صغر حجم الماده المخدره ليس سبباً للإفلات من العقاب
توهّم البعض أو يتصور، أن صغر حجم المادة المخدرة، أو المؤثر العقلي، وضآلة وزنه وقلة عدده، قد يكون سبباً أو حجة مقنعة أمام المحكمة للإفلات من جرم الحيازة (بقصد الاتجار أو الترويج)، ويرجو ويأمل أن يكون ذلك سبباً لنجاته من عقوبة الإعدام (نعم الإعدام)، كما قرأت، فهي العقوبة الأساسية التي يعرفها قانون العقوبات متمثلاً في قانون مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية جزاء نكالاً للاتجار في هذه السموم، وفقاً لنص المادة 48 والمادة 49/3 منه، وفي حدها الأدنى في حالات ضيقة تكون العقوبة السجن المؤبد.
وفيما يتصوره البعض اعتقاداً خاطئاً لا يمت للواقع بصلة، ولا علاقة له بأحكام القانون وقضاء محاكم الدولة.
فالمشرّع لم يحدد كمية معينة للمادة المخدرة أو المؤثر العقلي تعد حيازته لهذا القدر أو ذاك كافية ليسأل بموجبها المتهم أنها بقصد الاتجار أو الترويج، فالإحراز والحيازة للمادة المخدرة بقصد الاتجار واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها، أما ضآلة حجم المادة المخدرة أو كبره، فهي من الأمور النسبية التي تقع في تقدير المحكمة مادامت هي قد اقتنعت للأسباب التي بينتها (دبي الطعن رقم 2012/ 264 جزاء).
بما يعني أن البعض قد يجد نفسه متلبساً بجريمة حيازة بقصد الاتجار أو الترويج لمجرد حيازة غرام أو غرامين منها أو بضعة حبوب، ولا يعفى من العقاب أن يقال إن تداول المادة المخدرة كان دون مقابل، فالقانون لم يجرّم الاتجار فقط، بل الترويج أيضاً، الذي لا يحتاج لمقابل، إذ وضع المشرّع للترويج العقوبة ذاتها، وهي الإعدام.
والجدير بالذكر أن المشرّع تحوطاً للفكرة وفي تكامل وتناغم تشريعي، إذ جرّم في المادة 44 من القانون سالف الذكر ذاته، حتى حيازة سلع ومطبوعات تحمل صوراً ورسومات أو كتابات أو أفكار تدعو أو تحرّض على التعاطي أو الاتجار أو الجلب.
الأمر الذي يحتاج معه أي شخص أن يراجع نفسه ألف مرة قبل أن يفكر في أن يمنح غيره القدر الضئيل من هذه السموم، ولو بغرض التجربة، أو أن يحوز قمطيراً منها.
فالواقع أن أروقة المحاكم مملوءة بشباب في مقتبل حياتهم يواجهون عقوبة الإعدام، بسبب أنهم أقدموا على إعطاء أحد أصدقائهم جرعة بسيطة من المادة المخدرة للتجربة، أو حازوا كميات ضئيلة منها، غير أن محكمة الموضوع فسّرت ذلك على أنه إحدى وسائل الترويج أو أنها بغرض الاتجار على ضآلة حجمها.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً