“الإشعار للغير الحائز” مسطرة يباشرها المحاسب المكلف بتحصيل دين عمومي، ثابت أو منازع فيه، ضد الملزم الحقيقي أو الذي ينازع في هذه الصفة، بين يدي مؤسسة ثالثة، حائزة، مجبرة، بقوة القانون، بتسليم المبالغ المطالب بها، دون أي تحقيق في الدين الضريبي أو حكم مسبق بل عن طريق مجرد سند ضريبي قد يوجه خطا لغير ذي صفة. تتساوى مع الحجز لدى الغير في حجز المبلغ المطلوب تحصيله جبرا و تختلف معها بانعدام رقابة القضاء على السند موضوع التنفيذ، وبهذا يكون المحاسب المكلف بالتحصيل خصما و حكما.
يعتبر “الإشعار للغير الحائز” إجراء من إجراءات التحصيل الجبري للدين العمومي [1] ، ذلك أن مدونة تحصيل الديون العمومية [2] قد تطرقت له ضمن الباب الثالث المتعلق بالتحصيل الجبري.
سنركز في هذا البحث على ثلاث إجراءات : “آخر اشعار بدون صائر” «Sommation sans frais » أولا، ثم “الانذار” «Commandement » ثانيا و اللذان يكونان المبحث الأول بحكم أنهما إجراءان لابد من سلوكهما مسطريا للمرور لمسطرة ” الإشعار للغير الحائز” « Avis à tiers détenteur » في مبحث ثاني قبل التطرق لحالة تطبيقية فريدة من نوعها بالمبحث الثالث.
المبحث الأول : تعاريف أولية ـ إجراءات سابقة .
المطلب الأول : تعاريف.
إن مصطلح التحصيل « Recouvrement » يحيلنا على مجموعة من المصطلحات الأخرى التي استعملت و تستعمل لنفس الغاية سواء بالنسبة للدين الخاص أو العام، نذكر منها الاستيفاء و الأداء والاستخلاص، و هي كلها تعني عملية نقل الأموال من شخص لآخر سواء رضائيا أو جبريا.
و أن الفضل في استعمال هذا المصطلح لا غيره من المصطلحات المشابهة يرجع للمشرع من خلال مدونة التحصيل، ذلك أن المادة الأولى [3] من نفس المدونة عرفت مصطلح التحصيل تعريفا دقيقا، ورفعا لكل لبس، تطرق الفقه [4] بدوره لهذا التعريف بناء على التعريف الجديد للمدونة.
وقد أكدت المدونة في المادة السابعة على أن: الديون العمومية المدرجة في أوامر المداخيل تستوفى إما رضائيا خلال الفترة الممتدة بين تاريخ الشروع في التحصيل أو الإصدار وتاريخ الاستحقاق [5] و إما باللجوء الى التحصيل الجبري وفق الشروط المحددة بذات المدونة.
المطلب الثاني : شروط التحصيل الجبري ودرجاته.
جعل المشرع للتحصيل الجبري شروطا (أ) و درجات (ب) ثم مساطر استثنائية (ج).
أ ـ شروط التحصيل الجبري.
بقراءة لمقتضيات المادة 36 من المدونة، نجد أن المشرع قد اشترط على المحاسب [6] المكلف بالتحصيل[7] أن يتقيد بمسطرة ” آخر اشعار للمدين دون صائر” [8] « Sommation sans frais » لتكون مسطرة التحصيل قانونية.
ذلك أن المادة 36 من المدونة قد نصت على أنه: “لا يمكن مباشرة التحصيل الجبري إلا بعد إرسال آخر اشعار للمدين دون صائر وتقييد تاريخ إرسال هذا الإشعار في جداول الضرائب والرسوم أو في أي سند تنفيذي آخر و يعتد بهذا التقييد ما لم يطعن فيه بالزور”.
لا يمكننا كباحثين ونحن نقرأ المادة السالفة الذكر إلا أن نعتبر مقتضياتها من النظام العام لورودها بصيغة الوجوب ( لا يمكن مباشرة…..).
و قد اختلف الفقهاء في تفسير هذه المادة والأثر المترتب على عدم ممارستها على الوجه المطلوب من قبل المحاسب المكلف بالتحصيل.
إن المحاسبون المكلفون بالتحصيل و الإدارات [9] التي يحصلون لفائدتها يقرؤون النص قراءة حرفية ويعتبرون أنفسهم ملزمون بإرسال “آخر اشعار بدون صائر” دون إلزامية تبليغه للملزم بالضريبة.
بينما يرى فريق آخر و منه كل الملزمون بالضريبة و كل الشرائح التي تتولى الدفاع و بعض القضاء أن هذا الإشعار يجب تبليغه للملزم بالضريبة.
جاء في قرار لمحكمة النقض (المجلس الأعلى سابقا) “” إن المادة 36 من مدونة تحصيل الديون العمومية تنص على انه لا يمكن مباشرة التحصيل الجبري إلا بعد إرسال آخر إشعار للمدين دون صائر وان المستأنف لم يدل بما يفيد توجيهه لأي إنذار سواء الإنذار دون صائر أو الإنذار القانوني قبل مباشرة الإشعار للغير الحائز “”.
قرار عدد 208 المؤرخ في 08/03/2006 في الملف الإداري القسم الثاني عدد 2195/2/2004.
والأكثر من ذلك، نجد أن محكمة النقض وحرصا منها على حقوق الدفاع كانت حريصة على أن يبلغ الإنذار بدون صائر إلى الملزم قبل مباشرة أي إجراء من إجراءات التحصيل الجبري حتى يعطي للمادة 36 من مدونة تحصيل الديون العمومية قراءة سليمة و أثرا قانوني.
وهذا ما جاء في القرار عدد 53 المؤرخ في 21/02/2004 في الملف الإداري عدد 785/4/2/2003 الذي قضى بـ: ” التحصيل – مسطرته – الإنذار بدون صائر – تبليغه.
عدم ثبوت احترام تدرج إجراءات التحصيل وذلك بتبليغ الإنذار القانوني للمخاطب بالأداء قبل سلوك مسطرة الإكراه البدني إجراءات التحصيل معيبة “.
وحيث أنه من بين شروط التحصيل الجبري للدين العمومي اشترط المشرع مباشرة هذا الأخير بموجب قائمة اسمية بمثابة ترخيص، ذلك أن كل إجراءات التحصيل الجبري، ما عدا الإنذار، يجب أن يحصل بشأنها المحاسب المكلف بالتحصيل على ترخيص من رئيسه المباشر، كأن يحصل القابض على ترخيص من الخازن الإقليمي أو قابض إدارة الضرائب من المدير الجهوي للضرائب.
ب ـ درجات التحصيل الجبري.
قد اشترط المشرع وفقا لمقتضيات المادة 39 من المدونة أن تباشر إجراءات تحصيل الدين العمومي وفق تراتبية الإنذار ثم الحجز ثم البيع وأخيرا الإكراه البدني[10] .
وكنا نتمنى أن يتطرق المشرع الى “الإشعار للغير الحائز” ضمن هذه التراتبية.
سوف نتطرق في هذا الموضوع إلى الإنذار فقط لضرورة حصوله وسلامة مباشرته لتفعيل “الإشعار للغير الحائز”، نشير فقط أن “آخر اشعار دون صائر” (والذي تطرقنا له سلفا) يعتبر إجراء قبليا لابد من سلوكه كذلك لسلامة الإنذار ثم “الإشعار للغير الحائز”.
فالإنذار يعتبر في نظرنا هو ثاني إجراء على رأس قائمة درجات التحصيل الجبري بالرغم من وجوده متصدرا لها وفق مقتضيات المادة 39 من المدونة على اعتبار أن أول إجراء يجب التقيد به هو آخر اشعار بدون صائر وفق مقتضيات المادة 36 من نفس المدونة كما هو مبين أعلاه.
ويلجأ لهذا الاجراء (توجيه الإنذار للملزم بالضريبة) بدون ترخيص مسبق من الرئيس المباشر خلافا لباقي الإجراءات الأخرى كالحجز ولبيع.
وحسب قراءتنا لمقتضيات المواد من 100 الى 104 من المدونة فان المشرع لم يلزم المحاسب المكلف بالتحصيل بالحصول على هذا الترخيص من رئيسه المباشر فيما يخص الإشعار للغير الحائز، إذ تبقى هذه المسطرة من الصلاحيات المطلقة بيده.
ومن جهة أخرى فان الإنذار يرتبط ارتباطا عضويا بآخر اشعار بدون صائر، ذلك أنه إذا انتهى الأجل القانوني للتحصيل الرضائي بدون أداء طوعي من طرف المدين ثم إرسال وتبليغ آخر إشعار بدون صائر للملزم، فان المحاسب المكلف بالتحصيل يلجأ الى الإنذار للوصول للحجز و البيع.
إن أجل [11] تبليغ الإنذار إلى المدين هو بعد مضي ثلاثين يوما ابتداء من تاريخ الاستحقاق وعشرين يوما على الأقل بعد إرسال آخر اشعار بدون صائر.
وقد نصت المدونة بشأن تبليغ هذا الإنذار على مقتضيات خاصة [12] يجب التقيد بها من لدن المحاسبين المكلفين بالتحصيل ونافذة في حق الملزمين خلافا لمقتضيات المسطرة المدنية في باب التبليغ.
تتم مسطرة التبليغ وفق المقتضيات الآمرة المسطرة بالمادة 43 من مدونة تحصيل الديون العمومية، كالتالي:
1 ـ يسلم الإنذار للمعني بالأمر شخصيا إن وجد ويوقع على التوصل على أصل الإنذار.
2 ـ في حالة تعذر تبليغ الإنذار للمدين شخصيا، يسلم الإنذار في ظرف مختوم في موطنه، إلى أحد أقاربه أو خدمه أو مستخدميه أو أي شخص آخر يسكن معه، و يشهد الشخص الذي تسلم الإنذار بالتوصل على أصل الإنذار.
3 ـ وتعتبر بمثابة شهادة تسليم قانونية القائمة المكونة لأصل الإنذار ممهورة بتوقيع الشخص الذي تسلم الإنذار، أكان المدين شخصيا أو احد أقاربه أو خدمه أو مستخدميه أو أي شخص يسكن معه، أو الإنذار الممهور بعبارة ” عجز عن التوقيع” أو ” رفض التوقيع “.
4 ـ إذا رفض المدين أو الشخص الذي يقوم مقامه استلام الإنذار، يشار إلى ذلك على الأصل ويعتبر الإنذار حينئذ مبلغا تبليغا صحيحا في اليوم الثامن الموالي للتاريخ الذي تم فيه رفض استلام الإنذار.
5 ـ في الحالة التي يتعذر فيها تسلم الإنذار نظرا لعدم العثور على المدين أو على أي شخص آخر في موطنه أو محل إقامته يعتبر الإنذار مبلغا تبليغا صحيحا في اليوم العاشر الموالي لتاريخ تعليقه في آخر موطن له.
ان القواعد المسطرة أعلاه تستدعي منا الملاحظات التالية:
1 ـ لا توجد أية ضمانة للملزم للحد من السلطة المطلقة لمؤسسة التبليغ لتضمين ما شاءت على أصل الإنذار.
2 ـ يمارس الأعوان المكلفون بتنفيذ إجراءات التحصيل الجبري تحت رقابة المحاسبين المكلفين بالتحصيل و لحسابهم و بالتالي لا يمكنهم العمل بتجرد و حياد، عكس المفوضين القضائيين الذين يقومون بالتبليغ والتنفيذ للأحكام المكتسية لحجية لأحكام والقرارات القضائية المكتسبة لحجية الشيء المقضي به والغير التابعين للمنفذ لفائدتهم، إذ لا يمكن أن نتخيل أن مأمور التبليغ والتنفيذ التابع للخزينة العامة يرفض أن يدون أن مدينا رفض التوصل والمحاسب المكلف بالتحصيل ـ الذي يبقى رئيسه المباشر ـ له آخر يوم للقيام بالإجراء لتفادي سقوط حقه في التحصيل للتقادم.
3 ـ حينما يصبح الضيف الذي حل عليك منذ بضع دقائق شريكا في عملية التوصل تفقد هذه المسطرة شقها الحقوقي لتصبح عملية إدارية صرفة المراد منها تضمين الإدارة لما شاءت من العبارات ك : ” عجز عن التوقيع” أو ” رفض التوقيع” و ترتب الأثر القانوني على ذلك.
4 ـ إن رفض التوصل وتعذر التبليغ لعدم العثور على الشخص أو على من يقوم مقامه تعتبران من الحالات التي كان على المشرع أن يضيف إليها إجراءات أخرى للتأكد منها قبل ترتيب الجزاء الذي جعله قاسيا وهو “التبليغ الصحيح بعد مضي ثمانية أيام على الرفض و عشرة أيام من التعليق بآخر موطن”.
كان على المشرع أن يبلغ بالبريد المضمون كإجراء ثاني و بالقيم كإجراء ثالث اقتضاء بالقواعد العامة للمسطرة المدنية.
و كان على المشرع كذلك تطبيق مقتضيات المادة 34 من مدونة تحصيل الديون العمومية [13] .
أما فيما يخص الإكراه البدني، فبالإضافة إلى كون الملزم الضريبي يمكن سجنه [14] ، فإن الدين الضريبي لا يسقط بحبس المدين، إلا أنه لا يمكن اعتقاله من جديد من أجل نفس الدين باستثناء إذا كان قد تعهد بالأداء لإيقاف الإكراه البدني وفق مقتضيات المواد 83 و 82 من المدونة.
في هذا الباب، فقد جعلت المدونة مسطرة الإكراه البدني مسطرة قضائية بحيث إن اللجوء إليه أصبح يتم بناء على طلب من المحاسب المكلف بالتحصيل مؤشر عليه من رئيس الإدارة التابع لها هذا الأخير و يوجه هذا الطلب الذي ينبغي أن يعين فيه المدين اسميا الى رئيس المحكمة الابتدائية بوصفه قاضيا للمستعجلات والذي يتعين عليه أن يبث فيه بهذه الصفة داخل أجل ثلاثين يوما ويتولى تحديد مدة الحبس بحسب مبلغ الدين طبقا للتحديد الوارد بالمادة 79 من المدونة و ينفذ الإكراه البدني فورا بمجرد توصل وكيل الملك بالقرار الاستعجالي المحدد لمدة الحبس.
ولا يفوتني بخصوص إسناد المدونة أمر البت في طلبات الإكراه البدني وتحديد مدة الحبس الى رئيس المحكمة الابتدائية بصفته قاضيا للاستعجال أن أشير الى أن ذلك مقرون بمراعاة أحكام المادة 141 من مدونة تحصيل الديون العمومية التي تنص صراحة على أن النزاعات التي تنشأ عن تطبيق أحكام هذه المدونة يجب أن تعرض على المحاكم الادارية الموجودة بالمكان الذي تستحق فيه هذه الديون.
وهل القاضي الابتدائي مؤهل للنظر في سلب الحريات في مادة اسند الاختصاص فيها لقضاء مختص ؟
يرى محمد قصري [15] بأن قاضي المستعجلات بالمحكمة الادارية هو المؤهل للبت في طلبات إيقاف الإكراه البدني، استنادا الى نص المادة 141 من القانون 97.15 التي تنص على أن تعرض جميع المنازعات التي تنشا عن تطبيق القانون المذكور على المحاكم الادارية الموجودة بالمكان الذي تستحق فيه الديون العمومية، و ذلك مع مراعاة الاستثناء المنصوص عليه في المادة 80 من نفس القانون، و الذي يمنح بموجبه الاختصاص بتحديد مدة الإكراه البدني لرئيس المحكمة الابتدائية، و تبقى المحكمة الادارية صاحبة الاختصاص بالنظر في المنازعات التالية لصدور الأمر بتحديد مدة الإكراه البدني سواء الموضوعية منها أو الاستعجالية [16] .
نشير فقط أنه فيما يخص الإكراه البدني في الديون الاتفاقية، فقد عرضت على القضاء المغربي عدة قضايا أثير خلالها موضوع مدى سمو الاتفاقيات الدولية على القانون الوطني من حيث التطبيق [17] قبل دستور فاتح يوليوز 2011، فاتخذت المحاكم في هذا الصدد مواقف متباينة ومختلفة خصوصا وأن المشرع المغربي ينص صراحة في بعض الحالات على مبدأ ترجيح الاتفاقيات الدولية على القوانين الوطنية [18] ، كما أن القضاء رجح في بعض الحالات أيضا تطبيق مقتضيات الاتفاقية على التشريع الوطني [19] ، ومن أهم الإشكاليات التي طرحت موضوع “الإكراه البدني” ذلك أنه بعد مصادقة المغرب [20] على اتفاقية نيويورك الدولية المتعلقة بالحقوق الأساسية والمدنية المؤرخة في 16-12-1966 والتي نصت في فصلها الحادي عشر على أنه “لا يجوز سجن إنسان على أساس عدم قدرته على الوفاء بالتزام تعاقدي فقط” فإن القضاء المغربي اختلف في تطبيق مقتضيات المادة 11 من الاتفاقية المذكورة وبعد صدور القانون رقم 30.06 المعدل لظهير 20 فبراير 1961 بشأن مباشرة الإكراه البدني في القضايا المدنية [21] ، فإن هذا القانون وإن كان قد وضع حدا للخلاف القضائي السالف الذكر بشأن سمو الاتفاقية الدولية على القانون الوطني، وذلك بملائمة التشريع الوطني مع مقتضيات الاتفاقية الدولية بخصوص موضوع الإكراه البدني، إلا أن هذا القانون بالصياغة التي ورد بها يفسح المجال لطرح عدة تساؤلات بشأن نطاق تطبيقه، ذلك أن هذا القانون، وإن كان يبدو من خلال عنوانه أنه حسم مشكل تطبيق مسطرة الإكراه البدني في القضايا المدنية، إلا أنه حينما حصر نطاق تطبيقه في حالة عدم القدرة على الوفاء بالتزام تعاقدي [22] وأحال فيما يخص إثبات حالة العسر على المادة 635 من قانون المسطرة الجنائية، فقد تولد عن العمل القضائي تساؤل يدور حول مدى إمكانية اعتبار الصعوبات التي تمر بها المقاولات بصفة عامة وخصوصا بعد فتح مسطرة التسوية القضائية مثلا بمثابة حالة عسر أو عجز الأداء يبرر عدم تطبيق مسطرة الإكراه البدني ، وهذه الحالة إن كان يصعب من الناحية النظرية تصور حدوثها إلا أن الناحية العملية أكدت إمكانية وقوع ذلك.
ويجب في هذا الإطار حسم هذا التذبذب الذي يعرفه موقف القضاء بخصوص سمو الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب على التشريع المغربي تنزيلا للدستور [23] الجديد للمملكة.
ان مسطرة “الإشعار للغير الحائز” تتخلل كل ما سبق تحليله وترتبط به بل تصح بصحة المساطر القبلية وتبطل ببطلانها.
المبحث الثاني : الإشعار للغير الحائز.
المطلب الأول : التعريف و مجال التطبيق و الآثار.
1 ـ التعريف.
إن المشرع لم يعرف “الإشعار للغير الحائز” تعريفا مستقلا بل تطرق اليه في الباب الخامس من المدونة المعنون بالتزامات المودع لديهم والأغيار الحائزين، و استعمله بطريقة مباشرة بالمادة 101 من المدونة على شكل طلب يوجه المحاسبين العموميين والمقتصدين و المكترين وكل الحائزين أو المدينين الآخرين بمبالغ يملكها أو ينبغي أن تعود لفائدة الملزمين بالضرائب والرسوم والديون الأخرى المتمتعة بامتياز الخزينة أن يدفعوا وفاء عن الملزمين، بناء على طلب المحاسب المكلف بالتحصيل على شكل “إشعار للغير الحائز” الأموال التي يحوزونها أو التي يدينون بها وذلك في حدود المبالغ الواجبة على هؤلاء الملزمين.
وبمعنى آخر أن الحائز لأموال المدين الضريبي يجب عليه تحت طائلة العقوبة المسطرة بالمادة 104 [24] من نفس المدونة أن يسلم فورا [25] المبالغ التي في حوزته في حدود طلب المحاسب المكلف بالتحصيل إلى هذا الأخير بناء على السند الضريبي الذي أراده المشرع أن يكون سندا تنفيذيا.
جاء في قرار لمحكمة النقض ما يلي [26] ” وحيث أن الأمر يتعلق بإجراء قانوني يلزم المحجوز لديه بعدم إخراج الأموال المذكورة إلا بعد أداء الديون التي تتمتع بالامتياز، وهو بمثابة حكم حائز لقوة الشيء المقضي به”.
من جهة أخرى يمكن للغير الحائز دفع مسؤولية المادة 104 أعلاه عن طريق “التأكيد على أن المبالغ المعنية وقع الحجز عليها من طرف جهات أخرى تتمتع بحق الامتياز، أو أنه سبق له التوصل بإشعار سابق للغير الحائز يجب أن يؤدي بالأسبقية [27] ، وفي هذه الحالات يجب تقديم الحجة المثبتة لذلك” [28] .
وفي حالة عدم امتثال الأغيار الحائزين بالتسليم الفوري، تحل مسؤوليتهم محل مسؤولية المدينين الضريبيين على سبيل التضامن ويصبحون خاضعين لكل إجراءات التحصيل الجبري ما عدا الإكراه البدني تطبيقا لمقتضيات المادة 104 من مدونة التحصيل.
بينما التشريع الفرنسي فانه لا يسمح للمحاسب المكلف بالتحصيل بإجبار الغير على التسليم إلا بعد انقضاء أجل شهرين المفتوحة في وجه الملزم للتعرض، فالمشرع الفرنسي يميز بين تاريخ الإشعار و تاريخ الإجبار، و هو التمييز الغير الوارد في مدونة تحصيل الديون العمومية.
2 ـ نطاق التطبيق.
ميز الأستاذ عبد الرحيم الكنبداري [29] بين :
1 ـ تطبيق الإشعار للغير الحائز من حيث الديون : يهم هذا الاجراء كافة الديون المتحملة بشكل مشروع من لدن المحاسب المكلف بالتحصيل، بغض النظر على العيوب التي قد تكون مستها في مرحلة الوعاء، سواء من ناحية المشروعية أو من الناحية المسطرية شرط أن تكون مستحقة في تاريخ تبليغ الإشعار.
وجب التذكير أنه لا يمكن قانونا مباشرة مسطرة الإشعار للغير الحائز قبل تبليغ الإنذار كما تم بسط ذلك سلفا.
2 ـ تطبيق الإشعار للغير الحائز من حيث الأموال: يتعين حيازة الأموال لدى الأغيار في حدود مبلغ الدين الضريبي المبين في الإشعار، وعند عدم كفايتها، في حدود ما يحوزه هؤلاء الأغيار، ينصب الإشعار للغير الحائز على الأموال فقط دون القيم المنقولة، كما يمتد مفعوله الى الديون بأجل التي ستؤدى بعد تبليغ الإشعار مثل الأكرية والكمبيالات وغيرها، و إلى الديون المشروطة التي للمدين على الأغيار الحائزين التابعين، من قبيل الأجور والصفقات العمومية، تطبيقا لمقتضيات المادة 102 من مدونة التحصيل.
3 ـ تطبيق الإشعار للغير الحائز من حيث الأشخاص: ينقسم الأشخاص الذين يباشر الإشعار للغير الحائز في مواجهتهم الى فئتين: فئة ملزمة بأداء المبالغ المودعة لديهم بصفة تلقائية (المادة 100 من المدونة)، و بصرف النظر عن وجود تعرض من لدن المدين أو الغير، وفئة ملزمة بأداء المبالغ الحائزة لها بناء على طلب المحاسب المكلف بالتحصيل (المادة 101 من المدونة) على شكل اشعار للغير الحائز.
3 ـ الآثار.
خلافا للحجز لدى الغير، فانه لا وجود لمسطرة الاتفاق الودي وتوزيع الأموال المحجوزة بموجب الإشعار للغير الحائز، و”الغير الحائز” غير ملزم أصلا بالإدلاء بتصريحه الايجابي أو السلبي بل لا يمكنه حتى إبداء أية ملاحظة بهذا الخصوص أو تحفظ وإنما التسليم الفوري للمبالغ المحجوزة بين يديه الى المحاسب المكلف بالتحصيل وفق مقتضيات المادة 102 من المدونة.
بينما في مسطرة الحجز لدى الغير والتي لها نفس الغاية ـ وإنما بخصوص ديون أشخاص القانون الخاص ـ فإن هناك مسطرتان منفردتان: المسطرة الأولى تعقل الأموال بين يدي المحجوز بين يديه و بناء على أمر قضائي وهي الحجز لدى الغير والمسطرة الثانية وهي المصادقة على الحجز حيث تعقد جلسة الاتفاق الودي وإن كثر الحاجزون ولا يمكن تسليم الأموال للمحجوزة لفائدتهم (الدائنون) إلا بوجود حكم قضائي نهائي.
وعليه يمكننا أن نخلص إلى أن الإشعار للغير الحائز هو إجراء تنفيذ لفائدة أشخاص القانون العام الذين يتوفرون على امتياز بخصوص ديونهم وهو، كما قال الأستاذ عبدالرحيم الكنبداري [30] “إن الإشعار للغير الحائز مؤسسة استحدثت نتيجة تحوير وتطويع المشرع لمؤسسة قانونية موجودة أصلا، وهي الحجز لدى الغير مع إضافات ترمي الى تجاوز نقائص هذه المؤسسة والاستفادة من مكامن قوتها لتغدو أكثر فاعلية و نجاعة، خدمة لهدف اقتصادي محض هو استخلاص الديون العمومية بأقل تكلفة”.
نتفق مع الأستاذ الكنبداري في التطويع و نختلف معه في تجاوز النقائص والفعالية و النجاعة والهدف الاقتصادي، لأنه لا يمكن القفز على الضمانات لتحقيق بعض الأهداف كيفما كان نوعها.
المطلب الثاني : المنازعات القضائية المثارة .
1 ـ اختصاص قضاء الموضوع / المنازعة في مشروعية الإشعار.
إن الارتباك الذي عرفته المدونة وهي تتطرق للإشعار للغير الحائر حيث لم تدرجه ضمن تراتبية إجراءات التحصيل وفق المادة 39 وجعلته في باب بعنوان “التزامات المودع لديهم و الأغيار الحائزين” هو الذي جعل القضاء يطرح تحديد طبيعة المنازعة القضائية يشأن الإشعار للغير الحائر: هل هي منازعة وقتية يختص بالبث فيها قاضي المستعجلات؟ أم هي منازعة في الموضوع يرجع فيها الاختصاص لمحكمة الموضوع ؟
إن المشرع المغربي قد اقتضى باتجاه القضاء الفرنسي [31] الذي اعتبر “الإشعار للغير الحائز” بمثابة تصديق على الحجز وحائز لقوة الأمر المقضي به والمتسم بطابع التنفيذ.
ذلك أن توجه القضاء المغربي اعتبر أن الإشعار للغير الحائز حجزا تنفيذيا حسب الثابت من القرارات التالية:
إن “الإشعار للغير الحائز” يعتبر حجزا تنفيذيا، وعليه فإن قاعدة “تدرج المتابعات” تبقى لازمة ويترتب على عدم احترامها بطلان الإشعار.
جاء في أمر صادر عن رئيس المحكمة الابتدائية بالرباط ما يلي ” وحيث إن الحجز بواسطة الإشعار للغير الحائز يعتبر في حد ذاته حجزا تنفيذيا على أموال المدين، ومن تم يشترط أن ينصب على أموال خاصة المدين دون غيره، وأن تحترم بشأنه قاعدة تدرج المتابعات كما هي منصوص عليها في القانون 97/15 من توجيه للإشعار بدون صائر، وتبليغ قانوني للإنذار الضريبي قبل الحجز، و أن كل إخلال بهاته الشروط يجعل إجراء الحجز غير مبرر “” [32] .
أما فيما يخص المنازعة في بطلان مسطرة “الإشعار للغير الحائز” فان القضاء لا يمكنه النظر إليها إلا بالتفحص والتدقيق والتقييم والمساس بالجوهر وهي بالتالي تكون من اختصاص قضاء الموضوع، جاء في قرار [33] لمحكمة النقض ما يلي ” … حيث إن مناط انعقاد اختصاص قاضي المستعجلات هو توفر عنصر الاستعجال في النازلة وعدم المساس بما يمكن أن يقضى به في الجوهر، و حيث ان الطلب يهدف الى رفع الإشعار للغير الحائز، وهو طلب يشكل منازعة جوهرية تقضي النظر في مشروعية إجراء التحصيل المتخذ و هو يخرج عن اختصاص قاضي المستعجلات و يكون الأمر لما قضى بخلاف ذلك واجب الإلغاء “.
و قد أجمع القضاء المغربي على أن المنازعة في صحة أو مشروعية مسطرة “الإشعار للغير الحائز” من اختصاص قضاء الموضوع لأنها إما منصبة على تدرج الإجراءات و مدى احترامها من قبل المحاسب المكلف بالتحصيل أو منصبة على مشروعية الضريبة موضوع الإشعار أو منصبة على صفة الملزم بالضريبة و كلها منازعات يفترض فيها المساس بالجوهر و بالتالي تخرج عن اختصاص القضاء الاستعجالي الذي ينظر ظاهر النزاع ولا يمس بالجوهر.
جاء في قرار [34] صادر عن محكمة الاستئناف الإدارية بمراكش ما يلي: “” حيث لئن كان إجراء الإشعار للغير الحائز المخول للقابض اللجوء اليه تطبيقا للمادة 101 وما بعدها من مدونة تحصيل الديون العمومية، هو إجراء تنفيذي استثنائي يعتبر النزاع بشأنه ـ كما هو الشأن بالنسبة للمنازعة في باقي إجراءات التحصيل الأخرى ـ نزاعا موضوعيا لا يختص به قاضي الاستعجال، نظرا لمساسه بجوهر النزاع، فان البث في مشروعيته، التي أثارها الطرفان بمقتضى الطعن بالاستئناف …… هو من قبيل المنازعة الموضوعية التي من شأن البث فيها التعرض لجوهر المنازعة و هو أمر خارج عن اختصاص قاضي الاستعجال “”.
2 ـ اختصاص القضاء الاستعجالي.
ان القضاء الاستعجالي لا يمكنه الاختصاص في المنازعة في “الإشعار للغير الحائز” سواء من حيث المشروعية أو من حيث الاخلالات المسطرية التي تشوبه، ويختص حينما يتعلق الموضوع بإيقاف المسطرة مؤقتا (أي مسطرة الإشعار للغير الحائز).
ذلك أن المنازعة الجدية في الضريبة (في الموضوع) تمكن الملزم من التقدم بطلب استعجالي مستقل رامي الى إيقاف إجراءات التحصيل الى حين صيرورة المنازعة نهائية، بما في ذلك إجراءات التحصيل بواسطة “الإشعار للغير الحائز”.
في هذا الباب، عللت المحكمة الادارية بالدار البيضاء أمرها [35] بما يلي: “” وحيث ان الإشعار للغير الحائز حسب مقتضيات المواد 100 وما بعدها من مدونة التحصيل يترتب عنه التسليم الفوري للمبالغ المحجوزة وبالتالي استخلاص الدين الضريبي في أي وقت، الشيء الذي تكون معه حالة الاستعجال متوفرة في النازلة خلافا لما يدعيه المدعى عليه……. وحيث ان الضرائب المذكورة تكون مشمولة بالإشعار للغير الحائز المتحدث عنه سابقا مما يكون معه الطلب بخصوص هذه السنوات جدي “”.
وجاء في أمر صادر عن السيد رئيس المحكمة الإدارية بالرباط ما يلي: “” وحيث أن الثابت من أوراق الملف ومستنداته…. أن من شأن الاستمرار في إجراءات التحصيل إحداث أضرار بالطالبة يصعب تدارك نتائجها أو درؤها بالمسطرة القضائية العادية في حالة التنفيذ عن طريق تفعيل مسطرة الإشعار للغير الحائز و تحويل المبالغ المحجوزة لحساب المطلوب ضده، مما يجعل طلب إيقاف تنفيذ مسطرة الإشعار للغير الحائز مؤسسا و يتعين الاستجابة له “”.
وعلى غرار الإشعار للغير الحائز فان مواجهة المدين بالإنذار بالتحصيل يشكل حالة استعجال تبرر اللجوء الى قاضي المستعجلات بالمحكمة الادارية لاستصدار أمر بإيقاف تنفيذه.
3 ـ إيقاف مسطرة الإشعار للغير الحائز ـ التظلم.
من بين الإشكاليات العملية التي تطرح في الواقع نقف على وجوب مسطرة التظلم من عدمها فيما يخص رفع دعوى إيقاف مسطرة الإشعار للغير الحائز.
فعلا، ان وجوب مباشرة التظلم قبل اللجوء للقضاء يفقد هذه الضمانة القانونية والقضائية لبها وروحها، لذلك فقد استقر القضاء على ما يلي ” سلوك مسطرة التظلم الاداري قبل الالتجاء الى القضاء المستعجل لرفع الحجز يعتبر غير لازم لتعارضه مع حالة الاستعجال التي يفرضها هذا الإجراء والتي لا تتحمل بطبيعتها الانتظار وتقتضي عرض النزاع على القضاء بأقصى سرعة ممكنة وبالتالي، فان احترام المسطرة يسري على الدعاوى الموضوعية دون الاستعجالية”” [36] .
المبحث الثالث : حالة تطبيقية.
نطرح سؤالا أوليا : ماذا لو تقاعس المحاسب المكلف بالتحصيل ولم يطالب المحجوز بين يده أو “”الغير الحائز” بتسليم المبالغ التي في حوزته؟ وهل يمكن أن نتخيل أن “الإشعار للغير الحائز” الذي يبلغ لـ “الغير الحائز” بواسطة طلب بسيط يمكن التخلي عنه ليترك المدين الضريبي معلقا ؟
في نازلة بالدار البيضاء طالب مالك أصل تجاري ، المسير الحر بأداء ما بذمته من أكرية فلم يستجب هذا الأخير.
تقدم المالك بمقال رام إلى الأداء أمام القضاء التجاري وحكمت له المحكمة [37] بما طلب لتخلف المسير الحر، استأنف المسير الحر هذا الحكم مطالبا بإلغاء الحكم المستأنف بعلة أنه توصل بإشعار للغير الحائز من الخزينة العامة للمملكة بأداء مبلغ 490.540,83 درهم وعليه لا يمكنه تسليم الأكرية لمالك الأصل التجاري، في الوقت نفسه نازع مالك الأصل التجاري في الضرائب موضوع الإشعار للغير الحائز وحكمت [38] المحكمة الإدارية بالدار البيضاء بـ: “” سقوط المطالبة في استخلاص الضريبة العامة على الدخل برسم السنوات …….. و ضريبة البتانتا بخصوص سنوات ……. لوقوع التقادم وترتيب الآثار القانونية على ذلك””.
في الوقت الذي كان فيه الملف رائجا أمام محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء، بادر مالك الأصل التجاري الى استفسار المحاسب المكلف بالتحصيل في هذا الشأن فأجابه هذا الأخير بما يلي :
« Le percepteur, soussigné, atteste par la présente que Mr …., objet de l’opposition n° … du … sur les créances de Mr ….., n’a jamais versé, à ce jour, aucune somme à la perception Casa Beausite.
Cette attestation est délivrée, à Maître ….., pour servir et valoir devant les tribunaux de Casablanca ».
وخوفا من تملص المسير الحر من أداء ما بذمته سواء للقابض أولمالك الأصل التجاري، بادر هذا الأخير لإنذار القابض بهذه الوضعية بواسطة إنذار قضائي [39] جاء فيه: ” بناء على الطلب المقدم من طرف المدعي ……. الجاعل محل المخابرة معه بمكتب الأستاذ ……………. والمسجل بتاريخ 18/08/2011 ……. و الرامي الى استصدار أمر بانتداب أحد المفوضين القضائيين تكون مهمته التوجه إلى:
قابض …………………..
الكائن ب……………………………………………
وذلك من أجل :
1 / استفسار المسؤول هناك عن الإشعار للغير الحائز رقم …… بتاريخ ……. الموجه إلى المسير المسمى …… وعن صحته وتاريخ توصل هدا الأخير به.
2/ استفساره عن الأداءات التي قد يكون قام بها المسير الحر المسمى …….. لفائدة قباضة …… إن وجدت وعن قيمتها مع تسليمه بيانا مفصلا بذلك إن اقتضى الحال.
3/ استفساره عن سبب عدم تفعيل الإشعار المذكور منذ 05/01/2006 إلى غاية اليوم .
4/ تذكيره بمقتضيات المادة 102 من مدونة تحصيل الديون العمومية التي تنص على انه “” يترتب على الإشعار للغير الحائز، التسليم الفوري للمبالغ الموجودة في حوزة الأغيار المشار إليهم في المادتين السابقتين، في حدود مبلغ الضرائب والرسوم والديون الأخرى المطلوب أداؤها ……….””.
5/ إنذاره في حالة عدم استخلاص أية مبالغ في إطار الإشعار للغير الحائز أن ذلك يلحق أضرارا بليغة بالعارض المحروم من واجبات التسيير الحر من جهة، ومن جهة أخرى حول تراكم الواجبات الضريبية وزياداتها بسبب عدم تفعيل الإشعار للغير الحائز الموجه للمسير الحر منذ 05/01/2011.
6/ إنذاره أن قباضة ….. تتحمل وحدها المسؤولية في عدم تفعيل الإشعار للغير الحائز واستخلاص المبالغ في إطاره من المسير الحر في حالة اختفاء هذا الأخير أو استغنائه بسوء نية عن استغلال الأصل التجاري دون أداء ما بذمته.
7/ إنذاره بان مالك الأصل التجاري السيد ….. يعتبر أنه قد أدى لقباضته مبلغ 517.500،00 درهم على اعتبار انه لا يمكنه مطالبة مسير الأصل التجاري السيد …… بدلك تطبيقا للمواد 102 و 103 و 104 من مدونة تحصيل الديون العمومية.
8/ تحرير محضر رسمي بذلك للرجوع إليه عند الحاجة.
وحيث أنه بعد اطلاعنا على الطلب والغاية منه تبين لنا كونه يندرج ضمن مقتضيات المادة 148 من قانون المسطرة المدنية مما ارتأينا معه الاستجابة له في حدود الاستجواب.
لهذه الأسباب
نصرح بالموافقة على الطلب في حدود الاستجواب عن مدى وجود اشعار للغير الحائز في اسم ….. بتاريخ 05/01/2006 رقم …. و تاريخ توصله به، وعن الأداءات التي تمت في إطاره ان تحققت مع الاستفسار عن مدى تفعيل الإشعار للغير الحائز المذكور، وتحرير محضر مفصل بكل ذلك “”.
وتم تنفيذ الأمر المشار اليه أعلاه، حيث جاء في جواب القابض ما يلي :
“” يشرفي أن أخبر سيادتكم أن القباضة سبق لها أن طلبت من السيد ………… باعتباره مدينا للخزينة العامة بمبالغ ضريبية أداء ما بذمته الا أنه لم يستجب، مما دفع القباضة المكلفة بالتحصيل الى مباشرة الإشعار للغير الحائز في حق المكتري توصل به بتاريخ 14/12/2007 وذلك طبقا لمقتضيات المادة 101 من مدونة تحصيل الديون العمومية التي تلزم المكترين بأن يدفعوا للمحاسب العمومي الأموال الموجودة في حوزتهم لفائدة المكرين وذلك فور تسلمهم الإشعار للغير الحائز طبقا لمقتضيات المادة 102 من نفس المدونة، غير أنه رغم ذلك لم يستجب المكتري للإشعار المذكور الى يومنا هذا، الشيء الذي يجعله مسؤولا عما يترتب عن ذلك ما دام القانون يلزمه بالاستجابة للإشعار للغير الحائز.
هذا وقد حاولنا أكثر من مرة الاتصال بالمكتري ومطالبته بالاستجابة للإشعار للغير الحائز وإلزامه بأداء المبالغ الموجودة في حوزته لفائدة المدين بالضرائب، بالرغم من أن المادة 104 من مدونة تحصيل الديون العمومية لم تلزم المحاسب العمومي بمتابعة المكترين الذين لم يستجيبوا للإشعار للغير الحائز بل منحتهم حق اختيار متابعتهم وهو ما يتضح من نص المادة 104 التي جاء فيها “”يمكن إلزام الحائزين …. ‘” الا أنه لم نتمكن من إيجاد المكتري مما حال دون تفعيل الإشعار للغير الحائز، و نحن الآن في إطار البحث عن عنوانه وعن رقم حسابه البنكي، ورقم رسم عقاره، ان كان له فعلا حساب أو عقار للحجز عليهما من أجل إلزامه بالأداء و تفعيل الإشعار للغير الحائز، وفي هذا الإطار نلتمس من السيد ……… ان أمكن ذلك موافاتنا بأية معلومات من شأنها أن تمكننا من الوصول الى المكتري لتفعيل الإشعار للغير الحائز، و تحصيل الديون العمومية “”.
و حيث أمام جواب القابض و إقراره أنه لم يتسلم أية أداءات من المسير الحر ( الذي يبقى مدينا لمالك الأصل التجاري بالواجبات الكرائية) التمس مالك الأصل التجاري إدخال القابض في الدعوى الرائجة أمام محكمة الاستئناف.
وحيث أن محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء قررت [40] ما يلي : “” في الشكل : بقبول الاستئناف والطلب الإضافي، و عدم قبول إدخال الغير في الدعوى و تحميل رافعه الصائر.
في الجوهر : باعتبار الاستئناف وإلغاء الحكم المستأنف والحكم من جديد برفض الطلب وتحميل المستأنف الصائر وبرفض الطلب الإضافي و تحميل رافعه الصائر””.
و حيث أن محكمة الاستئناف عللت قرارها بما يلي:
1 ـ فيما يخص طلب إدخال الغير في الدعوى “” حيث أن الثابت قانونا أن إدخال أي شخص في الدعوى ولأول مرة أمام محكمة الاستئناف غير مقبول إذ من شأنه أن يحرمه من درجة من درجتي التقاضي، ويمس بحقوق دفاعه مما يبقى المقال أعلاه مختلا ويتعين عدم قبوله “”.
2 ـ في الموضوع “” وحيث انه بخصوص الدفع المتعلق بكون إدارة الضرائب أندرت المستأنف بمقتضى اشعار مؤرخ في 14/12/2007 بأداء مبلغ 490.540,83 درهم قيمة الضرائب المترتبة عن المحل موضوع النزاع، وقامت بحجز المبالغ المستحقة عليه من الأرباح الموجودة بين يديه، فانه يبقى دفعا وجيها على اعتبار أن الثابت من الإشعار الضريبي المتوصل به من طرف المستأنف أنه يلزم هذا الأخير بأداء مبالغ الكراء الشهرية المتعلقة بالمحل العائدة للمستأنف عليه لفائدة إدارة الضرائب.
وحيث أنه طبقا لمقتضيات المادة 100 من مدونة تحصيل الديون العمومية، فانه ” يتعين على المكترينوكل الحائزين أو المدينينالآخرين بمبالغ يملكها أو ينبغيأن تعود لفائدة الملزم بالضرائب و الرسوم والديون الأخرى المتمتعة بامتياز الخزينة العامة، أن يدفعوا وفاء عن الملزمين،بناء على طلب المحاسبالمكلف بالتحصيل على شكل اشعارللغير الحائز، الأموال التي يحوزونها أو التي يدينون بها، وذلك في حدود المبالغ الواجبة على هؤلاء الملزمين””.
وحيث ان المبلغ المطالب به من إدارة الضرائب يفوق مبلغ الواجبات المطالب بها من طرف المستأنف عليه.
وحيث أنه طبقا للمعطيات القانونية أعلاه فان المستأنف عليه الملزم بأداء الضرائب عن المحل موضوع الكراء لا يحق له أن يطالب المستأنف بالواجبات الكرائية التي أصبحت بمجرد اشعار الغير الحائز (المستأنف) مستحقة التسليم فورا لإدارة الضرائب.
وحيث أن المستأنف عليه في غياب إدلائه بما يفيد أداء الضريبة موضوع الإشعار أعلاه أو رفع الحجز عنها بين يدي المستأنفة أو إلغائها قضائيا، فان مطالبته الابتدائية و الإضافية تبقى على غير أساس.
وحيث انه تبعا لذلك يتعين إلغاء الحكم المطعون والحكم من جديد برفض الطلب “”.
خلاصة .
وتبعا لما سلف بيانه و تمحصه أعلاه واستحضارا لمقتضيات المادة 102 من مدونة تحصيل الديون العمومية التي تنص على أنه ” يترتب على الإشعار للغير الحائز، التسليم الفوري للمبالغ الموجودة في حوزة الأغيار المشار إليهم في المادتين السابقتين…”.
و وقوفا على جواب القابض الذي صرح أنه “” بالرغم من أن المادة 104 من مدونة تحصيل الديون العمومية لم تلزم المحاسب العمومي بمتابعة المكترين الذين لم يستجيبوا للإشعار للغير الحائز بل منحتهم حق اختيار متابعتهم وهو ما يتضح من نص المادة 104 …””.
و استحضارا للتصرفات التي يمكن لمسير الأصل التجاري أن يقوم بها كالتخلي عن العلاقة الكرائية بتسليم المفاتيح لمالك الأصل و الاختفاء عن الأنظار.
ماذا سيكون مصير المبالغ التي كان يتوجب على مسير الأصل التجاري تسليمها فورا، ما تخلد بذمته وشهرا بشهر للقابض الذي تقاعس عن هذه المطالبة بل جعل لنفسه الخيار بهذا الشأن ؟؟ هل ستبقى محجوزة و كفى ؟؟
وهل في هذه الحالة سيضطر مالك الأصل التجاري الى متابعة الخزينة العامة للمملكة لأنها من جهة لم تجبر مسير الأصل التجاري على الأداء بالرغم من كونه لا ينكر أنه حائز ولا تترك له المجال لاستخلاص دينه مباشرة من المسير الحر ؟؟.
انه تعسف من نوع آخر بل حالة شرود بخصوص مسطرة “الإشعار للغير الحائز”.
المراجع :
1 ـ ” العمل القضائي والمنازعات الضريبية”، دفاتر المجلس الأعلى، العدد 8/2005.
2 ـ ” قواعد التقاضي في المادة الضريبية” منشورات مجلة الحقوق المغربية ـ سلسلة دراسات قضائية، الإصدار الثالث، 2010، حياة البجدايني.
3 ـ ” المنازعات الجبائية المتعلقة بربط و تحصيل الضريبة أمام القضاء المغربي” ذ/ محمد قصري، الطبعة الثانية 2009.
4 ـ ” العمل القضائي في المنازعات الضريبية بين مواقف محاكم الموضوع و توجهات المجلس الأعلى ” الجزء الثاني، منشورات مجلة الحقوق المغربية، العدد 3/2010.
5 ـ ” الإشعار للغير الحائز: خاصية التسليم الفوري بين القانون الفرنسي و المغربي” الدكتور زهير بونعامية.
6 ـ ” المنازعات الضريبية، اجتهادات المحاكم الادارية” عباس التاقي.
7 ـ ” المنازعات الضريبية في القانون المغربي ” سلسلة اللامركزية و الادارة الترابية، الدكتور كريم لحرش.
8 ـ ” المنازعات في تحصيل الديون الضريبية بالمغرب” السلسلة المغربية للعلوم والتقنيات الضريبية، عدد 1. يونس معاطا.
9 ـ ” إيقاف تنفيذ الديون العمومية أمام القضاء الاداري الاستعجالي” سلسلة المعارف القانونية. سعيد العمري.
10 ـ ” الإشكالات القانونية و العملية في المجال الضريبي” دفاتر المجلس الأعلى. عدد 16/2011.
11 ـ ” التحصيل الجبري للديون العمومية في ضوء القانون المغربي” منشورات مجلة الحقوق المغربية ، سلسلة دراسات قضائية، الإصدار 4/2014. عبد الرزاق شعيبة.
12 ـ ” المادة الاستعجالية في القضاء الاداري : أوامر و اجتهادات” الأستاذ عبدالعتاق فكير.
13 ـ ” مدونة تحصيل الديون العمومية”.
[1] ـ لقد عرفت المادة 2 من مدونة تحصيل الديون العمومية كما تم تتميمها و تغييرها بموجب قانون المالية رقم 26.04 للسنة المالية 2005 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.04.225 بتاريخ 29/12/2004 المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5278 بتاريخ 30/12/2004، الصفحة 4176، الدين العمومي، وحددته على سبيل الحصر، على أنه الدين المتعلق ب:
– الضرائب المباشرة للدولة و الرسوم المماثلة و كذا الضريبة على القيمة المضافة، المشار إليها بعبارة “الضرائب و الرسوم” في ما يلي من هذا القانون.
ـ الحقوق و الرسوم الجمركية.
ـ حقوق التسجيل و التمبر و الرسوم المماثلة.
ـ مداخيل و عائدات أملاك الدولة.
ـ حصيلة الاستغلالات و المساهمات المالية للدولة.
ـ الغرامات و الإدانات النقدية.
ـ ضرائب ورسوم الجماعات المحلية وهيئاتها.
ـ سائر الديون الأخرى لفائدة الدولة و الجماعات المحلية و هيآتها والمؤسسات العمومية التي يعهد بقبضها للمحاسبين المكلفين بالتحصيل، باستثناء الديون ذات الطابع التجاري المستحقة لفائدة المؤسسات العمومية.
[2] ـ سوف نستعمل مستقبلا مصطلح المدونة لتفادي التكرار.
[3] ـ جاء في هذه المادة ما يلي ” يقصد بالتحصيل مجموع العمليات والإجراءات التي تهدف الى حمل مديني الدولة والجماعات المحلية هيآتها والمؤسسات العمومية على تسديد ما بذمتهم من ديون بمقتضى القوانين و الأنظمة الجاري بها العمل، أو ناتجة عن أحكام وقرارات القضاء أو عن الاتفاقات”.
[4] ـ يعرف الأستاذ أحمد حضراني في كتابه “النظام الجبائي المحلي على ضوء التشريع المغربي والمقارن” التحصيل على أنه “” طريقة إخراج الأموال الضريبية من جيب الملزم الى صندوق الادارة المالية، و بمعنى آخر هي تلك العمليات التي تهدف الى نقل المال من ذمة الملزم الى ذمة الخزينة أو ذمة القابض أو الشخص المكلف بتحصيل الموارد الضريبية، إما بالطرق الحبية عندما يقع الأداء، داخل الآجال القانونية، أو بإرادة الملزم، وإما عن طريق الإكراه عندما يلجأ القابض الى تحريك و مباشرة مختلف إجراءات التحصيل الجبري التي يسمح بها القانون”” الصفحة 48.
[5] ـ خصصت المواد من 13 الى 19 من مدونة تحصيل الديون العمومية للاستحقاق وفرقت بين الاستحقاق بأجل والاستحقاق الفوري.
[6] ـ قد حصرت المادة 3 من مدونة تحصيل الديون العمومية، والتي غيرت بالمادة 13 المكررة من قانون المالية رقم 48.03 للسنة المالية 2004 وغيرت و تممت بالمادة 25 من قانون المالية رقم 26.04 للسنة المالية 2005 و غيرت و تممت بالمادة 12 من قانون المالية رقم 38.07 للسنة المالية 2008 المحاسبون العموميون المكلفون بتحصيل الديون العمومية كالتالي :
ـ الخازن العام للمملكة.
ـ الخازن الرئيسي.
ـ المؤدي الرئيسي للأجور.
ـ الخزنة الوزاريون.
ـ خزنة العمالات الإقليميون.
ـ الخزنة الجماعيون و القباض الجماعيون.
ـ قابض الجمارك والضرائب غير المباشرة.
ـ قباض إدارة الضرائب.
ـ كتاب الضبط بمحاكم المملكة بالنسبة الى الغرامات والإدانات النقدية الصوائر القضائية والرسوم القضائية.
ـ الأعوان المحاسبون بالمؤسسات العمومية بالنسبة الى ديون المؤسسات عندما يتم التنصيص صراحة على تطبيق أحكام مدونة تحصيل الديون العمومية في النصوص المحدثة لها.
[7] ـ يجب الإشارة فقط الى أنه بخصوص تحصيل الضرائب، فان عملية التحصيل لم تعد حكرا على المحاسبين التابعين للخزينة العامة للمملكة « Percepteur »بل أصبحت من مهام قباض إدارة الضرائب « Receveur de l’administration fiscale»كذلك بعد صدور “المدونة العامة للضرائب”. و عليه أصبح القباض و المحاسبون جميعهم معنيون بمسطرة “الإشعار للغير الحائز”.
[8] ـ كل المحاسبون العموميون المذكورون حصرا بالمادة 3 من مدونة تحصيل الديون العمومية يمكنهم ممارسة مسطرة “الإشعار للغير الحائز”.
[9] ـ الخزينة العامة للمملكة، إدارة الضرائب، إدارة الجمارك ….الخ.
[10] ـ نظمت مدونة تحصيل الديون العمومية الإكراه البدني في المواد من 76 الى 83.
[11] ـ أي أن القابض لا يمكنه توجيه الإنذار قبل مرورها تحت طائلة بطلان مسطرة التحصيل الجبري و يمكن للمحاسب المكلف بالتحصل أن يباشرها بعد مصي هذه الآجال لكن قبل سقوط الحق في التحصيل المرتبط بالتقادم وفقا لأحكام المواد 123 و 125 من مدونة تحصيل الديون العمومية.
[12] ـ ذلك أنه معلوم قانونا أن النص الخاص مقدم في التطبيق على النص العام و أنه لا يتوسع في تفسير النص الخاص ما دام يشكل استثناء للنص العام.
[13] ـ التي تنص ” يمكن كذلك اللجوء عند الحاجة الى أعوان مكاتب التبليغات والتفنيدات القضائية بمحاكم المملكة والى الأعوان القضائيين للقيام بإجراءات التحصيل الجبري للديون العمومية.
ويمكن للمحاسبين المكلفين بالتحصيل اللجوء الى أعدوان القوة العمومية أو السلطات المدنية للقيام بأي تبليغ أو معاينة أو تنفيذ عن بعد وذلك بطلب يوجه الى السلطة المختصة.
يباشر الأعوان المشار إليهم في الفقرة الأولى من هذه المادة التحصيل الجبري في جميع درجاته وأشكاله ما لم ينص على خلاف ذلك”.
[14] ـ من 15 يوما الى 21 يوما بالنسبة للديون التي تعادل أو تفوق 8.000,00 درهم ولا تتعدى 20.000,00 درهم.
من شهر الى شهرين بالنسبة للديون التي تعادل أو تفوق 20.000,00 درهم ولا تتعدى 50.000,00 درهم.
من ثلاثة أشهر الى خمسة أشهر بالنسبة للديون التي تعادل أو تفوق 50.000,00 درهم ولا تتعدى 200.000,00 درهم.
من ستة أشهر الى تسعة أشهر بالنسبة للديون التي تعادل أو تفوق 200.000,00 درهم ولا تتعدى 1.000.000,00 درهم.
من عشرة أشهر الى خمسة عشر شهرا بالنسبة للديون التي تعادل أو تفوق 1.000.000,00 درهم.
[15] ـ ” المنازعات الجبائية المتعلقة بربط و تحصيل الضريبة أمام القضاء الاداري المغربي” الصفحة 236-237.
[16] ـ و في هذا السياق أمر قاضي المستعجلات بالمحكمة الادارية بفاس بالإيقاف المؤقت لتنفيذ مسطرة الإكراه البدني الجارية ضد الطالب لدى النيابة العامة بابتدائية فاس الى غاية صدور حكم نهائي في موضوع بطلان مسطرة الإكراه البدني (أمر صادر في الملف عدد 91/2001 بتاريخ 6/2/2002 ) و أيدت الغرفة الادارية بالمجلس الأعلى سابقا هذا الاتجاه من خلال قرارها عدد 713 بتاريخ 6/12/2001 بالملف عدد 1282/1/4/2001 أورده محمد قصري في مرجعه السابق، الصفحة 238-239.
[17] ـ من أهم المواضيع التي طرحت إشكالية سمو الاتفاقية الدولية على القانون الوطني في حالة التعارض بينهما نذكر على سبيل المثال :
نذكر القضية المعروفة بقضية السيدة ” لحلو” التي برز من خلالها تعارض بين الفصلين 78 و 83 من ظهير 23 نوفمبر 1916 المتعلق بحماية الملكية الصناعية التي تجعل الحماية القضائية للعلامة التجارية مشروطة بتسجيلها لدى المكتب المغربي للملكية الصناعية ، بينما المادة الرابعة من اتفاقية مدريد لسنة 1981 التي صادق عليها المغرب بتاريخ 30-07-1917 تقرر أن الحماية القضائية تتمتع بها العلامة التجارية فقط بتسجيلها لدى المكتب الدولي ب “بيرن” لحماية الملكية الصناعية.
القضية الثانية المعروفة بقضية شركة “سيبو” تجلى من خلالها التعارض بين مقتضيات الفصل 529 من قانون المسطرة المدنية والفصل الثاني من الاتفاقية الدولية المتعلقة بالاعتراف بالمقررات التحكيمية الأجنبية وتنفيذها. فالتشريع الوطني ينص على ضرورة عرض عقد التحكيم على السلطات المختصة قانونا للمصادقة عليه بواسطة المحكم أو الموثق أو العدول، بينما الاتفاقية تكتفي بتوقيع المتعاقدين على عقد التحكيم أو الاقتصار على تبادل رسائل وبرقيات بينهما.
انظر في هذا الصدد: ابراهيم سبتي : محاولة لتحديد مواقف المجلس الأعلى في حل تنازع القوانين والاتفاقية الدولية- رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة شعبة القانون العام. جامعة الحسن الثاني الدار البيضاء. السنة الجامعية 2002-2003 صفحة : 25-26.
أنظر أيضا حالات أخرى أشار إليها إدريس بلمحجوب : أي اجتهاد قضائي من تعارض الاتفاقيات الدولية مع التشريع الوطني في ظل التحولات الاقتصادية العالمية. عمل المجلس الأعلى والتحولات الاقتصادية والاجتماعية . أشغال الندوة تخليدا للذكرى الأربعين لتأسيس المجلس الأعلى. الرباط 18-20 دجنبر 1997 صفحة 531-544 مكتبة ومطبعة الأمنية الرباط1999.
[18] ـ من بين القوانين التي نصت صراحة على مبدأ سمو الاتفاقية الدولية على القانون الداخلي نذكر على سبيل المثال :
– المادة 713 من قانون المسطرة الجنائية بخصوص التعاون القضائي.
– المادة 68 من القانون المتعلق بحقوق المؤلف ظهير 15-02-2002
– الفصل الأول من قانون الجنسية ظهير 06-09-1958.
– المادة 443 من مدونة التجارة بخصوص عقد النقل.
– الفصل 12 من ظهير 15-10-1991 المتعلق بالتعليم الحر
راجع بهذا الخصوص ابراهيم سيتي- المرجع السابق صفحة 10 بلعيد كرومي : سلطة القاضي في تفسير النصوص الشرعية والوضعية أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون الخاص. جامعة الحسن الثاني الدار البيضاء. السنة الجامعية 1990.1991 صفحة 451.
[19] ـ من بين الحالات التي رجح بينها القضاء تطبيق مقتضيات الاتفاقيات الدولية على التشريع الوطني نذكر على سبيل المثال قرار المجلس الأعلى بتاريخ 03-02-1999 عدد 620 ملف اجتماعي عدد 773-96 غير منشور – أشار إليه ابراهيم سبتي المرجع السابق صفحة 16 حيث تم إعفاء أجيرة جزائرية من الحصول على تأشيرة وزارة الشغل، مما يعني السماح لها بممارسة العمل المأجور دون قيد شكلي، بينما التشريع الوطني في المادة الثانية من ظهير 15 نوفمبر 1934 المنظم للهجرة ينص على إجبارية القيد الشكلي المتمثل في الحصول على تأشيرة وزارة الشغل تحت طائلة اعتبار عقد العمل باطلا، واستند هذا الإعفاء على مضمون المادة 5 من البروتوكول الملحق باتفاقية الاستيطان.
[20] ـ صادق المغرب على الاتفاقية الدولية بشأن الحقوق المدنية والسياسية بمقتضى ظهير شريف رقم 1.19.186 وتاريخ 08 نوفمبر 1979 جريدة رسمية عدد 3525-6 تاريخ 21-05-1980.
[21] ـ قانون رقم 30.06 يرمي الى تعديل أحكام الظهير الشريف رقم 1.60.305 الصادر في 20 فبراير 1961 بشأن مباشرة الإكراه البدني في القضايا المدنية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.06.169 بتاريخ 22-11-2006 منشور بالجريدة الرسمية عدد 5477 وتاريخ 27-11-2006 . أنظر مجلة المحاماة عدد 49 السنة 2008 صفحة 291-292.
[22] ـ لقد نص الفصل الأول من القانون رقم 30.06 بشان مباشرة الإكراه البدني في القضايا المدنية على ما يلي : ” إن تنفيذ جميع الأحكام أو القرارات النهائية الصادرة بأداء مبلغ مالي يمكن أن يتابع عن طريق الإكراه البدني.غير انه لا يجوز إيداع شخص بالسجن على أساس عدم قدرته على الوفاء بالتزام تعاقدي فقط”
[23] ـ أكد دستور فاتح يوليوز 2011 في ديباجته ـ التي تشكل جزأ لا يتجزأ من الدستور ـ على أن المملكة المغربية تؤكد و تلتزم على جعل الاتفاقيات الدولية ، كما صادق عليها المغرب، وفي نطاق أحكام الدستور، وقوانين المملكة، و هويتها الوطنية الراسخة، تسمو، فور نشرها، على التشريعات الوطنية، والعمل على ملائمة هذه التشريعات، مع ما تتطلبه تلك المصادقة.
[24] ـ التي تنص ” يمكن إلزام الأغيار الحائزين أو المودع لديهم المشار إليهم في المادتين 111 و 111 أعلاه، بنفس الطرق المستعملة ضد الملزمين أفسدهم بدفع المبالغ الموجودة لديهم والمتمتعة بامتياز الخزينة الى المحاسب المكلف بالتحصيل باستثناء اللجوء الى مسطرة الإكراه البدني “.
[25] ـ تنص المادة 102 من مدونة تحصيل الديون العمومية على أنه ” يترتب على الإشعار للغير الحائز التسليم الفوري للمبالغ الموجودة في حوزة الأغيار المشار إليهم فدي المادتين السابقتين فدي حدود مبلغ الضرائب والرسوم والديون الأخرى المطلوب أداؤها.
يمتد مفعول هذا التسليم الى الديون بأجل أو الديون المشروطة التي للمدين على الأغيار الحائزين المتابعين “.
[26] ـ قرار غير منشور صادر تحت عدد 1069 بتاريخ 26/11/1998 في الملف عدد 77/97.
[27] ـ و لهذا السبب تفرض بعض التشريعات كالتشريع الفرنسي أن يتضمن الإشعار للغير الحائز اليوم و الساعة و الدقيقة التي وقع فيها تبليغه الى الحائز.
[28] ـ “الإثبات في المادة الجبائية بين القواعد العامة و خصوصيات المادة ” الدكتور مولاي عبدالرحمان أبليلا. الصفحة 172.
[29] ـ ” تحصيل الديون الضريبية : مقاربة قانونية و قضائية” عبدالرحيم الكنبداري. الصفحة 88 و 89.
[30] ـ المرجع المذكور. الصفحة 91.
[31] ـ وهو الاتجاه الذي لا يمكن أن يسلك غيره لأن القوانين الضريبية سواء المدونة العامة للضرائب أو مدونة تحصيل الديون العمومية مستوحاة من المبادئ العامة للتصور الضريبي الفرنسي.
[32] ـ أمر عدد 1015 ملف رقم 09/01/860 بتاريخ 28/07/2009 غير منشور.
[33] ـ قرار عدد 532 ملف إداري عدد 258/4/2/2003 المؤرخ في 21/6/2006 المنشور بمؤلف الأستاذ محمد قصري “المنازعات الجبائية المتعلقة بربط و تحصيل الضريبة أمام القضاء المغربي” الصفحة 657-659.
[34] ـ قرار عدد 142 بتاريخ 9/4/2008 في الملف 67/2/2007 منشور بمجلة المحاكم الادارية، عدد 3/2008، الصفحة 194-199.
[35] ـ أمر عدد 370 صادر بتاريخ 15/06/2006 في الملف عدد 368/2006س عن السيد رئيس المحكمة الادارية بالدار البيضاء.
[36] ـ قرار محكمة النقض عدد 156 المؤرخ في 13/03/2003 في الملف الاداري عدد 2180/4/2/2002 منشور ب “المنازعات الجبائية المتعلقة بربط و تحصيل الضريبة أمام القضاء المغربي” للأستاذ محمد قصري الصفحة 541-544.
[37] ـ حكم عدد 4998 بتاريخ 27/05/2010 في الملف عدد 8870/9/2009.
[38] ـ حكم عدد 2049 بتاريخ 30/11/2009 في الملف عدد 301/6/2009.
[39] ـ أمر استعجالي عدد 552 صادر بتاريخ 18/8/2011 في الملف عدد 552/11/2 عن السيد رئيس المحكمة الادارية بالدار البيضاء بالنيابة.
[40] ـ قرار عدد 4933/2011 بتاريخ 28/11/2011 ملف عدد 7/10/4583.
اترك تعليقاً