بواسطة المحامي نور النتشة
الخطر الوهمي
قد تحيط بالشخص ظروف من شانها إيهامه بان تمت خطر حال يهدده فيقوم تحت تأثير الاضطراب والانفعال إلى إتيان أفعال مادية تتميز بالعنف والقوة على سبيل الدفاع توصلا لحماية نفسه أو ماله ثم تتبين النتيجة بعد استنفاد تلك الأعمال وأحيانا بعد وقوع الآثار الضارة المترتبة عنها ومن الواضح أن مثل هذه الحالة تثير الكثير من التساؤلات والجدل القانوني حول ما إذا كان يجوز للفاعل أن يتدرع بحق الدفاع الشرعي كسبب إباحة أو تبرير وما إذا كان وضع الفاعل يتعادل أو يتساوى مع وضع من تعرض إلى خطر حال كان يبصر المتهم شخصا مقبل نحوه في الظلام يحمل شيء غثير واضح فيعتقده خصما له يحمل سلاحا يقصد الفتك به فيعاجله باطلاق النار عليه ويجرحه أو يقتله ثم يتبين بعد ذلك أن أن المجني عليه شخص عابر وينقل غرض عادي (2).
وقد اتجهت محكمة النقض الفرنسية في هذا المجال إلى التفرقة بين حالتين:
وهما الخطر المشابه للخطر الحال فإذا كان الخطر معقولا في حدوثه بان كانت هناك دلائل ملموسة مستخلصة من سلوك المعتدي حركاته أو كلامه تجعل الشخص يعتقد أن خطرا يهدده فان الدفاع يكون جائزا وفي هذا الصدد قضت باباحة فعل الأب الذي أطلق عيارا ناريا على شخص كان يوجه مسدسه إلى ابنه معتقدا انه يريد قتله ولكنه كان في حقيقة الامر يداعبه.
أما إذا كان الخطر في حقيقته خياليا لا تدعمه ظاهرة ملموسةبحقيقة وبإمكانية وقوع عدوان لا يكون الدفاع الشرعي جائزا(2)
أما القضاء المصري فيرى أن الاعتداء الوهمي يكفي لقيام حالة الدفاع الشرعي فإذا كان المدافع قد توهم وجود خطر أي خطر حقيقي يحدق به وكان اعتقاده مبنيا على أسباب معقولة فان الفعل الذي يأتيه ردا لهذا الاعتداء الوهمي يعد شرعيا ويقدر موقف المدافع وفقا لموقف الشخص المعتاد الذي وجد في مثل ظروفه القول بمعقولية أسباب الاعتقاد وعلى ذلك فمن وجه إلى أخر سلاحا خاليا من الطلقات وممسكا بزناده فان ذلك يبرر قيام حالة الدفاع الشرعي وقد ساير المشرع المصري هذا الاتجاه حيث أورد في المادة 249 من قانون العقوبات عبارة ” … التخوف ويشترط أن يكون هذا التخوف مبنيا على أسباب معقولة…”(1).
إذا كان هذا هو الحال في مصر فان الأمر مختلف في الجزائر حيث أن المشرع الجزائري نص في المادة 39/02 ق ع ج على أن يكون العدوان حالا وهذا الشرط مستخلص من عبارة “الضرورة الحالة” ولذلك يمكن القول بان سبب الإباحة لا يتوافر في فعل الشخص الواهم وذلك لان أسباب الإباحة موضوعية لا شخصية يجب البحث عنها في الظروف المحاطة بالسلوك المادي للشخص فالخطر الذي يبرر الدفاع الشرعي هو اذن الخطر الحقيقي لا الخطر الوهمي لأنه دفاع غير مشروع (2).
اترك تعليقاً