واقع استعمال المعلومات وفق القانون في الإدارة المغربية
يسعى استعمال الوسائل الإلكترونية والمعلوماتية في تقديم الإدارة العمومية لخدماتها للمواطنين الطبيعيين أو المعنويين بالحكومة الإلكترونية.
(le gouvernement électronique commerce) وهو مقتبس عن مفهوم التجارة الإلكترونية e- حيث يتم تبادل السلع والخدمات بين الخواص بعضهم بعض، لكن الحكومة الإلكترونية تشمل تبادل المعلومات بين الإدارة والمواطنين دون أن يكون لهاته المعلومات طابع تجاري أو تتسم بهدف الربح مثل إيداع التصريحات الضريبية أو طلب وثيقة إدارية وهو ما يفيد الجانبين (المرفق والإدارة).
الفرع الأول : محدودية حضور تكنولوجيا المعلومات في الإدارة المغربية :
في ضوء المعلومات المتوفرة حتى الآن ما زال الاستثمار الفعلي للإدارة في مجال تنمية استعمال تكنولوجيا المعلومات والاتصال محدودا للغاية وذلك بالرغم من الحماس الكبير المعبر عنه من طرف الجميع في الارتقاء بهذا المجال . فالإدارة المغربية تسعى إلى التقدم في مجال التكنولوجيا المعلوميات والنهوض بالمجتمع المغربي.
وفي غياب دراسة دقيقة في الموضوع قد يلاحظ البعض أنه بالغم من صرف أموال طائفة في اقتناء المعدات المعلوماتية والبرمجيات على مدى سنوات عدة، فلم تؤثر إيجابيا على المردودية وتحسين جودة الخدمات المقدمة من طرف الإدارة، حيث يقال أن الحواسيب لا تستغل الآن إلا لأغراض الطباعة فقط.
فالبرنامج المتبع حتى الآن في مجال استعمال تكنولوجيا المعلومات والاتصال بالإدارة المغربية يتميز بالأساس بعدم التنسيق بين الإدارات في شتى مكونات المعلومات من معدات وبرمجيات ودراسات، وإتباع كل وزارة أو إدارة منهجية وخطة عمل حرة غير مرتبطة بالأهداف والتوجهات العامة للحكومة.
وبالرغم من عدم الانتهاء من دراسة دقيقة لمدى استعمال المعلوميات في الإدارة المغربية التي تقوم بها كتابة الدولة المكافة بالبريد وتقنيات الاتصال والإعلام، فقد أثبتت بعض الدراسات العامة التي أجرتها هذه الأخيرة على مستوى استعمال تكنولوجيا المعلومات والاتصال بالأجهزة الإدارية مفارقات مهمة يمكن أن نخلص بعضها في ثلاث مستويات
على مستوى الشبكة والمعدات :
– أغلبية الإدارات تتوفر على شبكة داخلية على الصعيد المركزي.
– حوالي 35 موظفا مشتركين في حاسوب واحد.
– نسبة الموظفين الذين يمتلكون حاسوبا في الإدارة تناهز % 2.8.
– أقل من % 20 من الحواسيب مرتبطة بالشبكة المعلوماتية.
على مستوى نوعية وإعداد الموظفين المكلفين بالمجال المعلوماتي.
– قلة عدد التقنيين في تكنولوجيا المعلومات: 1200 موظف متخصص في المعلومات موزعة بين المهندسين والتقنيين أي ما يقارب % 0.3 من عدد الموظفين.
– التكوين المستمر في ميدان تكنولوجيا المعلوميات بالنسبة لموظفي الدولة شبه منعدم.
على مستوى الميزانية المرصودة :
– ضعف في المصاريف المخصصة لمجال تكنولوجيا المعلومات : 550 مليون درهم في السنة.
– معدل المصاريف المخصصة في مجال تكنولوجيا المعلومات في الوزارات يقل عن %1 من الميزانية الإجمالية.
بالإضافة إلى هذه المعطيات، يلاحظ جليا تباين واضح بين الإدارات في مستوى استعمال تكنولوجيا المعلومات، كما تشير التقارير إلى عدد مستعملي الأنترنيت في المغرب لا يتجاوز % 1.5 من عدد السكان.
وعن مستوى مكننة الخدمات والمساطر الإدارية فهي لا ترقى إلى الحد الأدنى اللازم توفره. فلازالت المعاملات الإدارية تستعمل الورق بكثرة كوثيقة ضرورية للاتصال والمرسلة وإن ارتقت في بعض الأحيان إلى استعمال الأقراص المرنة.
وعلاوة على ذلك، يلاحظ تنامي ظاهرة هجرة العقول تخص بالأساس التقنيين وذلك لأسباب كثيرة، لعل من أهمها تباين الوافر المادية بين المغرب والبلدان المعنية بهذه الظاهرة، وكذا ظروف ومحيط الشغل وإهدار بعض الحقوق، والذي يلفت الانتباه هو بالرغم من تفشي هذه الهجرة فما زالت الحكومة لم تقف على الأسباب الجوهرية للمشكلة ولم تتدارك بعد حقيقة الخطلا على مستقبل المغرب وأجياله في هدر هذه الثروة البشرية المهمة، فالإدارة تعاني حاليا من هذه المشكلة وتترك آثارها على جودة الخدمات المعلوماتية.
أما فيما يخص الإستراتيجية الحكومية « e-Maroc » المعتمدة في ميدان تكنولوجيا المعلومات والاتصال والتي تهم بالأساس الإدارة على الخط، التجارة الإلكترونية التكوين، فقد ترجمت إلى عدة توجهات وأهداف ارتكزت على تشخيص مدقق لوضعية هذا القطاع.
إذن بالرغم من المجهودات المتخذة لمكننة الإدارة، فإن غالبية المساطر الإدارية لا زالت تعتمد على الورق، وهذا يؤكد لنا أن هناك مشاكل وعوائق تقف أمام إدخال المعلومات للإدارة المغربية، فما هي هذه المشاكل.
معيقات ومشاكل إدخال تكنولوجيا المعلومات للإدارة المغربية
إن أي محاولة تحديثية تصطدم بمشاكل وعراقيل عديدة تعمل على التشويش عليها وعدم اكتمالها، وهكذا يتعرض إدخال تكنولوجيا المعلومات للإدارة المغربية صعوبات أهمها:
– عدم توفر إمكانية استعمالها من طرف الجمهور، فما فائدة وضع المساطر عن بعد (Les téleproce les teleprocédures) أو الشبابيك عن بعد (les téléguichets) إن لم يكن متاحا للمواطن الدخول إلى عالم المعلوميات بسهولة وبكلفة معقولة، لهذا بادرت تجهيز الإدارة معلوماتيا لا بد وأن تكون متزامنة مع توسيع قاعدة المستفيدين من هذه التقنية وذلك بتخفيض أو حذف الضرائب الجمركية والضريبية على القيمة المضافة المطبقة على العداد المعلوماتي وكذا النظر في التعريفة الهاتفية التي تجعل الارتباط بشبكة الإنترنيت ضربا من الصرف والتبذير حتى عند الميسورين .
الأمية الأبجدية التي تجعل من المستحيل الحديث عن مجتمع الإعلام وعن استعمال المعلومات وهي أمية تمس % 66 من ساكنة المغرب، أما الأمية فتمس نسبا هامة هي %34 المتعلقة بالمعلوميات وهم مواطنين يفترض فيهم أنهم غير آمنين. فلا بد أن يكون المتعامل مع هذه التقنية يعرف على الأقل كيف يرسل رسالة إلكترونية E-Mail وكيف يفتح نافذة على الأنترنيت.
ضعف الاهتمام بصيانة المعدات الإعلامية والتي تبقى بعد أول عطب عرضة للضياع والصدأ دون أن تتم صيانتها وإعادة تشغيلها. لهذا من المألوف أن يصدم المرتفق بعبارة ” الحاسوب معطل” أو “الشبكة لا تعمل” فتصبح بهذا الأداة الإعلامية عاملا معطلا ومؤخرا لمصالح المواطنين بدل أن تكون عامل تسريع وخدمة لهم.
تفاوت تجهيز الإدارات العمومية للمغرب بالمعلوميات، ففي الوقت الذي نجد فيه وزارة المالية رائدة في هذا المجال، هناك وزارات أخرى لا زالت إلى الآن تشتغل بوسائل جد قديمة، وهو ما يعكس غياب إستراتيجية وطنية واضحة في هذا المجال، هناك وزارات أخرى لا زالت إلى الآن تشتغل بوسائل جد قديمة، وهو ما يعكس غياب إستراتيجية وطنية واضحة في هذا الباب تكون موجهة لشراءات الوزارات للعتاد الإعلامي وذلك للحيلولة دون تكريس التفاوت الموجود أصلا بينها وهو تفاوت كان موضع انتقاد البنك الدولي للإدارة العمومية بالمغرب في تقريره الشهير المنشور سنة 1996.
في مقابل الفوائد التي يمكن أن يجنيا المواطن من إدخال المعلوميات للإدارة من سرعة وكفاءة في الخدمات المقدمة إليه يكون عرضة لأخطاء متنوعة فالمعلومات أصبحت تشكل وسيلة لضبط الأشخاص واستبعادهم بشكل جديد في الوقت الذي أخذت فيه المعطيات الإسمية المعالجة تتمحور حول رقم معين خاص بالهوية، وتحصر النشاط الإنساني أو جزء منه في آليات محددة، فقد مكنت المعلوميات تكاد تكون كاملة عن كل مظاهر حياة الفرد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الشيء الذي نجم عنخ الحد من استغلال الفرد وتقييد حريته (10)، ومن أشكال الأخطار التي يمكن أن تمس المواطن، قيام عمل عمدي يستهدف استعمال المعلومات المتعلقة بماضيه أو باتجاهاته أو غيرها من المعلومات المخزنة بالحاسوب للضغط عليه أو توريطه أو ابتزازه. كما أن تلك المعلومات (المعطيات الإسمية) تساعد على تركيز السلطة وضبط الأفراد.
رفض الإدارة تقديم معلومات كافية إلى من يطلبها كالباحثين والأساتذة والطلبة وذلك بدعوى السر المهني مما يجعل وعدها برقمنته المعطيات العمومية وبثها مباشرة على الأنترنيت موضع شك، فبعض المسؤولين يعتبر أن المعلومات أداة فعالة للسلطة وبالتالي فأي تفريط فيها هو تفريط في أهم أدوات نفوذهم ومكانتهم داخل الهيكل الإداري الذي يشتغلون فيه.
المخاطر المترتبة عن الأخطاء التقنية والتي تحدث نتيجة خلل فني أو عيب في اشتغال الأجهزة المعلوماتية أو في مصادر التغذية الكهربائية، بحيث يمكن أن يترتب عن خلل في التيار الكهربائي اندثار المعطيات والمعلومات المخزنة في الحاسوب، كما يمكن أن يكون هذا الخطأ عبارة عن “دمج المعطيات المخزنة في الحاسوب أو اختلال تصنيفها أو محو وإضافة بعض المعلومات لأشخاص لا تعتبر في الحقيقة عن حالتهم الاجتماعية ا, السياسية أو المالية أو الصحية، وبالتالي إعطاء نتائج غير صحيحة عن العمليات التي تقوم بها الإدارة أو المؤسسة الحائزة للجذاذات الإسمية”
وقد أورد الأستاذ أسامة عبد الله في كتابه الحماية الجنائية وبنوك المعلومات حكم المحكمة العليا في منيا بوليس في حكم لها أقرت فيه مبدأ المسؤولية عن هذا النوع من الأخطاء، حيث حكمت بتعويض مستخدمي الحاسوب المتضررين من خطأ تقني بسبب عيب
في صنع الجهاز.
الأخطاء الناتجة عن التعامل البشري مع المعلوميات وهي أخطاء قد تتم بشكل عمدي أو بدون عمد، ومهما يكن نوع الخطأ فإن المتضرر الأكبر من ذلك هو المواطن العادي الذي لا يملك أحيانا كيف يحصل على دليل الخطاء الناتج عن الموظف مستعمل أداة الإعلامية وهو ما يضيع عليه حقوقه أو يعمل على سلب حريته.
إذن فأمام هذه المشاكل والعوائق التي تحول دون مسايرة الإدارة المغربية لتقنية المعلوميات، أصبح لزاما على الدولة البحث عن إستراتيجية جديدة تساعد هذه الإدارة على تحسين وتوسيع مجال المعلوميات، وبالتالي مواجهة مختلف التغيرات المستقبلية.
اترك تعليقاً