عن أسلحة أو مفرقعات تأميناً لسلامة القطارات وركابها من حوادث الإرهاب إبان أو بعد إقلاعها، فإن ذلك التفتيش لا مخالفة فيه للقانون، إذ هو من الواجبات التي تمليها عليه الظروف التي يؤدى فيها هذا الواجب بناءاً على التعليمات الصادرة إليه فى هذا الشأن.
وأشارت إلى أن هذا التفتيش لا يعد تفتيشاً بالمعنى الذى قصد الشارع اعتباره عملاً من أعمال التحقيق، يهدف إلى الحصول على دليل من الأدلة ولا تملكه إلا سلطة التحقيق أو بإذن سابق منها، وإنما هو إجراء إداري تحفظي لا ينبغي أن يختلط مع التفتيش القضائي، ولا يلزم لإجرائه أدلة كافية أو إذن سابق من سلطة التحقيق، ولا تلزم صفة الضبط القضائي في القائم بإجرائه، مشددة على أنه إذا أسفر عن دليل يكشف عن جريمة معاقب عليها بمقتضى القانون العام، فإنه يصح الاستشهاد بهذا الدليل على اعتبار أنه ثمرة إجراء مشروع فى ذاته، ولم ترتكب فى سبيل الحصول عليه أي مخالفة.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً