هل يحق للأب بيع عقار ابنه القاصر؟
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
المحامي فـاضل حـاضري
لا يجوز لدى أكثر الفقهاء للولي ولا لغيره من الأوصياء بيع عقار القاصر إلا إذا كانت هناك مصلحة أو منفعة ظاهرة في هذا البيع كما لو كان القاصر بحاجة إلى نفقة ولا يوجد من المنقولات ما يسدد قيمة ذلك .
وقد نصت الفقرة الثانية من المادة /172/من قانون الأحوال الشخصية السوري على ما يلي :
(( لا ينتـزع مال القاصر من يد الأب والجد العصبي ما لم تثبت خيانته أو سوء تصرفاته وليس لأحدهما التبرع بمال القاصر أو بمنافعه أصلاً ولا بيع عقاره أو رهنه إلا بإذن القاضي بعد تحقق المسوغ ))
من خلال ذلك يتضح أن القانون منع الأب من بيع عقار ابنه القاصر بدون إذن القاضي، وللقاضي أن يأذن بذلك بعد تحقق المسوغ للبيع ولكن الملاحظ أن قانون الأحوال الشخصية لم يتعرض لبيع عقار القاصر بغبن فاحش ولكن بالرجوع للقانون المدني نجد أن المشرع عالج هذه المسألة ونص عليها في المادة /393/حيث جاء فيها :
((1- إذا بيع عقار مملوك لشخص لا تتوفر فيه الأهلية وكان في البيع غبن يزيد على الخمس فللبائع أن يطلب تكملة الثمن إلى أربعة أخماس ثمن المثل .
2-ويجب لتقدير ما إذا كان الغبن يزيد على الخمس أن يقّوم العقار بحسب قيمته وقت البيع))
وبمقتضى النص فإنه يجوز للولي نفسه الذي باع عقار ابنه القاصر الحق بتكملة الثمن ويستمر هذا الحق للولي مادام القاصر غير راشد .
أما بالنسبة للقاصر الذي باع وليه عقاره فيجوز له المطالبة بتكملة الثمن وذلك بعد بلوغ سن الرشد ويستمر هذا الحق ثلاث سنوات من تاريخ رشده.
ويثور في هذا المقام السؤال الآتي :
ماذا لو باع الولي عقار القاصر بإذن المحكمة وفق ما هو منصوص عليه في قانون الأحوال الشخصية وكان الغبن فيه غبن فاحش فهل يجوز رفع دعوى تكملة الثمن رغم إذن المحكمة بالبيع أم يعتبر إذن المحكمة مانعاً من ذلك ..؟
والجواب على ذلك يقتضي التمييز بينما إذا حصل البيع بالمزاد العلني ففي هذه الحالة يكون البيع نافذاً وصحيحاً ولا يجوز الطعن بدعوى الغبن ..أما إذا لم يحصل البيع بالمزاد العلني فلا تسقط دعوى الطعن بالغبن ويحق المطالبة بتكملة الثمن لأن القاضي لا يقدر ثمن العقار إنما يقدر الضرورة لبيع العقار أو عدم الضرورة كما لو كان القاصر بحاجة إلى نفقة أو علاج ولا يوجد من أمواله المنقولة ما يكفي ذلك فيأذن للولي ببيع العقار ولهذا فإن إذن القاضي هنا منوط بالمصلحة الداعية إلى بيع العقار لا إلى تقدير الثمن ، ومن هذا المنطلق فإن إذن القاضي ببيع عقار القاصر لا يحول دون دعوى الغبن والمطالبة بتكملة الثمن .
وكذلك هو الحال فلو أذنت المحكمة للقاصر بيع عقاره وكان في البيع غبن يزيد على الخمس يبقى للقاصر بعد بلوغه سن الرشد حق المطالبة بتكملة الثمن.
والجدير بالذكر أن الأثر الذي رتبه القانون على بيع عقار القاصر بغبن فاحش هو المطالبة بتكملة الثمن حيث أن الغبن ليس سبباً من أسباب إبطال البيع فإذا حصل ذلك كان للقاصر طلب استرداد فرق الثمن فقط وترفع الدعوى على المشتري وعلى المدعي أن يثبت أن قيمة العقار وقت العقد كانت بغبن فاحش ولا عبرة للسعر الطارئ سواء نقص أو زاد وقت الادعاء .
وإذا امتنع المشتري عن دفع تكملة الثمن بعد الحكم بذلك فللبائع الحق في فسخ العقد ، ومما تجدر الإشارة إليه أن دعوى الغبن هي حق للبائع وليس للمشتري مثل هذا الحق ولو غبن في شرائه أثناء عقد البيع أو حين تكملة الثمن ، والسبب في ذلك أن دعوى الغبن إنما شرعت لمصلحة ولحماية القاصر .
والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا المقام أيضاً هل يسري حكم البيع بغبن فاحش على الشراء أيضاً ..؟
أي إذا اشترى الولي مالاً للقاصر بغبن فاحش فهل يجوز له المطالبة بفرق الثمن بدعوى الغبن التي نص عليها القانون ..؟
الجواب على ذلك يتطلب الرجوع إلى نصوص القانون المدني وقد كانت صريحة في إعطاء هذا الحق في البيع وليس في الشراء.
اترك تعليقاً