القانون العماني لحماية المستهلك و منع الاحتكار
طالعتنا إحدى الصحف الإلكترونية في خبرها المنشور بتاريخ 2017/1/25م والذي جاء بعنوان (جهة حكومية تعمل على سحب صلاحيات من حماية المستهلك وتقليصها) حيث جاء في حيثيات الخبر بأن هناك جهة حكومية تقوم حالياً بإنشاء مركز لحماية المنافسة ومنع الاحتكار بدرجة مديرية عامة، بعد سحبه من مظلة هيئة حماية المستهلك بقرار صادر من الأمانة العامة لمجلس الوزراء، وهو ما يُعدّ تعدياً واضحاً على المرسوم السلطاني (2014/67) وتعديًا على صلاحيات الهيئة العامة لحماية المستهلك، وتقليص صلاحياتها – حسب تعبير المصدر.
الخبر بهذه الصيغة يعتبر خبراً صادماً لعامة الناس، وعلى الرغم من عدم وجود تصريح رسمي أو وجود منصة إلكترونية ينشر من خلالها قرارات مجلس الوزراء الموقر، وعلى الرغم من صمت الجهات المعنية كهيئة حماية المستهلك ووزارة التجارة والصناعة، فقد أثار هذا الخبر الكثير من الاستفهامات فهل بالفعل أصدر مجلس الوزراء قراراً بإنشاء مركز لحماية المنافسة ومنع الإحتكار؟ وهل إنشاء المركز وتبعيته لوزارة التجارة والصناعة يعني أنه قد تم سحب البساط من تحت أقدام الهيئة العامة لحماية المستهلك فيما يتعلق بحماية المنافسة ومنع الاحتكار؟ وإن صح الخبر لماذا التخوف من إنشاء مركز يتبع وزارة التجارة والصناعة وليس الهيئة؟
فقانون حماية المنافسة ومنع الاحتكار رقم (2014/67) تمت صياغة نصوصه من قبل الهيئة العامة لحماية المستهلك وقد رفع باسمها كما ذكرت مدير دائرة الإعلام بالهيئة العامة لحماية المستهلك في حسابها الشخصي في تويتر ، حيث صدر المرسوم السلطاني بعد ذلك بعد مروره بمجلس عمان بشقيه مجلس الدولة ومجلس الشورى، وما يهمنا في هذا الموضوع ليس من صاغه ولكن بما احتوته تلك الصياغة من نصوص منظمة فهي الفيصل في هذا الأمر لنقف عند صراحة النصوص المنظمة لحماية المنافسة ومنع والاحتكار، فلغة القانون لا تحتمل أنصاف الحلول وهي واضحة لا لبس فيها ولا تأويل وهذا من محاسن التشريع العماني الرصين.
القانون وفي ديباجة إصداره أشار إلى نظام الهيئة العامة لحماية المستهلك ولم يستند إلى مرسوم تحديد اختصاصات وزارة التجارة والصناعة واعتماد هيكلها التنظيمي، كما أن القانون وضع جملة من التعريفات كالهيئة والمجلس والرئيس وكلها تشير إلى الهيئة العامة لحماية المستهلك وإلى مجلس إدارة الهيئة ورئيسها، كما حددت المادة (6) من القانون على أمر مهم جداً وهو أن اللائحة التنفيذية لقانون حماية المنافسة ومنع الإحتكار هي من تحدد “حالات التحكم أو التأثير في السوق المعنية طبقاً لمعايير تشمل تركيبة السوق و مدى سهولة دخول منافسين جدد أو أي معايير يحددها المجلس”.
كما أن القانون في المادة (11) قد وَسَّدَ للهيئة مهمة فحص الطلبات التي ينتج عنها تركيز اقتصادي يهيمن على السوق بصورة مباشرة أو غير مباشرة، كما أن ضبط المخالفات التي قد تحدث من جراء تطبيق هذا القانون قد أوكل المشرع مهمته إلى الموظفين الذين يحددهم رئيس الهيئة، وبالتالي فإن صلاحية الضبط القضائي وهي صلاحية جداً عالية لموظفي الهيئة ستكون لبحث حالات الاحتكار والتركيز الاقتصادي والتحقيق في أي ممارسات محظورة، كما أن الجهة التي حدد المشرع لها صلاحية تلقي أي بلاغٍ لاتفاقٍ أو إجراءٍ مخالفٍ لهذا القانون يكون للهيئة وحدها دون غيرها.
ونضيف أيضاً بأن القانون قد نص في المادة (28) على أن “يصدر رئيس المجلس اللائحة بعد موافقة كل من المجلس ومجلس الوزراء خلال مدة لا تتجاوز (6) ستة اشهر من تاريخ صدور القانون، كما يصدر اللاوائح والقرارات اللازمة لتنفيذ أحكام هذا القانون” ، ومن خلال هذه النصوص نجد أنها نصوص واضحة لا لبس فيها من أن الهيئة العامة لحماية المستهلك هي صاحبة الاختصاص الأصيل في تطبيق وتنفيذ أحكام قانون حماية المنافسة ومنع الاحتكار، وليس من حق أي جهة أن تنتزع هذه الاختصاصات وهذه الصلاحيات ما لم يتم تعديل أحكام هذا القانون وبذات الأداة التشريعية التي صدرت بها.
وبالتالي وفي ظل عدم صدور تعديل تشريعي في أحكام القانون المشار إليه فإن القول بأن هناك جهة ستسحب الصلاحيات من الهيئة العامة لحماية المستهلك هو قول سابق لأوانه ولا يتفق مع صراحة النصوص التشريعية ولا ينسجم مع المنظومة التشريعية في السلطنة، ولا يتصور عندها أن تُصدر الأمانة العامة لمجلس الوزراء قراراً يخالف كل هذه النصوص التشريعية.
وعلى الرغم من أن الخبر الذي نشرته الصحيفة الإلكترونية قد ركز على إنشاء مركز وليس على التعدي على صلاحيات واختصاصات الهيئة، إلا أنه ليس من المتصور أن يتم انشاء مركز – لم ينص عليه قانون حماية المنافسة ومنع الاحتكار- ليكون تابعاً لوزارة التجارة والصناعة وليس للهيئة العامة لحماية المستهلك، وأنه في حال تم إنشاء هذا المركز ليكون تابعاً لوزارة التجارة والصناعة تبقى هناك تساؤلات أخرى قادمة عن آلية عمل هذا المركز وكيف سيعمل بمعزل عن صلاحيات الضبط القضائي الممنوحة لموظفي الهيئة في هذا الجانب ؟!
وختاماً فقد أرجع هذا الموضوع طرح السؤال مرة أخرى والذي كان مطروحاً سابقاً وهو أين هي اللائحة التنفيذية لقانون حماية المنافسة ومنع الاحتكار والتي كان يتعين صدورها بعد ستة أشهر من صدور القانون، ونحن الآن نتجاوز السنتين وهي بلا ظهور؟!!
شـبـيـب بن نــاصــر الـبــوسعـيـدي
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً