وسائل الإثبات التجارية و المدنية
د. ملحم بن حمد الملحم
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
يدرس طلاب القانون مادة القانون التجاري في كليات القانون، ويتم تقرير مبدأ لديهم ـــ كما هو موجود في عدد من الكتب المقررة ـــ أن هناك فروقا وتمايزا ما بين القانون التجاري والقانون المدني، ويتم تأكيد أن أحد أهم الفروق بين القانون المدني والقانون التجاري هو أن وسائل الإثبات يتم التعامل معها بشكل مختلف عن التعامل مع وسائل الإثبات في القانون التجاري.
لذلك تأتي هذه المقالة لترى أن هذا التفريق وفقا للنظام السعودي لا يستند إلى مستند قوي، وبالتالي يكون هذا التقرير الموجود في كتب القانون ما هو إلا مجرد نظريات وأفكار نقلت من قوانين دول أو مدارس قانونية مختلفة.
فقد جاء نظام المرافعات الشرعية الذي ينظم إجراءات الإثبات أمام القضاء ــــ في المسائل العمالية والتجارية والأحوال الشخصية وغيرها ـــ ليحدد قيودا لما يراد إثباته وهذه القيود مقتصرة على علاقة الأدلة بالدعاوى وجوازها ومدى إنتاجية هذه الأدلة. ثم بينت اللائحة التنفيذية أن لأي طرف أن يقدم أي ورقة من شأنها أن تفيد الطرف في دعواه أو حجته.
كما نص النظام على أن للقاضي أن يستنتج قرائن وأمارات وقائع الدعوى أو من مناقشة الأطراف تدله على معرفة أي الطرفين محق في دعواه، كما أنه لأي من الأطراف أن يثبت خلاف ما تثبته هذه القرينة.
بناء على ذلك، فإن التفريق بين وسائل الإثبات في الأعمال التجارية والمدنية لا أثر قانونيا له في المنظومة النظامية السعودية ـــ باستثناء الدفاتر التجارية، وأن أهم تفريق بين القانون المدني والتجاري يكمن في الاختصاص القضائي، أي في أي المحاكم يتم إقامة الدعوى أمامها.
إضافة إلى ذلك، فإنه في النزاعات التي ترفع أمام لجان الأوراق المالية يجوز أن يكون الإثبات بأي وسيلة بما في ذلك البريد الإلكتروني والفاكس والهاتف وغيرها. وتجدر الإشارة هنا إلى مسألة أن الدليل قد يقبل أمام القضاء أو اللجان القضائية لكن مسألة قانونية الإجراء في استعمال الدليل من حيث إنه قد ينشأ عنه حق خاص أو حق عام ـــ مدني أو جنائي ــ لا يزال مطروحا للنقاش، وبالتالي ربما يستخدم شخص ما دليلا ويكون معتبرا لكن قد يكون لمن استخدم الدليل ضده الحق في رفع دعوى بخصوص هذا الدليل، ولا سيما أن الفكر القانوني السعودي لا يوجد لديه توجه واضح ودقيق حول مفهوم شرعية أو قانونية الإجراء أو الدليل بشكل عام. ولقانونية الأدلة وشرعيتها حديث لاحق ـــ إن شاء الله تعالى.
وختاما، فإن المهم بيانه هو أن النظرية مفيدة لتقرير توجه معين للقوانين، لكن أهم من ذلك التفريق بين النظرية وبين ما هو مقرر وفق الأنظمة واللوائح وتطبيقاتها.
اترك تعليقاً