مقال قانوني حول أهمية التوقيع الالكتروني
التوقيع الالكتروني وسيلة التوسع وانماء التجارة الالكترونية
أ. محمدعثمان
من المعلوم أن مجرد توافر الحق في حد ذاته لا يكفي للحصول عليه أو الزود عنه عند التنازع عليه. إذ يتعين لذلك وجود وسيلة إثبات لوجود هذا الحق ونسبته إلي من يتمسك به.
وقد توصلت التشريعات المختلفة إلي أن الكتابة باليد هي سيدة الأدلة علي تحقق الحق أو الالتزام. وأخذ التعامل بين الأشخاص الطبيعة والمعنوية الخاصة والعامة، قوامه المستندات المكتوبة والمحررة باليد، وهي الأداة المضفية للحجية أو المحققة لصحة التصرف القانوني في أحوال أخري وهي المعول عليه في المعاملات المدنية والتجارية سواء في قيام الإلتزام أو انتقاله أو انقضائه. وعنيت التشريعات بوضع القواعد الموضوعيةو الإجرائية لقواعد الإثبات. كما جرت الإتفاقيات الدولية علي ذات النهج . وقد يستلزم القانون التوقيع لقيام الإلتزام وقد يرتب علي تخلف نتائج قانونية معينة. والكتابة قد تكون شرط إثبات أو شرط صحة المستند أو الرسالة أو الاتفاق.وفي هذا المقام نشير إلي ما ينص عليه قانون سنجابور للتوقيع الإلكتروني الصادر عام 1998.
و مثال ذلك المادة 1 من قانون الإثبات المصري رقم 25 لسنة 1968 تنص علي أنه: “علي الدائن اثبات الإلتزام وعلي المدين لإثبات التخلص منه” وتنص الماد 14 منه علي أن المحرر العرفي يعتبر صادرا ممن وقعه ما لم ينكر صراحة ما هو منسوب إليه من خط أو امضاء أو ختم أو بصمة. أما الوارث أو الخلف فلا يطلب منه الإنكار ويكفي أن يحلف بأنه لا يعلم أن الخط أو الإمضاء أو الختم أو البصمة هي لمن تلقي عنه الحق”. وتنص المادة 16 من ذات القانون علي أن الرسائل الموقع عليها قيمة المحرر العرفي في الإثبات ويكون للبرقيات هذه القيمة أيضا إذا كان أصلها المودع في مكتب التصدير موقعا عليه من مرسلها. وتعتبر البرقية مطابقة لأصلها حتي يقوم الدليل علي عكس ذلك. وإذا أعد أصل البرقية، فلا يعتد بالبرقية إلا لمجرد الاستئناس.
و كان القرن التاسع عشر اختتم سنواته الأخير، بترسيخ قدم الثورة الصناعية والكهربائية، فإن القرن العشرين كذلك اختتم سنواته الأخيرة بثورة جديدة تتمثل في قيام تكنولوجيا الحاسوب والمعلومات والتكنولوجيا الرقمية والاتصالات. ومن ثم جاء لنا بعالم افتراضي جديد قوامة الحوا سيب بمختلف مظاهرها وشبكة الإنترنت وعالم من المعلومات والاتصالات غير مسبوق أقامت عالم جديدا من التجارة هي التجارة الإلكترونية والتجارة عبر شبكة الإنترنت . جذبت لها المتعاملين والباحثين والمتراسلين سواء علي المستوي الفردي أو علي مستوي الأشخاص القانونية الإعتبارية الخاصة والعام، بل وجدت فيها الحكومات وسيلة لتقديم الخدمات للمواطنين عن طريقها.
وقد تعددت استخدمات هذا المجال وهذه الوسائل الإلكترونية. فبينما هناك من يلجأ إليها للنشر والإعلان، نجد آخرون، يسلكون هذا السبيل لتحقيق صفقات وابرام معاملات وعقود وتعاملات مع البنوك . وأصبحت الحواسيب محلا لتخزين المعلومات والحفاظ عليها وإعادة ترتيبها وتنظيمها وتحقيق أكبر فائدة منها ،أخذت طريقها إلي تعاملات البنوك والتعامل التجاري والتعامل بين الأجهزة الحكومية فيما بينها وبينها والجمهور.ومن ثم إهتمت الدول ببحث هذا الموضوع رعاية للمتعاملين ومدي أهميته في التوسع في التجارة والحركة التجارية.
كما عرض الأمر علي لجنة القانون التجاري الدولي في منظمة الأمم المتحدة Un commission on international trade law (UNCITRAL) في اجتماعها رقم 18 عام 1985 تقريرا بعنوان القيمة القانونية لسجلات الحاسابت أو قيودها (a/cn.9/265) وتبين لها أن في التجارة الإلكترونية وفي العلاقة بين حاسوب وآخر لا يوجد عائق قانوني في التعامل عن طريقهما أكثر من تطلب أن يكون التعامل بموجب مستندات ورقية مكتوبة باليد وموقعة باليد وأن القواعد السارية في التعاملات الدولية القائمة علي الإستخدام الورقي من شأنه إعاقة التعامل الإلكتروني عبر الحواسيب ويعوق تهيئة البيانات آليا.
لذا بذلت الجهود من جانب المجلس الأوروبي ومجلس التعاون الجمركي واللجنة الاقتصادية لأوروبا لتشجيع الطرق الجديدة والتوصل إلي توفير الإطمئنان للتعامل عن طريقها وخلصت للجنة في اجتماعها المذكور إلي عدة توصيات منها مراجعة القواعد القانونية المؤثرة علي استخدام سجلات الحواسيب كوسيلة إثبات في المنازعات القضائية وإزالة العقبات نحو الاعتراف بها علي أن تكون متوافقة والتطور التكنولوجي الجديد.
وكذلك مراجعة المتطلبات القانونية للتوقيع اليدوي وطرق الحجية القائمة علي الأوراق بهدف إمكان التعامل بالوسائل الإلكترونية لإضفاء الحجية عليها . وقد تكون عن هذه اللجنة فريق عمل لبحث هذا الموضوع الأمر الذي أسفر عن تبني القانون النموذجي للتوقيع الإلكتروني وكذلك للتجارة الالكترونية.
والتعامل عبر الحواسب والتراسل الإلكتروني بصفة عامة يثير ثلاث صعوبات تتحصل في: ثلاث مسائل حيوية تثور عن اجراء معاملة عن طريق الوسائط الإلكترونية عند رغبة الطرفين في استخدامها بدلا من استخدام الأوراق المكتوبة:
1-هل تلك الوسيلة قانونية ؟
وذلك لأن التشريعات تتطلب المستندات الورقية لقانونية التعامل. وبالتالي هل يصح التعامل وتبادل الرسائل الإلكترونية.
2- هل يمكن الوثوق بهذه الرسائل والتعامل ويكون محل ثقة الطرفين؟
– ما هي قواعد التعامل بين الأطراف؟.علي سبيل المثال ما هي مسئولية الموقع وما هي مسئولية مصدر شهادة التصديق وكيفية الرجوع عليه. وأصعب تلك العقبات هي ما دور التوقيع الإلكتروني وكيفية الوثوق بأن الموقع علي الرسالة هو الراسل؟ وما هو بيان دور التوقيع الإلكتروني إن كان له دور، وكذلك معرفة دور المشرع في تشجيع هذا التعامل الذي يؤدي إلي سرعة ويسر المعاملات والتعامل في إنجاز التراسل وعقد الصفقات.
والتساؤل عن مدي مشروعية التجارة الإلكترونية يثير في حقيقة الوااقع التساؤل عن مدي انفاذ التعاملات الإلكترونية، وهذه تثير التساؤل عن مدي قانونية القيود أو السجلات الإلكترونية ومدى قانونية التوقيع الإلكتروني وبعبارة أخرى ما إذا كانت هذه القيود وهذا التوقيع يتحقق فيها المتطلبات القانونية التي تحققها المستدات المكتوبة والتوقيع اليدوي المكتوب في التشريعات المختلفة من عدمه؟ وهل السجل الإلكتروني مقبول كأداة إثبات معتمدة أمام القضاء أم يرفض اعتباره كذلك ؟ وهل السجلات الإلكترونية تكون أصل من أصول الإثبات؟ وهل يمكن الاحتفاظ بها في صورتها الإلكترونية دون اخراجها علي الورق وهل حفظ تلك السجلات الإلكترونية هل يمكن أن يكون حجية ووحدة لتلك السجلات؟ ومن ثم يثور التساؤل عن تعريف التوقيع الإلكتروني ومتي تتحقق حجيته وشروط ذلك.
لذا يلزم الرجوع إلي مرجعية تطلب الكتابة والتوقيع اليدوي، وبعبارة أخري ما هي وظائف التوقيع اليدوي المكتوب باليد وبيان ما إذا كان التوقيع الإلكتروني يحققها من عدمه؟
ولعل العقبة الرئيسية ،فضلا عن إضفاء الحجية القانونية علي المستند والتوقيع الإلكتروني ،هو بناء الثقة في التعامل عن طريق الرسائل الإلكترونية وهنا نجد المحاولات للتوصل إلي تحقيق الأمور آنفة الذكر في السجل الإلكتروني والتوقيع الإلكتروني
اترك تعليقاً