مفهوم الاختصاص العيني
يطلق على الاختصاص العيني ايضا الاختصاص الوقائي او مبدأ عينية القانون الجنائي او صلاحيته الذاتية ويعرف فقهاء القانون الجنائي الاختصاص العيني على انه ( تطبيق القانون الجنائي للدولة على كل جريمة تمس مصلحة اساسية لتلك الدولة بغض النظر عن مكان ارتكابها او جنسية مرتكبها ) وتبدو اهمية هذا المبدأ في انه يصون مصالح الدولة الاساسية التي قد لاتجد نفس الاهتمام من قبل دولة اخرى وذلك باخضاع الجرائم التي تمسها الى تشريعها وقضائها لانها لا تثق بقيام الدول الاخرى بالعقاب عليها لذلك يذهب فقهاء القانون الجنائي الى ان مذهب عينية القانون الجنائي هو مبدأ المصلحة بصورتها المجردة .
وقد نحت التشريعات الجنائية الحديثة الى عد مبدأ الاختصاص العيني مكملا لمبدأ الاقليمية او الشخصية .
وقد ورد ذكر هذا المبدأ في المادة التاسعة من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 شأنه في ذلك شأن التشريعات الجنائية الحديثة من خلال تعيين بعض الجرائم بالذات واخضاعها لنصوص قانون العقوبات بغض النظر عن مكان ارتكابها فنصت على انه (يسري هذا القانون على كل من ارتكب خارج العراق
1- جريمة ماسة بأمن الدولة الخارجي او الداخلي او ضد نظامها الجمهوري او سنداتها المالية المأذون باصدارها قانونا او طوابعها او جريمة تزوير في اوراقها الرسمية .
2- جريمة تزوير او تقليد او تزييف عملة ورقية او مسكوكات معدنية متداولة قانونا او عرفا في العراق او الخارج ) وفيما يخص الفقرة الاولى من المادة التاسعة فانه واستثناء من مبدأ الاقليمية تخضع الجرائم الأتية الى قانون العقوبات العراقي وهي : الجرائم الماسة بأمن الدولة الخارجي كجريمة التجسس والخيانة وتسهيل دخول قوات العدو الى ارض الوطن او الجرائم الماسة بأمن الدولة الداخلي كجريمة التمرد والعصيان او الجرائم المرتكبة ضد النظام الجمهوري كجريمة الشروع بالقوة والعنف الى قلب نظام الحكم الجمهوري .
اما فيما يتعلق بالفقرة الثانية من المادة التاسعة من قانون العقوبات العراقي فان الجرائم الوارد ذكرها فيها تخضع ايضا لاحكامه وهذه الجرائم هي : تزوير السندات المالية المأذون باصدارها قانوناً مثل سندات القرض العراقي وجرائم تزوير الطوابع العراقية سواء كانت بريدية ام مالية وكذلك جرائم تزوير الاوراق الرسمية مثل جوازات السفر او دفاتر النفوس او الهويات الصادرة من السلطات الرسمية او اية ورقة او مستمسك صادر من جهة حكومية رسمية او شبه رسمية فضلا عن جرائم تزوير العملة الورقية او تقليد او تزييف العملة المعدنية العراقية او الاجنبية المتداولة عرفا في العراق او المتداولة قانونا او عرفا في الخارج .
وحسنا فعل المشرع العراقي عندما اخضع هذه الجرائم لسلطان القانون والقضاء العراقي على الرغم من ارتكابها في الخارج لان ذلك يتماشى مع اعتبارات مصلحة الدولة العليا المتمثلة بسيادتها اواستقلالها او أمنها ووحدتها او سلامة نظام الحكم الجمهوري فيها او لانها تتصل بكيانها المالي او الاقتصادي او لانها تخل بسمعتها المالية او بسلامة وثائقها ومحرراتها ويلاحظ ان المشرع العراقي قد ساوى بين جرائم تزوير وتزييف وتقليد العملة العراقية والعملة الاجنبية لان العراق قد انضم الى اتفاقية جنيف الدولية لمكافحة تزييف العملة وفقا للقانون رقم 98 لسنة 1962 رغبة منه في دعم العملة العراقية والمحافظة على متانتها عن طريق مكافحة تزييفها الذي قد يقع في الخارج .
ولا بد لنا من ان نذكر انه لا اهمية لجنسية مرتكب هذه الجرائم ولا اهمية ايضا لمحل ارتكابها فسواء كان الفاعل عراقيا ام اجنبيا وسواء ارتكب الجريمة في العراق او اي جزء من العالم فانه يخضع لسلطان قانون العقوبات العراقي وكذا النتيجة تنطبق حتى وان كان قانون الدولة التي ارتكبت فيها الجريمة لا يعاقب عليها اذ لا اهمية لراي قانون تلك الدولة التي ارتكبت الجريمة على اراضيها حيث تنص المادة 14/ الفقرة 2من قانون العقوبات على انه ( اذا كانت العقوبة المحكوم بها لم تنفذ كاملة او كان الحكم بالبراءة صادرا في جريمة مما ذكر في المادتين 9 و 12 وكان مبنيا على قانون ذلك البلد لا يعاقب عليها جاز اجراء التعقيبات القانونية ضد المتهم امام محاكم العراق) .
ولا بد لنا ان نذكر في هذا المقام ايضا ان الجرائم التي وردت في المادتين 9 و 12 التي نطبق عليها الاختصاص العيني وردت على سبيل الحصر وهذا يعني انه لا يجوز للقاضي ان يضيف لها جرائم اخرى مهما بدا له انها مضرة بالمصالح العليا للدولة .
المحامية / ورود فخري
اترك تعليقاً