نفقة الزوجة حق لها على زوجها وواجب من واجبات الزوج ما دامت الزوجة قائمة بحقوق الزوجية سواء أكان الزوج غنيا أم فقيرا ، وسوا ، أكانت الزوجة غنية أم فقيرة . لأن الزواج ، ميثاق شرعي ، بين الرجل والمرأة غايته إنشا ، أسرة على أسس مستقرة ، تكفل أعباءها بمودة ورحمة . فإذا امتنع الزوج عن الإنفاق أو قصر فيه على زوجته مع وجوبه عليه . فإن كان له مال ظاهر يمكن أخذ النفقة منه بالطرق القضائية ، فليس لها حق طلب التفريق. . . أما إذا لم يكن له مال ظاهر يمكن أخذ النفقة منه- بأن كان فقيرا أو مجهول المال- فإن للزوجة أن تطلب من القاضي أن يفرض لها نفقة ويأذن لها أن تستدين على زوجها ، ويكون ما تستدينه دينا عليه يؤديه عند يساره . أما إذا كان الزوج موسرا وامتنع عن الانفاق على زوجته فهو بلا شك ظالم بامتناعه فيحق للزوجة طلب التفريق. وذهب الأثمة الثلاثة ، إلى أن للزوجة الحق في طلب التفريق سواء أكان ذلك لفقر الزوج أم لامتناعه تعنتا . لقوله تعالى : ” ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا“(1) وامساك الزوج لزوجته ، مع الامتناع عن الإنفاق عليها ، أضرار بالغ بها وقال تعالى : ” فامساك بمعروف أو تسريح بإحسان)(2) وليس من العدل والحكمة والإمساك بالمعروف ، أن يمتنع الزوج عن الإنفاق على زوجته وشريكة حياته .
وأخذ الجعفرية بجواز طلب الزوجة التفريق إذا امتنع القادر على الإنفاق عنه بلا عذر وبهذا أخذ القانون العراقي في المادة (٤3 / أولا) فقرة (٧ و ٨ و ٩) . فنصت الفقرة (٧) من المادة (43) من قانون الأحوال الشخصية على أنه ” إذا امتنع الزوج عن الانفاق عليها دون عذر مشروع بعد إمهاله مدة أقصاها ستون يوما ووفقا للفقرة (٧) فإنه على المحكمة أن تقرر نفقة مؤقتة للزوجة عند إقامتها الدعوى وتمهل الزوج مدة أقصاها ستون يوما فإذا أنفق عليها عندئذ ترد دعواها واذا امتنع يفرق القاضي بينهما . ولا يتصور أن الدعوى هي طلب نفقة ، وانما دعوى تفريق لعدم الانفاق ولكن المحكمة فرضت لها نفقة مؤقتة لتتأكد من جدية الزوج بالإنفاق على زوجته من عدمه ، ولا يحكم بالتفريق لعدم الانفاق بعد إمهال الزوج مدة أقصاها ستون يوما ، وامتناعه عن الإنفاق رغم إمهاله (3) .
والملاحظ أن المادة وردت بالنص على أن المدة أقصاها ستون يوما . وحيث أن هذه المدة مهلة فكان الأجدر جعل ذلك أقل المدة وجعل النص (مدة لا تقل عن شهرين ولا تزيد عن). أما الفقرة (٨) من المادة ذاتها فقد نصت على أنه ” إذا تعذر تحصيل النفقة من الزوج بسبب تغيبه أو فقده أو اختفائه أو الحكم عليه بالحبس مدة لا تزيد على سنة ” . فالفقرة صريحة من أن للزوجة أن تطلب التفريق لتعذر تحصيل النفقة من زوجها الغائب أو المفقود أو المختفي- بعد تبليغه بالصحف المحلية- وعدم وجود أموال ظاهرة له . وعلى الزوجة إثبات ذلك بالبينات المعتبرة وتحليفها اليمين قبل الحكم بالتفريق وكذلك اعتبر تسفير الزوج خارج العراق من قبل الجهات الرسمية المختصة سببا يتعذر معه تحصيل النفقة ويجوز للزوجة طلب التفريق عند عدم وجود مال ظاهر لديه (4) . وأوضحت الفقرة أنه إذا تعذر تحصيل النفقة من الزوج بسبب الحكم عليه بالحبس مدة تزيد على سنة ، أي اشترطت الفقرة أن تكون المدة أكثر من سنة وعدم وجود مال ظاهر لديه والمفهوم المخالف للفقرة أنه لو دفع الزوج بنفسه أو بواسطة غيره نفقة للزوجة فلا يحق لها طلب التفريق . والفقرة (٩) أشارت إلى أنه ” إذا امتنع الزوج عن تسديد النفقة المتراكمة والمحكوم بها بعد إمهاله مدة أقصاها ستون يوما من قبل دائرة التنفيذ ” .
يفهم من نص الفقرة المذكورة أن هناك حكما صادرا من محكمة الأحوال الشخصية بالنفقة المستمرة وقد نفذته الزوجة في دائرة التنفيذ ومضت مدة على تنفيذه ولم يدفع الزوج النفقة المحكوم بها حتى تراكمت عليه . فتمهله دائرة التنفيذ ستين يوما فان سدد المتراكم خلال نظر الدعوى التي أقامتها الزوجة تطلب التفريق لهذا السبب ولم يبقى شي ، في ذمته ترد المحكمة دعوى التفريق ، أما اذا امتنع الزوج عن التسديد على الرغم من الإمهال فتحكم المحكمة بالتفريق بينهما لأن ذلك دليل اصراره على عدم الانفاق واستهانته بالحقوق الزوجية . وهذه الفقرات هي بمثابة حماية للزوجة التي يمتنع الزوج أو يتعنت بعدم الانفاق عليها . ويعد طلاق بائن بينونة صغرى . والمقصود بالنفقة المتراكمة في نص المادة هي النفقة المتجددة بعد تنفيذ الحكم لدى دائرة التنفيذ وليست المتراكمة قبل الحكم لأن المقصود هنا رفع الضرر عن الزوجة بتحصيل النفقة المطلوبة للمعيشة وليس لضمان تحصيل دين النفقة المتراكمة (5).
__________________________
1- سورة البقرة ، الآية (٢٣١) .
2- سورة البقرة ، الآية (٢٢٩) .
3- قرار ٢٠٤ / شخصية/ ١٩٧٥ بتاريخ ٢٤ / ٥ / ١٩٧٥ ، مجموعة الاحكام العدلية ، العدف الثاني/ السنة السابعة/ ٩٧٥ ا .
4- لاحظ تعميم وزارة العدل ، قسم العلاقات العدلية ، رقم (3 / ٤ / ٥ / ١٧٦٤٩) في15 / ١٠ / ١٩٨١ .
5- قرار محكمة تمييز العراق ٤٠٧ / موسعة ثانية/ ٨٠ في ١٧ / ا/ ١٩٨١ .
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً