وسائل التنفيذ الجبري وفقا لقانون التنفيذ رقم 45 لسنة 1980
المحامية: منال داود العكيدي
الاصل في الدين – اذا نشأ صحيحا – ان يقوم المدين بتنفيذه طوعا وبملئ ارادته واختياره وضمن المدة المحددة لذلك ويطلق على هذا الالتزام اختيارا وتلك هي القاعدة العامة في تنفيذ الالتزامات ولكن هناك حالات يقوم فيها المدين او احد اقربائه او منتسبيه بمنع موظف التنفيذ من القيام بالاجراءات التنفيذية لغرض عرقلة و تعطيل هذه الاجراءات حينئذ يجبر المدين على تنفيذ التزامه وهذا هو الاستثناء من الاصل العام .
و يسمى التنفيذ في هذه الحالة بالتنفيذ الجبري حيث اجاز قانون التنفيذ العراقي رقم 45 لسنة 1980 الاستعانة بقوات الشرطة القضائية منها والمحلية لغرض تنفيذ الالتزام جبرا على المدين حيث تنص المادة 28 / الفقرة اولا منه على انه (لموظف التنفيذ ان يراجع اقرب مركز للشرطة لدفع الممانعة او المقاومة التي يصادفها في اداء واجباته ولاستعمال القوة عند الاقتضاء لاكمال المعاملات التنفيذية) .
و على مسؤول مركز الشرطة تزويد موظف التنفيذ بالقوة الكافية لتمكينه من اداء واجباته وعليه أي مسؤول مركز الشرطة في حالة عدم توفر القوة الكافية الاتصال برؤسائه لتأمين قوة كافية وهذا ما نصت عليه الفقرة ثانيا من المادة 28 والا اعد ممتنعا عن ادارة عمل من اعمال وظيفته ويعاقب بالعقوبة المقررة في قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل ( المادة 330 ) والتي تنص على انه ( يعاقب بالحبس كل موظف او مكلف بخدمة عامة امتنع بغير حق عن اداء عمل من اعمال وظيفته او اخل عمدا بواجب من واجباته نتيجة لرجاء او توصية او وساطة او لأي سبب آخر غير مشروع ) وهناك عدة حالات تواجه موظف التنفيذ ممانعة من قبل المدين او اقاربه او منتسبيه وابرز تلك الحالات هي تخلية الدور السكنية او المحال التي صدر حكم بتخليتها فهذه حالات كثيرا مايمانع المدين او عائلته من اجراء التخلية وربما تلجأ الى المقاومة في بعض الاحيان مما يضطر موظف التنفيذ الى الاستعانة بالشرطة لاخلاء المدين من الدار المحكوم بتخليتها فتقوم الشرطة بتخليتها جبرا على المدين وتسليمها الى الدائن وكذلك في حالات تسليم الاراضي الزراعية او تسليم المحضون الى من حكم له القانون بالحضانة.
ومن وسائل التنفيذ الجبري الاخرى هي منع سفر المدين الذي لايمكن اتخاذ القرار بشانه الا بتوفر شروط معينة لان منع السفر باعتباره اجراء من اجراءات التنفيذ الجبري يمس بالحرية الشخصية للمدين والتي هي تعتبر من الحقوق الاساسية التي كفلها الدستور وبالتالي فان هذا الاجراء يعد استثنا على الاصل العام ولا يطبق الا باضيق الحدود والغرض منه هو الحيلولة دون فرار المدين وتعطيل الحصول على الحق المنفذ وهذه الشروط هي: اثبات الدائن فرار المدين من الوفاء بالحق المنفذ وامتناع المدين عن تقديم كفالة تؤمن تسديده الدين واخيرا امتناع المدين عن اختيار من ينوب عنه في المعاملة التنفيذية ويستطيع المدين تفادي صدور قرار منع سفره اذا قدم كفالة تضمن تسديد الدين واناب من يقوم مقامه في المعاملة التنفيذية.
وهنك وسيلة اخرى من وسائل التنفيذ الجبري وهي الاكراه البدني ويقصد به حبس المدين تنفيذيا وتلجا اليه مديرية التنفيذ للتضييق على المدين الموسر بحجز حريته فترة من الوقت بهدف تحصيل الدين منه واجباره على الوفاء بالتزامه وهذا الاجراء فرضه الواقع العملي حيث نجد ان الكثير من المدينيين الموسرين يقومون باخفاء اموالهم وتهريبها لكي يحرموا الدائن من استيفاء دينه اما انتقاما او لدوافع اخرى لذا اجاز القانون اللجوء الى الحبس لغرض الحد من هذه الحالات.
ونظرا لما يخلفه الحبس من اثار نفسية واجتماعية واقتصادية على المدين وعائلته فقد حرص المشرع على تقييد استعمال هذه الوسيلة بوضع شروط وضوابط لابد من توفرها لكي يتم اتخاذ هذا الاجراء ومنها وجوب تقديم طلب صريح من الدائن بحبس المدين الى دائرة التنفيذ وان لايكون هناك مانع من الموانع القانونية التي تحول من دون حبس المدين كأن يكون المدين معسرا ولا يتمكن من اداء الدين او الوفاء بالالتزام او اذا لم يكمل المدين الثامنة عشر من عمره او جاوز عمره الستين سنة وكذلك اذا كان المدين ذا راتب او اجر يتقاضاه من الدولة او القطاع العام لانه في هذه الحالة يصار الى حجز راتبه ولان حبس المدين يخل بمبدأ استمرارية المرافق العامة وكذلك من موانع الحبس هو انقضاء الدين او سقوطه بسبب مضي مدة التقادم ولايجوز حبس المدين ايضا في حالة اذا كان قد حبس عن الدين ذاته او اذا كان مريضا بمرض لا يرجى شفاءه.
وكذلك فقد اوجب قانون التنفيذ توفر احد اسباب الحبس وهي امتناع المدين عن تسديد الدين او امتناعه عن الوفاء به برغم قدرته على ذلك ولم يقم المدين بابداء تسوية مناسبة لتسديد الدين ولم تكن له اموال ظاهرة قابلة للحجز والشرط الثاني هو رفض المدين التسوية التي قررها المنفذ العدل او ان المدين توقف عن الوفاء بالتسوية او امتنع المدين عن تسليم شيء معين كالاوراق او المستندات او المواد الاثرية من دون عذر مشروع او امتناع المدين عن تسليم صغير حكم عليه بتسليمه في حالة صدور حكم باسقاط حخضانة ام والزامها بتسليم الصغير الى محضونه الجديد او العكس.
ولكون ان قرار حبس المدين وكما اسلفنا له اثارا تمس بالحرية الشخصية بالاضافة الى الاثار النفسية والاقتصادية التي تلحق به وبعائلته فقد اوجب قانون التنفيذ ان يوكل امر حبس المدين الى القضاة الذي قد يكون المنفذ العدل او قاضي البداءة الاول حسب المادة 40 الفقرة ثانيا من قانون التنفيذ ويكون قرار الحبس مسالة تقديرية تتعلق بقناعة القاضي بحبس المدين او رفض طلب الحبس بقرار مسبب.
اترك تعليقاً