الحجر، معناه في اللغة الحظر والمنع مطلقا عن التصرفات القولية أو غيرها .
أما اصطلاحا ، فقد اختلف الفقهاء الملمون في تعريفهم الحجر اختلافا بسبب اختلافهم في أسبابه والأثار المترتبة عليه، فعرفه المالكية ” صفة حكمية توجب منع موصوفها من نفوذ تصرفه فيما زاد على قوته أو تبرعه بزائد على ثلث ماله ” وبهذا يشمل الصبي والمجنون والسفيه والمريض مرض الموت والمفلس .
أما الشافعية فيقولون بأنه ” منع من تصرف خاص بسبب خاص ” وبهذا تجنبوا شمولية المنع لجميع التصرفات وحصروا أسبابه في حالات خاصة. وعرفه بعض فقهاء الحنفية بأنه ” منع مخصوص، وهو المنع من التصرف قولا لشخص معروف مخصوص، وهو المستحق للحجر بأي سبب كان ” وهذا يعني قصر المنع على التصرفات القولية دون الفعلية (1) .
أنواع الحجر :
الحجر نوعان : حكمي وقضائي ،فالحجر الحكمي، يشمل من كان محجورا عليه لذاته – كالصغير والمجنون والمعتوه والمريض مرض الموت – أي بمقتضى الشرع دون حاجة لقرار القاضي . أما الحجر القضائي، فهو الذي يحكم به القاضي – كحجر القاضي على السفيه أو على المديون بطلب دائنيه أو الحجر على المفلس لحق الغرماء أو الحجر على المحكوم عليه (2) بموجب قانون العقوبات العراقي فإن المحكوم عليه بالسجن المؤبد أو المؤقت أو الإعدام محجور محليه قانونا بمجرد صدور الحكم وفقا لما نصت عليه المادتان ( ٩٧ ، ٩٨ ) عقوبات.
إذن أسباب الحجر هي ” الصغر، والجنون، والعته، والغفلة، والسفه والدين والمحكومية ” وكل شخص متصف بوصف من هذه الأوصاف يحجر عليه. و حيث أن المحجور عليهم لا يملكون أهلية الأداء بتمامها في العقود وباقي الأعمال القانونية. فقد نص القانون على تعين ولي أو وصي أو قيم عليهم لأجل مساعدتهم في استعمال حقوقهم وتأدية واجباتهم، وقد أورد قانون رعاية القاصرين في المادة ( ٣ ) منه نطاق سريانه بقولها يسري على :
(أ) الصغير الذي لم يبلغ سن الرشد وهو تمام الثامنة عشرة من العمر، ويعتبر من أكمل الخامسة عشرة وتزوج بأذن من المحكمة كامل الأهلية.
(ب) الجنين.
(جـ) المحجور الذي تقرر المحكمة أنه ناقض الأهلية أو فاقدها .
(د) الغائب والمفقود ” .
وعلى هذا الأساس نتناول :
أولاً : الوصاية على الصغير :
الحجر على الصغير متفق عليه بين جميع الفقهاء المسلمين، حيث أنه ممنوع من إجراء أي تصرف في ماله بنفسه ولو كان التصرف نافعا له، بسبب انعدام التمييز عنده . و نصت المادة ( ٩٦ ) من القانون المدني العراقي على أن ” تصرفات الصغير غير المميز باطلة وان أذن له وليه ” وعليه فإن الصغير دون السابعة ممنوع من مباشرة أي تصرف في ماله، أي أنه محجور عن إجراء التصرفات القانونية. لذلك فإن الصغار يحتاجون إلى من يقوم مقامهم ويساعدهم على تدبير شؤونهم الاجتماعية ويباشر أعمالهم عنهم وليهم . وجاء في قانون رعاية القاصرين رقم ٧٨ لسنة ٩٨٠ ا (في المواد ٢٤ - 39) بيان من هم الأولياء والأوصياء ولا حاجة لإصدار حجة آو حكم بإثبات رشد الصغير عند إكماله الثامنة عشرة من العمر إذ تنتفي صفة الصغر عنه قانونا بحكم المادة ١٠٦ / مدني، إلا اذا قررت المحكمة استمرار الولاية آو الوصاية.
ثانياً : القيمومة (القوامة) على المجنون المعتوه :
الجنون، مرض يمنع العقل من ادراك الأمور على وجهها ويصحبه اضطراب وهياج غالبا(3) والمجنون معناه عديم العقل، والجنون نوعان، جنون مطبق وجنون غير مطبق – تتخلله فترات افاقة – ولا خلاف بين الفقها، على أن المجنون (مطبق وغير مطبق) محجور عليه لذاته لانعدام العقل عنده وممنوع من القيام بأي تصرف في ماله ولا يرتفع الحجر عنه الا بالإفاقة. وذلك بإقامة دعوى في محكمة الأحوال الشخصية آو محكمة المواد الشخصية لرفع الحجر، لأن الجنون هو آفة تزيل العقل مع بقاء، القوة في الأعضاء، ، أو هو اختلال القوة المميزة في الإنسان بين الآمور الحسنة والقبيحة، وفي القول بصحة تصرفات المجنون جنونا غير مطبق حال افاقته خلاف بين الفقها،.أما العته، فهو مرض يمنع العقل من ادراك الآمور ادراكا كاملا صحيحا ويتميز عن الجنون بأنه يصبحه الهدوء (4) فالعته إذن الاختلال في العقل والنقصان في الفهم، والمعتوه هو ناقص العقل لا عديمة ، وقد عرفته المادة ( ٩٤٥ ) من مجلة الأحكام العدلية بأنه ” الذي اختل شعوره، بحيث يكون فهمه قليلا وكلامه مختلطا وتدبيره فاسدا” أي آن المصاب به مختلط الكلام فاسد التدبير، غير آنه لا يشتم ولا يضرب أحدا . ويكون تارة يشبه العقلاء وتارة يشبه المجانين. وعليه فان الحجر على المجنون والمعتوه يكون مقررا من قبل الشارع لمعنى في ذواتهم وطبائعهم، فهم محجورون حجرا ذاتيا أو طبيعيا، ويتولى أمورهم ويقوم مقامهم في تدبير شؤونهم الأب أو الوصي أو القاضي، ويرتفع عنهم الحجر بزوال سببه (5) . وقضت المادة ( ٩٤ ) من القانون المدني بالحجر على المجنون والمعتوه. كما قضت بأن إيقاع الحجر على هؤلاء ورفعه عنهم يكون من قبل المحكمة المختصة وفقا للقواعد والإجراءات المقررة في القانون، أي بعبارة أخرى أن الحجر متى وقع من المحكمة الأحوال الشخصية أو المواد الشخصية لا يزول إلا بحكم قضائي، وأن من له الحق في إقامة الدعوى هو المحجور لرفع الحجر عنه إذا شفي من مرضه وزال سبب حجرة ويتحقق الجنون والعته بتقرير لجنة طبية رسمية كما يتحقق الشفاء بتقرير لجنة طبية أيضا . فالمجنون لا أهلية له، لأنه فاقد التمييز، وميز القانون المدني العراقي بين المجنون جنونا مطبقا، وحكمه حكم الصغير غير المميز، وبين المجنون جنونا غير مطبق الذي أعطى لتصرفاته في حال الإفاقة حكم تصرفات العاقل (المادة ١٠٨ ) وعد المشرع العراقي في المادة( 94 ) المجنون والمعتوه محجورين لذاتهما دون حاجة إلى صدور من المحكمة، وأعطى المعتوه حكم الصغير المميز (المادة ١٠٧ ) والذي يقوم بإدارة أموال هؤلاء المحجورين بسبب الجنون أو العته في القانون العراقي هو (الولي أو الوصي أو القيم) طبقا للمادتين ( ١٠٧ ، ١٠٨ ). كما في النموذجين ( ٩ ) و (0 ١ ).
ثالثاً : القيمومة (القوامة) على فاقدي التعبير عن الإرادة بسبب العاهات والعجز الجسماني :
نصت المادة ( ١٠٤ ) من القانون المدني العراقي على أنه ” إذا كان الشخص أصم أبكم أو أعمى أصم، أو أعمى أبكم، وتعذر عليه بسبب ذلك التعبير عن إرادته جاز للمحكمة أن تنصب عليه وصيا وتحدد تصرفات هذا الوعي “. يتضح من النص أن الشخص الذي اجتمعت عاهتان فيه يحتاج إلى معاونة قضائية للتعبير عن إرادته، فالذي لا يسمع ولا ينطبق، . و لا يبصر ولا ينطق وتعذر عليه التعبير عن إرادته بالكتابة أو بالإشارة، يكون عاجزا عن التفاهم مع غيره، لذا فقد أجاز القانون للمحكمة أن تعين له من يساعده في إدارة أمواله، أما إذا استطاع التعبير عن إرادته بالكتابة أو بالإشارة فلا ينصب عليه وصي أو قيم.
ويلحق بهؤلاء من أصيب بخرف الشيخوخة وضعف الإدراك والملكة العقلية. و نصت المادة ( 307 ف ا) من قانون المرافعات المدنية على أن للقاضي إيقاع الحجر متى تحققت أسبابه دون خصومة أحد. أما الخصم في دعوى رفع الحجر فهو القيم. وعلى المحكمة المختصة أن تقوم بإخبار داثرة رعاية القاصرين عند إصدارها قرارا بالحجر وذلك عملا بنص المادة ( ٨٢ ) من قانون رعاية القاصرين. وتنص الفقرة ( ٣ ) من المادة ذاتها على أنه ” يتحقق تعذر التعبير عن الإرادة بسبب الصم أو البكم أو خرف الشيخوخة بتقرير لجنة طبية رسمية ” هذا ويجب ملاحظة نص الفقرة الأخيرة جيدا إذ لا يكفي لإيقاع الحجر للأسباب المذكورة تقرير طبي من طبيب واحد أو أكثر و أنما يجب أن تكون لجنة طبية ر ا مشكلة للغرض المذكور، وأن يتضمن تقريرها أن الشخص موضوع التقرير مصاب بأحد أسباب الحجر وأنه ” غير قادر على إدارة أمواله بنفسه ويحتاج إلى قيم ” يتولى مساعدته للتصرفات التي تتقرر فيها المساعدة، وذلك حماية له، لأن العاهة مانع طبيعي يترتب على وجودها عدم استطاعة الشخص مباشرة التصرفات القانونية بنفسه.
رابعاً : القيمومة ( القوامة ) على السفيه وذوي الغفلة :
السفيه معناه لغة ٠ الجاهل والأحمق ٠ والمبذر السرف ٠ أما في السرع فالسفيه عند جمهور الفقهاء ” حالة تعتري المرء فتجعله غير قادر على حسن القيام على تدبير أمواله ، وانفاقه لها على وجه الاسراف والتبذير ، وأن المتصف بهذه الصفة يسمى سفيها ” (6) . و عرف الجعفرية السفيه بقولهم ” هو الذي يصرف أمواله في غير الوجه الملائم لأفعال العقلاء ” فهو المبذر المسرف الذي يصرفه ماله في غير موضعه وينفق ما يعد من مثله إسرافا ويبس ماله فيما لا فائدة فيه. وعرفته مجلة الأحكام العدلية في المادة ( ٩٤٦ ) ” هو الذي يصرف ماله في غير موضعه وبذر في مصارفه، ويضيع أمواله ويتلفها بالإسراف والذين لا يزالون يغفلون في أخذهم واعطائهم ولم يعرفوا طريق تجارتهم وتمتعهم بحسب بلاهتهم وخلو قلوبهم يعدون أيضا من السفهاء” . والسفيه – عند عامة الفقها، – يمنع من التصرف في ماله ويمنع نفاذ تصرفاته فيه استنادا إلى قوله تعالى : ( ولا تؤتوا السفهاء اموالكم ) (7) وقوله : (فإذا كان ألذى عليه الحق سفيها ) (8). والسفيه – خلافا للمجنون والمعتوه والصغير- لا يعد محجورا عليه لذاته بل لا بد من حكم القاضي بالحجر عليه. كما أن لا أثر للحجر في معاملات السفيه وتصرفاته السابقة لحكم الحجر. ونصت المادة ( ٩٩١ ) من مجلة الأحكام العدلية على أنه ” تصرفات السفيه التي تتعلق بالمعاملات القولية الواقعة بعد الحجر لا تصح ولكن تصرفاته قبل الحجر كتصرفات سائر الناس “. و الغرض من الحجر على السفيه هو حفظ ماله ومراعاة للشخص نفسه ويكون في كل التصرفات التي تحتمل الفسخ ويبطلها الهزل ويتحقق الحجر على المال الموجود وقت الحجر والذي اكتسبه بعده (9). آما الغفلة- فهي صفة تلحق بمن كان بطيء الفهم لمعاني الكلام مشوب التفكير ببلادة تقرب من السذاجة، وعند الفقهاء هي الغباء وعدم الاهتداء الى التصرفات المفيدة الرابحة ، والغبن في المعارضات بسبب سذاجته في التفكير وسلامة في القلب بحيث يسهل خداعه . وتعرف المادة ( ٩٤٦ ) من مجلة الأحكام العدلية ذا الغفلة بآنه ” كل شخص يغفل في الاخذ والعطاء ولا يعرف طريق تجارته وتمتعه بسبب بلاهته وخلو قلبه ” . و ذو الغفلة يتشابه من حيث ان كلا منهما سيء الرأي فاسد التدبير لا يحسن التصرف في ماله بيد آنه يختلف عنه من حيث أنه لا يقصد الاتلاف لماله ولا يريده ، واذا غبن فإنما يغبن لقلة خبرته وغبائه وضعفه وبعكس السفيه الذي يقصد الاتلاف لماله غير عابئ . وقال الفقهاء بجواز الحجر على ذي الغفلة ومنعه من اجرا، التصرفات المالة المحضة (10). ولتن كان السفيه وذو الغفلة ليس آهلا للتبرع فيان الفقهاء قد أجازوا لكل منهما آن يوصي في وجوه الخير والبر، وآن يقف كل منهما على النفس مدة حياته والى ذريته أو جهات البر بعد موته، لأن ذلك لا ينافي المحافظة على اموالهما حال حياتهما ويحقق الغاية من الحجر- وهى حفظ عين المال. و ينص القانون المدني في المادة ( ٩٥ ) على آن تحجر المحكمة على السفيه وذي الغفلة ويعلن الحجر بالطرق المقررة. و تعد المادة ( ١٠٩ ) من القانون نفسه بأن ذا الغفلة حكمه حكم السفيه. أي بعبارة أخرى، اعطى القانون المدني لتصرفاتهم حكم تصرفات الصفير المميز (م ٩٧ مدني) . وينص قانون المرافعات المدنية في الفقرة ( ٢ ) من المادة ( ٣٠٧ ) على القاضي استدعاء المطلوب حجره لسفه وسماع أقواله ودفوعه فيما يتعلق بحجره ” . وعليه، فإن ذا الغفلة والسفيه محجوران عن إجراء التصرفات الضارة بهما دون النافعة لهما . وبهذا فإن الحجر عليهما يكون حجرا قضائيا أو حكميا . والذي يقوم بإدارة أموالهم ووليهم المحكمة أو وصيها فقط طبقا للفقرة ( ١ ) من المادة ( ١٠٩ ). ونصت م ( ١١٠ ) على أن ذا الغفلة حكمه حكم السفيه. ويرفع الحجر عن السفيه وذي الغفلة إذا ثبت ببينة عادلة أنه أصلح حالة وأصبح يحسن التصرف بأمواله وادارة شؤونه .
خامساً : القيمومة ( القوامة ) على السجين والمحكوم بالإعدام :
هناك حالات نص عليها في القانون (11) عدها المشرع أسبابا خاصة المحجر على الشخص لمنعه من التصرف في ماله ل، ما دام ذلك السبب قائما فيه . . . من ذلك ما جاء في قانون العقوبات العراقي ١١١ لسنة ١٩٦٩ . الحجر القانوني على المحكوم عليهم بعقوبة الإعدام أو السجن المؤبد أو المؤقت، وأن كل من حكم عليه بهذه العقوبة لا يجوز له أن يتولى إدارة أمواله أو التصوف بها بغير الإيصاء أو الوقف ابتداء من تاريخ الحكم عليه، ويعين قيم لهذه الإدارة تقره المحكمة المختصة . وبهذا يكون الحجر عليهم بقوة القانون مدة تنفيذ العقوبة . ونص القانون على بطلان جميع تصرفاتهم وعقودهم، ما عدا الحقوق اللازمة لأشخاصهم. ولا يرتفع الحجر عنهم إلا بعد انقضا، مدة عقوبتهم أو الإفراج عنهم. وعندئذ ترد أمواله إليه ويلزم القيم أو الوصي الذي عينه أو عينته المحكمة بتقديم حساب عن إدارته للأموال. وتختص محكمة الأحوال الشخصية أو المواد الشخصية التي يقع ضمن منطقتها محل إقامة المحكوم عليه، بتعيين قيم عليه عملا، بأحكام المادة ٩٧ من قانون العقوبات لإدارة أمواله بعد تقديم طلب من قبل السجين أو الادعاء العام أو كل ذي مصلحة. ويكون القيم تحت رقابة المحكمة المختصة في أعماله ولها أذ تقدر له أجرا. و تقضي المادة ( ٩٨ ) من قانون العقوبات بمثل ذلك بالنسبة للمحكوم عليه بالإعدام خلال الفترة من يوم صدور الحكم إلى وقت تنفيذه. فيمتع على المحكوم عليه مباشرة أعماله وادارة أمواله الخاصة وانما يتولى ذلك بدلا عمه (قيم) يختاره المحكوم عليه وتقره المحكمة. وتصدر حجة قيمومة على الجين وعلى الحو الآتي.
سادساً : القيومة (القوامة) لا على الغائب والمفقود :
الغائب خلاف الحاضر الشاهد، وهو ما غاب عن النظر، وقد عرفته المادة ( ٨٥ ) من قانون رعاية القاصرين ” الغائب هو الشخص الذي غادر العرق أو لم يعرف له مقام فيه مدة تزيد على السنة دون أن تنقطع أخباره وترتب على ذلك تعطيل مصالحه أو مصالح غيره ” . أما اصطلاحا فهو الذي لا يعرف موطنه ولا مكان وجوده الفعلي سواء أكانت حياته معروفة أم غير معروفة. و لهذا يعد الأسير أو المعتقل بحكم الغائب ولو كانت إقامته معروفة لدى الجهة التي أسرته أو اعتقلته. فالغيبة مانع مادي يعوق الشخص عن مباشرة التصرفات القانونية بنفسه – رغم كمال أهليته – فإنه يقام وكيل عنه وينص القانون على أن المحكمة تقيم وكيلا عن الغائب متى انقضت مدة سنة أو أكثر على غيابه، وترتب على ذلك تعطل مصالحه.
ما المفقود، فقد عرفته المادة ( ٨٦ ) من القانون ذاته ” المفقود هو الغائب الذي انقطعت أخباره ولا تعرف حياته أو سماته ” (12) أي أنه الشخص الذي غاب فانقطعت أخباره فلم يعرفه أهو حي أم ميت، فصار مجهول (الحال والمكان) ولهذا فهو أكثر مجهولية من الغائب. ويقرر الفقهاء، أن المفقود يعد حيا، فتبقى زوجته على عصمته كما تبقى أمواله على ملكه، قبل ن ينتهي فقدانه، بإحدى الحالات التي بينها المادة ( ٩٢ ) من القانون على أن ” تنتهي الغيبة بزوال سببها أو بموت المفقود أو بحكم من المحكمة المختصة باعتباره ميتا ” إذن الحالات هي :
1- عودة المفقود حيا فيمارس مصالحه بنفسه.
٢ - موت المفقود حقيقة في وقت معين ومكان مبين.
3- أن تحكم المحكمة باعتباره ميتا (13) من وقت صدور الحكم (14) فيرثه من كان حيا حين صدور الحكم ولا يستحق الورثة الذين ماتوا قبل صدور الحكم (15) ولو بعد الفقدان كما تعتد زوجته عدة الوفاة من تاريخ صدور الحكم.
ولغرض نصب قيم على المفقود فقد رسمت المادة ( 78 ) من قانون رعاية القاصرgين الطريق بأن أوجبت الإعلان عن حالة المفقود بقرار من المحكمة، وعلى هذا فإن الاعلان الذي يجري من سلطة التحقيق أو من ذوي المفقود لا يقوم مقام الإعلان المقرر في هذه المادة ويقوم مقام الإعلان قرار وزير الدفاع بالسبة لأفراد القوات المسلحة ، وقرار وزير الداخلية بالنسبة لأفراد قوى الأمن الداخلي ويلغى الإعلان إذا ظهر دليل على حياة المفقود . والإعلان المقصود تضع صيغته المحكمة ويصدر عنها تطلب فيه من المفقود أو ممن يعرف شيئا عنه مراجعة المحكمة خلال مدة معية ويكفي لنشره صحيفة واحدة . . . وخلال مدة الإعلان إذا ظهرت حياته أو ثبتت وفاته فتلغى الإجراءات والا قررت المحكمة عده مفقودا ونصبت عليه قيما . ويجب ملاحظة أنه إذا كان للمفقود أو الغائب وكيل فإنه يبقى على وكالته ولا تؤثر الغيبة أو الفقدان فيها ، وهذا ما نصت عليه المادة ( ٨٨ ) من القانون نفسه ا(إذا لم يكن للغائب أو المفقود وكيل عينت المحكمة قيما عليه ) . كما نصت المادة ( ٨٩ ) ” يسري على القيم ما يري على الوصي من أحكام إلا ما يستثنى بنص خاص ” . و يجب ملاحظة أن وزارة العدل أصدرت تعميما بتاريخ ٩ / ١٢ / ١٩٨٢ أوصت بوجوب تعيين الزوجة قيما على المفقود ووصيا مؤقتا على أولاده، فإذا لم يكن متزوجا فإن المحكمة تنصب الأب. هذا ويلاحظ أن الأسير يعد غائبا ولا يعتبر مفقودا.
كيفية إصدار حجة نصب قيم على المفقود :
أولاً : المفقود العسكري :
ولنصب القيم على المفقود العسكري تتبع الإجراءات الآتية :
1- يجب أن تستند المحكمة إلى تأييد من مديرية إدارة الضباط بالنسبة للضباط ومن إدارة المراتب إذا كان المفقود جنديا أو ضابط صف أو نائب ضابط . أما بالنسبة لمنتسبي وزارة الداخلية فمن مراجعهم المختصة (مديرية الشرطة العامة) ولقوات الحدود من قيادة قوات الحدود، وللجيش الشعبي من قيادة الجيش الشعبي إذ يعد ذلك بمثابة إعلان حالة الفقدان وبالتالي لا تحتاج المحكمة أن تصدر قرارا بإعلان فقدان العسكري.
٢ - تقديم طلب من ذوي العلاقة (الزوجة أو الأم أو الأب أو الابن) أو صاحب المصلحة وابراز بيان من مختار محلة المفقود لترشيح قيم عليه . وتقدم الزوجة على الأبوين في نصبها قيمة على زوجها المفقود .
٣ - تتثبت المحكمة من علاقة صاحب الطلب به وذلك بإبراز هوية الأحوال المدنية أو عقد الزواج للمفقود إن كان متزوجا أو قرار حكم، كما تبرز هويات الأحوال المدنية للأولاد إن كان له أولاد .
٤ - تستمع المحكمة للبينة الشخصية إلى (شاهدين معروفين يؤيدان أهلية القيم المرشح وأمانته وقدرته وصلاحيته ولياقته ليقوم بأمور القيمومة ) .
٥ - تصدر المحكمة الحجة بنصب القيم على المفقود المعلن فقدانه والوصي المؤقت على أولاده إن كان له أولاد قاصرون . وتشعر مديرية رعاية القاصرين بنصب القيم لتقوم بتثبيت أمواله واحصائها كي تشرف وتحاسب القيم وفقا لأحكام المادة ( ٤٠ ) من قانون رعاية القاصرين .
ثانياً : المفقود المدني :
إذا كان المفقود مدنيا متقاعدا أو موظفا أو طالبا أو عاملا أو صاحب مهنة عندئذ يجب اتباع الإجراءات التالية في نصب قيم عليه :
1- تقديم عريضة من ذوي العلاقة (الزوجة أو الأم أو الأب أو الأبوين أو صاحب مصلحة) تتضمن فقداه الشخص وحالته وتاريخ الفقد وهل له أولاد وفيهم قاصرون أم لا؟ تدوين أسمائهم و أعمارهم.
2 – تكتب المحكمة لسلطة التحقيق المختصة لإجراء التحقيق حول الفقدان وتطلب من مركز الشرطة تعميم أوصافه وتطلب الأوراق التحقيقية إن كان الفقدان قديما .
3- وبعد السؤال من مركز الشرطة والاطلاع على الأوراق التحقيقية بعدم العثور عليه، تصدر المحكمة قرارا بالإعلان عنه في صحيفة محلية ويتطرق الإعلان إلى أن المحكمة سوف تقرر نصب قيم عليه وعلى أولاده القاصرين.
٤ – وبعد مرور مدة الإعلان تثبت المحكمة في علاقة المستدعي أو المستدعية (الزوجة) وابراز المستندات كعقد الزواج وهوية الأحوال المدنية واحضار شاهدين يؤيدان صلاحيته ولياقتها للقيمومة وأمانتها وقدرتها على القيام بأمور القيمومة وبعد ذلك تصدر المحكمة الحجة وتشعر مديرية رعاية القاصرين بإصدار الحجة
________________
1- للمزيد من التفاصيل راجع د. أحمد علي الخطيب، الحجر على المدين لحق الغرماء في الفقه الإسلامي والقانون المقارن، مطبعة دار التأليف ١٩٦٤ ، ص ٦٧ – ٧٠ .
2- انظر د. صبحي محمصاني ، المبادئ الشرعية والقانونية في الحجر والنفقات والمواريث والوصية ، دار العلم للملايين ، ط ١ ، بيروت ١٩٧٧ ، ص ٥٦ - ٥٧ .
3-انظر الشيخ محمد أبو زهرة ، محاضرات في عقد الزواج وأثاره ، ملتزم الطبع والنشر ، دار الفكر العربي ، ١٩٧١ ، ص ٣٦١ .
4- انظر محمد أبو زهرة، المرجع السابق، ص ٤٧٣ .
5- انظر د. أحمد علي الخطيب، الحجر على المدين. . . ،المرجع السابق، ص ١٢٦ . ود. توفيق حسن فرج، المدخل للعلوم القانونية، النظرية العامة للقانون والنظرية العامة للحق، مؤسسة الثقافة الجامعية ط ٢ ، ١٩٨١ ء ص ٦٤٦ - ٦٤٧ .
6- راجع د. أحمد علي الخطيب ، المرجع السابق، ص ١٢٧ - ١٢٨ .
7- أشار إليه د. صبحي محمصاني، المبادئ الشرعية والقانونية. . . المرجع السابق، هاشم ( ٢ ) ص 123.
8- سورة النساء، الآية : ( ٥ ).
9- سورة البقرة، الآية : ( ٢٨٢ ).
10- انظر د. محمد زيد الابياني، شرح الاحكام الشرعية. . . . ، ص 210 . د. توفيق حسن فرج ، المدخل للعلوم القانونية. . .المرجع السابق ، ص ٦٥٢
11- انظر د. أحمد علي الخطيب ، الحجر على المدين. . .، المرجع السابق، ص 128.
12- ومن تلك الأسباب أيضأ، الحجر علي المدين بسبب الأعسار أو الإفلاس وذلك لمنعه عن التصرف في ماله بما ينقص من حقوقه أو يزيد في التزاماته حماية لحقوق دائنيه بالمواد ( ٢٧٠ - ٢٧٩ ) من القانون المدني العراقي.
13- عرف القانون المدني العراقي في ١ م ٣٦ المفقود بأنه ” امن غاب بحيث لا يعلم أحي هو أم ميت، يحكم بكونه مفقودا بناء على طلب كل ذي شأن “.
14- أوضحت المادة (٩٣) من قانون رعاية القاصرين الحالات التي يحكم فيها بموت المفقد ، كي ينتهي الفقدان ، فنصت على أنه ” للمكمة أن تحكم بموت المفقود في إحدى الحالات الآتية :
١ - إذا قام دليل قاطع على وفاته .
٢ - إذا مرت أربع سنوات على إعلان فقده.
٣ - إذا فقد في ظروفه يغلب معها افتراض هلاكه ومرت سنتان على إعلان فقده.
3 . تنص المادة ( ٩٥ ) من قانون رعاية القاصرين على أنه (يعتبر يوم صدور الحكم بموت المفقود تاريخا لوفاته ) .
15- تنص المادة ( ٩٦ ) من القانون ذاته ” تقسم تركة المفقود المحكوم بموته وفق المادة ( ٩٥ ) من هذا القانون على ورثته الموجودين وقت الحكم بموته ” .
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً