أصول صياغة المذكرات القانونية
يعتبر حق الدفاع حقا أصيلا، وحقا من الحقوق الأساسية التي كفلت جميع الدساتير العالمية بحمايتها لكل متقاضي وذلك أمام جميع الجهات القضائية، سواء كان هذا الدفاع شفويا أو مكتوبا وهذا حق لا غبار عليه وهو أحد الضمانات الجوهرية التي لا تقوم المحاكمة المنصفة بدونه .
وإذا كان الأصل في الدفاع أن يتم شفاهة، إلا أنه يمكن أن يورد كتابة في مذكرات كما هو الحال في القضايا المدنية و التجارية عادة، وكذلك في حالة طلب الدفاع أن يكون دفاعه مسطورا كما هو الحال في القضايا الجنائية .
وإن كتابة المذكرات القانونية لها أصول وقواعد توجب منا الإحاطة بمعالمها وضوابطها ومن المهارات ما يلزم لحسن صياغتها، وذلك لا يتأتى إلا بإتباع منهج علمي صحيح وأسلوب قانوني راق لا يعتريه لبس أوغموض لتحقيق الغاية المنشودة ألا وهي إظهار الحق وعليه فإن إنشاء مذكرة قانونية توحي بالوقار، فإنه يلزم وضعها في قالب صحيح موزون يوحي بقيمتها لدى قارئها .
وإن كتابة المذكرات كما يقول المستشار أنور العمروسي:” أنها فن……يبرز فيه أصحاب الموهبة المجيدون…..فيخلدون ” كما أنها تعتبر أسلوب دفاع مكتوب يلجأ إليه خصوم الدعوى عامة وفي المنازعات المدنية بفروعها المختلفة بصفة خاصة وقد يجول بخاطر القارئ عند قراءته لهذا الموضوع عدة تساؤلات حول مفهوم المذكرة، أهميتها، أسلوب تحريرها ،تمييزها عن باقي الأوراق والمحررات.
لقد اختلفت التعريفات التي تدور حول موضوع المذكرات القانونية ومذكرات الدفاع خاصة فمنهم من يعرفها :” أنها مذكرة كتابية تشمل على دفوع شكلية أو موضوعية تتعلق بالدعوى الجزائية، وتقدم هذه المذكرة أثناء الجلسة بعد الانتهاء من المرافعات لتدعيم الدفوع وتتضمن توضيح أو تصحيح أو تكملة لما دار في الجلسة “.وتتضمن أفكارا تفصيلية يمكن أن تستأنس بها المحكمة أثناء المداولة وإعادة النظر في الوقائع وأدلة الإثبات بما يمكن أن يؤدي إلى إصدار حكم عادل .
وهناك من يعرفها : على أنها “وسيلة تدعم المرافعة الشفوية” .ويبين المستشار العمروسي أن ما تحققه المذكرة من الغايات أولا: أنها شارحة لدفاع الخصم الذي تقدم بها ….واقعيا أو قانونيا…..وكاشفة عن مستنداته….ومفندة لدفاع خصمه، وبيان فساده من الناحية الواقعية أو القانونية إما لعدم اتصالها بالدعوى أو لوقوع تزوير فيها أو لعدم اتصالها بالنزاع ، وفي هذه الحالات يجب أن تحتوي المذكرة على الجديد… فلا تكون ترديدا لما سبق تقديمه في صحيفة الدعوى مثلا إذا كانت من المدعي ومن الأفضل الإحالة إليها في شأن ما تضمنته.
وهذه الغاية هي الأساس الذي تقوم عليها المذكرات أي الشرح و التفنيد ذلك أن الخصومة القضائية تدور على عناصر ثلاثة هي : صحيفة افتتاح الدعوى، و المستندات المقدمة من الطرفين ، والمذكرات المتبادلة بينهما .
إن ما يمكن استخلاصه من هذه التعريفات أن المذكرة مكملة لصحيفة الدعوى وتكون شارحة لما ورد فيها أو مصححة لها أو معدلة للطلبات الواردة فيها أو مكملة للدفاع الشفوي المبدي في الجلسة ، وقد ذهبت محكمة النقض المصرية في قرار لها صادر في20/01/1987 الطعن 5945 لسنة 56 ف :” أنه من المقرر أن الدفاع المكتوب في مذكرة مصرح بها هو تتمة للدفاع الشفوي المبدي بجلسة المرافعة أو هو بديل عنه إن لم يكن قد أبدى فيها”
الفرق بين المذكرة و صحيفة الدعوى :تعتبر صحيفة الدعوى كما يعرفها العمروسي هي : “الإجراء الأول في الخصومة وهي الصيغة الإجرائية لطرح الدعوى أمام المحكمة وهي سبيل اتصال الخصم بها ” .
إذن فصحيفة الدعوى هي الإجراء الأول في الخصومة أما المذكرة فمكملة لها وتبين أدلتها وتكشف عن مستنداتها وقد تصحح ما جاء فيها من دفوع أو طلبات يقرها القانون وقد تفسر أحكاما ونصوصا قانونية بها غموض أولبس وقد تفند ما جاء فيها وتعقب عليها .
وصحيفة الدعوى تفتتح بها الخصومة بينما المذكرة تذكر فيها وسائل الدفاع بغرض إنهائها بمعنى أن صحيفة الدعوى لها صفة الهجوم و المذكرة لها صفة الدفاع .
كما أن صحيفة الدعوى لها دور هو طرح النزاع أمام الجهات القضائية لكن المذكرة لها عدة أدوار :– فهي تشرح ما ورد في الصحيفة شرحا وافيا وتسمى في هذه الحالة (مذكرة شارحة ) وقد تفسر أي غموض وارد بها وتسمى هنا (مذكرة تفسيرية ).وقد تعدل الطلبات الواردة بها وتسمى (مذكرة تعديلية ) وقد تفند ما قد ورد بها وتسمى (مذكرة جوابية ) وقد تكمل الدفاع الشفوي المبدي في الجلسة وتسمى (مذكرة ختامية ) .
وعليه فمجال المذكرة أوسع فهي :
– تشرح الأبعاد الحقيقية للموضوع وغايته في حين تكتفي الصحيفة بالعرض و السرد .
– إن صحيفة الدعوى يتم فيها سرد الجانب النظري للنزاع بينما تقوم المذكرة بترجمة هذا الجانب إلى أرض الواقع أي لها دور تقني
– صحيفة الدعوى تبدى من طرف واحد وهو المدعي أو من ينوبه لكن المذكرة القانونية تقدم من جميع الأطراف المدعي أو المدعى عليه .
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً