هيئة التحقيق: الثغرة المفتوحة في قلب القانون
علي سعد الموسى
أطول دقائق حياتي مللاً هي تلك التي أقضيها في انتظار الحلاق أو في ردهات مول تجاري.
أطول دقائق حياتي مللاً هي تلك التي أقضيها في انتظار الحلاق أو في ردهات مول تجاري. ولا أكاد أذكر آخر مرة ذهبت فيها إلى – المول –، ولعله لأجل هذا فوجئت بالقرار الأخير بالسماح للشباب بدخول الأسواق، فقد كنت أظن أنه متاح لهم من قبل، على قاعدة الأصل في الأشياء الإباحة.
والجواب الحقيقي أننا نمنع الشباب من دخول الأسواق الكبرى، لأننا في الأصل نعيش بلا قانون رادع يضمن (للاستقامة) أن تسير على خطها الطويل، مثلما تشاء، ويضبط (الخطأ) ليكون القانون رادعاً حازماً وسلطوياً بسطوة جارفة. اكتبوا على مدخل – المول – التجاري لائحة مكتوبة لعقوبة الأذى والتحرش. ألزموا أصحاب الأسواق وملاكها بنشر كاميرات المراقبة في كل مكان حتى يعرف الشاب أن – الكاميرا – هي الشاهد الخفي وأن العقوبة القاسية هي القانون المعلن. عندما يذهب الشاب السعودي إلى – مول دبي – فإنه يدرك أن – الكاميرا – تحتفظ لوجهه في الأرشيف ما يقرب من 15 مرة في ظرف ساعتين، ويدرك أن موظف الأمن الآسيوي يستطيع سحبه إلى طاولة القانون للحكم بلا مداولة، لأن الشاهد برهان الصورة. يذهب الشاب السعودي إلى دار السينما في البحرين وهو يراقب حركات أطرافه حتى في الظلام، لأن الكاميرا من فوقه بأشعتها السينية. وهنا يذهب الشاب السعودي إلى – المول – وهو يعلم أنه في غزوة مفتوحة. المطب النادر الذي قد يقع فيه ليس بأكثر من دقائق حوار ساخن مع فرقة من – الهيئة – لا يوجد في قاموسها العقابي أكثر من مضبطة التحقيق لساعتين، أو – تحويلة – هيئة التحقيق والادعاء العام التي يعرف الشاب، مثلما يعرف المجرم أيضاً، أنها الثغرة الواسعة المفتوحة على المصاريع الأربعة. بدلاً من أن تكون هيئة التحقيق حارس القانون أصبح الكل يعرف أنها وسيلة الإفراج والإبطاء والتسويف حتى يتدخل أصحاب الشفاعة لحفظ أوراق القضية.. بدلاً من أن تكون هي القانون أصبحت في العرف الاجتماعي العام ثغرة مفتوحة في صلب ذات القانون. وإذا لم نقف بحزم أمام مثل هذه القضايا فسنجد أنفسنا بعد عام من اليوم في مواجهة القرار النقيض: هل نسمح للعوائل بالدخول إلى – المول – المكتظ بغزوات الشباب المفتوحة، أم إننا نحتاج لها أن تدخل دورة تدريبية لمواجهة هذه الغزوات المفتوحة؟ كل شارد عن الذوق العام يعرف المسافة الزمنية ما بين هيئة التحقيق وبين الإحالة للقضاء على طريقة المثل الشعبي (سط وبين السوطين فرج).. كل مشاكلنا ضاعت ما بين السوطين.
اترك تعليقاً