بلدية مسقط تؤكد أهمية تسجيل عقود الإيجار والحد من «التهرب»
وجوب تسجيل عقود الإيجار
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
حفظ الحقوق وأداء الواجبات استمرارا لمشروعات التنمية المستدامة –
تحديد رسوم العقد نظير ما تقدمه البلدية من خدمات مجتمعية مختلفة –
على الرغم من الضمانات والمميزات التي يضمنها عقد الإيجار بالنسبة للطرفين خاصة في حالة المنازعات، يقابل ذلك عزوف بعض ملاك العقارات أو المؤجرين عن تسجيل عقود الإيجار وتوثيقها، أو اتباع أساليب غير قانونية في تسجيلها، مما يترتب عليه ضياع للحقوق لكلا الطرفين، وعدم تحقيق العوائد المالية المشروعة للجهات المختصة بالدولة، ويعرف عقد الإيجار على أنه: «عقد يلتزم المؤجر بمقتضاه أن يُمَكّن المستأجر من الانتفاع بشيء معين لمدة معينة لقاء أجر معلوم».
ويُسهم توثيق عقود الإيجار في تنظيم العلاقة بين أطراف العملية الإيجارية المتمثلة في (المؤجر، المستأجر)، كما يضمن توثيق عقد الإيجار بشكل رسمي لدى البلدية في سداد الإيجار وتوثيق بيانات المستأجر، بما يوفر معلومات عن كل المتعاملين في قطاع الإيجار، إلى جانب إرسائه لمنظومة عادلة من الالتزام الضريبي، بما يعزز من جهود بلدية مسقط في توفير الخدمات وإكمال مشروعاتها التنموية.
ويؤدي قلة الوعي القانوني والاجتماعي من قبل المؤجر والمستأجر بمخاطر محتملة تنتج عن عدم توثيق العقود وتعمل على ضياع الحقوق لكلا الطرفين، ومن أهم أشكال التهرب إبرام عقد إيجار بين المؤجر والمستأجر بقيمة أقل بكثير من القيمة الحقيقية، أو عدم إبرام عقد إيجار بين الطرفين إطلاقا، إضافة إلى عدم وجود سند تملك لكثير من المباني المنزلية المؤجرة، فضلا عن جهل كثير من المتعاقدين بمخاطر عدم إبرام عقود الإيجار، مما يوقعهم لاحقًا في الكثير من المشاكل وضياع الحقوق لكلا الطرفين.
تمنح العقود الموثقة لملاك العقارات حق التقدم للمطالبة بالأجرة المتأخرة، والإخلاء والتسليم في حال عدم السداد، مما يكفل الحقوق لأصحابها، من جانب آخر، تسهم عقود الإيجار المسجلة في تقليص حجم المنازعات المتعلقة بالإيجارات وتساعد في ضبط النظام الإيجاري، كما يضمن تسجيل عقود الإيجار إنصاف المؤجر، حيث كفل له حقه من خلال إقراره بعدم جواز تأجير المكان المؤجر بالباطن، وعدم السماح للمستأجر بتحويل العقار لجهة أخرى دون الحصول على موافقته،
كما أعطى المُؤجِر الحق في إخلاء المحل المُؤجَر في حالة عدم سداد المُستأجِر للأُجرة المتفق عليها وفق شروط العقد، إلى جانب حماية المؤجر في حالة تمت إساءة استخدام المحل المُؤجَر من قبل المُستأجِر، إضافة إلى أحقية المُؤجِر في إخلاء المسكن إذا تنازل عنه المُستأجِر للغير بدون إذن كتابي منه، أو إذا دعته الحاجة لشغل المكان المُؤجَر بنفسه، أو لأحد أقربائه، على أن يمنح المُستأجِر مُهلة للإخلاء لا تقل عن ستة أشهر، أو إذا تطلب منه هدم العقار، وإعادة بنائه، فالقانون يجيز للمُؤجِر ذلك بعد موافقة الجهات المختصة.
كما أعطى القانون المُؤجِر الحق في أن يطلب تعويضًا من المستأجر إذا تسبب في إلحاق ضرر في المسكن المُؤجَر، أو قام بأي أعمال بناء إضافية بدون موافقته، وقد ألزم القانون المُستأجِر بالوفاء بالأجرة في المواعيد المتفق عليها، إضافة إلى إلزامه بسداد قيمة استهلاك الكهرباء والمياه، وعوائد البلدية، وخدمات المجاري، وأي رسوم أخرى يلتزم بدفعها قانونًا خلال مدة سريان العقد، ما لم يتم الاتفاق على غير ذلك، كما كفل القانون للمُؤجِر الحق في استلام المسكن المُؤجَر سليما بدون أضرار، وإلزام المستأجِر بإصلاح أي ضرر.
ومن جانب آخر، فإن عقد الإيجار يضمن حق المُستأجِر أيضا، وذلك في عدة جوانب أخرى، منها حمايته أي المُستأجِر من أي زيادة في الأُجرة، إلا بعد انتهاء مدة العقد أو كل ثلاث سنوات إذا زادت مدة العقد عن ذلك، كما أقر القانون بعدم جواز إخلاء المسكن المُستأجَر قبل إِعلام المُستأجِر بمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر قبل انتهاء مدة سريان العقد، إلا في ظروف معينة تقتضي حسب القانون، وإذا تطلب الأمر إجراء المُستأجِر لأي تعديلات في المسكن المُؤجَر وبموافقة صاحبه، فإن المُؤجِر في هذه الحالة ملتزم أمام القانون بأن يرد للمُستأجَر عند الإخلاء ما أنفقه على تلك الأعمال.
كما أن القانون يُلزِم المُؤجِر بإشعار المُستأجَر في حالة أيلولة ملكية المكان المُؤجَر إلى شخص آخر، وعلى أساسه يقوم المستأجر بتسليم الأُجرة للمالِك الجديد، وبالتالي حماية المُستأجِر من عدم مطالبة المالِك الجديد بإخلاء المسكن، أو رفع الأُجرة إلا وفق الأحكام المنصوص عليها بالقانون.
من جانب آخر، يُلزَم المُؤجِر في الوقت نفسه بتسليم المُستأجِر محل السكن صالحًا لتحقيق الغرض المُؤجَر من أجله، وإلا جاز للمُستأجِر فسخ العقد، والمطالبة برد الأُجرة المدفوعة.
آثار التهرب
يؤثر التهرب الضريبي على قدرة البلدية في توفير الإيرادات اللازمة للإنفاق العام على الخدمات، وذلك بسبب الفاقد المالي الكبير من جراء عدم سداد الرسوم المستحقة، والذي من شأنه أن يؤثر على جودة الخدمات العامة، ومدى توافرها للمجتمع، ويقلل من فرص الاستثمار والتطوير في البنية الأساسية والمرافق الضرورية والمشروعات الخدمية، ويحول دون تحقيق التنمية الاقتصادية والخدمية على النحو المرجو، مما يحمّل البلدية عبئًا إضافيًا في توفير البدائل اللازمة، كما أن تهرب البعض من ملاك العقارات من أداء الرسوم الواجبة عليهم، يحول دون إرساء منظومة ضريبية عادلة، حيث يؤثر غيابها إلى أعباء في الإنفاق على الخدمات، وبالتالي تصبح الضريبة فاقدة للشرعية مع غياب العدالة بالنسبة للطرف الآخر الملتزم بأداء الضريبة، مما يوجد نوعًا من التمييز في أداء الواجبات لدى الأفراد.
نظرًا لتأثير ظاهرة التهرب عن تسجيل عقود الإيجار في مجال تنمية الموارد المالية فقد عملت بلدية مسقط مؤخرًا على توقيع اتفاقية مع شركة عُمان للاستثمارات والتمويل حول مشروع تحصيل رسوم عقود الإيجار غير الموثقة في البلدية، ونصّت الاتفاقية على العمل سويا بين البلدية والشركة في مشروع تحصيل الفاقد من رسوم عقود الإيجار من خلال توظيف إمكانات الشركة وخبراتها للعمل مع البلدية في تحصيل الرسوم والمبالغ المستحقة لها عن خدمات تسجيل عقود الإيجار لديها، وفق القوانين واللوائح المعمول بها، بحيث تقوم الشركة بتقديم خدمات المسح الميداني وجمع المعلومات عن الملاّك والمستأجرين في المناطق المتفق عليها وذلك عن طريق مقارنة البيانات المقدمة من البلدية مع البيانات التي توفرها الشركة لتحديد العقارات المؤجرة دون تسجيل عقد إيجار لدى البلدية،
وكذلك تقوم الشركة بمتابعة المؤجر والمستأجر بعد فحص البيانات وتحليلها والتوصل إلى تحديد الوحدات المؤجرة بدون عقود إيجار مسجلة لدى البلدية، وبعدها يتم العمل مع الجهات المختصة للمطالبة بتسجيل عقود الإيجار ودفع الرسوم المقررة، وتسجيل جميع فواتير الكهرباء والمياه باسم المستأجر للعقار بموجب عقد الإيجار المسجل لدى البلدية، تطبيقًا للمرسوم السلطاني رقم (6/89) وتعديلاته بشأن تنظيم العلاقة بين ملاّك ومستأجري المساكن والمحلاّت التجارية والصناعية وتسجيل عقود الإيجار الخاصة بها، وذلك عن طريق توفير قوائم مناسبة وفقًا للمعلومات المتوفرة لديها.
تنظيم القوانين
أوجدت بلدية مسقط الإطار القانوني الخاص بشأن تحديد رسوم تسجيل عقود الإيجار إذ أشارت المادة الأولى بالقرار رقم (20/2016) على أن يلتزم مؤجر أي عقار أو جزء منه أو المستأجر إذا تم الاتفاق على قيامه بالتسجيل بدفع رسوم قدرها (5%) من القيمة الإجمالية للعقد طبقًا للمدة المحددة فيه، فيما نصت المادة الثانية بإلغاء كل ما يخالف هذا القرار، أو يتعارض مع أحكامه، حيث يهدف القرار لتنظيم العلاقة بين ملاك ومستأجري المساكن والمحال التجارية والصناعية وتسجيل عقود الإيجار الخاصة بها.
في المقابل، فقد أشارت المادة (4) من القانون نفسه إلى أنه يترتب على عدم تسجيل عقد الإيجار وسداد الرسوم المقررة خلال شهر واحد من تاريخ إبرامه، عدم جواز الاعتداد بهذا العقد أمام أي جهة رسمية في السلطنة، بالإضافة إلى دفع غرامة مالية تعادل ثلاثة أضعاف الرسم المقرر، محسوبًا على أساس الأجرة المستحقة عن مدة التأخير، أي ما يعادل (15%)، على أن يقوم بإجراءات تسجيل العقد، ودفع الرسوم المقررة بعد ذلك.
أما في حالة ضبط أقسام التفتيش الحضري أو الجهات المختصة لوجود عملية إيجارية غير موثقة أو مسجلة لدى البلدية، فإنه يتم التعامل معها بتسجيل محضر ضبط مخالفة للمؤجر، وإحالته إلى الادعاء العام، وذلك استنادًا إلى المادة (14) من قانون بلدية مسقط التي تنص على: «يعاقب كل من يخالف أحكام هذا القانون واللوائح والقرارات المنفذة له بغرامة لا تقل عن خمسين ريالا عمانيا، ولا تزيد عن خمسة آلاف ريال عُماني، أو بالسجن لمدة لا تقل عن أربع وعشرين ساعة، ولا تزيد عن ستة أشهر، أو بإحدى العقوبتين.
يذكر أن بلدية مسقط تسيّر باستمرار حملات تفتيشية عن طريق دوائر التفتيش الحضري بالمديريات الخدمية بالولايات، وذلك لرصد الحالات المخالفة لعدم تسجيل عقود الإيجار، وضبط المخالفين وفقًا لقانون بلدية مسقط رقم (38/2015) واللوائح المنظمة لذلك.
اترك تعليقاً