الدولة الكونفيدرالية و الدولة الفيدرالية
الدولة الكونفيدرالية هي الدولة التي تقوم بناء على اتحاد دولتين او اكثر بناء على اتفاقية او معاهدة بين حكومات تلك الدول ولذلك سمي هذا الاتحاد بالاتحاد التعاهدي او الاستقلالي حيث تبقى الدول بموجبه محتفظة باستقلالها الداخلي والخارجي اذ يظهر ذلك الاتحاد بتحالف بين دول الاتحاد الغرض من هذا التحالف هو تنظيم بعض القضايا المشتركة كتنسيق الشؤون السياسية او الاجتماعية او الاقتصادية او الدفاعية وغيرها من الامور ذات الاهتمام المشترك بين تلك الدول التي تقوم بانشاء هيئة بموجب المعاهدة التي تم على اساسها التحلف تقوم تلك الهيئة بتنظيم القضايا المشتركة التي تهم الاتحاد ويطلق على هذه الهيئة اسم الجمعية او المؤتمر تضم ممثلين عن الدول الاعضاء في المعاهدة وتقم الهيئة بوضع السياسة العامة للاتحاد بناء على بنود المعاهدة .
ان قيام الدولة الكونفيدرالية تترتب عليه عدة نتائج مهمة هي :
-ان الدول التي تكون الاتحاد تبقى كما قلنا محتفظة باستقلالها الداخلي والخارجي لذلك فان كل دولة من الدول الاعضاء تستقل في تمثيلها الخارجي وسياستها الخارجية اذ تبقى محتفظة بشخصيتها الدولية ولا تذوب في الدولة الجديدة ، وتكون تلك السياسة ملزمة لها وحدها فلها ان تعقد من المعاهدات ماشاءت شرط ان لايتعارض ذلك مع القضايا التي تم تنظيمها استنادا الى معاهدة التحالف .
-وكما ان شخصية الدولة الداخلة في الاتحاد الكونفيدرالي لاتذوب فيه كذلك فانها تحتفظ بكيانها الداخلي فهي تكون مستقلة بنظامها السياسي ونظام وشكل الحكم فيها فمن الممكن ان يتكون الاتحاد الكونفيدرالي من دول متباينة في نظام الحكم فقد يكون بعضها ياخذ بالنظام الجمهوري وبعضها ياخذ بالنظام الملكي ويترتب على الاستقلال الداخلي لدول الاتحاد ان رعايا كل من الدول الاعضاء يحتفظون بجنسيتهم ويعتبرون اجانب بالنسبة لرعايا الدول الاخرى .
-كما انه يجوز لكل دولة عضو في هذا الاتحاد ان تنسحب من الاتحاد متى شاءت حتى لو لم يرد ذكر ذلك في بنود معاهدة التحالف ومن ابرز الامثلة التاريخية على الاتحاد الكونفيدرالي هو اتحاد الولايات المتحدة الامريكية قبل ان يتحول الى الاتحاد الفيدرالي من عام 1776 – 1787 .
اما الدولة الاتحادية او الفيدرالية فهي ايضا ( شكل من اشكال الحكم تكون فيه السلطات مقسمة دستوريا بين الحكومة المركزية او الفيدرالية وبين وحدات حكومية او اقليم صغير وتسمى في بعض الاحيان الولايات ) التي هي عبارة عن وحدات دستورية لكل منها نظامها الداخلي الذي يحدده دستورها ويقسم سلطاتها التنفيذية والتشريعية والقضائية ويكون هذا الوضع منصوصا عليه في دستور الدولة الاتحادية بحيث لايمكن تغييره بقرار من جانب واحد من قبل حكومة المركز .
ويعد الاتحاد الفيدرالي كشكل من اشكال الدولة المركبة منتشراً على نطاق واسع عالميا وهناك ثماني من الدول الكبرى من حيث المساحة يدار الحكم فيها فيدراليا مثل الولايات المتحدة الامريكية ودولة الامارات العربية المتحدة. ويمكن القول ان كتابات المراقبين السياسيين الانكليز ( البرت دايسي وجيمس برايس) قد تركا بصمة على بدايات نظرية الفيدرالية اذ وضع دايسي شرطين اساسيين لتشكيل الدولة الفيدرالية هما : ( وجود عدة دول “وثيقة الارتباط ببعضها محليا وتاريخيا وعرقيا أو ما شابه يجعلها قادرة على ان تحمل- في نظر سكانها- هوية وطنية مشتركة.
والشرط الثاني هو الرغبة الوطنية في الوحدة الوطنية والتصميم على المحافظة على استقلال كل دولة في الإتحاد ) وترتكز الفيدرالية بالدرجة الاساس على توزيع السلطات اذ يقول البروفسور وير : ( هل يجسد نظام الحكم تقسيما كبيرا في السلطات بين المركز والأقاليم وتنسق كل واحدة من تلك الحكومات في إطار صلاحياتها مع الأخرى وتعتمد عليها؟ ، النتيجة الرئيسة لتقسيم السلطات تتمثل في عدم قدرة أي من الحكومتين (المركز- الأقاليم) على ممارسة نفس القدر من السلطة التي كانت ستمارسها في ظل دولة موحدة غير فدرالية ( . وينشا الاتحاد الفيدرالي او المركزي اما باتفاق عدة دول مستقلة على انشاء الاتحاد الفيدرالي او نتيجة تفكك دولة موحدة الى عدة دويلات صغيرة مع رغبة تلك الدول في البقاء ضمن اتحاد فيدرالي وفي كلتا الحالتين فان السلطة تكون مقسمة بموجب الدستور الاتحادي بين الحكومة المركزية ووحدات حكومية اصغر.
ويحدد الدستور الفيدرالي الذي يعتبر بمثابة السلطة العليا التي تستمد منها الدولة سلطاتها الاختصاصات بين السلطات الاتحادية والولايات وتختلف الدساتير الاتحادية تبعا للعوامل التي ساعدت على ظهور الدولة الاتحادية فبعص الدساتير الاتحادية تحدد اختصاصات كل من السلطة المركزية والولايات على سبيل الحصر وهناك دساتير اخرى تحدد اختصاصات الولايات على سبيل الحصر وفيما عداها تترك الى السلطة الاتحادية المركزية باعتبارها صاحبة الاختصاص العام وهناك نوع ثالث من الدساتير ممن يذهب الى تحديد اختصاص الحكومة المركزية على وجه الحصر ويترك الباقي لسلطة الولايات ومعظم الدساتير الاتحادية التقليدية اخذت بهذا الاسلوب كدستور المانيا وسويسرا والولايات المتحدة الامريكية.
المحامية / ورود فخري
اترك تعليقاً