هل يجوز وضع قيود على حق الحرية و التنقل في حقوق الانسان ؟
حق الحرية والتنقل بمنظور الاعلان العالمي لحقوق الانسان / أ. روان المستريحي
يعتبر حق الحرية والتنقل من الحقوق الاساسية المرافقة لوجود الانسان وان وضع قيود وحدود لها هو انتهاك لهذا الحق ويتجسد هذا الحق في حق الانسان في التنقل والانتقال ضمن داخل الدولة و على كامل المساحة الجغرافية لهذه الدولة والى خارجها الى اي دولة كانت والعودة اليها متى شاء دون اية قيود ودون التعرض للاعتقال او السجن او التسليم الى دولة اخرى وهذا يعني ان حق الافراد في التنقل والانتقال ليس منحة او امتياز من حكومة او دولة ما بل هو حق من حقوق الانسان الاساسية مرتبط وجوده بوجود الانسان ذاته لذا يتوجب على القانون الوضعي الداخلي ان يتكفل هذا الحق ويحميه بنصوص وقوانين وان يعاقب من ينتهكه وعلى هذا نجد الكثير من الانتهاكات لهذا الحق سواء من قبل الحكومات او الافراد وما نص المادة 13 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان عام 1948 الا دليل على تقديس هذا الحق وحمايته والتي نصت على :
( 1 ) لكل فرد حرية التنقل واختيار محل إقامته داخل حدود كل دولة.
( 2 ) يحق لكل فرد أن يغادر أية بلاد بما في ذلك بلده كما يحق له العودة إليه.
وفي عام 1966 تم اعطاء هذا الحق بعدا الزاميا قانونيا وذلك في المعاهدة الدولية الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية في المادة 12 التي جاء فيها :
– لكل فرد يوجد على نحو قانوني داخل إقليم دولة ما حق حرية التنقل فيه وحرية اختيار مكان إقامته.
– لكل فرد حرية مغادرة أي بلد، بما في ذلك بلده.
– لا يجوز تقييد الحقوق المذكورة أعلاه بأية قيود غير تلك التي ينص عليها القانون، وتكون ضرورية لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم، وتكون متمشية مع الحقوق الأخرى المعترف بها في هذا العهد.
– لا يجوز حرمان أحد، تعسفا، من حق الدخول إلى بلده.
يفهم من هذه المادة انها اعطت بعدا قانونيا الزاميا لحق التنقل والانتقال لكن دون ان تحدد عقوبة ومسؤولبة مرتكبي اي انتهاك لهذا الحق لكن ترك هذا الحق دون قيود بسيطة وضرورية ربما يفضي الى مشاكل وانتهاكات اخرى لحقوق اخرى لذا وضعت بعض القيود وفي نطاق ضيق للحد من هذه الحرية ومن الجدير ذكره ان هذه المادة قد وضعت بعض القيود على حرية التنقل والانتقال وهي التي ينص عليها القانون وتكون ضرورية لحماية الامن القومي او النظام العام او الصحة العامة او الاداب العامة او حقوق الاخرين وحرياتهم وبهذه الاستثناءات الغير واضحة والغير مفهومة ، وكل استثناء منها يحتمل اكثر من تفسير ومعيار وحسب كل دولة واقليم ، مثلا الامن القومي يختلف من دولة الى اخرى ومن زمان الى آخر واحيانا يصل الخلاف بينهما الى حد التناقض وكذلك النظام العام والاداب العامة فمثلا نجد ففي بعض الدول الزنا ليست بجريمة ولا يعاقب مرتكبها وبالتالي ولا يعتبر من النظام العام وبالتالي لا تتقيد حريته لا بالتنقل ولا الانتقال ولا بالاعتقال والسجن بينما في دول اخرى يعتبر الزنا جريمة ويعاقب عليه القانون الداخلي ومن المحتمل ان تتقيد حريته سواء بالاعتقال او التنقل والانتقال والسجن .
وامام هذه الاستثناءات الغير واضحة المعالم تقوم اغلب الحكومات بانتهاكات صريحة وواضحة لهذا الحق متحججة بالنظام العام او الاداب العامة او الامن القومي لذا كان لابد من وضع معيار ثابت وواضح لاستثناءات حق حرية التنقل والانتقال لكي لا يكون هناك من يتحجج من الحكومات وانظمة الدول على انتهاكها والا سنكون وضعنا تشريعا وقانونا يبيح للحكومات الانتهاك لهذا الحق المنتهك .
اترك تعليقاً