وضعية الطفل المتكفل به وحقوق الأطفال في التركة
لم تخرج مدونة الأسرة عما جاءت به الشرعية الإسلامية الغراء، على اعتبار انها لم تميز هي الأخرى بين الصغير والكبير في استحقاق كل منهما الإرث إذ يكفي أن يولد الشخص حيا ومستوفيا لجميع شروط الميراث ليأخذ حقه فيه كاملا ، حيث ينبغي حفظ نصيبه من قبل نائبه الشرعي إلى أن يبلغ سن الرشد القانوني علما ان هذا النصيب يتنوع في تركة حسب جنس الطفل المولود الذي قد يجعله وارثا بالفرض تارة أو بالتعصيب تارة أخرى، وكذا حسب طبيعة علاقته بالهالك التي قد تجعله مستحق للإرث في بعض الحالات وغير مستحق له في أخرى, وذلك في حالة كونه إبنا زنا وكذلك الشأن بالنسبة للطفل المتكفل به ، فهو الآخر لا يكون له أي حق شرعي في تركة العائلة التي تكفلت به نظرا لعدم انتسابه إليها وبالتالي عدم توافر أسباب الإرث الشرعية بينه وبين العائلة المذكورة الحال الذي يمكن أن تهتدي معه هذه الأخيرة إلى الإيصاء له بجزء من تركتها هذا لن يتأتى إلا بعد التكفل بالطفل عن طريق سلوك مسطرة الكفالة، هذه الأخيرة التي أصبحت تلعب دورا أساسيا في انقاد العديد من الأطفال سواء كانوا معروفي أو مجهولي النسب.
وعلى ذلك سنتطرق في هذا الباب في فصله الأول إلى أهلية القاصر في الزواج والحقوق المتعلقة بالتركة وفي الفصل الثاني إلى وضعية الطفل المتكفل به
الفصل الأول : زواج القاصر والحقوق المتعلقة بالتركة
خلال هذا الفصل سنتطرق لزواج القاصر والحقوق في التركة وسيتم تقسيم الفصل إلى مبحثين سنتطرق في المبحث الأول لزواج القاصر ، وفي مبحث ثاني للحقوق المتعلقة بالتركة
المبحث الأول : زواج القاصر
سنتطرق في هذا المبحث إلى مفهوم زواج القاصر وذلك من خلال مطلب أول ومزايا وعيوب الزواج المبكر في مطلب ثان، وأخيرا مسطرة زواج من لم يبلغ سن الزواج .
المطلب الأول: مفهوم منح الإذن بزواج من لم يبلغ أهلية الزواج
.تقاس أهلية الزواج في الشريعة الإسلامية بالبلوغ وفي القانون الوضعي باكتمال سن معينة، ويقصد بالبلوغ في الفقه الإسلامي قدرة الفتى أو الفتاة على التناسل ولقد كان المشرع المغربي بمقتضى قانون مدونة الأحوال الشخصية يميز بين أهلية النكاح بين الجنسين حيث كان يحددها في 18 سنة بالنسبة للذكر وفي 15 سنة بالنسبة للأنثى،ليستقر مؤخرا في 18 سنة استنادا إلى المادة 19 من مدونة الأسرة التي تنص على أنه ” تكتمل أهلية الزواج بإتمام الفتى و الفتاة المتمتعين بقواهما العقلية ثمان عشرة سنة شمسية واستثناء من هذه القاعدة فإن المادة 20 من مدونة الأسرة نصت على أنه ” لقاضي الأسرة المكلف بالزواج أن يأذن بزواج الفتى أو الفتاة دون سن الأهلية المنصوص عليه في المادة 19 أعلاه بمقرر معلل يبين فيه المصلحة والأسباب المبررة لذلك، بعد الاستماع لأبوي القاصر أو نائبه الشرعي والاستعانة بخبرة طبية أو إجراء بحث اجتماعي. مقرر الاستجابة لطلب الإذن بزواج القاصر غير قابل لأي طعن ولقد كانت العبرة في ظل القانون القديم بالبلوغ الشرعي، وكان بإمكان القاضي أن يأذن بزواج القاصر إذا خيف عليه العنت أي ممارسة الزنا، إلا أن المشرع الحالي اشترط أن تثبت لقاضي الأسرة المكلف بالزواج المصلحة والأسباب المبررة لذلك بعد الاستماع لأبوي القاصر أو نائبه الشرعي والاستعانة بخبرة طبية أو إجراء بحث إجتماعي .
المطلب الثاني : مزايا وعيوب الزواج المبكر
للزواج المبكر مزايا وعيوب ولذلك فهو محل تأييد من طرف البعض الآخر. وعليه سنقسم هذا المطلب إلى فرعين سنتناول في الأول مزايا الزواج المبكر وفي الفرع الثاني عيوب الزواج المبكر.
الفرع الأول : مزايا الزواج المبكر
يمكن تلخيص إيجابيات الزواج المبكر في النقط التالية :
أنه يتيح الفرصة للشباب في الزواج المبكر وبالتالي يحول دون السقوط في مخاطر الزنا .
أنه يحد من سلبيات العلاقات غير المشروعة المتمثلة في ظهور الأبناء غير الشرعيين وأطفال الشوارع وإنتشار الأمراض الخطيرة كداء فقدان المناعة المكتسبة السيدا، والأمراض الأخرى المتنقلة جنسيا كالزهري ….
وقد رغب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الزواج فقد جاء في الحديث الشريف:” يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ”
وقال في حديث آخر :” من كان موسرا لأن ينكح فلم ينكح فليس منا ”
الفرع الثاني : عيوب الزواج المبكر
للزواج المبكر مجموعة من العيوب أو السلبيات يمكن إجمالها فيما يلي :
أنه لا يسمح للزوجين باستنفاذ باقي مناحي الحياة من دراسة وتعلم مما يقلص من فرص بلوغهما مستوى معينا من الهرم الإداري والاجتماعي ويقلل بالتالي من إمكانية تحقيق شروط الحياة المستقرة .
إن عدم اعتماد الزواج على موارده البشرية كليا أو جزئيا سيجعل الحياة الزوجية غير مستقلة عن الحياة العامة لأسرته والتي يعيش معها وبالتالي فإن أي تأثير لهذه الأخيرة من شأنه أن يطال حياته الزوجية بسبب فعل هذا الإرتباط .
إن الزوجة الصغيرة في السن قد لا يتوفر لها النضج الكافي والوعي اللازم لمعرفة حقوقها وواجبتها وما هي مقدمة عليه من مسؤوليات وتبعيات تتمثل في تكوين أسرة ورعاية أبناءها مما يجعل زواجها قابل في أية لحطة للفشل بسبب حملها لمقومات الفشل في لحياته .
المطلب الثالث: مسطرة زواج من لم يبلغ سن الرشد
نصت المادة 20 من مدونة الأسرة في فقرتها الأولى على أنه ” لقاضي الأسرة المكلف بالزواج أن يأذن بزواج الفتى والفتاة دون سن الأهلية المنصوص عليه في المادة 19 أعلاه بمقرر يبين فيه المصلحة والأسباب المبررة لذلك ، وبعد الاستماع لأبوي القاصر أو نائبه الشرعي والاستعانة بخبرة طبية أو إجراء بحث اجتماعي كما نصت في فقرتها الثانية على أن مقرر الاستجابة لطلب الإذن بزواج القاصر غير قابل لأي طعن في حين أوضحت المادة 21 في فقرتها الأخيرة على أنه : ” إذا امتنع النائب الشرعي للقاصر عن الموافقة بت قاضي الأسرة المكلف بالزواج في الموضوع
ويستفاد من هذه المقتضيات ما يلي أن طلب الإذن بزواج القاصر يقدم أمام قاضي الأسرة المكلف بالزواج ويتعين أن يكون الطلب مكتوب وتتم الإستجابة للطلب بمقرر معلل غير قابل لأي طعن ، كما ألزم المشرع قاضي الأسرة بالبث في الموضوع في حالة امتناع النائب الشرعي عن الموافقة وهذا ما يدعوا إلى البحث في هذه المقتضيات على الشكل الآتي .
1-اختصاص قاضي الأسرة المكلف بالزواج في البث في طلبات الإذن بزواج القاصر:
إن الأصل في عقد الزواج أنه من العقود الرضائية وبالتالي فلا ينعقد إلا بإيجاب من أحد المتعاقدين وقبول من الآخر وهو ما يفرض توفرهما معا على أهلية الزواج غير أن المشرع أجاز لمن لم يبلغ هذه السن أن يتقدم بطلب إلى قاضي الأسرة المكلف بالزواج من أجل الحصول على إذن بذلك غير أن القاضي بمقتضى هذا الاستثناء لا يبث في الموضوع في إطار قواعد المحاكمة المتعلقة بالقضاء الفردي وإنما في إطار نص خاص أوجده المشرع لمعالجة حالة خاصة عن طريق سلوك مسطرة بسيطة وغير معقدة وخالية من القيود التي تقرض عادة بمناسبة رفع الدعاوى لتحديد طرفي الدعوى واستدعائهم للحضور مع ما يترتب عن ذلك من حقوق أخرى كالطعن في الأحكام وتبليغها وتنفيذها. وفق شكليات محددة في القانون .
2-كيفية تقديم هذا الطلب :
نجد المشرع لم يحدد شكل هذا الطلب غير أنه بالرجوع إلى مقتضيات الفقرة الثانية من المادة 21 التي تشترط توقيع النائب الشرعي مع القاصر على طلب الإذن بالزواج، ويتبين أن هذا الأخير يجب أن يقدم مكتوب وموقعا عليه ومؤدى عنه لكنه لا يقبل الطلب إذا قدم شفويا خلافا لمقتضيات الفصل 31 من قانون المسطرة المدنية .
وفيما يخص مشتملات الطلب فيتضمن هوية القاصر طالب الإذن بالزواج وهوية نائبه الشرعي هذا الأخير يمكن أن يكون وصيا أو وليا أو مقدما وذلك حسب الأحوال. وتحال طلبات الإذن بزواج القاصر على قسم قضاء الأسرة وتسجل في سجل معد لهذا الغرض .
3-دور قاضي الأسرة المكلف بالزواج في الإذن بتزويج القاصر
بالرجوع إلى مقتضيات المادتين 20 – 21 من مدونة الأسرة، أن قاضي الأسرة المكلف بالزواج ملزم بتعليل مقرره الرامي إلى الاستجابة لطلب الإذن بزواج ما لم يبلغ سن الزواج وذلك ببيان الأدلة الواقعية والحجج القانونية التي اعتمدها في تكوين قناعته
وقد حدد المشرع في المادة 20 القواعد الموضوعية التي يتعين اعتمادها في إثبات المصلحة في تزويج القاصر واستخلاص الأسباب المبررة لذلك على سبيل الحصر فيما يلي :
– الاستماع لأبوي القاصر أو نائبه الشرعي
– الاستعانة بخبرة طبية
– إجراء بحث اجتماعي
اترك تعليقاً