دستورية تشكيل وزير المالية لبعض الهيئات القضائية
القاضي الدكتور حيدر علي نوري
يثار تساؤل بشان مدى دستورية تشكيل بعض الهيئات برئاسة قاضي من قبل السيد وزير المالية استنادا لأحكام القوانين النافذة التي تجيز ذلك؟ الأمر الذي يقتضي تحديد تلك القوانين وبيان مدى تعارضها مع أحكام الدستور لعام 2005 وأحكام القوانين الأخرى، وسبل المعالجة لضمان علوية الدستور من جهة واستقلال السلطة القضائية الاتحادية من جهة أخرى، وفقا للتفصيل الأتي :
أولا- القوانين التي تجيز لوزير المالية تشكيل الهيئات برئاسة قاض:
بالرجوع إلى النصوص القانونية التي تجيز لوزير المالية تشكيل الهيئات ومنها القضائية (التمييزية والاستئنافية )، برئاسة قاضي، التي تختص بالنظر في مواضيع محدد على سبيل الحصر وفقا للقانون الذي أجاز تشكيلها، نجد إن تلك القوانين هي :
1-قانون الكمارك رقم (23) لسنة 1984 ، وتضمن ما يلي :
أ-المادة (250) منه التي نصت على انه (تشكل بقرار من وزير المالية بالاتفاق مع وزير العدل هيئة تمييزية خاصة برئاسة قاضي من محكمة التمييز وعضوية قاض من الصنف الأول واحد المدراء العامين في وزارة المالية على أن لا يكون المدير العام للهيأة العامة للكمارك).
ب- المادة (252 ) منه التي نصت على انه (للهيأة التمييزية عند النظر في القضايا المعروضة عليها إن تطلب استكمال الأدلة الإضافية التي تراها ضرورية لذلك وان تجري التحقيقات اللازمة وتصدر قرارها بتأييد الحكم المميز أو تعديله ويكون قرارها باتا).
2-قانون تقدير قيمة العقار ومنافعه رقم (85) لسنة 1978، وتضمن ما يلي :
-المادة (9 /أولا ) منه التي نصت على انه ( يؤلف وزير المالية لجنة أو أكثر تسمى (لجنة الاعتراض) للنظر في الاعتراضات الواقعة على قرارات لجان الكشف وتتألف من :1- الحاكم الأول، أو من ينسبه من الحاكم في منطقة أعمال دائرة التسجيل العقاري الواقع فيها العقار الذي جرى كشفه، ويكون رئيسا للجنة. 2- ممثل عن وزارة المالية من موظفي الدرجة الثانية على الأقل، بالنسبة للجان المشكلة في العاصمة. 3- موظف فني).
3-قانون ضريبة الدخل رقم (113) لسنة 1982 المعدل ، وتضمن ما يلي :
أ-المادة (37) منه التي نصت على انه ( 1- تؤلف لجنان النظر في القضايا الاستئنافية ببيان يصدره الوزير في الجريدة الرسمية برئاسة قاض من الصنف الثاني في الأقل وعضوية اثنين من الموظفين المختصين في الأمور المالية. 2- يعين بنفس الشروط المذكورة في الفقرة 1 من هذه المادة أعضاء اضافيون يحلون محل الأعضاء الأصلين عند غيابهم ) .
وينبغي ملاحظة إن عبارة ( الوزير الواردة في المادة أنفة الذكر تنصرف إلى (وزير المالية) استنادا إلى أحكام المادة (1/ 12 ) منه التي نصت على انه ( يقصد بالتعابير التالية المعاني المقابلة لها إن لم ترد قرينة في القانون على خلاف ذلك: الوزير: وزير المالية )
ب-المادة (38) منه التي نصت على انه (على لجنة الاستئناف المؤلفة في بغداد أن تنظر القضايا التي تقع ضمن اختصاص لجنة أخرى بطلب المستأنف نفسه، وللوزير أو من يخوله أن ينقل أية قضية استئنافية من لجنة إلى أخرى بطلب المستأنف أو بدونه إذا وجد أسبابا موجبة لذلك).
ج- المادة (40 ) منه التي نصت على انه ( 1- تكون قرارات لجان الاستئناف قطعية إذا كان مبلغ الضريبة فيها عشرة ألاف دينار فأقل. 2- إذا كان مبلغ الضريبة في القرار أكثر من عشرة ألاف دينار فللسلطة المالية والمكلف الاعتراض عليه خلال خمسة عشر يوما من تاريخ التبليغ به أمام هيأة تمييزية خاصة تشكل برئاسة قاض من محكمة التمييز وعضوية اثنين من المدراء العامين من وزارة المالية وواحد من اتحاد الغرف التجارية العراقية وأخر من اتحاد الصناعات العراقي ببيان يصدره الوزير وينشر في الجريدة الرسمية. 3- للهيأة التمييزية إلغاء القرار أو تأيده أو تعديله ويكون قرارها قطعيا. 4- على المكلف الذي يرغب في الطعن تمييزا في قرار لجنة الاستئناف تسديد رسم إلى صندوق الهيأة العامة للضرائب يتحدد مبلغه بنسبة 1% واحد بالمئة من مبلغ الضريبة في القرار محل الطعن وبحد أعلى مقداره ألف دينار ويعد إيرادا نهائيا للخزينة العامة. 5- تحدد مكافأة لأعضاء الهيأة التمييزية ولجان الاستئناف بتعليمات يصدرها الوزير).
ثانيا – ملاحظاتنا على نصوص المواد الواردة في القوانين أنفة الذكر:
أ- قانون الكمارك رقم (23) لسنة 1984:
– بقدر تعلق الأمر بالمادة (250 ) منه التي نصت على انه ( تشكل بقرار من وزير المالية بالاتفاق مع وزير العدل هيئة تمييزية خاصة برئاسة قاضي من محكمة التمييز وعضوية قاض من الصنف الأول واحد المدراء العامين في وزارة المالية على أن لا يكون المدير العام للهيأة العامة للكمارك ).
– والمادة (252 ) منه التي نصت على انه ( للهيأة التمييزية عند النظر في القضايا المعروضة عليها إن تطلب استكمال الأدلة الإضافية التي تراها ضرورية لذلك وان تجري التحقيقات اللازمة وتصدر قرارها بتأييد الحكم المميز أو تعديله ويكون قرارها باتا).
فان ملاحظاتنا تكمن بما يلي :
1-بموجب المادة (250) من قانون الكمارك انف الذكر فان السيد وزير المالية بالاتفاق مع السيد وزير العدل يتولى تشكيل الهيأة التمييزية، وحيث إن ذلك من شانه أن يحدث تداخلا بين السلطات ولاسيما السلطة التنفيذية والسلطة القضائية خلافا لمبدأ الفصل بينهما، الذي أقرته المادة (47) من دستور عام 2005 التي نصت على انه (السلطات الاتحادية هي التشريعية والتنفيذية والقضائية وتمارس اختصاصاتها ومهامها على أساس مبدأ الفصل بين السلطات)، ولا سيما إن السلطة القضائية الاتحادية مستقلة تطبيقا لأحكام المادة (87 ) من الدستور انف الذكر التي نصت على انه (السلطة القضائية مستقلة وتتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها، وتصدر أحكامها وفقا للقانون)، كما إن الاستاذ رئيس مجلس القضاء الأعلى المحترم حل محل السيد وزير العدل استنادا لأحكام أمر سلطة الائتلاف المؤقتة المنحلة رقم 12 لسنة 2004/ القسم 7 منه ، إضافة لما تقدم فأن المادة (12) من قانون التنظيم القضائي رقم (160 ) لسنة 1979 المعدل نصت على انه (محكمة التمييز هي الهيأة القضائية العليا التي تمارس الرقابة على جميع المحاكم ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، وتتألف من رئيس وخمسة نواب للرئيس وقضاة لا يقل عددهم جميعا عن ثلاثين ويكون مقرها في بغداد)، كما نصت المادة (13/ رابعا / أ ) منه على انه (يجوز تعدد الهيأت أو تأليف هيأت أخرى بقرار من هيأة الرئاسة)، وعبارة هيأة الرئاسة هنا تنصرف إلى الأستاذ رئيس محكمة التمييز الاتحادية المحترم، ممثلا بشخص الأستاذ رئيس مجلس القضاء الأعلى المحترم، واستنادا لما تقدم فان تشكيل الهيأة التمييزية استنادا لأحكام المادة (250 ) من قانون الكمارك انف الذكر يجب أن تتم بقرار من الأستاذ رئيس مجلس القضاء الأعلى المحترم منعا لتداخل السلطات من جهة واستنادا لما يتمتع به الأستاذ رئيس مجلس القضاء الأعلى المحترم من صلاحيات دستورية وقانونية من شانها المحافظة على استقلال القضاء، الأمر الذي يقتضي تعديل نص المادة (250 ) من قانون الكمارك وإعادة النظر بها وصياغتها بما يتفق وأحكام الدستور والقوانين النافذة المشار إليها أنفا، بقدر تعلق الأمر بالموضوع محل الاعتراض الخاص بصلاحية تشكيل الهيأة التمييزية ومن يتولى ذلك.
2-بموجب المادة ( 250 ) من قانون الكمارك انف الذكر، فأن الهيأة التمييزية الخاصة تكون برئاسة قاضي من محكمة التمييز وعضوية قاض من الصنف الأول واحد المدراء العامين في وزارة المالية على أن لا يكون المدير العام للهيأة العامة للكمارك، ولا نجد مبرر لاشتراك احد المدراء العامين في وزارة المالية في الهيأة التميزية، لعدم تمتعه بالصفة القضائية من جهة، ولاسيما إن تلك الهيأة تعد من هيئات محكمة التمييز الاتحادية من جهة أخرى، و تمارس عملا قضائيا بحتا في التدقيق والرقابة استنادا لما تتمتع به محكمة التمييز الاتحادية من صلاحيات بموجب أحكام القانون، وعلى أساس ذلك فان أي عضو في أي هيأة من هيئات محكمة التمييز الاتحادية يجب أن يكون متمتعا بالصفة القضائية، ذلك ان العمل القضائي لا يجوز ممارسته من غير القضاة حصرا وهذا ما نص عليه قانون التنظيم القضائي انف الذكر، و تأكد ذلك بحكم المحكمة الاتحادية العليا بالعدد (10/ اتحادية /2013) في 12 / 3/ 2013 المتضمن ( ……عدم جواز ممارسة الموظفين الإداريين صلاحيات قضائية) ، و في حكم أخر لها بالعدد (14 / اتحادية / 2013) في 12 / 3 /2013 ،المتضمن (… لا يجوز لغير القضاة ممارسة الصلاحيات القضائية….)، ولاسيما إن احكام المحكمة الاتحادية العليا ملزمة لجميع السلطات في الدولة استنادا لأحكام المادة (94) من الدستور والمادة (5) من قانون المحكمة الاتحادية العليا رقم (30 ) لسنة 2005، ولذا فأن وجود احد الأعضاء من غير القضاة في الهيأة التمييزية المشكلة استنادا لأحكام نص المادة (250) من قانون الكمارك انف الذكر يتعارض مع توجهات المحكمة الاتحادية العليا وقراراتها بهذا الخصوص ، كما يتعارض مع أحكام الدستور وقانون التنظيم القضائي، الأمر الذي يقتضي تعديل هذه المادة وإعادة النظر بها وصياغتها بما يتفق مع توجهات المحكمة الاتحادية العليا و أحكام الدستور والقانون انف الذكر، بقدر تعلق الأمر بالموضوع محل الاعتراض الخاص بتشكيل الهيأة التمييزية وأعضائها.
3-استنادا لأحكام المادة (252 ) من قانون الكمارك انف الذكر فان للهيأة التمييزية المشكلة بموجب المادة (250) من قانون الكمارك ، أن تطلب استكمال الأدلة الإضافية التي تراها ضرورية لذلك وان تجري التحقيقات اللازمة وتصدر قرارها بتأييد الحكم المميز أو تعديله ويكون قرارها باتا ، ونرى إن النص انف الذكر قد تجاهل الصفة الرقابية لمحكمة التمييز استنادا لأحكام المادة (12) من قانون التنظيم القضائي انف الذكر، ذلك إن محكمة التمييز الاتحادية وهيئاتها بما فيها الهيأة التمييزية المشكلة استنادا لأحكام المادة (250) من القانون انف الذكر هي محكمة قانون وليس محكمة وقائع، وان القول بخلاف ذلك تجاهل لصلاحيات محكمة التمييز الاتحادية المنصوص عليها قانونا ولا سيما في قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم (23) لسنة 1971 المعدل، إذ يتعذر من الناحية الواقعية التطبيقية قيام الهيأة التمييزية المشكلة استنادا لأحكام المادة (250) أنفة الذكر باستكمال الأدلة وإجراء التحقيقات بنفسها في قضايا تم نظرها من قبل المحاكم الكمركية، إضافة إلى ما تقدم فان ظاهر النص للمادة (252) أنفة الذكر يؤكد بأنه ليس للهيأة التمييزية المشار إليها فيها، صلاحية نقض القرار الصادر من المحكمة الكمركية المميز أمامها ، وان ذلك يعد تعارضا مع سلطات محكمة التمييز الاتحادية وصلاحياتها المنصوص عليها في قانون أصول المحاكمات الجزائية انف الذكر على أساس إن الهيأة التمييزية المشكلة استنادا لأحكام المادة (250) من قانون الكمارك هي احد هيئات محكمة التمييز الاتحادية، وان عدم منح الهيأة التمييزية المشكلة استنادا لنص المادة (250) من قانون الكمارك صلاحية النقض إضافة للصلاحيات الأخرى الممنوحة لمحكمة التمييز الاتحادية استنادا للمادة (259) من قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم (23) لسنة 1971 المعدل، يعد تعطيلا للهيأة أنفة الذكر وتقييدا لصلاحياتها في الرقابة بلا مبرر، وعلى أساس ما تقدم فان المادة أنفة الذكر بحاجة إلى تعديل وإعادة صياغة حتى تصبح متسقة مع أحكام قانون أصول المحاكمات الجزائية المعدل.
ب- قانون تقدير قيمة العقار ومنافعه رقم (85) لسنة 1978 :
-بقدر تعلق الأمر بالمادة ( 9 / أولا ) منه التي نصت على انه (يؤلف وزير المالية لجنة أو أكثر تسمى ( لجنة الاعتراض) للنظر في الاعتراضات الواقعة على قرارات لجان الكشف وتتألف من :- 1-الحاكم الأول، أو من ينسبه من الحاكم في منطقة أعمال دائرة التسجيل العقاري الواقع فيها العقار الذي جرى كشفه، ويكون رئيسا للجنة. 2- ممثل عن وزارة المالية من موظفي الدرجة الثانية على الأقل ، بالنسبة للجان المشكلة في العاصمة. 3- موظف فني).
فان ملاحظاتنا على النص انف الذكر تكمن بما يلي :
1-إن تأليف وزير المالية إلى لجنة الاعتراضات التي تكون برئاسة قاضي لا يتناسب مع استقلال السلطة القضائية الاتحادية، إذ إن ذلك من شأنه أن يحدث تداخلا بين السلطات ولاسيما السلطة التنفيذية والسلطة القضائية خلافا لمبدءا الفصل بينهما ، الذي أقرته المادة (47 ) من دستور عام 2005 انفة الذكر، ولا سيما إن السلطة القضائية مستقلة تطبيقا لأحكام المادة (87 ) من الدستور نفسه، كما إن الموضوع يثير صعوبة على صعيد التطبيق لعدم تبعية القاضي من الناحية الإدارية الوظيفية إلى السيد وزير المالية وإنما إلى مجلس القضاء الأعلى، مما يعني إن نص المادة أنف الذكر بحاجة إلى إعادة صياغة وتعديل للحيلولة دون التداخل والاندماج في اختصاص السلطات القضائية والتنفيذية.
2-إن تشكيل لجنة الاعتراضات من قاضي وموظفين إحداهما ممثل عن وزير المالية والأخر موظف فني، أمر ليس له ما يبرره، إذ كان من الضروري أن يتمتع جميع أعضاء لجنة الاعتراض بصفة القاضي تحقيقا للمصلحة العامة و حتى يكون العمل منسجما ومتكاملا، لما يتمتع به القضاة من كفاءة وعلمية وخبرة وحيادية، مما يقتضي إعادة النظر في صياغة المادة أنفة الذكر لمعالجة ذلك 0
3-إن المادة أنفة الذكر لم تبين كيفية اتخاذ القرارات من قبل لجنة الاعتراضات وهل تصدر بالاتفاق أم بالأكثرية، وان ذلك يمثل نقصا في صياغة النص انف الذكر الأمر الذي يقتضي إكماله عند تعديله.
ج- قانون ضريبة الدخل رقم (113) لسنة 1982 المعدل :
-فيما يتعلق بالمادة (37) منه التي نصت على انه ( 1- تؤلف لجنان النظر في القضايا الاستئنافية ببيان يصدره الوزير في الجريدة الرسمية برئاسة قاض من الصنف الثاني في الأقل وعضوية اثنين من الموظفين المختصين في الأمور المالية. 2- يعين بنفس الشروط المذكورة في الفقرة (1) من هذه المادة أعضاء اضافيون يحلون محل الأعضاء الأصلين عند غيابهم).
وينبغي ملاحظة إن عبارة (الوزير الواردة في المادة أنفة الذكر تنصرف إلى (وزير المالية) استنادا إلى أحكام المادة (1/ 12) منه التي نصت على انه (يقصد بالتعابير التالية المعاني المقابلة لها إن لم ترد قرينة في القانون على خلاف ذلك: الوزير : وزير المالية).
وان ملاحظاتنا على النص انف الذكر هي:
1-ان تأليف لجنان للنظر في القضايا الاستئنافية ببيان يصدره الوزير في الجريدة الرسمية برئاسة قاض من الصنف الثاني في الأقل وعضوية اثنين من الموظفين المختصين في الأمور المالية، من شأنه أن يحدث تداخلا بين السلطات ولاسيما السلطة التنفيذية والسلطة القضائية خلافا لمبدأ الفصل بينهما، الذي أقرته المادة (47 ) من دستور عام 2005 التي نصت على انه (السلطات الاتحادية هي التشريعية والتنفيذية والقضائية وتمارس اختصاصاتها ومهامها على أساس مبدءا الفصل بين السلطات) ، ولا سيما إن السلطة القضائية مستقلة تطبيقا لأحكام المادة (87 ) من الدستور انف الذكر التي نصت على انه (السلطة القضائية مستقلة وتتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها ، وتصدر أحكامها وفقا للقانون)، واستنادا لما تقدم فان تشكيل لجان النظر في القضايا الاستئنافية استنادا لأحكام المادة (37) من قانون ضريبة الدخل انف الذكر يجب أن تتم بقرار من الأستاذ رئيس مجلس القضاء الأعلى المحترم منعا لتداخل السلطات من جهة واستنادا لما يتمتع به الأستاذ رئيس مجلس القضاء الأعلى المحترم من صلاحيات دستورية وقانونية من شانها المحافظة على استقلال القضاء، الأمر الذي يقتضي تعديل نص المادة (37) من القانون انف الذكر وإعادة النظر بها وصياغتها بما يتفق وأحكام الدستور والقوانين النافذة المشار إليها أنفا ،
2-إن تأليف لجنان للنظر في القضايا الاستئنافية برئاسة قاض من الصنف الثاني في الأقل وعضوية اثنين من الموظفين المختصين في الأمور المالية، أمر ليس له ما يبرره، إذ كان من الضروري أن يتمتع جميع أعضاء اللجنة بصفة القاضي تحقيقا للمصلحة العامة وحتى يكون العمل منسجما ومتكاملا، لما يتمتع به القضاة من كفاءة وعلمية وخبرة وحيادية، مما يقتضي إعادة النظر في صياغة المادة أنفة الذكر لمعالجة ذلك.
-نصت المادة (38) منه التي نصت على انه (على لجنة الاستئناف المؤلفة في بغداد أن تنظر القضايا التي تقع ضمن اختصاص لجنة أخرى بطلب المستأنف نفسه، وللوزير أو من يخوله أن ينقل أية قضية استئنافية من لجنة إلى أخرى بطلب المستأنف أو بدونه إذا وجد أسبابا موجبة لذلك).
ولنا على النص الملاحظات التالية:
1-إن صلاحية وزير المالية المشار إليها في المادة أنفة الذكر يجب أن تنصرف إلى الأستاذ رئيس مجلس القضاء الأعلى لضمان استقلال عمل لجنة الاستئناف وحياديتها من جهة، ولتنظيم انسيابية العمل واستقراره من جهة أخرى.
2- إذا ما تم تعديل نص المادة (37) من القانون انف الذكر وأصبح جميع أعضاء لجنة الاستئناف من القضاة وفقا للتعديل المقترح في ألفقره السابقة أعلاه، يصبح من غير المنطقي أن تكون للسيد وزير المالية صلاحية نقل أية قضية استئنافية من لجنة إلى أخرى، إذ لا يجوز أن تخضع اللجان القضائية إلى طلبات وتوجيهات الجهات الإدارية غير القضائية، مما يعني إن النص انف الذكر بحاجة إلى تعديل وإعادة صياغة.
-المادة (40) منه التي نصت على انه ( 1- تكون قرارات لجان الاستئناف قطعية إذا كان مبلغ الضريبة فيها عشرة ألاف دينار فأقل. 2- إذا كان مبلغ الضريبة في القرار أكثر من عشرة ألاف دينار فللسلطة المالية والمكلف الاعتراض عليه خلال خمسة عشر يوما من تاريخ التبليغ به أمام هيأة تمييزية خاصة تشكل برئاسة قاض من محكمة التمييز وعضوية اثنين من المدراء العامين من وزارة المالية وواحد من اتحاد الغرف التجارية العراقية وأخر من اتحاد الصناعات العراقي ببيان يصدره الوزير وينشر في الجريدة الرسمية. 3- للهيأة التمييزية إلغاء القرار أو تأيده أو تعديله ويكون قرارها قطعيا. 4- على المكلف الذي يرغب في الطعن تمييزا في قرار لجنة الاستئناف تسديد رسم إلى صندوق الهيأة العامة للضرائب يتحدد مبلغه بنسبة 1% واحد بالمئة من مبلغ الضريبة في القرار محل الطعن وبحد أعلى مقداره ألف دينار ويعد إيرادا نهائيا للخزينة العامة. 5- تحدد مكافأة لأعضاء الهيأة التمييزية ولجان الاستئناف بتعليمات يصدرها الوزير).
ولنا على النص انف الذكر الملاحظات التالية :
1-إن مبلغ العشرة ألاف دينار المشار إليه في الفقرة (1) من المادة أنفة الذكر قليل ولا يتناسب مع التطورات الاقتصادية والمالية في الوقت الحاضر الأمر الذي يقتضي زيادة المبلغ وجعله مبلغا قدره مليون دينار فأقل.
2-إن المبلغ الوارد في الفقرة (2) من المادة أنفة الذكر البالغ مقداره أكثر من عشرة ألاف دينار قليل أيضا، ومن المقتضى تعديله، حتى يصبح أكثر من مليون دينار.
3-إن تشكيل الهيأة التمييزية المشار إليها في المادة أنفة الذكر، ألفقره (2) منها، من قبل وزير المالية برئاسة قاض من محكمة التمييز، من شانه أن يحدث تداخلا بين السلطات ولاسيما السلطة التنفيذية والسلطة القضائية خلافا لمبدأ الفصل بينهما، الذي أقرته المادة (47) من دستور عام 2005 انفة الذكر، ولا سيما إن السلطة القضائية مستقلة تطبيقا لأحكام المادة (87) من الدستور نفسه، الأمر الذي يقتضي تشكيل الهيأة التميزية استنادا إلى قرار أو أمر صادر من السيد رئيس مجلس القضاء الأعلى المحترم.
4- إن أعضاء الهيأة التمييزية المشار إليهم في المادة أنفة الذكر ألفقره (2) منها، محل نظر، إذ تتألف من الهيأة التمييزية الخاصة برئاسة قاض من محكمة التمييز وعضوية اثنين من المدراء العامين من وزارة المالية وواحد من اتحاد الغرف التجارية العراقية وأخر من اتحاد الصناعات العراقي، ولا نجد مبرر لاشتراك غير القضاة في الهيأة التميزية، لعدم تمتع أعضائها كل من (اثنين من المدراء العامين من وزارة المالية وواحد من اتحاد الغرف التجارية العراقية وأخر من اتحاد الصناعات العراقي) بالصفة القضائية من جهة، ولاسيما إن تلك الهيأة التمييزية، تعد من هيئات محكمة التمييز الاتحادية من جهة أخرى و تمارس عملا قضائيا بحتا في التدقيق والرقابة استنادا لما تتمتع به محكمة التمييز الاتحادية من صلاحيات بموجب أحكام القانون، وعلى أساس ذلك فان أي عضو في أي هيأة من هيئات محكمة التمييز الاتحادية يجب أن يكون متمتعا بالصفة القضائية ذلك إن العمل القضائي لا يجوز ممارسته من غير القضاة حصرا وهذا ما نص عليه قانون التنظيم القضائي انف الذكر ، و تأكد بحكم المحكمة الاتحادية العليا بالعدد (10/ اتحادية/ 2013)، في 12 / 3/ 2013 و بالعدد (14/ اتحادية/ 2013) في 14 / 3 /2013 المشار اليهما انفاً، و إن احكام المحكمة الاتحادية العليا ملزمة لجميع السلطات في الدولة استنادا لأحكام المادة (94 ) من الدستور والمادة (5) من قانون المحكمة الاتحادية العليا رقم (30 ) لسنة 2005 ، ولذا فأن وجود احد الأعضاء من غير القضاة في الهيأة التمييزية المشكلة استنادا لأحكام نص المادة (40) من قانون ضريبة الدخل انف الذكر يتعارض مع توجهات المحكمة الاتحادية العليا وقراراتها بهذا الخصوص، كما يتعارض ذلك مع أحكام الدستور وقانون التنظيم القضائي ، الأمر الذي يقتضي تعديل هذه المادة وإعادة النظر بها وصياغتها بما يتفق مع توجهات المحكمة الاتحادية العليا و أحكام الدستور والقانون انف الذكر، بقدر تعلق الأمر بالموضوع محل الاعتراض الخاص بتشكيل الهيأة التمييزية وأعضائها.
5-إن ما تضمنته الفقرة (5 من المادة 40 ) من قانون ضريبة الدخل انف الذكر بحاجة إلى إلغاء، إذ نصت الفقرة المذكور على انه ( تحدد مكافأة لأعضاء الهيأة التمييزية ولجان الاستئناف بتعليمات يصدرها الوزير) ، ذلك إن تحديد مكافآت لأعضاء الهيأة التميزية ولجان الاستئناف من قبل السيد وزير المالية، على الرغم من كون رئيس الهيأة التمييزية قاض في محكمة التمييز الاتحادية ورئيس اللجنة الاستئنافية قاض أيضا يتعارض مع مهمة القضاء السامية القائمة على أساس إحقاق الحق ومن شان ذلك المساس باستقلاليته ونزاهته عدالته وحياديته، إضافة إلى ما تمثله تلك المكافآت من مخالفة لأحكام القانون وهدر لأموال الدولة، ولاسيما إن رئيس وأعضاء الهيأة التمييزية ورئيس وأعضاء اللجان الاعتراضية يتقاضون رواتبهم استنادا لأحكام القانون لقاء العمل المكلفين القيام به ولا موجب لمنحهم مكافآت مالية استنادا لرغبة السيد وزير المالية.
• الخلاصة :
استنادا لما تقدم من ملاحظات نستنتج: إن تعارض أحكام المواد المشار إليها أنفا مع أحكام الدستور وقانون التنظيم القضائي يستوجب المعالجة من قبل السلطة التشريعية المختصة من خلال إلغائها أو تعديلها على حسب الأحوال ونقترح بخصوص ذلك ما يلي:
إلغاء نص المادتين (250 و252 ) قانون الكمارك رقم (23) لسنة 1984المعدل، وإلغاء نص المادة (9 / أولا ) قانون تقدير قيمة العقار ومنافعه رقم (85) لسنة، وإلغاء المواد(37 و38 و40 ) قانون ضريبة الدخل رقم (113) لسنة 1982 المعدل، وإحلال محلها نصوص جديد و إصدار قانون تعديل للقوانين أنفة الذكر، تحقيقا للمصلحة العامة ولضمان قدسية أحكام الدستور وعدم انتهاكها وللحيلولة دون تداخل عمل السلطات في الدولة تحقيقا للتوافق والانسجام بين أحكام القوانين المختلفة ولاسيما قانون التنظيم القضائي.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً