الدفع بعدم التنفيذ
المقــدمـة
إن المعاملات تنوعت وتعددت التعاقدات بين الأفراد نظراً لتطور الحركة الاقتصادية والتجارية والاجتماعية وكثرت الصيغ للعقد الواحد الأمر الذي أريك المتعاقدين وحير الناس حين تعاقدهم وهذا ما يعرضهم لارتكاب أخطاء قانونية أودت بعقودهم ومصالحهم إلى القضاء ، وذلك كله يرجع لعدم توفر الانضباط القانوني بشروط العقد ولعدم صياغة شروطه وفقاً للقانون ، فكان لبد من راعاه مصالح الناس في وضع صيغ للعقود على اختلافها على ضوء أحكام القانون وروحه في إخراج سند التعامل ” العقد ” مطابقاً للقانون الذي يحكم هذا التعامل .
المبحث الأول
الدفع بعدم التنفيذ
المطلب الأول : مفهوم الدفع بعدم التنفيذ
المطلب الثاني : شروط التمسك بالدفع بعدم التنفيذ .
المطلب الثالث : آثار الدفع بعدم التنفيذ .
المطلب الأول
مفهوم الدفع بعدم التنفيذ :-
الدفع بعدم التنفيذ وسيلة لحمل المتعاقد على الوفاء بالتزامه الذي نشأ في عقد ملزم للجانبين . دون إلتجاء إلى حل الرابطة العقدية أي دون إلتجاء إلى طلب الفسخ ، فالدفع يعدم التنفيذ هو رد يبديه أحد المتعاقدين ، على مطالبة المتعاقد الآخر تنفيذ التزاماته إذا كان المطالب بالتنفيذ نفسه مقصراً أو ممتنعاً عن تنفيذ التزامه ، فإذا طلب البائع المشتري بوفاء الثمن وكان البائع لم يقم بتسليم البيع إلى المشتري ، كان للمشتري أن يدفع مطالبة البائع بالثمن ،
أي كان له أن يرد هذه المطالبة ، بأنه لن يقوم بتنفيذ التزامه لان البائع المطالبة ، بأنه لن يقوم بتنفيذ التزامه لان البائع لم ينفذ من جانبه التزامه المقابل لالتزام المشتري ، ولذا يقال أن المشتري يدفع مطالبة البائع ، بعدم تنفيذ هذا البائع لالتزامه ويسمى هذا الرد منه : الدفع بعدم التنفيذ
ومن وجهة نظر أخرى المقصود من الدفع بعدم التنفيذ أنه في حالة إحلال أحد المتعاقدين بالتزامه يجوز للمتعاقد الآخر أن يطلب فسخ العقد وأيضاً يكون له أن لا ينفذ التزامه حتى يقوم المتعاقد الآخر بتنفيذ التزامه وهذا هو الدفع بعدم التنفيذ ، وتبنى نظرية الدفع بعدم التنفيذ على أساس فكره الارتباط بين الالتزامات فالتنفيذ من قبل طرف يكون مقابلاً للتنفيذ من قبل طرف آخر وقد نهى المشرع الفرنسي عن هذا المبدأ في المادة 163 حيث ورد بها ما يلي :
إذا كانت الالتزامات المتقابلة في العقود الملزمة للجانبين مستحقة الوفاء جاز لكل من المتعاقدين أن يمتنع عن تنفيذ التزامه مادام المتعاقد الآخر ممتنعاً عن تنفيذ التزامه المقابل من هذا النص يتبين أنه لا مكان للتمسك بهذا الدفع من أحد المتعاقدين يجب أن يكون هناك التزامات متقابلان ناشئان عن عقد ملزم للجانبين وأن يكون هذان الالتزامان مستحقي التنفيذ أي حالين . إن الدفع بعدم التنفيذ وسيلة لا تستخدم إلا في العقود الملزمة لجانبين ، حيث يقوم التقابل بين التزامات كل من طرفيها .
المطلب الثاني
شروط التمسك بالدفع بعدم التنفيذ
أولاً : أن يكون العقد ملزماً للجانبين :
تقابل الالتزامين كشرط للدفع بعدم تنفيذ أحدهما إذا طولب بتنفيذ الآخر . أمر يقتضيه أن الدفع بعدم التنفيذ وسيله لا تستخدم إلا في العقود الملزمة لجانبين ولا مجال لهذا الموضوع إذا كان العقد ملزم لجانب واحد .
” وإذا قام التقابل بين التزامين ولكن لم يكن مصدرها عقد واحد ملزم للجانبين يجوز لمن يلتزم بتسليم شئ أن يمتنع عن الوفاء بدينه كوسيلة لحمل الدائر على الوفاء بالتزامه المقابل ولكن هذا لا يكون دفعاً بعدم التنفيذ بل ممارسة الحق في الحبس وفقاً لحلم المادة 246 دني أي إذا توافرت شروط الحبس ، فالدفع بعدم التنفيذ مقصور على حالة التقابل بين التزامين ناشئين من عقد ملزم للجانبين ، ولذا امتناع الحائز عن تسليم الشئ الذي بحوزته إلى مالكه بقصد حمل المالك على رد ما يلتزم به مما أنفقه الحائز على الشئ من مصروفات هو حبس وليس دفعاً بعدم التنفيذ “
ثانياً :أن يخل أحد المتعاقدين بتنفيذ التزامه :
لابد أن تكون الالتزامات الناشئة عن العقد مستحقة الأداء وبالتالي فإن الدفع بعدم التنفيذ يقتضي وجود التزامات متقابلة مستحقة الأداء في نفس الوقت وأن يقصر أحد المتعاقدين في تنفيذ التزامه ، أما إذا كانت الالتزامات مؤجلة فإن عدم تنفيذها لا يعتبر إخلالاً بالالتزام . “
ومن ناحية أخرى لا يجوز للمتعاقد أن يتعسف في استعمال حقه في الدفع بعدم التنفيذ فلا يحق له أن يرد مطالبة المتعاقد الآخر له بهذا الدفع ، إذا كان التعاقد الآخر قد نفذ الجزء الأكبر أو الأهم التزامه ولم يبقى عليه إلا جزء يسير أو جزء قليل الأهلية ، وإن أمكن أن يتمتع عن الوفاء بجزء مقابل من التزامه إذا كان قابل للتجربة كوسيلة لحمل الآخر على إكمال الوفاء بالالتزام الذي وقع على عاتقه .
أما إذا كانت الالتزامات مؤجلة فان عدم تنفيذها لا يعتبر إخلالا . فمثلاً إذا أبرم عقد بيع على أن يكون الوفاء بالثمن مؤجلاً فلا يستطيع البائع أن يتمسك بالدفع بعدم التنفيذ في مواجهة المشتري لان التزامه بدفع الثمن مؤجل غير مستحق الأداء ولا يجوز للمتعاقد التمسك بالدفع بعدم التنفيذ إذا استخلص من طبيعة العقد أو من العرف أن التزامه مستحق الأداء قبل الالتزام المقابل .
فمثلاً التزام العامل يجب أن يقوم به قبل التزام رب العمل . ولذا لا يجوز له التمسك بالدفع بعدم التنفيذ .
ولكن إذا تمسك كل المتعاقدين بالدفع بعدم التنفي وامتنع كل منهما عن أن يكون البادئ بوفاء التزامه نتيجة لشكه في نوايا الأخر ، فإن التنفيذ يمكن أن ينظم عندئذ على أساس إيداع الشئ الذي يجب الوفاء به بالمحكمة أو تحت يد شخص محايد في إيصال ما يستحقه كل منهما . إليه وفقاً لما يتم الاتفاق عليه بينهما أو لما يأمر به القاضي إذا وصل النزاع بينهما إلى القضاء .
كيفية التمسك بالدفع بعدم التنفيذ .
الدفع بعدم التنفيذ يعني وقف تنفيذ الالتزام المطالب بتنفيذه طوال الفترة التي لا يتم فيها قبل الوفاء بالالتزام المدفوع بعدم تنفيذه فالالتزام يظل قائماً .
وكذا العقد ، ولكن التنفيذ موقوف حتى يتم التوصل إلى البدء فيه من أحد الطرفين أو منهما معاً في نفس الوقت ، والمتعاقد الذي يمتنع عن التنفيذ أو عن التأخر فيه ” وإذا أنكر أحد المتعاقدين حق المتعاقد الأخر في التمسك بالفع بعدم التنفيذ كأن يدعى أنه نفذ التزامه أو نفذ جزأ ً كبير منه فلا بد من اللجوء إلى القضاء
المطلب الثالث
أثار الدفع بعدم التنفيذ
أولاً : أثار الدفع بعدم التنفيذ فيما بين المتعاقدين:
ينتج عن التمسك بالدفع بعدم التنفيذ وقف تنفيذ التزام التعاقد الذي تمسك به . ووقف تنفيذ الالتزام لا يؤثر على مقدار الالتزام في العقود الفورية ويؤثر في العقود المستمرة ، إذا ترتب عليه نقص في كم الالتزام بمقدار مدة الوقت ، نفي عقد الإيجار يحق للمستأجر أن يتمنع عن دفع الأجرة عن المدة التي لم يتمكن فيها من الانتفاع بالمأجور ، ولا يخول الدفع بعدم التنفيذ الدائن حق امتياز على الشيء محل التزامه إلا أنه يعتبر ضماناً له من خطر إعسار المدين ،
ولا يحق للدائن الاستئثار بغله الشيء المحبوس بل عليه أن يقدم حساباً عنها وعليه التزام بالمحافظة على الشيء المحبوس ، وفق أحكام الرهن الحيازي في نص المادة ” يحق للفريق الأول حبس العقار المرهون لحين سداد الدين وله الحق أيضاً أن يحصل بدلات إيجارات العقار المرهون على أن يقوم بخصم ما أنفقه في إصلاحات العقار ومصروفاته والفوائد وما تبقى يخصم من أصل الدين كما يحق له استعماله شخصياً على أن تقدر قيمة الإيجار “
ولا يتحمل تبعة هلاك الشيء المحبوس إذا هلك أثناء فترة الحبس بسبب أجنبي ، والدفع بعدم التنفيذ لا يقبل التجزئة فيجوز للدائن أن يتمسك به طالما أن المدين لم ينفذ كل التزامه ، ولكن لا يجوز للدائن ذلك إذا كان الباقي من التزام المدين جزءاً يسير ، ويبقى العقد خلال وقفه للضغط على المتعاقد الآخر لكي ينفذ التزامه فإذا نجح الدفع بعدم التنفيذ في ذلك استعاد العقد قوته وتعين على المتعاقدين تنفيذ التزامها .
ثانياً : أثار الدفع بعدم التنفيذ بالنسبة إلى الغير :
المراد بالغير : ” كل من ليس مسئول عن الدين ولكن توجد في حيازته أموال أو حقوق للمدين مثل حائز العقار أو المال المرهون كالعدل في الرهن الحيازي ، والحارس القضائي على أموال المدين المنقول أو غير المنقول فيجوز اتخاذ معاملات التنفيذ في مواجهة هؤلاء.
الدفع بعدم التنفيذ أثره أيضاً بالنسبة للغير .
إذ لا يحتج به في مواجهة المتعاقد الأخر بل في مواجهة الغير فإذا لم يقيم المشتري بدفع الثمن يكون للبائع أن يتمسك بالدفع بعدم التنفيذ في مواجهة المشتري فإذا ما قرر المشتري حقاً للغير على الشيء المبيع بعد التمسك بالدفع بعدم التنفيذ فإنه يسير في مواجهته .
أما إذا كان الغير قد كسب حقه قبل أن يثبت الحق في التمسك بالدفع بعدم التنفيذ فلا يسرى الدفع في حقه .
انقضاء الدفع بعدم التنفيذ
ينقضي الدفع بعدم التنفيذ إذا هلك الشيء محل التزام الدائن كهلاك الشيء المحبوس تحت يد الدائن بسبب أجنبي ففي هذه الحالة يتحمل المدين تبعه الهلاك وإذا منح الدائن المدين أحلاً جديداً بعد حلول ميعاد الوفاء بالتزامه فهذا يدل إلى نزوله عن حقه في الدفع بعدم التنفيذ .
اترك تعليقاً