الحق في المحاكمة العادلة
ميشال شماس
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
قبل الحديث عن وضع المحاكم والمحاكمات في القانون السوري، ومدى التزامها بالمعايير الدولية التي نصت عليها العهود والمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، لا بدّ أولًا من بيان الشروط والمعايير التي نصّت عليها العهود والمواثيق الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان.
نشأ وتطور الحق في المحاكمة العادلة، باعتباره حقًا من الحقوق الأساسية للإنسان مع تطور الفكر الإنساني، ومع تطور فكرة العدالة بحد ذاتها، وازداد الاهتمام بهذا الحق، ولا سيّما بعد الحرب العالمية والأهوال والمآسي التي نتجت عنها، حيث توجهت إرادة الدول الموقعة على ميثاق الأمم المتحدة إلى إصدار إعلان يهتم بحقوق الإنسان عام 1948، سمّي بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وأكد بوضوح على الحق في المساواة، والحق في الحياة والحرية والأمان، والحق في عدم الخضوع لأي تعذيب أو معاملة قاسية مهينة للكرامة في المواد (1 و5 و6) بوصفها المثل الأعلى المشترك الذي ينبغي أن تبلغه كافة الشعوب وكافة الأمم، ومن بين تلك الحقوق، الحق في محاكمة عادلة، وقد ورد النص عليها في المواد (7، 8، 9، 10، 11) وقد أكدت جميعها على حق المساواة واللجوء إلى المحاكم التي يجب أن تكون مستقلة، وعدم اعتقال أي شخص تعسفيًا، واعتبار المتهم بريئًا حتى تثبت إدانته في محاكمة علنية توفر جميع الضمانات لحق الدفاع، وعدم إدانة أي شخص بجريمة بسبب عمل أو امتناع عن عمل لم يكن في حينه يشكل جرمًا، بمقتضى القانون الوطني والدولي، كما لا توقع عليه أي عقوبة أشد من تلك التي كانت سارية في الوقت الذي ارتكب فيه الفعل الجرمي.. إلخ.
في عام 1966 صدر العهد الدولي في الحقوق المدنية والسياسية الذي بدى أكثر وضوحًا في تحديد معايير المحاكمة العادلة، ولا سيما في المواد (9، 14، 15) منه. نصت المادة (9) على حق الفرد في الحرية والأمان على شخصه، وعلى ألا يجوز توقيفه تعسفًا، ويجب إبلاغ من تم توقيفه بأسباب توقيفه، وأن يقدم سريعًا للقضاء، ولكل شخص حُرم من حريته الرجوع إلى المحكمة لكي تفصل دون إبطاء في قانونية اعتقاله، وتأمر بالإفراج عنه، إذا كان الاعتقال غير قانوني، وحق كل شخص كان ضحية توقيف أو اعتقال غير قانوني في الحصول على تعويض. ونصت المادة (15) على عدم إدانة أي فرد بأي جريمة، بسبب فعل أو امتناع عن فعل لا يشكل جرمًا، وعدم جواز فرض عقوبة عن تلك التي كانت سارية المفعول، وقت الجريمة.. إلخ.
أما المادة (14) فقد وضعت معايير تفصيلية للمحاكمة العادلة، وفق ما يلي:
الناس جميعًا سواء أمام القضاء، ومن حق كل فرد، لدى الفصل في أي تهمة جزائية توجه إليه أو في حقوقه والتزاماته في أي دعوى مدنية، أن تكون قضيته محل نظر منصف وعلني من قبل محكمة مختصة مستقلة حيادية منشأة بحكم القانون.
من حق كل متهم بارتكاب جريمة أن يعدّ بريئًا إلى أن يثبت عليه الجرم بالقانون.
لكل متهم بجريمة أن يتمتع، أثناء النظر في قضيته، وعلى قدم المساواة التامة، بالضمانات الدنيا التالية:
– أن يتم إعلامه سريعًا وبالتفصيل وبلغة يفهمها، بطبيعة التهمة الموجهة إليه وبأسبابها.
– أن يعطى من الوقت ومن التسهيلات ما يكفيه لإعداد دفاعه ولاتصال يختاره.
ـ أن يحاكَم دون تأخير لا مبرر له.
– أن يحاكم حضوريًا وأن يدافع عن نفسه شخصيًا أو بواسطة محام من اختياره، وأن يخطر بحقه في وجود من يدافع عنه، إذا لم يكن من يدافع عنه دون تحميله أجرًا على ذلك، إذا كان لا يملك الوسائل الكافية لدفع هدا الأجر.
ـ أن يناقش شهود الاتهام بنفسه أو من قبل غيره، وأن يحصل على الموافقة على استدعاء شهود النفي بالشروط ذاتها المطبقة في حالة شهود الاتهام.
ـ أن يُزوّد مجانًا بترجمان إذا كان لا يفهم أو لا يتكلم اللغة المستخدمة في المحكمة.
ـ ألا يُكره على الشهادة ضد نفسه أو على الاعتراف.
في حالة الأحداث، يراعى جعل الإجراءات مناسبة لسنهم ومواتية لضرورة العمل على إعادة تأهيليهم.
لكل شخص، أدين بجريمة وفقًا للقانون، حق اللجوء إلى محكمة أعلى، تعيد النظر في قرار إدانته، وفي العقاب الذي حكم به عليه.
حين يكون قد صدر على شخص ما حكمٌ نهائي يدينه بجريمة، ثم أبطل هذا الحكم أو صدر عفو خاص عنه على أساس واقعة جديدة، أو واقعة حديثة الاكتشاف تحمل الدليل القاطع على وقوع خطأ قضائي، يتوجب تعويض الشخص الذي نزل به العقاب نتيجة تلك الإدانة وفقًا للقانون، ما لم يثبت أنه يتحمل كليًا أو جزئيًا المسؤولية عند عدم إفشاء الواقعة المجهولة في الوقت المناسب.
لا يجوز تعرض أحد محدد للمحاكمة أو للعقاب على جريمة، سبق أن أدين بها أو برئ منها لحكم نهائي، وفقًا للقانون وللإجراءات الجنائية في كل بلد.
وفي 1949 أصدرت الأمم المتحدة اتفاقيات جنيف الأربع الخاصة بالنزاع المسلح، وفي عام 1966 أصدرت اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، وأصدرت في عام 1981 اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وفي عام 1984 أقرت الأمم المتحدة اتفاقية مناهضة التعذيب ضمانات تكفل حماية حقوق الأشخاص الذين يواجهون عقوبة الإعدام، كما أصدرت في عام 1985 المبادئ الأساسية لاستقلال القضاء، وفي عام 1988 أصدرت أيضًا مجموعة مبادئ الأمم المتحدة لحماية الأشخاص الذين يتعرضون لأي من أشكال الاحتجاز أو السجن. وفي عام 1990 أصدرت المبادئ الأساسية الخاصة بدور المحامين والمبادئ التوجيهية الخاصة بدور أعضاء النيابة العامة. وفي العام نفسه صدرت اتفاقية حقوق الطفل، وقد أكدت جميع تلك الاتفاقيات والمعاهدات والمبادئ على ضمان قيام محاكمات عادلة.
وبدورها أصدرت منظمة العفو الدولية، عام 1998، دليلًا للمحاكمات العادلة، أكدت فيه على:
التطبيق العابر للحدود الوطنية لواجبات حقوق الإنسان، حيثما تمارس الدولة سيطرتها على البشر أو الأراضي.
الاعتراف المتنامي بأن النزاهة تقتضي احترام حقوق المجني عليهم على نحو يتساوق مع حقوق المتهمين.
الاهتمام المتزايد بالآثار المترتبة على التمييز في إطار نظام القضاء الجنائي.
الاعتراف الصريح بالحق في المساعدة القانونية أثناء جلسات التحقيق.
التوسع في الفقه القانوني المتعلق باستبعاد الأدلة، بما يتجاوز الإفادات المنتزعة عن طريق التعذيب.
حظر أحكام الإعدام الإلزامية.
آثار حقوق المحاكمات العادلة على الحقوق الأخرى، بما في ذلك، على سبيل المثال، الحق في الحياة الأسرية والخاصة.
الاعتراف المتزايد باعتبار ترحيل الشخص إلى دولة يمكن أن يخضع فيها لمحاكمة جائرة أمرًا مخالفًا للقانون.
واستنادًا إلى ما تقدم يمكن استخلاص معايير أساسية للمحاكمة العادلة:
المعيار الأول: استقلال السلطة القضائية، باعتبارها الضمانة الأساسية لاحترام حرية الإنسان، وضمان حقه في محاكمة عادلة.
المعيار الثاني: احترام سيادة القانون، قبل المحاكمة وخلالها وبعد صدور الحكم، وضرورة أن تتقيد الضابطة العدلية وقضاة النيابة والمحكمة بالقانون.
المعيار الثالث: توفير الضمانات القانونية والواقعية، لتمكين هيئة الدفاع بمهامها، وهذا يستلزم وجود نقابة محامين مستقلة فعلًا قادرة على حماية أعضائها، وتمكينهم من القيام بمهامهم في إطار القانون والمبادئ المنصوص عليها في المواثيق الدولية والمبادئ المحددة لدور المحامين.
المعيار الرابع: احترام حقوق المتهم، ويندرج تحت هذا المعيار حق المتهم في إعلامه بحقوقه باللغة التي يفهمها، وإعلامه بأسباب توقيفه والتهم الموجهة إليه، وحقه في اختيار محام يدافع عنه، وفي عدم تعرضه للتعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وفي عدم اعتماد أقواله وتصريحاته واعترافاته المنتزعة تحت التعذيب، والالتزام بتطبيق مبدأ الشرعية: أي “لا جريمة ولا عقوبة بدون نص”، والالتزام بعدم رجعية القوانين وتطبيق العقوبة الأصلح للمتهم، وافتراض أصل البراءة، وأن يفسر الشك لمصلحته.. إلخ.
هذه المعايير وضعت لأجل حماية الإنسان في حريته وحياته، والالتزام بها ما زال يشكّل هاجسًا ومطلبًا لجميع المؤمنين بحماية حقوق الإنسان، وفي طليعتها المنظمات الدولية والوطنية التي ترى أن الالتزام بمعايير المحاكمة العادلة شرطٌ من شروط تأسيس دولة القانون، اعتمادًا على المساواة بين أفراد المجتمع، وحقٌ من الحقوق الأساسية التي يجب أن تضمنها الدساتير والتشريعات الوطنية وتحميها، لتأمين تحقيق العدالة عبر كافة مراحل وإجراءات التحقيق والمحاكمة ومكان تنفيذ العقوبة.
أما مدى التزام المحاكم السورية بتلك المعايير الدولية،
المحاكم السورية لا تلتزم بالمعايير الدولية للمحاكمة العادلة
صادقت سورية على أغلب الاتفاقيات والمواثيق الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان، ولاسيما الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي في الحقوق السياسية والمدنية، واتفاقية مناهضة التعذيب، واتفاقية الطفل، واتفاقية منع جميع أشكال التمييز العنصري، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وأكدت جميعها على حماية حقوق الأفراد، سواء كانوا ذكورًا أم إناثًا، أطفالًا أم شيوخًا، وذلك منذ لحظة القبض عليهم، وأثناء احتجازهم قبل تقديمهم إلى المحاكمة، وعند محاكمتهم، وحتى آخر مراحل الاستئناف والنقض. واعتبرت عدم الالتزام بها يمثل انتهاكًا كبيرًا لحقوق الإنسان، كالزَّجّ بالأفراد في السجون، لأسباب تُدْرجهم في عداد سجناء الرأي والتعذيب، واستخدام العقوبات القانونية التي ترقى إلى حد التعذيب أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
إن تصديق السلطات السورية، على تلك الإعلانات والاتفاقيات والمعاهدات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، لم ينعكس إلا حبرًا على الورق، فمن يطلع مثلًا على الدستور السوري الصادر عام 2012 ومختلف القوانين السورية، فسيلحظ بوضوح على أنها اشتملت على الحق ونقيضه، فمثلًا نص الدستور على اعتبار التعذيب جريمة معاقب عليها، لكن على أرض الواقع، يجري التعذيب على نطاق واسع وممنهج في كافة السجون والمعتقلات الأمنية. ولا يستطيع الضحايا اللجوء إلى القضاة لمقاضاة المجرمين، بسبب وجود قوانين تحمي الجناة وتمنع من ملاحقتهم ، كما في قانون إحداث إدارة أمن الدولة الصادر بالمرسوم التشريعي، رقم 14 تاريخ 25/ 1/ 1969، حيث نصت المادة 16 منه: (لا يجوز ملاحقة أي من العاملين في إدارة أمن الدولة عن الجرائم التي يرتكبونها، أثناء تنفيذ المهمات المحددة الموكلة إليهم أو في معرض قيامهم بها، إلا بموجب أمر ملاحقة يصدر عن المدير)، وكذلك المادة 74 منه منعت حتى ملاحقة المنتدبين أو المعارين إليها أو المتعاقدين معها مباشرة أمام القضاء، في الجرائم الناشئة عن الوظيفة، أو في معرض قيامه بها قبل إحالته على مجلس التأديب في الإدارة، واستصدار أمر ملاحقة من قبل مدير إدارة المخابرات العامة. والمرسوم رقم 55 لعام 2011 الذي منح سلطة توقيف واسعة لعناصر المخابرات دون مساءلة.
والمرسوم التشريعي رقم 69 لعام 2008 الذي حصر قرار ملاحقة عناصر الشرطة والأمن السياسي والجمارك المتهمين بممارسة التعذيب، بوزير الدفاع وأمام القضاء العسكري، رغم أنهم يتبعون إداريًا لوزارة الداخلية، وليس للقيادة العامة للجيش والقوات المسلحة. أما حق اللجوء إلى القضاء، فبالرغم من النص عليه في الدستور، إلا أن السلطة عادت وحجبت هذا الحق بنصوص القوانين، كما في المادة 137 من قانون العاملين الأساسي في الدولة رقم 50 لعام 2004 التي منحت رئيس مجلس الوزراء الحق في صرف أي عامل في الدولة، دون إبداء السبب، والقرار الصادر بهذا الشأن غير قابل للطعن أمام القضاء. والمادتان 107 و108 من قانون تنظيم مهنة المحاماة رقم 30 لعام 2010 اللتان أجازتا لرئيس مجلس الوزراء حل المؤتمر العام ومجلس النقابة ومجالس الفروع العام ومجلس النقابة ومجالس الفروع، بقرار مبرم وغير قابل للطعن أو المراجعة. والمادة 7 من قانون الاستملاك التي نصت على أن (مرسوم الاستملاك مبرم وغير قابل للطعن أو المراجعة).
وكذلك الوضع في محكمة الإرهاب لا يختلف كثيرًا، حيث يجري استجواب المتهمين أمامها في ظروف بالغة السوء، من قبل قضاة فاقدي الاستقلالية، ولا يسمح للمتهم بالحديث مع محاميه، ويتم استجوابه في كثير من الأحيان من دون محام، كما لا يسمح للمحامي بتصوير ملف القضية، يضاف إليها السطوة الكبيرة لعناصر الأمن الشرطة وتدخلهم في عمل المحكمة.
أما الأمر الأكثر خطورة ومأسوية، فيتمثل بوجود محاكم الميدان العسكرية “محاكم العار” المحدثة بالمرسوم رقم 109 لعام 1969 التي أعفاها المشرع من التقيد بالأصول والإجراءات المنصوص عليها في القوانين، وتعقد جلساتها في مكان سرّي في أي مكان تريده، ولا تسمح أبدًا لأي كان بمراجعتها، ويمنع المحامي من الترافع أمامها، كما تصدر أحكامها بصورة مبرمة، لا يمكن الطعن بها.
وهكذا لم يكفِ النص في الدستور على بعض المعايير الدولية للمحاكمة العادلة، ولا التصديق على المعاهدات والاتفاقيات الدولية، لوصف المحاكمات السورية بأنها عادلة. فالنص على تلك المعايير -على أهميته- لا يكفي لوحده، ما لم يترافق التصديق والنص بإلغاء وتعديل القوانين التي تتعارض مع نصت عليه المعاهدات والمواثيق الدولية، ودعمها بمؤيدات جزائية تردع المخالفين لها من الحكام أو المحكومين على السواء، وما لم يترافق أيضًا بخضوع الدولة للأحكام التي يصدرها القضاء وتنفيذها دون إبطاء، وعدم التدخل في شؤون القضاة والقضاء وضمان استقلاله.
طموح السوريين اليوم في أن يروا دولتهم تقف على مسافة واحدة منهم، وأن تكون كرامتهم فيها مصانة وحقوقهم محفوظة، وأوّل خطوة في هذا الاتجاه هي استكمال التصديق على المعاهدات الدولية ذات الصلة، وإلغاء المحاكم الاستثنائية، وتعديل نصوص القوانين التي تمنع حق التقاضي الدولة السورية، وصياغة دستور وطني يتفق وأحكام هذه المعاهدات، والتأكيد على أهمية الالتزام بالمعايير الدولية للمحاكمات العادلة وضمان تنفيذها بمؤيدات جزائية، ويأتي في مقدمة تلك المعايير:
1- حق المواطنات والمواطنين السوريين في المساواة أمام القانون وفيه، بعيدًا عن أي تمييز في الرأي والدين واللون والجنس والعرق.
2- حقهم في عدم التعرض للقبض عليهم بشكل تعسفي، وإبلاغهم حقوقهم قبل مباشرة التحقيق، وسبب القبض عليهم وتوكيل محام، وإبلاغ أسرهم بخبر القبض عليهم ومكان احتجازهم، وحرية التواصل معهم، وعرضهم على القضاء بسرعة، والإفراج عنهم بكفالة.
3- حقهم في عدم احتجازهم في أماكن وأوضاع غير إنسانية، وعدم التعرض للتعذيب، والتحقيق في مزاعم التعذيب وعدم الاعتداد بأقوالهم المنتزعة منهم تحت التعذيب، وعدم إجبارهم على تجريم أنفسهم.
4- حقهم في افتراض البراءة، تطبيقًا لمبدأ “كل شخص متهم بجريمة يُعتبر بريئًا إلى أن يثبت ارتكابه لها قانونًا في محاكمة علنية تكون قد وُفِّرت له فيها جميع الضمانات اللازمة للدفاع عن نفسه”، وسرعة البت في قضيته في محاكمة علنية، أمام محكمة مختصة ومستقلة وحيادية منشأة بحكم القانون، وتوفير كافة ضمانات الدفاع وحضور المحاكمة والاستعانة بمترجم ومناقشة الشهود. وعدم محاكمتهم مرة أخرى بالجرم نفسه.
5– أن تكون السلطة القضائية مستقلة وحيادية، أي أنّ القضاء يجب أن يتمتع وحده بسلطة الفصل في المنازعات بين الأفراد وبين الدولة والأفراد. ويجب ألا تتعرّض الهيئة القضائية ككل، وألا يتعرض كل قاضٍ على حدة، إلى التدخل في عمله من جانب أفراد بعينهم. ويجب أن يتمتع القضاة بحرية الحكم في المسائل المعروضة عليهم استنادًا إلى الحقائق الثابتة وبموجب القانون، بعيدًا عن التدخل أو المضايقة أو التأثير من جانب أي فرع من فروع الحكومة أو الأفراد بصفتهم الشخصية.
إن إدراكنا اليوم يجب أن يتركز على فهم أفضل لحاجتنا إلى العدالة، وأهميتها في بلادنا التي نعاني فيها أطفالًا وشبابًا ونساءً ورجالًا من الظلم منذ عقود طويلة. كما يجب أن يدفعنا باتجاه تطوير مناهج التربية والتعليم في مدارسنا، وتضمينها مواد تتدرج في أفق التربية على احترام القانون وحقوق الإنسان، وإنشاء مقاعد في الجامعات تهتم بالقضايا الفكرية والسياسية والقانونية التي يطرحها موضوع حقوق الإنسان في بلادنا والعالم، كل ذلك بهدف تعليم أولادنا منذ الصغر على أهمية احترام حقوق الإنسان، حتى عندما يكبرون يصبحون على معرفة بحقوقهم المتأصّلة وبأهمية كرامة الإنسان وحريته، ويكسبون المهارات التي يحتاجونها لمنع أي انتهاكات قد يتعرضون لها في حقوقهم، والقدرة على تغيير الأوضاع السيئة نحو الأفضل.
اترك تعليقاً