مقال قانوني حول المفهوم القانوني بالاسناد المورقة
ا/ عيسي العماوي
نظم قانون الشركات الأردني رقم (22) لسنة 1997 وتعديلاته في المواد (116-131) إسناد القرض كورقة مالية قابلة للتداول في سوق الأوراق المالية الأردنية وتضمن أحكاماً حول تعريف وشروط إسناد القرض وحقوق مالكي الإسناد ووضع الضوابط اللازمة لمزاولة هذه الأنشطة الخاضعة لأحكامه.
وفي ضوء المتغيرات التي تواكل تطور سوق رأس المال فيطلب استحداث الأدوات المالية اللازمة لتنمية السوق وهي نشاط توريق الحقوق المالية والتي لم يسبق أن عرّفها الاقتصاد الأردني ومن سمات إدخال هذا التعديل بل قانون الشركات هو استحداث العديد من الأنشطة العاملة في مجال سوق رأس المال وإضافة هذا النشاط إلى أنشطة الشركات العاملة في مجال الأوراق المالية مما يمكن البنوك والشركات من إعادة تدوير محافظها واستثماراتها للإسراع بدوره النشاط الاقتصادي وسوف أقوم بتوضيح التوريق على النحو التالي:
أولاً: تعريف التوريق:
يعني مصطلح أو لفط التوريق أو التسنيد في أبسط صورة هو الحصول على الأموال بالاستناد إلى الديون المصرفية القائمة وذلك عن طريق خلق أصول مالية جديدة ، أي هو أداة مالية مستحدثة تفيد قيام شركة مالية بجمع مجموعة من الديون المتماثلة والمضمونة كأصول، ووضعها في صورة دين واحد معزز ائتمانياً ثم عرضه على الجمهور من خلال طرحه للاكتتاب في شكل أوراق مالية، تقليلاً للمخاطر، وضماناً للتدفق المستمر للسيولة النقدية.
وتقوم فكرة التوريق أساساً على الابتكارات المستمرة في هيكلة الموجودات، وتبويبها بما يساعد على تقييم أدائها من جهة والتمويل اللاحق من جهة أخرى، بهدف تحقيق الربح واستبعاد مخاطر التعثر والتصفية وهذا ما ينطبق على تسميته بالتوريق أي تحويل الديون أو الموجودات عموماً إلى أشكال متنوعة من الأوراق المالية لا سيما السندات منها.
ثانياً: عناصر التوريق:
1. المقترض Borrower: وقد يكون الاقتراض هو لمواجهة التعثر المالي للشركة أو إعادة هيكلتها أو لغايات الوفاء بديون حل تاريخ استحقاقها، وإحلال دين القرض طويل الأجل محل الديون المستحقة الأداء.
2. الأصول موضوع التوريق: يتكون الدين في سندات مديونية، والأصول الضامنة للدين محل التوريق دائماً تكون أصولها مرتفعة.
3. الخطوات السابقة لعملية التوريق: يسبق إجراء عملية التوريق عدة خطوات تؤدي في النهاية إلى اتفاق البنك الذي يرغب بالحصول على سيولة نقدية سريعة لديونه مقابل نقل ملكية الأصول، وتشمل الخطوات بقيام البنك أو الشركة المالية بأخذ رأي العملاء المدينين فيما يخص عملية توريق ديونهم، وفي حال موافقتهم فإن البنك أو الشركة المالية تنظم اتفاقية جديدة تحدد العلاقة بين المدينين والدائن الجديد، وهذه الاتفاقية يجب أن تحدد كافة العناصر ومن ضمنها تقييم الأصول، وتحديد السعر العادل للأوراق المالية المراد طرحها، وإعداد الدراسات…الخ.
ثالثاً: أنواع التوريق وتمويله:
1. التوريق بضمان أصول ثابتة (الأراضي) أو بضمان متحصلات آجله (كمبيالات).
2. التوريق وفقاً لطبيعته:
أ. انتقال الموجودات من خلال بيع مقابل شهادات لنقل الملكية لإعادة بيعها، وتوزيع التدفقات المالية، وفقاً لحصص محددة.
ب. انتقال الأصول في صورة إدارة مديونية (إصدار أوراق مالية، سندات) وتختلف فيما بينها وفقاً لدرجة التصنيف وسرعة الدفع.
ويمكن تمويل إسناد التوريق بأحد البديلين:
أ. القروض التجارية : من خلال توفير التمويل اللازم لشراء الأصول (الديون) التي يتم توريقها باللجوء إلى القروض التجارية ومراعاة تزامن برنامج السداد الخاص بالديون.
ب. إصدار سندات دين: تقوم الشركة بإصدار سندات بقيمة تعادل قيمة الدين وفق ما يتوفر لهذه الديون من ضمانات، وبحيث تستخدم حصيلة الاكتتاب في هذه السندات في شراء تلك الديون (ويراعى في ذلك أن تتوافق تواريخ استحقاق السندات مع تواريخ استحقاق أقساط الديون وفوائدها، وأن تكفي لسدادها عند حلول آجال استحقاقها).
ثالثاً: أساليب التوريق:
يجب المعرفة التامة بكافة الجوانب القانونية للتوريق لضمان جميع أطراف العملية ويتم التوريق عادة بأحد الأساليب التالية:
أ. استبدال الدين: هو استبدال الحقوق والالتزامات الأصلية بأخرى جديدة ويقتضي في هذه الحالة الحصول على موافقة جميع أطراف العلاقة.
ب. التنازل: وهو التنازل عن الأصول لصالح الدائنين أو المقرضين، وغالباً ما يستخدم هذا النوع في توريق الذمم الناشئة عن بيع الأصول أو إيجارها، ففي عقدي البيع والإيجار يتم دفع الأقساط إلى الممول الأصلي والذي يقوم بدوره بتحويلها إلى مشتري الذمم المدينة أو تسديدها ضمن حوالات وفق العقد المتفق عليه وبالمقابل يقوم باسترداد المبلغ من المؤجرين.
ج. المشاركة الجزئية:وهو بيع الذمم المدينة من قبل الدائن الأصلي إلى شركة متخصصة بشراء الذمم وتمويلها، ولا يتحمل بائع الدين أي مسؤولية فيما لو تعثر المدين عن التسديد، لذلك يتوجب على مشتري الدين التأكد من أهلية المدين وقدرته الائتمانية مثل حصول المشتري على ضمانة كافية أو حق إدارة الدين.
رابعاً: عملية التوريق:
تتم عملية التوريق من خلال تجميع الديون في شكل محفظة (أي ربط الديون الأصلية بالأوراق المالية) ثم يتم إصدار أوراق مالية مقابل محفظة الديون وتكون مضمونة بضمانات بأصول محددة وذات تدفقات نقدية مستمرة في المستقبل، مثل قيام الشركة التي تقوم بطرح أورقا مالية (سندات) مقابل مجموعة من الديون ذات التدفق النقدي المستمر مثل ديون منقولة وغير منقولة أو بموجودات عينية أخرى أو بغير ذلك الضمانات أو الكفالات ..الخ وعند قيام الجهة المقترضة أو المدين بسداد هذه الديون مع فوائدها، فإن حامل الأوراق المالية (السندات) يستفيد من التدفقات المالية.
وتقوم بعض شركة التمويل العقاري ببيع القروض لشركة توريق، وتقوم شركة التوريق بتمويل هذه القروض عن طريق إصدار سندات Asset- Backed Securities مطابقة لاستحقاقات القروض، حيث تمكن شركة التوريق من حصيلة السندات من شراء هذه القروض من شركة التمويل العقاري، وتكون هذه القروض مضمونة بالرهونات العقارية.
وبالتالي فإن التوريق أو التسنيد يعني تكوين قروض متجانسه، ثم إعادة تحويلها إلى مستثمرين عن طريق إصدار أوراق مالية على شكل سندات ذات مردود دوري ثابت.
ويحصل حامل السند على الفوائد الدورية بالإضافة إلى أصل مبلغ السند، ويجب أن تكون تواريخ استحقاق السندات متفقة مع تواريخ استحقاق أقساط الدين وفوائده.
وهذا يخلق سوق ثانوي للرهن العقاري أو سوق السندات التي يمكن أن يمثل جانب الطلب فيه صناديق النقابات المهنية والضمان الاجتماعي وصندوق التخاصية والشركات والمؤسسات المالية والاستثمارية والأفراد في شراء السندات كون العائد ثابت ومعلن سلفاً وبعيداً عن المضاربات وهكذا تتمكن البنوك أو شركات التمويل العقاري من الاستفادة من الأموال الناتجة عن بيع الأوراق المالية بالبورصة حيث يتم إعادة تدويرها بمنح قروض جديدة مما يخلق نمو وانتعاش في الأسواق.
خامساً: أسباب عملية التوريق:
السبب المباشر الذي يدفع الشركات المالية لعمليات التوريق هو للتحرر من قيود الميزانية العمومية حيث تقضي المعايير المحاسبية الدولية وقانون البنك المركزي وقانون البنوك مراعاة مبدأ كفاية رأس المال وأخذ مخصصات للديون المشكوك فيها، وهذا يؤثر على أنشطة التمويل ويبطئ من دورة رأس المال، ويقلل من الأرباح والتوريق يعد بديلاً مناسباً يسمح بتدوير جزء من الأصول السائلة Recycle Cash الناجمة عن توريق أصول غير السائلة الضامنة لديونه لدى الغير دون أن يلزم ذلك أخذ مخصص الديون المشكوك في تحصيلها، أي دون الحاجة إلى أخد مخصصات في الميزانية مقابله للديون وهناك أسباب أخرى لعمليات التوريق وهي:
1. زيادة الكفاءة للدورة المالية والإنتاجية ومعدل دورانها، وذلك عن طريق تحويل الأصول غير السائلة على أصول سائلة لإعادة توظيفها مرة أخرى مما يساعد على زيادة وتوسيع حجم الأعمال للشركات بدون حاجة الشركة إلى زيادة رأسمالها.
2. زيادة تدفق التمويل بضمان الرهون العقارية، وبشروط وأسعار أفضل وفترات سداد أطول.
3. تقليص مخاطر الائتمان للأصول، من خلال توزيعها على قاعدة عريضة من القطاعات المختلفة.
4. إنعاش سوق الديون الراكدة وتقليل نسبة احتمال تعرض المستثمر للأخطار المالية.
5. يساعد في تحقيق معدلات أعلى لكفاية رأس المال.
6. تنشيط السوق الأولية مثل العقارات والسيارات.
7. خلق مصادر تمويل جديدة وتنويعها، وزيادة نشاط سوق السندات.
8. التوريق يقوم على مبدأ الإفصاح والشفافية ومبدأ الحوكمة مما يحسن بيئة المعلومات في السوق لأنه يتطلب العديد من الإجراءات ودخول العديد من الشركات في عملية الإقراض مما يوفر قاعدة بيانات ومعلومات من السوق.
مما سبق أرى الحاجة على تعديل المواد (116-128) من قانون الشركات رقم (22) لسنة 1997 وتعديلاته وذلك للسماح بإصدار الإسناد المذكور أعلاه وكذلك توضيح آلية الرهن كضمان للإسناد المصدرة ووضع تعريف للإسناد المورق وشرح التوريق ومحفظة التوريق ومعالجة حالات الإفلاس والتصفية بخصوص محفظة التوريق وإجراءات توثيق عملية البيع بطرق فورية ومباشرة وإعفاء عملية بيع وشراء محفظة التوريق من الرسوم لخلق السوق الهام وتحسين البيئة المالية ومعدل كفاية رأس المال بسبب استبدال القروض بنقد ومنح صلاحية لهيئة الأوراق المالية لإصدار تعليمات بهذا الخصوص.
ومن المتوقع أن تساهم تلك التعديلات في توفير مزيد من الحماية لحقوق حملة السندات وتشجيع الشركات على استخدام التوريق كأداة مالية جديدة مع تشجيع العديد من الشركات المالية العاملة في مجال التأجير التمويلي والتمويل العقاري على توريق محافظها المالية المستقلة. مما يساعد على زيادة السيولة لدى هذه الشركات لتوفير التمويل، وزيادة حجم الائتمان، كما سينعكس زيادة نشاط التوريق على تنشيط سوق الأوراق المالية وخاصة سوق السندات ويزيد من قدرة السوق على جذب استثمارات جديدة.
اترك تعليقاً