دراسة وبحث قانوني عن منازعات التجارة الإلكترونية
مقدمة :-
عالم الإنترنت ، عالم بلا حدود جغرافية ، ليس ثمة اعتبار رئيس للمكان والزمان فيه بخصوص علاقات الافراد والمتعاملين في هذه البيئة الافتراضية . ومثل هذه الطبيعة مضافا اليها الاتجاه العريض والمتنامي للارتكاز على نظم الكمبيوتر والاتصالات وشبكات المعلومات وتحديدا الانترنت في حقل انفاذ الاعمال وتقديم الخدمات وممارسة النشاط التجاري ، اثار – منذ مطلع السبعينات – ويثير الان العديد من التحديات القانونية في اكثر من فرع من فروع القانون .
والتجارة فيما بين الأفراد او فيما بينهم وبين المؤسسات ، سواء في نطاق الدولة الواحدة او في إطار التجارة الخارجية ، تأسست على وجود علاقات مباشرة – في الغالب – بين المتعاملين ، فاذا بعالم الاتصالات والانترنت يوجد انماط جديدة من التعامل تعتمد اعتمادا كليا على وسائط الاتصال عن بعد ، ليخلق في هذه البيئة نمطا جديدا من الاعمال يعرف بالاعمال الإلكترونية وفي بيئتها تقوم وتنمو التجارة الإلكترونية E-commerce مؤسسة على العلاقات التعاقدية عبر شبكات المعلومات وتحديدا الانترنت ، وتمثل التجارة الإلكترونية واحدا من اكثر موضوعات المال والاستثمار إثارة للجدل في وقتنا الحاضر ، لا لانها نمط مستجد من حيث آلية ممارسة الأعمال فحسب ، بل لأنها اداة النشاط التجاري المتوائم مع عصر المعلومات ، العصر الذي تحتل المعرفة والمعلومات ، ووسائل معالجتها وخزنها وتبادلها محددا استراتيجيا واساسيا لراس المال.
ومن الطبيعي ان تثير هذه التغيرات تحديات قانونية ، تماما كما اثار الاعتماد على الهاتف والفاكس والتلكس في التعاقدات التجارية العديد من التحديات ، وكل بيئة جديدة للعمل تثير تحديات قانونية تستوجب الوقوف امامها ، لتقييم مدى الحاجة لايجاد تنظيم جديد لها او لجهة الحكم لشان مدى ملائمة وكفاية القواعد القائمة .
ان هذه الورقة من اوراق المؤتمر الخاص الذي تنظمه وتقيمه الاسكوا وجمعية انماء المعلوماتية القانونية تهدف الى الوقوف على واحد من موضوعات التجارة الالكترونية الساخنة المثيرة للجدل الا وهي مسالة منازعات التجارة الالكترونية واختصاص القضاء بنظرها ومشكلات القانون الواجب التطبيق ومشكلات تنفيذ احكام القضاء والمحكمين الاجنبية الى جانب مدى فعالية وملائمة وسائل التقاضي البديلة لفض المنازعات المثارة في بيئة التجارة الالكترونية ، والدخول في هكذا موضوع يستلزم كمدخل موضوعي الوقوف بايجاز واقتضاب شديدين على بعض المحددات العامة التي ستكون محل تغطية تفصيلية ضمن اوراق الزملاء الافاضل المتحدثين في الجلسة المخصصة للموضوعات القانونية المتصلة بالتجارة الإلكترونية وبقية جلسات المؤتمر.
ان هذه الورقة تهدف كذلك الى الوقوف على ملامح التحديات المثارة قي حقل منازعات التجارة الالكترونية معتمدين بالأساس على تحليل اتجاهات القضاء المقارن والبحث في مدى ملائمة قواعد القانون الدولي الخاص التقليدية لتغطية مشكلات الاختصاص والتنازع بالنسبة للتجارة الالكترونية.
ان عالما يتجه نحو اعلاء قيمة المعلومات ، بل اعلاء قيمة الحرف ( E ) للدلالة على اتمتة الانشطة والخدمات والاعمال وربما الثقافة ، يحتاج الى وقفة امام تحديات هذا التحول ، لا في النطاقين التقني والاداري فقط بل وفي حقل القانون ليصار الى دخول آمن الى عصر المعلومات.
1. محددات عامة :-
1-1 التجارة الالكترونية – ايجاز في المفهوم والأنماط والجهد الدولي للتنظيم القانوني
1-1-1 في المفهوم
تمثل التجارة الالكترونية واحدا من موضوعي ما يعرف بالاقتصاد الرقمي/ التقني Digital economy حيث يقوم الاقتصاد الرقمي على حقيقتين :- التجارة الإلكترونية و تقنية المعلومات Information Technology- IT ، فتقنية المعلومات او صناعة المعلومات في عصر الحوسبة والاتصال هي التي خلقت الوجود الواقعي والحقيقي للتجارة الإلكترونية باعتبارها تعتمد على الحوسبة والاتصال ومختلف الوسائل التقنية للتنفيذ وادارة النشاط التجاري.
والتجارة الالكترونية E-commerce هي تنفيذ و إدارة الأنشطة التجارية المتعلقة بالبضاعة والخدمات بواسطة تحويل المعطيات عبر شبكة الإنترنت أو الأنظمة التقنية الشبيهة ، ويمتد المفهوم الشائع للتجارة الإلكترونية بشكل عام الى ثلاثة أنواع من الأنشطة :- الأول ، خدمات ربط او دخول الإنترنت وما تتضمنه خدمات الربط من خدمات ذات محتوى تقني ومثالها الواضح الخدمات المقدمة من مزودي خدمات الإنترنت ISPs – Internet Services Providers والثاني ، التسليم او التزويد التقني للخدمات . والثالث استعمال الإنترنت كواسطة او وسيلة لتوزيع الخدمات وتوزيع البضائع والخدمات المسلمة بطريقة غير تقنية ( تسليم مادي عادي) . وضمن هذا المفهوم يظهر الخلط بين الاعمال الالكترونية والتجارة الالكترونية واستغلال التقنية في انشطة التجارة التقليدية .
وفي الواقع التطبيقي ، فان التجارة الإلكترونية تتخذ أنماطا عديدة ، كعرض البضائع والخدمات عبر الانترنت وإجراء البيوع بالوصف عبر مواقع الشبكة العالمية مع إجراء عمليات الدفع النقدي بالبطاقات المالية او بغيرها من وسائل الدفع ، وإنشاء متاجر افتراضية او محال بيع على الإنترنت ، والقيام بأنشطة التزويد والتوزيع والوكالة التجارية عبر الإنترنت وممارسة الخدمات المالية وخدمات الطيران والنقل والشحن وغيرها عبر الإنترنت .
1-1-2 التجارة الإلكترونية اتجار بالخدمة لا بالبضائع
وقد صنفت التجارة الإلكترونية عالميا ، في اطار مسعى منظمة التجارة العالمية ( WTO ) الى إيضاح طبيعتها وإطارها القانوني ، ضمن مفهوم الخدمات ، وقد تقرر ذلك في التقرير الصادر عن مجلس منظمة التجارة الدولية الخاص بالتجارة في الخدمات بتاريخ 17/3/1999 والمقدم الى المجلس العام لمنظمة التجارة الدولية ( WTO ) حيث ذهب هذا التقرير الى ان ” تزويد الخدمات بالطرق التقنية يقع ضمن نطاق الاتفاقية العامة للتجارة في الخدمات ( جاتس – GATS ) باعتبار ان الاتفاقية تطبق على كافة الخدمات بغض النظر عن طريقة تقديمها ، ولان العوامل المؤثرة على التزويد الإلكتروني للخدمات هي نفسها التي تؤثر على تجارة الخدمات ، ومن هنا تخضع عمليات تزويد الخدمة بالطرق التقنية ، الى كافة نصوص اتفاقية التجارة العامة في الخدمات (الجاتس) سواء في ميدان المتطلبات او الالتزامات ، بما فيها الالتزام بالشفافية ، التنظيم الداخلي ، المنافسة ، الدفع والتحويلات النقدية ، دخول الأسواق ، المعاملة الوطنية ، والالتزامات الإضافية ) هذا مع مراعاة ” ان هناك حاجة لتحديد الموقف من عملية تسليم البضائع المنتجة بطرق تقنية وهناك حاجة لتصنيف البضائع وذلك لتحديد ما إذا كانت هذه الأنشطة تخضع للاتفاقية العامة للتجارة في البضائع – السلع ( جات – GAAT ) أم اتفاقية التجارة في الخدمات (جاتس – GATS ) .
1-1-3 الفرق بين التجارة الإلكترونية والأعمال الإلكترونية
يشيع لدى الكثيرين استخدام اصطلاح التجارة الإلكترونية E -COMMARCE رديفا لاصطلاح الأعمال الإلكترونية E- BUSINESS ، غير ان هذا خطأ شائع لا يراعي الفرق بينهما ، فالأعمال الالكترونية اوسع نطاقا واشمل من التجارة الالكترونية ، وتقوم الاعمال الإلكترونية على فكرة اتمتة الاداء في العلاقة بين اطارين من العمل ، وتمتد لسائر الانشطة الادارية والانتاجية والمالية والخدماتية ، ولا تتعلق فقط بعلاقة البائع او المورد بالزبون ، اذ تمتد لعلاقة المنشأة بوكلائها وموظفيها وعملائها ، كما تمتد الى انماط اداء العمل وتقييمه والرقابة عليه ، وضمن مفهوم الاعمال الالكترونية ، يوجد المصنع الالكتروني المؤتمت ، والبنك الالكتروني ، وشركة التأمين الالكترونية والخدمات الحكومية المؤتمتة والتي تتطور مفاهيمها في الوقت الحاضر نحو مفهوم اكثر شمولا هو الحكومة الالكترونية ، واية منشأة قد تقيم شبكة ( انترانت مثلا ) لادارة اعمالها واداء موظفيها والربط بينهم . في حين ان التجارة الالكترونية نشاط تجاري وبشكل خاص تعاقدات البيع والشراء وطلب الخدمة وتلقيها بآليات تقنية وضمن بيئة تقنية .
1-1-4 من الأعمال للمستهلك ومن الأعمال للأعمال :-
وتندرج مختلف انماط التجارة الالكترونية تحت طائفتين رئيستين – علما ان البعض يصنفها لاكثر من طائفتين – ، الاولى :- من الاعمال الى الاعمال ( business-to- business ) وتختصر في العديد من الابحاث بصورة ( B2B ) ، والثانية من الاعمال الى الزبون ( – consumer business-to) ، وتختصر في العديد من الابحاث بصورة (B2C ) وهو المفهوم الدارج للتجارة الالكترونية لدى مستخدمي شبكة الانترنت ، والفرق بينهما كما يشير تعبيريهما يتمثل في طرفي العلاقة التعاقدية ، وفي محل وهدف التبادل الالكتروني ، فهي في بيئة الاعمال ( B2B ) علاقة بين اطارين من اطارات العمل التي تعتمد الشبكة وسيلة ادارة لنشاطها ووسيلة انجاز لعلاقاتها المرتبطة بالعمل ، وهدفها انجاز الاعمال وتحقيق متطلبات النشاط الذي تقوم به المنشأة ، اما في بيئة العلاقة مع الزبائن ( B2C ) فهي علاقة بين موقع يمارس التجارة الالكترونية وبين زبون ( مشتر او طالب للخدمة ) وهدفها تلبية طلبات ورغبات الزبون ومحتواها محصور بما يقدمه الموقع من منتجات معروضة للشراء او خدمات معروضة لجهة تقديمها للزبائن .
1-1-5 التدابير القانونية لتنظيم التجارة الإلكترونية – ببلوغرافيا للبحث
بالرغم من ان موضوع التجارة الالكترونية لما يزل حديثا وغير واضح المعالم ، الا ان انشطة واسعة تحققت على المستويات الدولية والاقليمية والوطنية للتعامل مع المسائل التنظيمية والقانونية لهذا الموضوع ، فعلى الصعيد الدولي تعد اوسع الجهود تلك التي بذلتها لجنة قانون التجارة الدولية في الأمم المتحدة – يونسترال ( UNICITRAL ) اعتبارا من منتصف الثمانينيات في حقل البحث بمسائل التبادل الالكتروني للرسائل ليتوج الجهد عام 1995 باقرار القانون النموذجي للتجارة الالكترونية والمعروف بقانون اليونسترال 1996 الذي يمثل في وقتنا الراهن الاطار التشريعي الاساسي للتشريعات الوطنية في حقل التجارة الالكترونية وما يتفرع عنها كتشريعات التواقيع الالكترونية وتشريعات شهادات التوثيق وحجية الاثبات بالبينات ذات الطبيعة الالكترونية وغيرها والى جانب اليونسترال يظهر جهد واضح لمنظمة التجارة الدولية ( WTO) ، ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ( OECD ) الى جانب المنظمة العالمية للملكية الفكرية ( WIPO ) ، أما على الصعيد الاقليمي ، فيبرز دور الاتحاد الأوروبي EU ، ومنظمة اسيا – الباسيفك للتعاون الاقتصادي ( APEC ) والنافتا الامريكية ( FTTA ) ، وفي ميدان الهيئات المتخصصة ، يبرز جهد مميز لغرفة التجارة العالمية (ICC) ، واما على الصعيد الوطني ، فان جهودا تشريعية مميزة قد تحققت في العديد من الدول اتخذت انماطا ثلاثة ، الاول :-وضع تشريعات شاملة لتنظيم التجارة الالكترونية بمختلف تحدياتها القانونية ، والثاني :- وضع تشريعات جزئية في مواضيع تتصل بالتجارة الالكترونية كالتواقيع الالكترونية او حجية مستخرجات الحاسوب او حجية الرسائل الالكترونية ، وتشمل التدابير الجزئية ايضا تعديل بعض تشريعات الاثبات والاجراءات ، والثالث :- اقرار استراتيجيات او سياسات وطنية في حقل التجارة الالكترونية ويندرج ضمن هذا المحور وضع الادلة الارشادية والتوجيهية.
ان المقام غير مخصص للوقوف على هذه الجهود على نحو تفصيلي ، ولكننا وبقصد الفائدة ، وكنوع من الببلوغرافيا المسحية نورد في الملحق رقم 1 قائمة بالتشريعات والاستراتيجيات وادلة الارشاد المقرة في حقل التجارة الالكترونية .
تحديد عام للتحديات القانونية في بيئة التجارة الالكترونية .
اثارت التجارة الالكترونية جملة من التحديات والمشكلات القانونية التي تطلبت وتتطلب تنظيما قانونيا في جانب منها لعدم تعرض القوانين القائمة لتنظيمها او تتطلب اعادة تقييم للقواعد القائمة لتتوائم مع الطبيعة الخاصة للتجارة الالكترونية ، وهذه التحديات القانونية هي :-
1-2-1 التعاقد بالطرق الالكترونية Contracting by Electronic Means :- حيث تواجه التجارة الالكترونية صعوبات من حيث اعتراف القوانين التقليدية بقانونية ابرام العقود بهذه الوسائل ، ومسائل الايجاب والقبول ومعيار انعقاد العقد وطريقة التعبير عن الارادة وما يتصل بذلك من مسائل تحديد زمان ومكان ابرام العقد .
1-2-2 البينات Evidence:- تثير التجارة الالكترونية تحدي حجية وقانونية الدليل evidential value والبينة بصيغتها الرّقميةِ. وفي اطارها يظهر الموضوع الاهم ، التواقيع الرقمية Digital Signature ويرتبط به موضوع التشفير Cryptography ويتصل بالاثبات مسالة الموقف القانوني من الرّسائل الإلكترونيةِ Legal Recognition of Electronic Messages باعتبار ان عدم الاعتراف بقانونية هذا النمط من الرسائل يضعفِ إمكانيةِ الاعتراف والتنظيم الكافي للتجارة الالكترونية على نحو مكافئ للتنظيم القانوني لوثائق التجارة الورقية التقليدية . وهذه المشكلةِ تُؤثّرُ على تطبيق قوانينِ التّجارةِ التّقليديةِ في بيئةِ التجارة الالكترونية على نحو يتسبب في اعاقة تَطَوّر التّجارةِ الإلكترونيةِ.
1-2-3 انظمة الدفع الالكتروني والمال الالكتروني والبنوك الالكترونية electronic money and electronic banking Payment systems :- تثير التجارة الالكترونية تحديات في حقل الوفاء بالثمن ومقابل الخدمة ، وتتصل هذه التحديات بمفهوم النقود الالكترونية ، الحوالات الالكترونية ، وآليات الدفع النقدي الالكتروني ، وما يتصل بذلك من مسائل الاعتراف بهذه الوسائل وتحديد مسؤوليات الاطراف ذوي العلاقة ِ.
1-2-4 المسؤولية القانونية للجهات الوسيطة في انشطة التجارة الالكترونية Liability of on-line intermediaries :- مثل مسؤولية مزودي خدمةِ شبكة الانترنتِ ، ومسؤولية الجهات القائمة بخدمة التسليم المادي ، ومسؤولية جهات الاعلان ، ومسؤولية جهات التوثيق واصدار الشهادات Certificate authorities .
1-2-5 البنية التحتية Infrastructure :– وتتعلق بالتنظيم القانوني لخدمات الاتصال وتزويد خدمة الانترنت وجهات الاشراف على التجارة الالكترونية في الدولة المزودة لحلولها وروابطها ، وما يتصل بهذا التنظيم من معايير ومواصفات وقواعد قانونية ومسؤوليات قانونية .
1-2-6 حماية المستهلكِ وتنفيذِ القانونِ Consumer protection and law enforcement :- وذلك فيما يتعلق بنصوص التّشريعِات المتصلة بحقوق وحماية المستهلكِ أو الجمهور خاصة ان بعضها قد يَفْرض ويقيم معيقات على التجارةِ إلكترونيةِ .
1-2-7 الملكية الفكرية Intellectual property :- تحديات حمايةِ الملكيةِ االفكرية في بيئة التجارةِ إلكترونيةِ، وتحديدا حماية العهلامات التجارية واسماء النطاقات ومحتوى مواقع التجارة الالكترونية من المواد المكتوبة والمرئية والمسموعة طبعا ضافة الى حماية برمجيات التجارة الالكترونية وحلولها التقنية خاصة تلك التي يجري تنزيلها عن الموقع بصورة رقمية .
1-2-8 مسائل امن المعلومات IT Security : وتتعلق بانماط اختراق مواقع التجارة الالكترونية ونظمها ومتطلبات امن الشبكات من مختلف صور جرائم الكمبيوتر والانترنت.
1-2-9 مسائل الخصوصية Privacy وتتعلق بالحق في حماية البيانات الشخصية.
1-2-10 الضرائب Taxation وتتعلق بالتنظيم القانوني لاليات وقواعد السياسة التشريعية الضريبية في بيئة التجارة الالكترونية.
1-2-11 الجمارك والتعريفة Customs وتنظيم مسائل التسليم المادي للمنتجات المبيعة على الخط :- وتتعلق بالتنظيم القانوني لاليات وقواعد السياسة التشريعية الضريبية والجمركية في بيئة التجارة الالكترونية .
1-2-12 الاختصاص والولاية القضائية Jurisdiction والقانون الواجب التطبيق Applicable Law :- ان التجارة الإلكترونيةِ باعتبارها تجارة بلا حدود تثير مشكلة الاختصاص القضائي بسبب حقيقة ان القوانين الداخلية ذات نطاق اقليمي محدد بحدود الدولة المعنية ، ويتصل بالاختصاص مسالة تحديد القانون الواجب الانطباق على العقد ومشكلات تنازع القوانين الى جانب مشكلات تنفيذ قرارات القضاء والتحكيم الاجنبية .
1-3 في التنازع التشريعي والقضائي – تحديد عام
ان تحديد المحكمة المختصة بنظر النزاع يتعلق بالاختصاص المقرر للمحكمة وفق القواعد التشريعية ، فاذا ما ظهر تنازع بين اختصاص محكمتين او اثير دفع من قبل المدعى عليه يتصل بعدم اختصاص المحكمة النظر في النزاع المقام عليه من المدعي كنا امام ما يعرف بالتنازع القضائي ، اما الخلاف او التعارض بشان القانون المتعين على المحكمة تطبيقه على النزاع فهو ما يتعرف بالتنازع التشريعي . وبين هاذين النوعين من التنازع العديد من مسائل الخلاف كما ان بياعما في حالات كثيرة ترابط عضوي ، ذلك ان القواعد التشريعية تحدد القانون الواجب التطبيق وقد يكون هذا القانون وطنيا او اجنبيا ، ولهذا فهي قواعد مزدوجة بينما تقتصر قواعد الاختصاص القضائي على تحديد اختصاص المحاكم الوطنية ولا تتكفل بتحديد اختصاص المحاكم الاجنبية ولهذا فهي مفردة الجانب .
والاختصاص القضائي الدولي مستقل عن الاختصاص التشريعي فقد تختص محكمة دولة من الدول بالنظر في القضية ذات العنصر الاجنبي الا انها تطبق عليها قانونا اجنبيا . واساس هذا الاستقلال هو الاختلاف في الاعتبارات التي تقوم عليه قواعد كل نوع من انواع الاختصاص فالمحكمة لاعتبارات تتعلق بالسيادة او بالامن والسلامة في الاقاليم تصبح مختصة في النزاع ، مع ذلك فان قواعد العدالة تقضي بان تحكم العلاقة بقانون اجنبي لأنه أكثر ملائمة لطبيعة النزاع . وقد تتطابق الاعتبارات التي يقوم عليها كل من الاختصاص القضائي والاختصاص التشريعي .
وتبدأ المحكمة المختصة اول ما تبدأ بتكييف العلاقة القانونية موضوع النزاع وتتبع في ذلك قواعد التكييف الواردة في قانونها أي انها تطبق قانونها . واذا ما انتهت من عملية التكييف يتعين عليها تحديد القانون الواجب التطبيق ويتم هذا باعمال قواعد الاسناد المنصوص عليها في قانونها ومؤدي هذا ان المحكمة تطبق في التكييف وفي الاسناد قانونها الوطني . وفي كلتا الحالتين ما كان تشريع القاضي ليطبق لو لم تكن المحكمة ذات اختصاص . اضف الى ذلك ان القواعد التشريعية لقانون المحكمة المطروحة امامها النزاع ستنال التطبيق كنتيجة حتمية لهذا الاختصاص وذلك في كل من اجراءات التقاضي والتنفيذ الجبري والاجراءات التحفظية ، ففي جميع هذه الحالات تعتبر محكمة الدولة التي تتخذ على اقليمها الاجراءات محكمة مختصة وتطبق في هذه الاجراءات قانونها . وقد يكون للاختصاص القضائي تاثير كبير في عقد الاختصاص لقانون المحكمة المرفوع امامها النزاع وذلك في الحالات التي يستبعد فيها تطبيق القانون الاجنبي لمخالفة للنظام العام لان مخالفة القانون الاجنبي للنظام العام المقرر في قانون المحكمة المرفوع امامها النزاع يؤدي الى استبعادها ذلك القانون وتطبيق قانونها الوطني . وكذلك الحال اذا تعذر معرفة احكام القانون الاجنبي المختص فانها تضطر الى العمل بقانونها
اما من ناحية التنفيذ فان لتحديد الاختصاص القضائي تاثيرا كبيرا في قبول تنفيذ الاحكام الصادرة من المحاكم الأجنبية او رفضها . لان الاحكام الصادرة من المحاكم الوطنية تكون قابلة للتنفيذ في اقليم الدولة التي صدرت هذه الاحكام من محاكمها . في حين ان الاحكام التي تصدر من محاكم اجنبية لا يمكن تنفيذها الا اذا مرت بالمراحل اللازمة لتنفيذ الاحكام الاجنبية
وكما ان الاختصاص القضائي له اثره في تعيين القانون الواجب التطبيق فان للاختصاص التشريعي اثره في تحديد الاختصاص القضائي (للمحكمة المختصة) فقد يؤدي اختصاص القانون الاجنبي بحكم النزاع المتعلق بالعلاقة القانونية ذات العنصر الاجنبي الى ان تكلف المحكمة المدعي برفع دعواه الى المحكمة الاجنبية وقد اخذت بهذا الحكم قوانين بعض الدول وعلى سبيل المثال ما قرره قانون تنظيم العلاقات القانونية ذات العنصر الاجنبي الكويتي رقم 5 لسنة 1961
وتجدر الاشارة الى ان الفقهاء قد بذلوا عناية بالغة في دراسة تنازع القوانين للتوصل الى وضع قواعد عامة مشتركة تهمين على حله. الا انهم لم يبذلوا جهدا كبيرا في دراسة تنازع الاختصاص القضائي ولهذا فان نظريات عامة وقواعد ظهرت وانتشرت في موضوع تنازع القوانين ولم تظهر مثلها في تنازع الاختصاص القضائي .
ويمكننا ان نتبين من مراجعة قواعد الاختصاص القضائي لتشريعات الدول المختلفة بان هناك قواعد تكاد تاخذ بها كثرة من الدول وتعتمد هذه القواعد على معايير او ضوابط معينة قد تكون اقليمية وقد تكون شخصية والاختصاص فيها قد يكون اصليا او طارئا.
فبالنسبة للاختصاص الاصلي :- يتم تعيين اختصاص المحكمة على اساس الارتباط الاقليمي الذي قد يكون مرده موطن المدعى عليه او المدعى او موضع المال موضوع النزاع او مكان نشوء محل الالتزام او مكان تنفيذه ، وتخص محاكم الدولة بالدعاوى التي ترفع على من كان متوطنا في اقليمها لا فرق في ذلك ان كان المدعى عليه وطنيا ام اجنبيا . وكذلك بالدعاوى المتعلقة بالالتزامات التي نشأت او تنفذ في اقليم الدولة التي تنتسب اليها المحكمة.ويبرر اختصاص محاكم الدولة هذا بمبررات متعددة، منها ان سيادة الدولة على اقليمها تقضي بان يكون لمحاكمها الولاية القضائية على الاشخاص الموجودين في اقليمها بغض النظر عن جنسيتهم وكذلك على الاموال الموجودة والالتزامات التي تتم في اقليمها. وقد يرد اختصاص محاكم الدولة المبنى على الارتباط الاقليمي الى سهولة تنفيذ الحكم الذي يصدر منها على الاشخاص والاموال الموجودة على اقليمها. وقد يكون مرد هذا الاختصاص هو المبدأ القاضي بان الاصل براءة ذمة المدعى عليه حتى يثبت العكس. وما دام لم يثبت بعد انشغال ذمته فليس من العدل ان يحمل مشقة الانتقال وراء الدعوى، وعلى المدعى ان يلاحق المدعى عليه لاثبات دعواه. هذا بالنسبة للاختصاص الاصلي على اساس الارتباط الاقليمي ، اما بالنسبة للاختصاص الاصلي استنادا على الضوابط الشخصية ، فانه قوم على فكرة ان سلطان الدولة لا يقتصر على الاشخاص و الاشياء الموجودة في اقليمها بل يمتد الى الاشخاص التابعين لها ، ومن مظاهر سيادة الدولة وسلطانها على الاشخاص التابعين لها هو اعطاء الاختصاص لقضائها بالنظر في الدعاوى التي ترفع على رعاياه او من رعاياها ولو كانوا في الخارج.
وفيما يتعلق بالاختصاص الطارئ :- فهو يظهر متى ما تخلف الاختصاص الاصلي ، اذ يحق للمحكمة النظر بالدعوى ، على الرغم من عدم وجود ارتباط اقليمي او شخصي ، اذا تحقق ظرف طارئ عقد لها الاختصاص، والظروف الطارئة هي:- الخضوع الارادي ، أي قبول الخصوم بالخضوع لولاية القضاء اما باتفاق صريح او ضمني كان يمثل المدعى عليه امام المحكمة غير المختصة دون ان يدفع بعدم اختصاصها. والارتباط: اذ قد تثار اثناء نظر المحكمة المختصة في النزاع المطروح امامها مسائل اولية او طلبات عارضة لا تختص بالفصل فيها فيما لو طرحت امامها في صورة دعوى مبتدأة ، ففي مثل هذه الحلة تختص المحكمة بالفصل بالمسألة اولية ولو لم تكن مختصة بها اصلا فيما لو عرضت امامها بصورة دعوى اصلية. اما الطلبات العارضة والتي تمتد ولاية المحكمة اليها فهي الطلبات الاضافية التي يتقدم بها طرفي الدعوى واختصام الغير. ويبرر امتداد المحاكم الى المسائل الاولية و الطلبات العرضية بمبدأ تمكين القضاء من اداء مهمته على الشكل الذي يتم فيه تحقيق العدالة. واخيرا يظهر الاختصاص الطاريء فيما يتعلق بالاجراءات ، وهي التدابير الوقائية و التحفظات كطلب تعيين حارس قضائي على المال او تقدير نفقة والتي يحق للقضاء النظر فيها على اساس تعلقها بتدابير امنية مدنية – اجراءات تحفظية .
2- طبيعة الإنترنت وأثرها على القواعد القانونية
الانترنت عالم بلا حدود ، يستطيع فيه المستخدم التدخل إلى الشبكة من أي مكان في العالم ، كما أن بنيتها التحتية المتمثلة بأنظمة الكمبيوتر الخادمة ( servers ) والاتصالات قد تمتد إلى العديد من الدول ، كما أن مكان ممارسة العمل الفعلي للشخص قد لا يكون هو المكان الذي تقدم من خلاله خدمة اطلاق الموقع على الشبكة .
وبتزايد الاعتماد على الانترنت ظهر العديد من التحديات التنظيمية والقانونية مصدرها عدم وجود جهة تحكم الانترنت ذلك ان الانترنت مملوك لكل الافراد والمؤسسات وفي الوقت ذاته ليست مملوك لاحد ، ويجمع الباحثون ان تحديد الموقف من مسائل القانون المتصلة بالانترنت يجب ان ينطلق ابتداء من فهم الطبيعة التقنية لهذه الواسطة المعقدة من وسائط تكنولوجيا المعلومات ، وبدون ادراك هذه الطبيعة يتخلف الشرط الموضوعي لتقيم مدى ملائمة القواعد القانونية القائمة ومدى الحاجة إلى ايجاد قوانين خاصة تنظم مسائل عصر المعلومات بما فيه الانترنت ، ولان المقام لا يتسع للوقوف على مدى تأثير التقنية والانترنت على القواعد القانونية وما انشاته من فروع متخصصة كما في حقل جرائم الكمبيوتر والانترنت أو حقل الخصوصية أو البنوك الالكترونية أو المواصفات القياسية والتنظيم الاداري للخدمات التقنية فاننا نكتفي في هذا المقام بالوقوف على ابرز العناصر المميزة للانترنت والتي تعد الملامح الرئيسة لطبيعتها الخاصة بحدود ما يخدم موضوع هذه الورقة الرئيس وهو منازعات التجارة الالكترونية .
2-1 السمات التقنية كواسطة اتصال تغاير الوسائط القائمة .
شبكة الانترنت هي شبكة الشبكات يرتبط فيها الكمبيوترات المحلية بالانظمة الإقليمية إلى الانظمة العالمية من خلال الشبكات ذات السعات العالية ، وكل خط فيها هو عبارة عن موقع يعتمد على نظام كمبيوتر مرتبطة جميعا ببعضها من خلال وسائط ربط مختلفة ( fiber optic cable, twisted-pair copper wire, microwave transmission, or other communications media. ) وكل كمبيوتر على الشبكة مربوط مع الكمبيوترات الاخرى عبر بروتوكولات أو ما يعرف بالوسائل الالية للربط اللغوي والحقيقة ان هذه البروتوكولات هي التي تمكن المشتركين من الارتباط بالشبكة والوصول إلى المعلومات .
مثل هذه السمة للانترنت جعلها تتميز عن غيرها من وسائط تكنولوجيا المعلومات ، فهي اولا تقوم بتقسيم المعلومات إلى حزم محددة تمكن نقلها بشكل سريع وتمكن من توجيهيها إلى عنوان محدد لتصل نهايتها المطلوبة وذلك بشكل عشوائي على خلاف انظمة ربط الكمبيوتر بالكمبيوتر ، وهذا ايضا يوفر القدرة إلى إمكانية مشاركة العديد من الجهات والاشخاص في الوصول الى نفس المعلومة على نفس الخط وبنفس الوقت تبعا لسعة ومقدرة خط الاتصال . وهي ثانيا تعد وسيلة اتصال ذكية تعتمد اليات الذكاء الصناعية التي يتعين ان تتوفر في مختلف اجزاء الشبكة وتصميمها يستثمر اعلى قدر من السمات الايجابية ولكل نظام مربوط بالشبكة قدرة على حمل حزم المعلومات أو ارسالها مما يجعل اقصى استخدام يتوقف على حجم وقدرة الخوادم التقنية في وقت معين ، ومن وجهة تقنية فان كل كمبيوتر يتصرف بشكل الكتروني تبعا لحركة السير ان جاز التعبير بالنسبة للانظمة المجاورة ويقاد فعليا بيد خفية هي ملايين التصرفات الممارسة من الاخرين على الشبكة مما يجعل هذه الانظمة ذاتية الإدارة ويعني انه لا يوجد جهة مركزية تتحكم بالممارسات على الانترنت ولا يحتاج الشخص إلى اذن للدخول للشبكة ويتقبل المشترك أي خطأ اعتيادي قد يظهر اثناء محاولته الدخول أو استخدام الشبكة .
اما السمة التقنية الثالثة والهامة بالنسبة للانترنت والتي تتصل بشكل مركزي بموضوع منازعاتها هي ان مواقع الانترنت يمكن ان تدار أو تستضاف في أي بمكان بالعالم بغط النظر عن مكان صاحب الموقع اذ ان الوسائط التقنية تتيح الدخول إلى الكمبيوتر وادخال المعلومات والتحكم بالمحتوى من أي مكان في العالم ، كما ان المستخدم للانترنت يمكنه ان يدخل إلى الخط أو إلى النظام الخادم من أي مكان بغط النظر عن موقع الكمبيوتر المستخدم في الدخول هذا بالإضافة إلى ان ادارة موقع على الانترنت يهدف مالكه ان يكون مميزا من وجهة تقنية تدفعه لاستضافة موقعه في اكثر الدول تقدما من حيث البنية التحتية والكفاءة التقنية واكثرها تسهيلا بالنسبة لمشاريع الاستثمار المعلوماتي وقواعد تنظيمها القانوني ، وهو ما ادى إلى ان يشيع وجود النظام الخادم للموقع في دولة غير دولة مالكة الموقع مع توفر القدرة التقنية للدخول إلى موقعه في أي وقت يشاء وادارة موقعه بالشكل الذي يريد ، ووسائل ادارة المواقع عن بعد قد تكون عاملا في كل وقت وقد تتوقف عن العمل تبعا للوضع التقني الذي يسود في وقت الدخول إلى الموقع .
ان الحقائق التقنية المتقدمة تجعل من الصعب معرفة الموقع الجغرافي للجهة التي تملك مشروعا على الانترنت كما تحول دون معرفة الموقع الجغرافي للمتعامل مع الانترنت مع ان هناك وسائل تقنية عديدة لتتبع الاتصالات ومحاولة معرفة مصدرها وكذلك تعتمد مثل هذه المسائل على الاليات التقنية المستخدمة في الدخول إلى الانترنت .
2-2 عالم خال من جغرافيا الحدود .
ان سمات الانترنت التقنية المتقدم الإشارة إليها تجعل التجارة عبر الانترنت مختلفة بشكل جوهري عن التجارة في العالم الحقيقي ، واذا كانت الاختلافات بين التجارة التقليدية والالكترونية تتجاوز طبيعة الانترنت من اوجه عديدة ، الا ان الاختلافات الجوهرية نشأت عن هذه الطبيعة المميزة للانترنت ، فعالم الانترنت الافتراضي جعل تحديد الموقع الجغرافي لمصدر المعلومة ( الموقع ) أو المستخدم امرا غير متيسر ومثل هذه المسألة ليست ذات اهمية بالنسبة للقائمين على الشبكات أو لاغراض العمل التقني ، اذ لا يعتمد نشاط وعمل وادارة الانترنت ومواقعها على البعد الجغرافي والمكان . في حين ان الجغرافية والمكان في العالم الحقيقي لها اهمية كبرى ، ويسهل تحديد المكان كثيرا من عناصر التجارة كما بالنسبة لتبادل الرسائل وتحديد الالتزامات سواء فيما يتعلق بانفاذ العقود أو منازعاتها . ويرتبط بمسألة غياب الحدود الجغرافية في عالم الانترنت حقيقة ان غالبية العناوين على الانترنت والتي تمثل المواقع الافتراضية للمشاريع لا تنهي بمميز جغرافي يربط العنوان بدولة ما ، اضافة إلى ان العناوين في الحقيقة ليست عناوين امكنة مادية وانما مجرد عناوين رقمية افتراضية على الشبكة ، فعنوان موقع ( arablaw.org ) هو لمركز ابحاث أردني لكنه مستضاف على نظام تقني في الولايات المتحدة ويدار من خلال نظام خادم مرتبط به في دولة الامارات العربية ، وتحويل المعلومات منه واليه لا يتطلب انتقالا ماديا ، ويمكن ادخال معلومة إليه من الجهة المالكة اثناء وجود المشرف على ادارة الموقع في طوكيو مثلا ، والتعاطي مع الموقع سواء من قبل جهة ادارته أو مستخدميه غير منظور باعتباره يتم عبر الشبكة ، وعندما يسعى احد المستخدمين للدخول إلى مصدر الموقع ومصدر العنوان المشار إليه لن يحصل على مرجع يحدد الوجود الجغرافي للجهة صاحبة الموقع ، واذا كان العنوان يشير إلى موقع جغرافي فانه في الحقيقة لا يشير إلى مكان النظام التقني الذي يخدم الموقع أو مكان النظام التقني للمستخدم.
وتخلف عنصر المكان ينطوي ايضا على اهدار للفوارق الزمنية بين المتصلين على الشبكة ويغيب عنصر الزمان ايضا ، هذا العنصر الذي قد يكون له اهميته في العديد من المسائل القانونية ، فعلى سبيل المثال تتصل كثير من الالتزامات في ميدان المعاملات المصرفية بوقت العمل الرسمي للبنوك بالنسبة للعالم الحقيقي ، أما في العالم الافتراضي فانه وقت العمل ليس عنصرا بالنسبة لخدمات البنوك الالكترونية الموجودة على الانترنت .
2-3 فضاء لا يقوم على الاوراق .
تتم المراسلات في عالم الإنترنت عبر وسائل تقنية عديدة مثل البريد الإلكتروني والاتصال مباشرة على واجهة الموقع على شبكة الويب ، أو الاتصال الصوتي عبر مواقع الانترنت أو الاتصالات المرئية فيما يعرف بوسائل الائتمار عن بعد وغيرها ، وفي جميع هذه الحالات فاننا نكون أمام رسالة الكترونية عبارة عن ( وثيقة ) الكترونية موجودة داخل نظام الكمبيوتر ترسل عبر الشبكة إلى نظام كمبيوتر اخر ، بينهما على الاغلب النظام الوسيط الذي يتمثل بنظام مزود بخدمة الانترنت أو نظام الجهة المستضيفة للموقع أو نظام السيطرة على تبادلات الموقع الالكترونية ، والارسال يتم بآلية تقنية عن طريق اصدار امر الرسالة أي كان محتواها أو شكلها أو نمطها ، ويستقبلها النظام التقني المرسلة إليه والتي يقوم بتخزينها بالنسبة للرسائل البريدية والرسائل الصوتية ليصار إلى تلقيها من قبل الشخص المرسلة إليها بعد ان يتم تنزيلها من مكان التخزين إلى النظام الخاص بالمرسل إليه ووفق وسائل متعددة لاستعراضها وقراءتها واعادة طباعتها على الورق بالنسبة للرسائل المكتوبة .
وما لم يتم طباعة الرسالة عن طريق وسائط الاخراج الموجودة في النظام لا يكون ثمة وجود لعالم الأوراق في فضاء الانترنت ومراسلاتها ، وشيئا فشيئا يتجه المستخدمون إلى التخلي عن عالم الأوراق والاعتماد على الاستعراض والخزن التقني ، وحتى في حالة اخراج الرسالة بصورة ورقية فليس ثمة رسالة اصلية قد ارسلت ، وانما طباعة اجراها نظام المرسل إليه للمحتوى الرقمي المرسل من قبل مصدر الرسالة .
وعالم التراسل دون اوراق يثير العديد من التساؤلات التي تتصل بأكثر وسائل التجارة الالكترونية سخونة في الحقل القانوني ، أبرزها الاتفاق على معيار يحدد صحة صدور الرسالة الالكترونية ومعيار ووقت تلقيها والمعيار المقرر لاعتبار المرسل إليه قد تسلمها وما اذا كان ذلك يرجع إلى وقت صدورها أو وقت دخولها نظام المرسل إليه أو وقت تنزيلها للاستعراض في نظامه ، وكذلك المسائل المتصلة بمدى حجيتها ، باعتبار ان المكتوبة منها في الغالب غير موقعة بإمضاء مادي كما في عالم المراسلات الورقية ، اضافة إلى المسائل المتصلة بتشفيرها ومسؤوليات الجهات الوسيطة والجهات المزودة للخدمات التقنية عن سلامة وصولها والمسائل المتصلة بصحة محتوى الرسالة وصحة توقيعها توقيعا رقيما ، وغير ذلك من المسائل التي تتعلق بحجية المراسلات الالكترونية والتعاقد الالكتروني التي تخرج في الحقيقة عن نطاق هذه الورقة الا بالقدر المتصل بتعلقها بمسائل منازعات التجارة الالكترونية
3 الاختصاص والقانون الواجب التطبيق في بيئة التجارة الالكترونية
ومن الطبيعي في بيئة التجارة الإلكترونية ، ان تظهر المنازعات ، تماما كما هو الحال في العالم غير الإلكتروني ، منازعات تتصل بابرام العقد وتنفيذه وتفسيره ، وأخرى تتصل بالعناصر المرتبطة بالتجارة الإلكترونية كمنازعات الملكية الفكرية وتحديدا بالنسبة للعلامات التجارية واتصالها باسماء مواقع التجارة الإلكترونية على شبكة الانترنت ، وهذه المنازعات التي غالبا ما تتضمن طرفا اجنبيا لقيامها ابتداءا بين اطراف خارج النطاق الاقليمي الواحد تثير العديد من التساؤلات بالنسبة للمحكمة المختصة بنظر النزاع ، والقانون والواجب التطبيق على النزاع ، ومدى قوة وحجية الاحكام الأجنبية الصادرة في مثل هذه النزاعات للنفاذ في اقليم اخر ، واذا كان العالم قد انجز الكثير في تحديد التحديات القانونية للتجارة الإلكترونية وخاصة مسائل التعاقد والاثبات والملكية الفكرية وامن المعلومات فانه بالمقابل لم ينجز الكثير في حقل التصدي الجماعي لمشكلات الاختصاص وتنازع القوانين في بيئة التجارة الالكترونية ويتصل بهذا الموضوع ايضا مسالة مدى فعالية واهمية الاعتماد على طرق التقاضي البديلة وتحديدا التحكيم لفض منازعات التجارة الالكترونية .
3-1 الحالات الاكثر اثارة للنزاع في بيئة التجارة الالكترونية.
يمكننا بشكل ملخص ومكثف تحديد حالات النزاع وموضوعاتها في بيئة التجارة الالكترونية بما يلي :
3-1-1 بالنسبة للدفوع وحالات النزاع المتصلة بنظر الدعوة فانها تنحصر بما يلي :
3-1-1-1 الاختصاص للنظر في الدعوى في نطاق الاختصاص المكاني المعين ( المحكمة المختصة بنظر الدعوى ) .
3-1-1-2 القانون الواجب التطبيق عن النزاع .
3-1-1-3 الحجية الاحكام الاجنبية والاعتراف بها .
3-1-1-4 الشروط المقيدة لنظر النزاع عن طريق الوسائل البديلة للتقاضي كالتحكيم والمفاوضات والوساطة .
3-1-2 بالنسبة للموضوعات محل النزاع ، فانه وان كان متصورا ان يمتد النزاع إلى كل ما يتصل بالعلاقة العقدية بين الاطراف المعنيين فانه يمكن تحديد أكثر موضوعات النزاع شيوعا من واقع الحالات القضائية التي نظرت أمام القضاء المقارن في حقل منازعات الانترنت والتجارة الالكترونية بما يلي :
3-1-2-1 المنازعات المتعلقة بالعلامات التجارية واستخدامها كأسماء نطاقات أو مواقع على الانترنت ، والمنازعات المتعلقة باستخدام علامات الغير ضمن محتوى مواقع الانترنت .
3-1-2-2 المنازعات المتعلقة ببطلان وعدم قانونية العقود الالكترونية المبرمة على الخط أو المنازعات المعلقة بالشروط التعسفية وغير القانونية الواردة ضمن النماذج العقدية الالكترونية .
3-1-2-3 المنازعات المتعلقة بحجية أو صحة أو سلامة الرسائل الالكترونية واصدارها وتلقيها ومواعيد حصول ذلك ، وما يتصل بها من دفوع قانونية تتمحور حول عدم قانونية الرسائل أو تفسيرها أو غير ذلك .
3-1-2-4 المنازعات المتعلقة بتنفيذ أطراف العقد لالتزاماتهم واتصال التنفيذ بالمسائل ذات البعد التقني .
3-1-2-5 المنازعات المتعلقة بعمليات التسليم المادي للبضائع والتنفيذ الفعلي للخدمات خارج الخط .
3-1-2-6 المنازعات المتعلقة بخطأ الجهات الوسيطة أو مسؤولياتها أو توقف تنفيذ الالتزامات على دورها في العلاقة بين الطرفين محل النزاع .
3-1-2-7 المنازعات القائمة على الضرر الذي قد يلحقه مسلك احد اطراف العلاقة بالاخر المخالف للقوانين والانظمة والمعايير وقواعد السلوك على الانترنت .
3-1-2-8 المنازعات المتعلقة بعمليات الدفع النقدي الالكتروني أو المتصلة بمنازعات وسائل الدفع والبطاقات المالية وغيرها .
3-1-2-9 المنازعات المتعلقة بحماية الملكية الفكرية وعقودها ورخصها سواء في حقل الملكية الادبية أو الصناعية .
3-2 هل القواعد القانونية التقليدية في حقل التنازع كافية بمواجهة منازعات التجارة الالكترونية – اتجاهات النظم المقارنة والقضاء المقارن .
ان فضاء الانترنت الذي يضم افراد ودول ومؤسسات تتبادل علاقات يومية ينشأ من خلالها حقوق والتزامات يتصور ان يكون ميدان رحب للدفع في أي نزاع بعدم اختصاص المحكمة التي تنظر النزاع أو المنازعة في القانون المتعين تطبيقه عن النزاع ، واذا كانت قواعد القانون الدولي الخاص في العالم الحقيقي أثارت تعقيدات كثيرة بعضها لما يزل غير متفق عليه فإنها في حقل التجارة الالكترونية تعدو أكثر تعقيدا عنها في عالم التجارة التقليدية .
ان كل دولة تحدد القواعد الخاصة في ميدان القانون الدولي الخاص وتطبق المحكمة قواعدها الوطنية بهذا الخصوص إلى جانب القواعد التي يمكن ان تتضمنها المعاهدات والاتفاقيات الدولية المنظمة لمسائل التنازع القضائي أو التشريعي .
وعلى الصعيد العالمي وفي احدث تطور في حقل تنظيم قواعد القانون الدولي الخاص وتحديدا ما يتصل بالمسائل التجارية والمدنية في ظل الوسائل الالكترونية ، شكل مؤتمر Hague عام 1997 لجنة خاصة وضعت مسودة ميثاق ينظم مسائل الاختصاص والاحكام الاجنبية في ميدان العلاقات المدنية والتجارية ، وهدف هذا الميثاق إلى وضع قواعد لتحديد الاختصاص المكاني وتمكن من تجنب التعدد غير الضروري للمقاضاة أمام اكثر من محكمة مختصة وهدف ايضا إلى تبسيط وتسهيل الاعتراف بالاحكام الاجنبية ، وقد لاحظت اللجنة لدى اعدادها مسودة الاتفاق ان هناك مسائل تختلف ما بين التجارة والتقليدية والالكترونية تستوجب ايلاء الاخيرة أهمية خاصة وهو ما ادى إلى اسناد هذه المسائل إلى اجتماع الخبراء الذي استضافته الحكومة الكندية في شباط 2000 لمناقشة مسائل الاختصاص الدولي بنظر المنازعات التجارة الالكترونية ، إلى جانب إقرار عقد اجتماعات خاصة بمسائل الاختصاص بنظر المنازعات الملكية الفكرية وذلك تمهيدا للتوصل إلى صيغة نهائية للميثاق لتبنيها في المؤتمر الدبلوماسي الذي سيعقد نهاية عام 2000 ، وبذلك يظهر ان الاتجاه الدولي يقر بخصوصية التجارة الالكترونية من حيث آليات فض تنازع الاختصاص وتنازع القوانين .
3-2-1 اتجاهات الولايات المتحدة
بالنسبة للولايات المتحدة الامريكية وبوصفها تواجه مشكلة فض تعارض الاختصاص القضائي وتنازع القوانين بين الولايات وجدت مؤسساتها التشريعية ان الاقتصاد الرقمي الجديد استلزم تدخل تشريعيا يتيح وضع قواعد موحدة تمنع ما امكن مشكلات التنازع فكان المدخل في ذلك إقرار القانون التجاري الموحد UCC وقد نص هذا القانون على انه ( عندما تكون للصفقة علاقة معقولة بهذه الولاية أو ولاية اخرى فيمكن للاطراف الاتفاق على أن القانون المطبق على الحقوق والواجبات اما قانون هذه الولاية أو تلك ) وبالتالي اعتبر هذا القانون معيار ( العلاقة المعقولة اساسا لحرية الاطراف في اختيار القانون ، والعلاقة المعقولة تقوم مثلا في مكان ابرام العقد أو مكان تنفيذه أو جزء منه ومع ذلك فان الصفقات التي تبرم عبر الانترنت تبقي المشكلة قائمة لصعوبة تحديد مكان الانعقاد أو التنفيذ .
ولمواجهة مثل هذه المشكلات بذلت جهود تشريعية عديدة ابرزها إقرار القانون الموحد للمعلومات المتعلقة بصفقات الحاسوب ( UCITA ) التي جرى اعتماده من قبل المؤتمر الوطني لمندوبي الولايات الموحدة في تموز 1999 ، وقد اسقط هذا القانون معيار ( العلاقة المعقولة واقر مبدا اساسيا وهو أنه في غير عقود المستهلكين فان الاطراف يحق لهم اختيار القانون الواجب التطبيق واختيار القانون الواجب التطبيق احد اهم وسائل حل منازعات التجارة الالكترونية بيسر وسهولة فهو يساهم في تسهيل التجارة الالكترونية ويمكن من تجاوز احد اهم معيقاتها وذات القول يرد بحقل منازعات الملكية الفكرية اذ ان حرية التعاقد واتفاق الاطراف على الاختصاص القضائي والولاية القانونية يساهم في توفير الثقة لدى الاطراف بالقدرة على حماية حقوقهم ويتيح ابتداء مكنة ادراك مدى ونطاق التزاماتهم .
أما في حالة غيار مثل هذا الاتفاق فان القاعدة التي يقرها القانون المذكور الواردة ضمن القسم 109/ب تميز بين حالات ثلاث : الأولى بالنسبة للعقود المتضمنة التسليم الالكتروني فانها محكومة بقانون المرخص ( بكسر الخاء عند ابرام العقد ) والثانية الحالات التي تتطلب تسليم للنسخ أو المواد الرقمية في بيئة رقمية فان قانون الواجب التطبيق هو قانون مكان التسليم أو الذي يتعين ان يتسلم فيه النسخة والثالثة في غير الحالتين المشار إليهما فان القانون المختص بالعلاقة هو القانون الذي تتوفر له علاقة اقوى بالصفقة ، وفي ايضاح هذه القواعد جاء في دليل الارشاد للقانون المذكور ان اختيار القانون على أساس موقع المرخص يعزز مكان البائعين على الخط كبارا كانوا ام صغارا في سياق الشبكات الرقمية المنتشرة في العالم بأكمله عبر الانترنت لكنها . أما الحالة الثانية والتي يختار فيها القانون من جانب المستهلك فان مبررها عدم مخالفة توقعات المستهلك من جهة ولمعرفة المرخص بمكان التسليم الحقيقي الذي يتطلب من احترام قواعد حماية المستهلك الملزمة وأما الحالة الثالثة فتمثل رجوعا إلى القواعد التقليدية التي تتيح للمحاكم مرونة اكثر في وزن عناصر الارتباط بين التصرف والمحكمة التي تنظر النزاع أو القانون الواجب التطبيق تبعا لظروف كل حالة على حدة .
لقد عرضت العديد من الدعاوى التي تتعلق بالنزاعات المتصلة بالانترنت أمام المحاكم الامريكية أثير في طائفة منها دفوع حول الاختصاص والقانون الواجب التطبيق وقد جاءت اتجاهات قرارات المحاكم متباينة ويمكن للباحث ان يرصد اتجاهات ثلاث في هذا الميدان أولها الحكم بعدم الاختصاص لعدم وجود ارتباط كافي بين التطرف ونطاق الاختصاص المكاني للمحكمة وثانيها تحقق الارتباط الكافي التي يتيح الاختصاص تبعا لعناصر تتصل بنشاط المدعى عليه في الدعوى وممارساته ومنافعه التي يجنيها من تصرفه أو الاضرار التي يلحقها بمصالح الغير المرتبطة جميعا بالنطاق المكاني للمحكمة والتي تنظر للنزاع وأما الثالثة فهي الحالات التي توصلت المحاكم فيها إلى وجود استمرارية بين موقع المدعى عليه وبين النطاق الإقليمي لاختصاص المحكمة بالرغم من غياب عناصر الارتباط الكافي وتقوم الطائفة الثالثة على عناصر تتصل بكل حالة على حدة وتتوقف على ما تتضمنه من حقائق واقعية تؤثر بقرار المحكمة في هذا الشأن ، وسنتناول فيما يأتي ( البند 4 ) عرضا لهذه الطوائف الثلاث والحالات التطبيقية التي تندرج تحتها بما يظهر اتجاه القضاء الامريكي للتعامل مع مسائل الاختصاص والقانون الواجب التطبيق في حقل منازعات الانترنت والتجارة والالكترونية على ان يكون واضحا ان غالبية الحالات التطبيقية تتعلق بمنازعات الانترنت المتصلة بمسائل الملكية الفكرية وتحديدا العلامات التجارية واسماء وعناوين المواقع على الانترنت .
3-2-2 اتجاهات الاتحاد الاوروبي
تحكم مسائل تنازع الاختصاص وتنازع القوانين في أوروبا اتفاقية بروكسل لعام 1968 التي يسري مفعولها في 12 دولة من دول المجموعة الاوروبية وكذلك اتفاقية روما لعام 1980 المتعلقة بقانون واجب التطبيق على الالتزامات التعاقدية ومن أبرز ما يمكن المشار إليه في ميدان هاتين الاتفاقتين ان اتفاقية بروكسل تتيح للمستخدم اللجوء إلى محكم الدولة التي يقيم فيها أو إلى محاكم دولة المورد التي تعاقد معه بينما لا يمكن للمورد الا اللجوء إلى محاكم دولة المستخدم أو المستهلك مع عدد من الاستثناءات المتعلقة بطبيعة انشطة المورد ونوع العقد ، أما بالنسبة لاتفاقية روما فانها تكرس مبدأ حرية الاطراف في اختيار القانون الواجب التطبيق دون قيود وفي غير هذه الحالة فان المادة الخامسة منها تقرر خضوع العقود المبرمة إلى قانون الدولة التي يرتبط بها العقد كقانون الدولة التي يوجد فيها المركز الرئيسي للمورد أو قانون اقامة المستهلك ، في حالة قيام المورد بتوجيه الاعلان خصيصا للمستهلك وقيام المستهلك بالاعمال الضرورية لاتمام العقد أو استلام المورد طلبية المستهلك في هذا البلد . وستفاد من هذه الاحكام فيما يتعلق بالتجارة الالكترونية ان المورد أو عارض الخدمة على الانترنت يمكنه ادراج شرط يتعلق بتطبيق قانون بلده ضمن الشروط العقدية المقررة في العقد الالكتروني الظاهر على الشاشة لمنع تطبيق القانون الاجنبي لكن هذا مقيد بقدرة المستهلك على الوقوف على هذه الشروط بسهولة كما ان البعض يرى ان مجرد الوجود في موقع على الانترنت يشكل اتصالا كافيا مع الجمهور يحقق مبدأ الارتباط المشار إليه في المادة الخامسة من اتفاقية روما وضمن مسعى المجموعة الاوروبية والاتحاد الاوروبي إلى تنظيم مسائل التجارة والالكترونية والانترنت فقد اقترحت اللجنة الاوروبية تنظيم مسائل الاختصاص والقانون الواجب التطبيق وتنفيذ الاحكام وتحديث قواعد القانون الدولي الخاص للتتوائم مع التجارة الالكترونية واصدرت اللجنة في تموز عام 1999 اقتراحا لتنظيم الاختصاص وتنفيذ الاحكام القضائية في الامور التجارية والمدنية كبديل لميثاق بروكسل لعام 1968 والبروتوكولات الملحقة به ، والتنظيم المقترح من اللجنة الاوروبية يقسم الاختصاص إلى نوعين اختصاص عام واختصاص محدد أو مخصص يتعلق بعقود المستهلكين وعقود العمل ، وتنص المادة 2 من هذا التنظيم المقترح على المبدأ المتعلق بالاختصاص العام والذي يقرر معيار محل اقامة الشخص في الدولة العضو اذ يتيح هذا النص مقاضاة الشخص المقيم في نطاق محاكم الدولة العضو ، وفي حقل انتهاكات الملكية الفكرية فان للمدعي ان يرفع دعواه أمام محاكم الدولة التي حدث في نطاقها التصرف المحدث للضرر أو التي ظهر فيها الضرر سواء بشكل جزئي أو شكلي ومع ذلك تبقى المشكلة قائمة في عالم الانترنت لصعوبة تحديد الدولة التي نشأ فيها التصرف أو ظهر فيها نتيجة المسلك الخاطئ ويمثل خبراء الملكية الفكرية على هذه المشكلة بالحالة التي يكون المستخدم في دولة ما قد نقل عبر الانترنت نسخة غير قانونية ومنتهكة لعمل محمي قانونا من موقع اجنبي اخر على الانترنت فهل يحدث الضرر في نطاق اختصاص محكمة المستخدم الذي قام بنسخ العمل وخزنه في ذاكرة كمبيوتره ام في مكان المستخدمين الاخرين التي تم انزال العمل إلى اجهزتهم ، ام ان الضرر قد نشأ في الدولة الاجنبية حيث يقع خادم الكمبيوتر المنشأ للموقع والتي تم منه تنزيل العمل المخالف للقانون وكذلك في حال انتهاك العلامات التجارية على الانترنت ، فهل يمكن ان يقاضاة مرتكب الاخلال في محكمة أي دولة في العالم وما هي الروابط الكافية التي يمكن ان تطبقها المحكمة بالبت في مسألة الاختصاص ؟
حالات قضائية تطبيقية
4-1
الطائفة الاولى :-
حالات لم تتوفر مكنة نظرها لانتفاء الارتباط الكافي insufficient contacts بنطاق اختصاص المحكمة
القضايا التالية تعتبر أمثلة على عدم توفر الارتباط الكافي بين المدعى عليه غير المقيم ونطاق اختصاص المحكمة وهو ما ينفي الاختصاص.
(1) Cybersell , Inc. v. Cybersell, Inc.,130F.3d 414 ( 9th Cir .1997).
المدعي في هذه الدعوى شركة موجودة في اريزونا لخدمات الاعلان التجارية عبر الإنترنت والمدعى عليه شركة من فلوريدا والتي تعرض خدمات إنشاء صفحات الإنترنت. المدعية ادعت أن المدعى عليها قد أخلت بالتسجيل الاتحادي للعلامة التجارية ويجب أن تخضع للاختصاص الشخصي للمحكمة الاتحادية في اريزونا لان قانون الإنترنت بلا حدود والموقع على الإنترنت ، مثل موقع المدعى عليها ، يقوم بالإعلان عن المنتجات والخدمات الضرورية للاستخدام على أسس عالمية وواسعة. المدعى عليها قامت بإنشاء صفحة على الإنترنت هيhttp://www.cybsellcom/cybsell/index.htm. هذه الصفحة الرئيسية تحتوي على شعار ( شكل) كتب في بدايته Cybersell)) فوق تصميم على شكل الكرة الأرضية ، مع عنوان تحت ” الخدمات المهنية للشبكة العنكبوتية ” ورقم هاتف محلي . وقد توسلت كذلك الاتصال بالموقع عن طريق البريد الإلكتروني. وعندما قامت المدعى عليها بتغيير اسم الشركة بناء على طلب من المدعية وجدت المدعية أن المدعى عليها لا تزال تستخدم ” welcome to Cybersell” على صفحتها الرئيسية ومن ثم قامت برفع دعوى ضد المدعى عليها في اريزونا. المدعى عليها تقدمت بطلب رد الدعوى لعدم الاختصاص .
طبقت المحكمة المعايير الثلاثة التالية لتحديد لفحص ما إذا كانت محكمة المنطقة ستمارس اختصاصها المحدد على المدعى عليها غير المقيمة ( شركة فلوريدا ) :
1- على المدعى عليها غير المقيمة أن تبرم بعض التصرفات أو أن تحقق بعض الصفقات مع النطاق المكاني أو أن تبرم بعض التصرفات التي تفيدها من امتيازات إدارة نشاطها في النطاق المكاني ، بهذا فهي تستجلب المنفعة والحماية .
2- الادعاءات يجب أن تكون ناتجة عن نشاطات المدعى عليها المتعلقة بهذا النطاق
3- ممارسة الاختصاص يجب أن يستند إلى اسس معقولة.
وقد استنتجت المحكمة أن المدعى عليها لم تقم بإدارة أي نشاط تجاري عبر الانترنت في اريزونا وكل ما وجد أن الشركة من فلوريدا قامت بتعيين صفحة رئيسية ضرورية على الإنترنت مستخدمة الاسم ” Cybersell” . وان أي شخص في أي مكان يستطيع أن يدخل هذه الصفحة الرئيسية ومن خلالها يعلم عن الخدمات التي تعرضها المدعى عليها ، وقد توصلت المحكمة إلى أن هذه الحقيقة وحدها غير كافية لإيجاد ان المدعى عليها متعمدة في توجيه عروض تجارتها نحو الجهات المقيمة في اريزونا.
الطائفة الثالثة :-
حالات تتوقف على طبيعة ونوع الارتباط
(1) CompuServe, Inc. v. Patterson , 89 F.3d 1257 ( 6th Cir . 1996).
هنا قررت المحكمة أن الاختصاص بموجب قانون اوهيو قد انعقد على CompuServe تكساس تأسيسا على التوقيع على اتفاقية موقعة مع CompuServe لتحميل البرامج الى نظام ألCompuServe في اوهيو لكي يستعمله الآخرون ويشترونه. ثارت القضية من ادعاء Patterson بحصول انتهاك علامته التجارية ضد Compu Serve . Patterson وضع وسوق وباع برامجه على CompuServe . خلال فترة تعامله مع CompuServe قام Patterson ببث 32 ملف من البرامج تلقائيا الى CompuServe , حيث قام CompuServe بتخزينها وإظهارها في الاتفاقيات. وبالفعل , استخدم Patterson CompuServe كمركز موزع في اوهيو الى السوق وموزع لبرامج Patterson . وهكذا ، وقد وجدت محكمة الاستئناف أن علاقة Patterson مع CompuServe كان مؤشرا على أن Patterson حقق الفائدة المرجوة لنفسه من ممارسة عمله في اوهيو . واستنتجت محكمة الاستئناف أن ممارسة الاختصاص الشخصي على Patterson في اوهيو سيكون معقولا في ظل هذه الظروف .
انظر ايضا :-
( 2) Edias Software International , L.L.C v. Basic International Ltd ., 947 F. Supp . 413 ( D . Ariz . 1996).
(3) Bluementhal v. Drudge , 992 F. Supp 44( D.D.C. 1998).
محكمة المنطقة قررت أن الاختصاص الشخصي في المقاطعة Matt Drudge وهو مقيم في كاليفورنيا ، يمكن أن يمارس لان :
1- فعالية الموقع بين المدعى عليهDrudge ومقيمي المنطقة متحققة
2- وجود التوزيع المعتاد لتقرير Drudge على AOL ، البريد ، والشبكة العنكبوتية لمقيمي المقاطعة .
3- حصول وقيام توقعات Drudge في استلام التوزيعات من مقيمي المقاطعة .
4- موجودية موقع Drudge في المقاطعة ، 24 ساعة في اليوم
5- مقابلة المدعى عليه مع C-Span
6- اتصالات المدعى عليه Drudge مع مقيمي المنطقة الذي أوجد مقولات عن تقرير Drudge
هنا تقرير Drudge كان موزعا للمشتركين عن طريق البريد الإلكتروني ، Drudge يملك موقع الإنترنت ، مجلة Hotwired وخدمة AOL . المحكمة قررت أن Drudge قد اقام ارتباطا مع المنطقة .
(4) Parks Inn International , Inc. v. Pacific Plaza Hotels , Inc ., 5 F . Supp .2d 762 ( D. Ariz. 1998).
لقد تنازع الأطراف على ما إذا كانت إعلانات المدعى عليه على مواقع الإنترنت قد وصلت الى المقيمين في اريزونا وان الإعلانات العلامة ( park-plaza) ، جلبت فائدة لهم . وقد سمحت المحكمة للمدعي أن يبدا بحثا عن أمور الاختصاص . المدعى عليه قدم استجوابا للمدعي يطلب منه تحديد مقيمي اريزونا الذين زاروا الموقع ، مدعيا أن عناوين البريد الإلكتروني لا تحدد الأماكن الحقيقية و / أو الولاية حيث ينشا البر يد الإلكتروني . تأسيسا على ارتباطات أخرى مع اريزونا استنتجت المحكمة أن المدعى عليه وجه الفعل الضار في القضية للعلامة التجارية المزعوم انتهاكها الى اريزونا.
5 وسائل التقاضي البديلة دورها في منازعات التجارة الالكترونية
ليس المقام الحديث عن ماهية وسائل التقاضي البديلة واهميتها ، لخروج ذلك عن نطاق هذه الورقة ولاحاطة المشاركين في مثل هذه المسائل ، لكن المسألة المتعين المشارة إليها في هذا المقام ان عالم الانترنت ومختلف المنازعات القانون المتصلة بتقنية المعلومات أظهرت الاهمية الاستثنائية للجوء إلى طرق التقاضي البديلة كالتحكيم والوساطة والمفاوضات لحل المنازعات المثارة في هذا الحقل ، اذ تساهم وسائل التقاضي البديلة بتجاوز مشكلات غياب القوانين الناظمة لهذه الموضوعات في عدد كبير من الدول ، وتتيح ايضا تخطي مشكلات صعوبة تحديد الاختصاص والقانون الواجب التطبيق ومشكلات تنفيذ الاحكام التي تعتمد على توفر الشروط القانونية لصحة التنفيذ ، عوضا عن فعاليتها من حيث قدرة جهات التقاضي البديلة بنظر هذه المنازعات المنطوية على مسائل تقنية وادارية معقدة والمنطوية ايضا على ادلة وبينات قد لا تكون مقبولة في النظم القانونية التي تتبع إليها المحاكم القضائية فيما لو عرضت عليها بدلا من جهات التحكيم .
ان هناك اتجاها دوليا متناميا نحو تطبيق وسائل التقاضي البديلة والتشجيع على اللجوء إليها سواء من حيث تشجيع اقامة مراكز فض المنازعات أو من حيث التدريب على وسائل التحكيم والوساطة والمفاوضات وغيرها أو من حيث اتخاذ تدابير تشريعية تساهم في تنظيم وسائل التقاضي البديلة وتتجاوز المعيقات أمام فعاليتها وفي هذا الحقل احتل التوجه نحو تعميم مراكز التحكيم التجاري الدولي مكان الصدارة ، حتى ان احد اهم دعامات التنظيم التجاري الدولي العالمي إقرار الية لتسوية النزاعات التجارية الدولية ضمن اتفاقيات منظمة التجارة العالمية ، وفي حقل الملكية الفكرية اعتمدت المنظمة العالمية للملكية الفكرية الية شاملة لتسوية المنازعات الفكرية التجارية تنطوي على نظام للوساطة واخر للتحكيم وثالث للتحكيم المعجل ورابع بشأن البنود التعاقدية والاتفاقيات الموصى بها للاحتكام والتي بدأ نفاذها جميعا اعتبارا من الاول من تشرين الاول لعام 1994 ومع ان المقام ليس تناول نظام التحكيم المقرر لدى منظمة الويبو فان مثل هذه التجربة تستأهل الدراسة المعمقة لجهة الافادة منها في بناء المراكز التحكيم التجاري ولجهة الافادة من الاليات العملية المقررة في مثل هذا النظام .
ويمكننا فيما يلي ابراز اهم عناصر الدور الذي تلعبه طرق التقاضي البديلة في حقل منازعات التجارة الالكترونية :
5 – 1 ان طرق التقاضي البديلة تتيح اللجوء إلى اكثر الجهات خبرة للتعامل مع مسائل التجارة الالكترونية التقنية المعقدة والقانونية المستجدة وتتيح الثقة بكفاءة الجهة التي تتولى البت في النزاع .
5 – 2 وطرق التقاضي البديلة في حقل التجارة الالكترونية تجتاز مشكلات غياب النصوص القانونية في حقول العقود الالكترونية وحجية الاثبات بالوسائل الالكترونية ومشكلات المعايير والمواصفات ومسائل التعامل مع المصنفات الرقمية وعناصر الاخلال بالالتزامات وتفسير البنود العقدية خاصة في رخص الملكية الفكرية و عقود نقل التكنولوجيا وعقود الخدمات التقنية وغيرها.
5 – 3 ان ايراد الشروط العقدية التي تقرر اللجوء لطرق التقاضي البديلة وتحديد الطريقة المقرر اتباعها عند النزاع والية اللجوء إليها والقوانين المتعين تطبيقها من قبل الجهة المتولية نظر النزاع سواء الموضوعية أو الإجرائية ومدى حجية القرار النهائي الصادر في النزاع وتحديد الاحكام المتعلقة بحالات الامتناع عن اللجوء لهذه الوسائل لفض النزاع تتخذ جميعا اهمية استثنائية وتتطلب التشجيع لاعتمادها اساسا في العقود الالكترونية على شبكة الانترنت أو تلك المبرمة عبر الوسائل الالكترونية على ان تراعى دقة وشمولية مثل هذه الشروط وحكمها في حال ابطال التعاقد وان تراعى لدى وضعها الاحكام القانونية التي قد تقيدها أو تحد من فعاليتها إلى غير ذلك من المسائل التي تكفل سلامة وفعالية شرط اللجوء إلى طرق التقاضي البديلة ويجدر بالذكر هنا ان العديد من المنازعات القضائية قد اثيرت بخصوص شروط اللجوء إلى التحكيم المقررة في النماذج العقدية الالكترونية ، أو في رخص مصنفات الفكرية الالكترونية تسلزم في الحقيقة دراسة معمقة لتحديد نماذج معيارية للشروط العقدية المتعلقة بهذا الخصوص يمكن في حال تعميمها المساهمة في فض منازعات التجارة الالكترونية والملكية الفكرية وبالعموم منازعات الانترنت .
6 الخاتمة .
ان هذه الورقة سعت لتحديد الخطوط العريضة والنقاط المحورية في مسائل منازعات التجارة الالكترونية وتحديات تنازع الاختصاص وتنازع القوانين ، وقد ظهر مما تقدم ان مثل هذا الموضوع يستلزم اهتمام استثنائيا من قبل كافة جهات البحث والدراسة والتشريع في العالم العربي ولا يكفي للايحاطة بها مجرد اوراق عمل تخصص لبحثها في المنتديات والمؤتمرات العلمية رغم اهميتها بل تستلزم في الحقيقة دراسات بحثية شمولية تستند وتوجه لتحقيق ما يلي:-
6-1 التحديد الشامل للعناصر المميزة لوسائل التجارة الالكترونية التقنية وفي مقدمتها الانترنت لتحديد اثر هذه الخصائص على المشكلات القانونية وقواعد حلها .
6-2 التحديد الشامل والتفصيل للعلاقات التعاقدية والتصرفات القانونية الناشئة في بيئة التجارة الالكترونية بكافة صورها مع بيان اطراف هذه العلاقات وبما يشمل كل ما يتعلق بالمستخدم أو مورد الخدمة أو المنتج ، أو الجهات الوسيطة أو الجهات المرتبطة بأي من هؤلاء الاطراف لتقديم خدمات تقنية لهم .
6-3 الدراسة التحليلية القانونية الشاملة لقواعد القانون الدولي الخاص المتعلق بالتجارة والاعمال المصرفية لجهة تحديد مدى ملائمتها لحكم العلاقات الناشئة في بيئة التجارة الالكترونية والانترنت .
6-4 الانطلاق في كافة الانشطة المتقدمة من قاعدة ان المطلوب لا ينحصر بالتجارة الالكترونية فقط بل يجب ان يمتد إلى كافة المسائل المثارة الناتجة عن عصر المعلومات واثر التقنية على القانون ، سواء في حقل امن المعلومات أو الخصوصية أو المعايير والمواصفات التقنية أو الاعمال المصرفية الالكترونية أو المال الالكتروني أو حماية المستهلك غير ذلك من فروع قانون الكمبيوتر وما يتصل بها من موضوعات نشأت كأثر تعميم استخدام التقنية والاعتماد عليها في اداء الخدمة وانجاز الاعمال .
وفي الختام فان الباحث يأمل للمشاركين بالمؤتمر كل التوفيق مشيرا إلى ان العرض الذي سيتم في الجلسة القانونية سيرتكز على المسائل المعملية والحلول المتبعة بخصوص منازعات التجارة الالكترونية متمنيا ان يسار إلى مواصلة البحث والدراسة في العناوين الرئيسة والمسائل المثارة من خلال هذه الورقة .
اترك تعليقاً