خروج المعتدة الرجعية لقضاء حوائجها
المؤلف : طه صالح خلف حميد الجبوري
الكتاب أو المصدر : مجلة كلية القانون للعلوم القانونية والسياسية كركوك العدد 17مجلد 5
اختلف الفقهاء في هذه المسالة على ثلاثة اقول:
الاول: قال به الحنفية : ومفاده ان ليس للمعتدة الرجعية الخروج من مسكن العدة لقضاء حوائجها مطلقا سواء اذن لها الزوج ام لم يأذن ، مستدلين بما يأتي:
1- بقولو تعالى )لَا تُخْرِجُوهنَّ مِنْ بُيُوتِهنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ ( فالمكوث في البيت حقا لله تعالى لا يملك الزوج اسقاطه ، سواء كان خروجها خروج نقمة او لقضاء حاجة حيث جاء في البحر الرائق إن المطلقة رجعيا وان كانت منكوحة حكما لا تخرج من بيت العدة، ولو أذن الزوج بخلاف ما قبل الطلاق لان الحرمة بعده لمعدة وهي حقا لله تعالى فلا يملكان إبطاله بخلاف ما قبله لان الحرمة لحق الزوج فيملك إبطاله بالأذن(1)
وبقوله تعالى )أَسْكِنُوهنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ (2) (قال الكاساني )وَالْأَمْرُ بِالْإِسْكَانِ نهيٌ عَنْ الْإِخْراجِ وَالْخُرُوجِ وَلِأَنَّها زَوْجَتُهُ بَعْدَ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيّْ لِقِيَامِ مِملكِ النّْكَاحِ مِنْ كُلّْ وَجْه فَلَا يُبَاحُ لَها الْخُرُوجُ كَمَا قَبْلَ الطَّلَاقِ إلَّا أَنَّ بَعْدَ الطَّلَاقِ لَا يُبَاحُ لَها الْخُرُوجُ واِنْ أُذِنَ لَها بِالْخُرُوجِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَ الطَّلَاقِ(3) .
2- قوله تعالى }وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِهنَ بِفَاحِشَةٍ{ مفسرين خروجها بالفاحشة حيث جاء في البدائع ) قِيلَ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ } إلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيّْنَةٍ { إلَّا أَنْ تَزْنِيَ فَتَخْرُجَ لِإِقَامَةِ الْحَدّْ عَلَيها ، وَقِيلَ : الْفَاحِشَةُ هيَ الْخُرُوجُ نَفْسُهُ(4)
3- ان الْمُطَلَقَةِ مكفيه الْمُؤْنَةِ وَنَفَقَتُها عَلَى زَوْجِها عَلَى أَيّْ وَجْهٍ وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بِالطَّلَاقِ فَلَا حَاجَةَ بِها إلَى الْخُرُوجِ (5)
الثاني :قال به الشافعية : للمعتدة الرجعية الخروج من مسكن الزوجية لقضاء حوائجها ان اذن لها الزوج ، فان لم يأذن فليس لها ذلك . اذ جاء في الروضة )إذا احتاجت إلى شراء طعام، أو قطن، أو بيع غزل ونحو ذلك، نظر، إن كانت رجعية، فهي زوجته، فعليه القيام بكفايتها، فلا تخرج إلا بإذنه( (6)
الثالث : قال به المالكية والحنابلة : اذ قالوا لها الخروج نهارا لقضاء حوائجها وتعود عند الغروب ولا تبيت الا ببيتها.
جاء في كتب المالكية )ولا بأس عليها أن تخرج نهارا في حوائجها وكذلك عند مالك خروجها في طرفي النهار والميل عند انتشار الناس في أوله قدر هدوئهم في آخره ولا بأس بذلك ويستحب أن لا تغرب الشمس عليها إلا في بيتها ولا يجوز لها أن تبيت إلا في منزلها فإن خرجت في ليلة من عدتها فباتت في غير منزلها أثمت في فعلها ولا يجوز لها أن تفعل ذلك في باقي عدتها) (7)
وقال الحنابلة )وللمعتدة الخروج في حوائجها نهارا سواء كانت مطلقة أو متوفى عنها لما ] روى جابر قال : طلقت خالتي ثلاثا فخرجت تجذ نخلها فلقيها رجل فنهاها فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه و سلم فقال : اخرجي فجذي نخلك لعلك أن تتصدقي منه أو تفعلي خيرا [ رواه النسائي و ابو داود وليس لها المبيت في غير بيتها ولا الخروج ليلا إلا لضرورة لأن الميل مظنة الفساد
بخلاف النهار فإنه مظنة قضاء الحوائج والمعاش وشراء ما يحتاج إليه وان وجب عليها حق لا يمكن استيفاؤه إلا بها(8) )
ونحن مع الراي الذي ذهب اليه فقياء المالكية والحنابلة القاضي بالسماح للمعتدة الرجعية الخروج لقضاء حوائجها من مأكل وملبس ومعاملات خاصة وغيرها ، كمان في خروجها قضاء لحوائج الناس، فبعد ان اكتسبت المرأة في عصرنا المؤهلات العلمية والوظيفية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها ، اصبح المجتمع بحاجة اليها في مجالات التعليم والتطبيب والادارة وغيرها فلا بد من
قضاء هذه الحوائج التي لا تتم الا من خلالها وبالتالي يتطلب منها الخروج لأداء هذه الوظائف.
______________
1- ينظر : زين الدين بن إبراهيم بن محمد الشهير بابن نجيم الحنفي، البحر الرائق شرح كنز الدقائق ، تحقيق احمد عناية ط 2 ، دار احياء التراث العربي 422 ه 2002 م ج 4 ، ص 256
2- ينظر : سورة الطلاق ، ايو 6
3- ينظر : علاء الدين أبو بكر بن مسعود الكاساني الحنفي ، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع ، ط 2 ،ج 3 ، دار الكتب العلمية بيروت لبنان ، 1896 م. ج 3 ، ص 205
4- ينظر : الكاساني ، المصدر السابق ،ج 3 ، ص 205
5- شمس الدين أبو بكر محمد بن أبي سيل السرخسي، ج 6، ط 1، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، لبنان ، 1421 ى 20، ص 22
6- ينظر : الامام ابي زكريا يحيى بن شرف الدين النووي ، روضة الطالبين ، ج 6 دار الكتب العلمية بيروت لبنان ، دون سنة طبع ، ص 393
7- ينظر : أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر بن عاصم النمري -القرطبي ، الكافي في فقه أهل المدينة ، ج، 2 ط 2 ،مكتبة الرياض الحديثة، الرياض، المملكة العربية السعودية 1980 م 1400 ه ، ص 623.
8- ينظر : عبدالله بن احمد ابن قدامة المقدسي ، المغني في فقو الامام احمد بن، حنبل ، ط 1 دار الفكر بيروت 1405 ه ج 9 ص177.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً