مقال قانوني حول أرباح الشركات الصورية
أ/ عيسي العماوي
قيام الشركة بالإعلان عن تحقق أرباح أو نمو في الأرباح أو الاستقرار على نقطة التساوي بين الأرباح والخسائر (Break Even) يعطي الانطباع بسير الشركة في طريق النجاح والنمو الذي سينعكس إيجابياً على مساهميها وعلى العاملين فيها، ويدل على نجاح مجلس إدارتها وحسن التصرف لدى مسؤوليها فيما يعود على الشركة والمساهمين بالنفع وإضافة لبنات أكثر في بناء الاقتصاد الوطني، وحالات النجاح لا حصر لها، ولكن يحدث أن تعلن الشركة عن أرباح وجودها على الورق وتقوم أيضاً بتوزيعها، وهو ما يسمى بالأرباح الصورية. فالإجراءات مستوفية للمتطلبات النظامية ولكنها مقتطعة من رأسمال الشركة أو موزعة بغير إطفاء للخسائر السابقة، في حين أن الأرباح الحقيقية هي الفرق بين مجموع الإيرادات المتحققة في أي سنة مالية من جانب ومجموع المصروفات والاستهلاك في تلك السنة من جانب آخر وغير مقتطعة في رأس المال وتم توزيعها بعد إطفاء الخسائر والأرباح عموماً هي توزيعات نقدية أو عينية يوصي بها مجلس إدارة الشركة وتقررها الهيئة العامة باجتماعها العادي السنوي أو باجتماع غير عادي إذا كانت عينية، وتشكل نسبة من القيمة الاسمية لرأس المال، وتحسب الأرباح على أساس نسبة مئوية معينة من القيمة الاسمية للسهم.
ويجتهد القائمون على توزيع الأرباح الصورية على إخفاء صورية أرباحهم فيسلكون الإجراءات النظامية، فيوصي مجلس الإدارة بتوزيعها فيما يصدر عنه من ميزانية وحسابات الأرباح والخسائر ويصدر قراراً عن الهيئة العامة الذي يعتبر تاريخ صدوره هو تاريخ نشأة حق المساهم على الأرباح حيث تنص المادة (191/أ) من قانون الشركات على حق المساهم في الأرباح بصدور قرار الهيئة العامة بتوزيعها.
والفرق بين الأرباح الحقيقية والأرباح الصورية، أن الأرباح تحصل عندما تزيد قيمة الموجودات على قيمة المطلوبات، والخسائر هو العكس بحيث تزيد المطلوبات على الموجودات، وتحدث الأرباح الصورية عندما يتم التلاعب بالأرقام زيادة أو نقصاناً فإخراج ميزانية وحساب أرباح وخسائر غير مطابقين للواقع ويستندان كلياً أو جزئياً إلى تقديرات مصطنعة لموجودات الشركة ومطلوباتها، والتضخيم المفتعل لبعض عناصر الموجودات باعتماد تقييم لموارد غير متحققة unrealized أو باحتساب ديون معدومة أو مشكوك فيها أو بعدم احتساب نسبة الاستهلاك أو بتقليل مبالغ قيّمة لقيمة عناصر المطلوبات، أو توزيع أرباح دون إطفاء للخسائر السابقة أو استقطاعها من رأس المال بطريقة مباشرة أو غير مباشرة كإيجاد فائض مفتعل في الموجودات أو من الاحتياطي الإجباري الذي لم يصل إلى حده المنصوص عليه بالمادة (186) من قانون الشركات الذي لا يجوز وقف الاقتطاع للاحتياطي الإجباري إلا إذا وصل ما يعادل ربع رأسمال الشركة المصرح به أو بإغفال قواعد الاستهلاك، أو بتوزيع لعلاوة الإصدار وهذا التصرف من قبل مجلس إدارة الشركة فعل يُجرمه القانون ويُرتب عليه عقوبة مدنية وجزائية وهذا ما نصت عليه المواد (157، 158، 159) من قانون الشركات الأردني.
فالمسؤولية المدنية تترتب على وقوع الفعل الضار المجيز للمطالبة بالتعويض عنه لأنه خطأ يصيب الشركة المعنية بالضرر فاستجمعت بذلك أركان المسؤولية المدنية، حيث يثبت للشركة المتضررة الحق في التعويض جبراً للضرر، والتعويض هنا هو إعادة للمبالغ الموزعة إلى ذمة الشركة، فأجازت المادة (160) من قانون الشركات الحق للمراقب وللشركة ولأي مساهم فيها إقامة دعواها للمطالبة بالتعويض، وهذه دعوى يمكن أن يرفعها المساهمون الذين خدعهم مجلس الإدارة الذي أوصى بتوزيع أرباح صورية للتغطية على النتائج السيئة لإدارته، ويمكن أن ترفعها الشركة أو المراقب وذلك عملاً بمبدأ ثبات رأس المال.
أما المسؤولية الجزائية فقد اعتبر قانون الشركات الأردني بالمادة (278/5) توزيع أرباح صورية معاقب عليها بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن ألف دينار ولا تزيد عن عشرة آلاف. وعندما رتب المشرع نصاً جزائياً فهدفه تحقيق الحماية المباشرة للمصلحة العامة للمجتمع تشكل حماية للائتمان العام في البلاد وحماية غير مباشرة لمصالح خاصة لدائني الشركة من خلال حماية ثبات رأسمال الشركة الذي هو مناط منحهم الائتمان للشركة.
والفعل المعاقب عليه هو إما تلقي الأرباح الصورية أو توزيعها، ولذلك يعاقب الفاعلون ولو لم يحصلوا على أي جزء من الأرباح الصورية إذا اقتصر عملهم على توزيعها، كما يعاقبون إذا لم يقوموا بالتوزيع لأي سبب ولكنهم حصلوا عليها تحت أي وصف سواء تم ذلك بوصفهم شركاء أو مساهمين لأعضاء مجلس إدارة أو مديرين ووقع المسؤولية الجزائية على كل من يعمل في الشركة بدرجة مدير أو عضو مجلس إدارة إذا حصل أي منهم أو وزع أرباحاً صورية، وعلة شمول النص للمديرين مع أنهم لا يشاركون في اتخاذ قرار توزيع الأرباح هي أنهم قد يحصلون عليها إما كونهم مساهمين باعتبارها حوافز ومكافآت، فأخفوا أمر صورية الأرباح الموزعة. أما بالنسبة لمسؤولية أعضاء مجلس الإدارة فهي حاصلة لأنهم الجهة التي تقدم الميزانية وحساب الأرباح والخسائر ويدافعون عنها ويكونون قناعة الهيئة العامة وهم الجهة الفنية التي تدرك كنه ما تقدمه إلى هذه الهيئة وهم الجهة التي وثق فيها المساهمون عندما تم انتخابهم كأعضاء لمجلس الإدارة بالإضافة إلى المحاسب القانوني الذي يعتبر وكيلاً عن المساهمين فيها وذلك في حدود المهمة الموكلة إليه بما يتوافق وأحكام المادة (199/أ) من قانون الشركات.
اترك تعليقاً