مقال قانوني حول انشاء محكمة الاستثمار
المحامي أسامة البيطار
المستثمر الاجنبي في الاردن … غالباً بحالة قلق ، و الراغب في الاستثمار … غالباً خائف ومتخوف ، على الرغم من الأمن و الأمان الذي يتمتع به الاردن ووجود مجموعة من القوانين الناظمة للاستثمار وحمايته ؛ إلا أنه لا يزال هناك بعض التعقيدات الغير مبررة في إجراءات الحصول على الرخص والمعاملات التي من المفروض أن يكون قانون الإستثمار قد عالجها ، غير أن تعقيدات بعض الموظفين تعيق مثل هذه التسهيلات ، مع أن التأكيدات الحكومية المستمرة تؤكد على مبدأ أن الموظف في خدمة المستثمر ، وأن الأنظمة واللوائح والتعليمات ما هي إلا وسائل لتحقيق ذلك ، ولا شك أن المرونة في قبول الاستثمار بما لا يتعارض مع الهدف العام ويخل بمبدأ العدالة والمساواة في التعامل واستخدام التقنيات الحديثة كوسيلة ، وتسخيرها لمتطلبات العملية الاستثمارية ، مع المحافظة على أصالة المجتمع وقيمه هدف سامي تسعى له كل دولة .
ولدعم الاستثمار في الاردن لا بد من تعزيز الاطار القانوني للبيئة الاستثمارية الذي يعطي ضمان و طمأنينة اكبر للمستثمر الاجنبي و تشجيعه على القدوم و الاستثمار، جلالة الملك وجه الحكومة قبل فترة لإعداد خطة واضحة لكيفية استقطاب الاستثمارات ذات القيمة المضافة العالية والمشغلة للأردنيين ، وكذلك تذليل الصعوبات والعقبات التي تحول دون المرونة في التعامل معها .
وأي مستثمر يسأل عن القضاء في اي بلد يرغب بالاستثمار فيه قبل ان يستثمر ، فإن طُمئن و اطمأن استثمر وان وجد غير ذلك نئى بجانبه ، و قضائنا و القائمين عليه لهم في العدالة و النزاهة و الحياد نصيب كبير ، إلا ان العدالة عرجاء و أمد التقاضي مسألة مفروغ منها بحكم التشريعات التي تعطي للخصوم الامد الكافي لبسط كل طرف ادعائه ودفوعه حتى يخال لصاحب الحق ان حقه ضاع جراء طول مدة التقاضي ، فما بالك والتقاضي على مراحل يستغرق سنين ، ناهيك عن الاعداد المتراكمة في محاكم الاستئناف و التي وصل عددها لأكثر من سبعين ألف قضية !!! لذا لا بد من التركيز على تشكيل محكمة مستقلة تعنى بالنظر بدعاوى الاستثمار بشكل مستقل ، لأن ذلك سيعطي حافزاً إضافياً لدخول الشركات الاستثمارية للمملكة ، وهذه المحكمة من شأنها المساهمة الفعالة في خلق بيئة إستثمارية ناجحة ، على أن تشكل هذه المحكمة من قضاة متخصصون بقضايا التجارة و الاعمال ولهم خبرة طويلة في هذا المضمار، وبالإمكان الاعتماد على قانون التجارة او القانون المدني او قانون البنوك وفقاً لما يتناسب مع كل حالة ، واذا وجدت فئة رافضة أو متحسسة لإنشاء هذه المحكمة وتستند على أن الأصل ان محاكم البداية ( صاحبة الولاية العامة في الاختصاص ) تعرض عليها جميع انواع الخصومات إلا ما استثنى منها بنص خاص وأنه لا مبرر لمثل هذا النوع من المحاكم لأنها ستسبب إرباكاً في عمل الجهاز القضائي و رجال القانون ، إلا أنني أقول أن إنشاء هذه المحكمة سيوفر أرضية صالحة لجذب الاستثمارات المختلفة وسيعطي الاطمئنان إلى أن الاستثمار في هذا البلد قرار صحيح ، اضافة الى أننا نمتلك الكفاءات القضائية المطلوبة ، علاوة على ان ذلك لا يشكل كلفة مالية عالية .
إن النتائج ستكون مبشّــرة ، وإن القرار السليم والسريع المنهي للخصومة والحاسم للخلاف والنزاع بين المستثمر واي جهة اخرى اعتبارية او شخصية حكومية أو خاصة سيعكس صورة ناصعة البياض عن هذا البلد الغالي ، و الفرص القادمة لبلدنا خصوصا بدخولنا لمنظومة مجلس التعاون الخليجي فرصة ينبغي الاستعداد لها .
اترك تعليقاً