يعد المهر من الآثار التي تترتب على عقد الزواج ، وهو من الحقوق المالية للزوجة على زوجها . فالمهر لغة العطية يقال أمهرت المرأة أي أعطيتها المهر ، وللمهر مسميات متعددة في كتب الفقه منها (الصداق (1) والصدقة ، والنحلة (2) والأجر ، والفريضة (3) والعقر ، والطول والعلائق ، والحباء) . وشرعا هو ما اوجبته الشريعة) الإسلامية على الرجل صيانة للمرأة من أن تمتهن كرامتها . أما المهر في الاصطلاح الفقهي ، فلم يتفق الفقهاء على تحديد معناه ، فذهب فريق من الفقهاء ، إلى القول أن المهر شرع عوضا عن ملك الزوج الاستمتاع بزوجته شرعا . ويقولون هو المال الذي يجب للمرأة على الرجل ثمنا لجمالها والاستمتاع بها بسبب عقد الزواج . وهذه التعريفات نجمت عن النظرة المتخلفة التي سادت بعض العصور الإسلامية بسبب انتشار الجواري والتسري . وذهب فويق أخر من الفقهاء إلى أن المهر شرع (4) لإبانة شرف عقد الزواج وخطره لا عوضا عن ملك الزوج والاستمتاع بزوجته ، فيعرفونه (بأنه ما يقدمه الزوج لزوجته على أنه هدية لازمة وعطاء واجب على الزوج لزوجته يقدمه في مطلع الحياة الزوجية لأمرأته وشريكة حياته (5) فهو من باب التكريم للمرأة والهدية الواجبة بمناسبة عقد الزواج عليها . والمهر في الحقيقة رمز يعبر به الرجل عن رغبته في الاقتران بالمرأة وإعزازه لإنسانيتها ولمعاني سكنه إليها وسكنها إليه ، وهذه معان جليلة تسمو عن أن تكون مجرد الشهوة الجنسية ، ولا تقدر بمال على أي حال وبهذا فالمهر ليس ثمنا للمرأة أو ثمنا لجمالها أو للاستمتاع بها كما يدعيه أعداء الإسلام ويتوهمه العامة ، وانما هو رمز للرغبة الأكيدة في الاقتران بالمرأة (6) ولكن يجب عدم المغالاة في المهور لئلا يرهق كاهل الزوج باشتراط المال الكثير والشروط التعجيزية التي يضعها بعض الآباء والأمهات أمام الرجل عندما يخطب الفتاة . قال الرسول (صلى الله عليه وآله) : (إذا جاءكم من ترتضون خلقه ودينه فزوجوه) ثم حذر بشدة من مخالفة ذلك فقال عليه الصلاة والسلام : (أن لا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) . والأئمة (7) والفقهاء جميعهم كرهوا المغالاة بالمهور لما ينشأ عن ذلك من أخطار اجتماعية تحول دون تيسير الزواج الذي حض عليه الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله) : (أن أعظم النساء بركة ايسرهن صداقاً) (8) ويلاحظ أن أعراض الشباب اليوم عن الزواج سببه (غلاء المهور) وهو من المفاسد الاجتماعية والأخلاقية.
أنواع المهور :
أكدت الفقرة (1) من المادة (1٩) من القانون على أن (تستحق الزوجة المهر المسمى بالعقد. فإن لم يسم أو ينتفي أصلا فلها مهر المثل) من ظاهر النص ، يبدو أن هناك نوعين من المهور :
١- المهر المسمى : المهر الذي تستحقه الزوجة ، إما أن يكون مسمى أصلا إذا ذكر في أصل عقد . الزواج ، أي هو الذي يتفق العاقدان . على مقداره المعين في العقد أو يفرض للزوجة بالتراضي بعد العقد ، وللزوجة أن تمنع نفسها حتى تقبضه ولا تعد بذلك ناشزا .
٢- مهر المثل : إذا لم يذكر في أصل عقد الزواج ، والغالب في هذه الحالة أن يكون عقد الزواج قد جرى خارج المحكمة ، ذلك أن عقد الزوج يصح ولو لم يسم المهر أو نقي أصلاً . كما تستحق الزوجة مهر المثل في حالة كون الزوجين عقدا نكاحهما وهما على دين غير الإسلام حيث لا يجب للزوجة مهر ، ثم أسلم الزوج أو أسلما معا فإن الزوجية تبقى مستمرة ويترتب على الزوج مهر المثل لزوجته في حالة عدم تسمية مهر لهما عند العقد (9) . ومهر المثل ، أو مهر امرأة تماثلها أو توازيها من قوم أبيها كأختها أو عمتها أو بنات الأعمام أو امرأة من أسرة تقابل أسرتها ولا يُعد مهر المثل بمهر الأم أو الخالة إلا إذا كانت من قبيلة الأب. وتكون المماثلة في صفات متعددة هي السن ، والبكارة ٠ والجمال ؟ والثيوبة ؟ والخلق ، والتدين ، والعلم ، والعقل ، والمال ، وفي البلد والعصر ، وحال الزوج ، فإن وجدت هذه الصفات كانت المرأة مماثلة لقريبتها ، وكان المهو المسمى للمثيلة هو المثل .كما تستحق الزوجة مهر المثل في العقد الفاسد إذا تم الدخول فإن اسمي لها مهر استحقت أقل المهرين المسمى أو المثل ، وهذا ما نصت عليه المادة (٢2) من القانون ” اذا وقعت الفرقة بعد الدخول في عقد غير صحيح فإن كان المهر مسمى فيلزم أقل المهرين من المسمى والمثلي وان لم يتم فيلزم مهر المثل” .
من له حق التصرف في المهر :
قلنا أن المهر حق خالص للزوجة ، تتصرف فيه كيف شاءت متى كانت بالغة عاقلة كاملة الأهلية تتولى بنفسها قبضة أ و توكل من تشاء بقبضه ، أو يقبضه لها من تأذنه بالقبض. وليس للولي حق قبضه تلقائيا إلا إذا كانت الزوجة قاصراً ، أو محجورا عليها فيقوم بقبضه لحسابها ونيابة عنها .أما إذا كان المهر كله أو بعضه معجلا وجب على الزوج إيفاء هذا المعجل لزوجته فإن امتنع عن ذلك لم تجب عليها طاعته ولا يحكم عليها بالنشوز(10) وفقا للفقرة (٢) من المادة (٢٣) من قانون الأحوال الشخصية. ولها أن تبرئ ذمته منه كلا أو بعضا قبل قبضه ما دامت كاملة الأهلية ومن أهل التبرع. ولا يحق لأحد أن يمد يده إليه ما لم تخوله هي صلاحية التصرف فيه (11) .
متى تستحق الزوجة مهرها كله :
لما كان المهر حكما من أحكام الزواج ، وآثرا مترتبا عليه ، فإنه يستحق إذا كان العقد صحيحا ، ويلزم الزوج بالمهر كاملا لزوجته بواحد من ثلاثة مؤكدات هي :
1 - الدخول الحقيقي بالزوجة : فإذا دخل الزوج بزوجته تأكد عليه تمام مهرها سواء أكان هذا الدخول في العقد الصحيح أم في العقد الفاسد ، ومعنى ذلك ، آنه بالعقد يثبت المهر حقا للزوجة ، وبالدخول قد استوفت جل أحكامه من جانب الزوجة . فيؤكد المهر كله سواء أكان مهر المثل أم مهرا مسمى . وعند الجعفرية لا يتأكد المهر إلا بالدخول الحقيقي ، وهو الوطء المتحقق الذي يوجب الغسل لا مجرد الخلوة بالمرأة . وقيل بمجرد الخلوة وارخاء الستور (12) أي لا يشترط أن يكون الدخول حقيقيا وان كل تماس جنسي يوجب الغسل شرعا .
٢ - الموت : يتأكد المهر الثابت للزوجة على زوجها إذا مات أحاهما ولو قبل الدخول أو الخلوة ، أو قتل من قبل أجنبي أو بقتل الزوجة له (13) أو قتلها نفسها أو أن يقتل الزوج نفسه ، لأن الموت ، أنهى عقد الزواج مقررا كل أحكامه ، طالما لم يوجد قبله ما يسقط بعضه أو كله (14) . وحيث أن المهر قد ثبت بمجرد العقد ، فيعد دينا على الزوج ، والموت ليس مسقطا للديون في الشرع فلا يسقط به شيء من المهر كسائر الديون ، وبالموت أضحى المهر المؤجل مستحق الأداء كما يستحق المهر المؤجل بالبيونة بعد الدخول . وان ماتت الزوجة سواء أكان ذلك قبل الدخول أم بعده أخذ ورثتها نصيبهم من المهر من الزوج بعد احتساب نصيبه منه لأنه وارث (15) . وهاتان الصورتان نصت عليهما المادة (٢١) من القانون بقولها ” تستحق ” الزوجة كل المهر المسمى بالدخول أو بموت أحد الزوجين وتستحق نصف المهر المسمى بالطلاق قبل الدخول.
٣- الخلوة الصحيحة بين الزوجين (16) : وهي ما تسمى (بالدخول الحكمي) ، وهي أن يجتمع الزوج والزوجة في مكان يأمنان فيه بحيث لا يطلع عليهما غيرهما ولم يكن ما يمنع الدخول الحقيقي . واختلف الفقهاء في الطلاق الذي يقع بعد الخلوة الصحيحة وقبل الدخول ، فقال الحنفية والحنابلة أنه يجب المهر كاملا إذا طلقها بعد الخلوة ، وان لم يدخل بها ، ويرى المالكية أنه لا يتأكد إلا بالدخول ، أما الشافعية فيقولون أن الخلوة وحدها تؤكد المهر كله ، فإن حصل طلاق قبل الدخول الحقيقي فنصف المهر المسمى وحجتهم في ذلك قوله تعالى : (وأن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن) (17) أما الجعفرية فلا يتأكد إلا بالدخول الحقيقي وقد قال بعضهم بأن الخلوة تكفي إذا صاحبها ما يوجب الغسل. وقال أخرون أنه متى خلا الرجل بامرأته فأرخى الستر ثم طلقها وجب عليه المهر على ظاهر الحال ران لم يكن قد دخل بها ، إلا أنه إذا ثبت عدم الدخول لم يكن عليه سوى النصف (18). وعلى هذا فمعنى تحققت الخلوة الصحيحة استحقت الزوجة كامل مهرها فضلا عما ترتب عليها من أمور أخرى بحثت في محلها .
متى تستحق الزوجة نصف المهر :
الأصل أن المرآة تملك جميع المهر (معجله ومؤجله) بالعقد ، ولكنه ملك غير ثابت أن يسقط نصفه بالطلاق. وهذا يعني آنه لو كان للمهر غله – كما لو كانت بستانا- فان هذه الغلة من تاريخ العقد حتى تاريخ الطلاق جميعها للزوجة وقال تعالى في كتابه العزيز : (وان طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم) (19) . تفيد الآية الكريمة بأن للمرآة نصف المهر ، كذلك الحال ، لو أن الزوجة قبضت المهر كله قبل انحلال الرابطة الزوجية ، كان للزوج أن يطالب بعد انحلالها بنصف المهر. وعليه نصت المادة (٢١) من قانون الأحوال الشخصية بقولها “. . . وتستحق نصف المهر المسمى بالطلاق قبل الدخول ” اذن تستحق الزوجة نصف المهر في الحالات الآتية (20).
1- أن تقع الفرقة بين الزوجين قبل الدخول : لا خلاف بين الفقها ، ، بآن الطلاق قبل الدخول ، ينصفه المهر ، أن كان المهر مسمى ، وعليه فالزوجة تستحق نصف المهر المسمى اذا طلقها قبل الدخول ، والمهر المسمى يطلق على مجموع (المهر المعجل والمؤجل) فلو أن معجل المهر (٠٠٠ ا دينارا) ومؤجله (٥٠٠٠ دينار) فان نصف المهر هو (3000 دينار) تستحقه الزوجة ولا يحكم لها بأكثر من ذلك ويجب الانتباه على أن الذي ينتصف هو المهر المسمى لا مهر المثل (21) . آما اذا لم يكن ثمة مهر مسمى. وحصل الطلاق قبل الدخول فيان المطلقة تستحق المتعة وهي ما يعادل كسوة لأمثالها ويقدر ذلك القاضي بما لا يزيد على نصف مهر المثل.
2- أن تكون الفرقة من جانب الزوج سواء أكانت طلاتا أم فسخا في حالة ردة الزوج عن دين الاسلام قبل الدخول.
٣- في حالة التفريق للشقاق على وفق المادة (ا ٤/ف ٤/ب) بقوله (. . . إذا ثبت أن التقصير واقع من الطرفين فيقسم المهر المؤجل بينهما . . .) أي إذا ثبت أن التقصير مسترك مناصفة… .
٤ . في حالة التفريق للنشوز وفقا لأحكام المادة (25/5/أ) والجملة الثانية من الفقرة (ب) من قانون الأحوال الشخصية المعدل بالتعديل الرابع رقم (٥٧) لسنة 1980 ٠
سقوط المهر كله :
هناك حالات يسقط فيها المهر كله ، أي لا تستحق الزوجة شيئا من المهر. وهذا ما أشارت إليه الفقرة (٤ /ب) من المادة (٤١) بقولها ” إذا تم التفريق بعد الدخول يسقط المهر المؤجل. إذا كان التقصير من جانب الزوجة ، سواء كانت مدعية أم مدعى عليها ، فإذا كانت قد قبضت جميع المهر تلزم برد ما لا يزيد على نصفه . أما إذا ثبت أن التقصير واقع من الطرفين ، فيقسم المهر المؤجل بينهما بنسبة التقصير المنسوب لكل منهما ” . وهذه الحالة هي من حالات التفريق للشقاق كما سيأتي شرحه عند البحث في التفريق القضائي.
والفقرة (جـ) من المادة ذاتها ” إذا تم التفريق قبل الدخول وثبت التقصير من جانب الزوجة تلزم برد ما قبضته من مهر معجل ” .
وعليه فإنه في حال التفريق وفقا لحكم المادة (٤١) من القانون (للشقاق) إذا تقرر أن التقصير الموجب للتفريق من الزوجة أو مشترك بين الزوجين فتقضي المحكمة بإسقاط :
1 - كل أو بعض المهر المؤجل بنسبة تقصير كل منهما إذا حصل التفريق بعد الدخول فإن كانت قبضت جميع المهر فتلزم برد ما لا يزيد على نصفه .
٢ - إذا كان التفريق قبل الدخول وثبت أن التقصير من الزوجة فتلزم برد ما قبضته من مهر معجل وطبيعي أن المهر المؤجل يسقط وان لم ينص على ذلك القانون.
و لم يرد في القانون حالة ما إذا كان التقصير مشتركا وتم التفريق قبل الدخول. كما يسقط جميع المهر في حالة التفريق للنشوز وفقا للمادة (٢٥) الفقرة (٥) الجملة الأولى من (ب) التي قضت بإلزام الزوجة برد ما قبضت يسقط المهر المؤجل إذا كان التفريق قبل الدخول.
تعجيل المهر أو تأجيله :
بما أن المهر لا يعد ركنا من أركان العقد ولا شرطا من شروط صحته كما لا تلزم الشريعة الإسلامية الزوج بدفع مهر زوجته عند حصول عقد الزواج بل جاز تعجيل المهر كله أو تأجيله كله أو بدفع بعضه مقدما والقسم الباقي مؤجلا حسب اتفاقهما . أما إذا لم يكن هناك اتفاق بين الزوجين على كيفية دفع المهر فيرجع إلى العرف السائد في البلد الذي انشي ، فيه العقد ، أن المعروف عرفا كالمشروط شرطا . ونصت الفقرة (١) من المادة (٢٠) على أنه ” يجوز تعجيل المهر أو تأجيله كلا أو بعضا وعند عدم النص على ذلك يتبعه العرف ” . ويجوز تقسيطه أقساطا بمواعيد معينة حسب الاتفاق ، وعند تأجيله لمدة معينة فليس من حق الزوجة أن تطالب به قبل حلول أجله ويسقط الأجل المعين للمهر المؤجل بالطلاق أو الوفاة (المادة ٢٠ / ٢) وإذا لم تعين مدة فيعد مؤجلا إلى وقوع الطلاق أو الموت لأحد الزوجين عند فقهاء الحنفية . وعند الائمة الجعفرية يعد معجلا ويستحق عند المطالبة والميسرة (21) أو يكون المهر المؤجل مؤجلا إلى مدة معينة (اثنتي عشرة سنة أو ثلاثين سنة) وكل هذا مأخوذ من العرف السائد وليس له أساس فقهي أو قانوني .
الزيادة في المهر أو النقصان فيه :
الواجب على الزوج هو المهر المتفق عليه فقط أو مهر المثل. وللزوج أن يريد المهر لزوجته كما للزوجة أن تنقص منه لزوجها إذا كانا كاملي الأهلية غير محجور على أحدهما لصغر أو سفه أو غفلة.
ويجوز للزوج أو لأبيه أن كان صغيرا الزيادة في المهر بعل العقد وتلتحق بأصله
بشروط ثلاثة :
1- أن تكون الزيادة معلومة ومعينة ، فلو قال الزوج لزوجته زدتك في مهرك ولم يعين ما زاده لم تصح الزيادة للجهل بها ، والعكس صحيح .
2- قبول الزوجة أو وليها الزيادة في المجلس .
٣- أن تكون الزيادة حال قيام الزوجية حقيقة أو حكما(22) ، وعلى هذا إذا حصلت الزيادة بعد الطلاق البائن .و بعد انتهاء عدة الطلاق الرجعي أو بعد موت الزوجة لم تصح الزيادة(23) .
ولا بد من التنويه هنا ، بقرار مجلس قيادة الثورة رقم (٣٥٢) في ١٢/ 5 / ١٩٨٧ (24) ، أن يجب على الزوج عند زيادة المهر ضريبة تعادل نصف مقدار الزيادة وتستوفي محكمة الأحوال الشخصية هذه الضريبة . فلو كان المهر ألف دينار وزاده الزوجان إلى عشرة آلاف دينار ، أي بزيادة تسعة آلاف دينار فيجب على المحكمة أن تستوفي من الزوج نصف الزيادة وهي أربعة آلاف وخمسمائة دينار ضريبة بموجب
القرار أعلاه . ولما كان المهر حكما من أحكام الزواج ، وأثرا مترتبا عليه ، فإذا سلم الخاطب إلى مخطوبته مالا محسوبا على المهر ، ثم عدل أحد الطرفين عن إجراء العقد أو مات أحدهما قبل إبرام العقد فيمكن استرداد المدفوع على مبيل المهر عينا ، وان هلك ما سلم ، أو استهلك فإنه يسترد مثله أن كان من المثليات أو قيمته أن كان من القيميات . وهذا ما أشارت اليه المادة (١٩ /٢) من قانون الأحوال الشخصية. ومما ينبغي ذكره في هذا المجال أن أغلب القضاة حين يعقدون ويصدرون حجة النكاح من المحكمة يصرون على أخذ إقرار الزوجة بقبضها المهر المعجل ثم يدون ذلك في حجة الزواج. وحيث جرى العرف على إعطاء هذا الإقرار وهو مخالف للواقع أن تتحكم فيه روح حسن النية والرغبة في اكمال العقد دون جدل. وبالنظر لما لهذا الاقرار من مخاطر حيث يصعب إثبات عدم صحته فيعد هذا السند حجة رسمية. فإننا نرى أن ينتبه السادة القضاة إلى عدم الإصرار لأخذ هذا الإقرار وترك الأمر مسكوتا عليه. حيث يتيح إغفال ذكر كون المهر المعجل مقبوضا أو غير مقبوض المجال لكلا الطرفين لإثبات التسديد أو عدم التسديد. وقد جرى العمل في كثير من الآحيان على إتاحة الفرصة للزوجة لإثبات عدم صحة هذا الإقرار استنادا الى أحكام الشطر الثاني من المادة (٢٢) ، والمادة (١٨) من قانون الإثبات ، إذا قامت قرائن قوية تسند الادعاء وقامت البينة على عدم القبض. أما إذا أنكرت الزوجة اقرارها بقبضها صداقها المعجل بموجب الحجة الشرعية (أي عقد النكاح) وعجزت عن اثبات عدم التسديد ، أي الكذب بالإقرار فعلى المحكمة أن تمنحها حق تحليف الزوج اليمين(25) . واذا عجزت المدعية عن إثبات مقدار صداقها المؤجل المتفق عليه خارج المحكمة فلها الحق في تحليف المدعى عليه (الزوج) اليمين (26)
__________________
1- قال تعالى {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ} أي عطاء . سورة النساء ، الآية (4) . والصداق مأخوذ من الصدق لأشعاره بصدق رغبة الزوج في الزوجة.
٢- النحلة – هي العطية التي تعتبر صلة من معطيها لمن أعطاها إياه من غير أن تكون واجب عليه .
3- قوله تعالى {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً ….} سورة النساء الآية (24) .
4- انظر فتح القدير ، للإمام الكمال ابن همام ، الجزء الثاني ، طبعة ١٣٢٥ هـ ، ص ٣٤٢ ، وكذلك تحرير المحلة ، للإمام محمد الحسين كاشف الغطاء ، الجزء الخامس ، ص ٣٧ .
5- انظر د. أنور العمروسي ، المرجع الوافي في قضاء الأحوال الشخصية للمعلمين ، دار الفكر الحديث للطبع والنشر ١٩٦3 ص ١٨٢ ، والشيخ محمد زيد الأبياني ، شرح الأحكام الشرعية في الأحوال الشخصية ، ص ١٠٣ .
6- انظر معرض عوض إبراهيم ، الإسلام والأسرة ، سلسلة الثقافة الإسلامية ص ١٨ . زكي الدين شعبان ، الزواج والطلاق في الإسلام ، الدار القوصية للطباعة والنشر ، القاهرة ، ١١٦٤ ص ٦٤ .
7- قال الرسول (صلى الله عليه وآله) (التمس ولو خاتماً من حديد) ، قال الحنفية يجب أن لا يقل عن عشرة دراهم ، أو ما يعادلها ، وقال المالكية ، ينبغي أن لا يقل عن ربع دينار.
8-في حديث شريف للرسول (صلى الله عليه وآله) (فمن بركة المرأة خفة مؤنثها) وقال (خير الصداق أيسره) .
9- وذلك استناداً لأحكام المادة (١٩ / 1) من القانون . وبه قضة محكمة التمييز في عدة قرارات ، منها القرار رقم (١٩١ / هيئة عامة / ٧٤ في ١ / ٧ / ١٩٧٥ - و 146/ هيئة عامة ثانية/ ٧٦ في 18 /9 / ١٩٧٦ و 374 / هيئة موسعة / ج ٨٢ في ١٢ / ٣ / ١٩٨٣ وقرار 149/ شخصية / ٨٢ - ١٩٨٣ في ١٤ / 12 / 1982) .
10- للمزيد من التفاصيل راجع ، د. احمد الكبيسي ، شرح قانون الاحوال الشخصية ، في الفقه والقضاء ، والقانون – الزواج والطلاق واثارهما ، مطبعة الارشاد ، بغداد – الجزء الاول ، 1970 ، ص ١٢3 و د . أنور العمروسي ، المرجع الوافي في قضاء الأحوال الشخصية للمسلمين ، المرجع السابق ص ١٨٥ ، ص ٠ ٢١ - ٢١٤ . وكذلك حسين خلف الجبوري . الزواج وبيان أحكامه في الشريعة الإسلامية ، ، ص 108 ، محمد عباس السامرائي ، شرح قانون الأحوال الشخصية ، ص ١٠٤ .
11- راجع حسين الصدر ، من قضايا الزواج والأسرة ، مطبعة الآداب في النجف الاشرف الطبعة الأولى ، ١٩٧٠ ، ص ٥٩٠ .
12- الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية ، ج ٢ ، ص ١٣٨ .
13- اختلف الفقهاء في هذه الصورة فذهب الحنفية ، إلى أن المهر يتأكد للزوجة ، في حين ذهب رأي آخر إلى أن قتلها لنفسها يسقط كل مهرها لتفويتها حق الزوج عليها ، وان قتلها لزوجها جناية لا يتأكد بها حق ، فتحرم في الميراث والمهر ، لأنها أنهت الزواج بمعصية فيسقط المهر كله . والعمول به في بعض الأقطار العربية (مصر وسوريا والعراق ولبنان) هو أن الموت يؤكد المهر في كل صورة . ولكن رأي الشيخ محمد أبو زمرة – ونحن نؤيد هذا الموقف – الرأي الثاني أكثر عدالة وانصاف ، لأنها تزيل الحياة الزوجية بقتلها الزوج فكيف تنعم بمهر من هذه الحياة التي أزالت وجودها . أشار إليها د. أنور العمروسي ، المرجع الوافي في قضاء . . . المرجع السابق ص ٢٠٠ - 201 .
14- انظر مشروع القانون العربي الموحد للأحوال الشخصية ، المرجع السابق ، ص ٧٨ .
15- انظر حسن علي الجبوري ، الزواج وبيان أحكامه في الشريعة الإسلامية ، المرجع السابق ، ص ١٨٣ ، وحسين عليا لأعظمي ٠ أحكام الزواج ، المرجع السابق ، ص ٧٧- ٧٩ . ود. أنور العمروسي ، المرجع الوافي في قضاء. . . المرجع السابق ، ص ١٩٦- ٢٠١ .
16- للمزيد من التفاصيل خلاصة المحاضرات في شرح قانون الاحوال الشخصية العراقي وتعديلاته الشرعية والقانونية ، 1984/1985 ، ص 6٠- ٦١ .
17- سورة البقرة ، الآية (٢٧٧).
18- النهاية ، ص 471
19- سورة البقرة ، الآية (٢٣٧).
20- انظر د. أحمد الكبيسي ، شرح قانون الأحوال الشخصية ، المرجع السابق ، ص ١٢٥ . وكذلك د. أنور العمروسي ، المرجع الوافي في قضاء الأحوال الشخصية. . ، المرجع السابق ، ص ٢٠٣ - ٢٠٥ . وحسين علي الأعظمي ، أحكام الزواج ، المرجع السابق ، ص ٧٧ - ٧٨ .
21- انظر د. محمد عباس السامرائي وأخرون ، شرح قانون الأحوال الشخصية ، المرجع السابق ، ص ١٠٢ - ١٠٧ و حسين على الاعظمي ، احكام الزواج ، مطبعة المعارف ، الطبعة الثانية بغداد 1948 – 1949 ، ص ٧٢ ، والدكتور مصطفى السباعي ٠ شرح قانون الأحوال الشخصية ، المرجع السابق ، ص ٢١١ - ٢١٢ . وكذلك قرار محكمة التمييز ١٥٩ / تنفيذ/ ١٩٧٥ في ٢٥ / ٥ / ١٧٥ ، مجموعة الأحكام العدلية ، العدد الثاني ، السنة السابعة ، ١٩٧٥ .
22- للزوج زيادة مهر زوجته بعد عقد الزواج ويلزم بالزيادة بشرط معرفة مقدارها وقبول الزوجة في المجلس مع بقاء الزوجية قرار ١٣٥٧ / شخصية/ ٩٨٠ ا بتاريخ ٢٢ / ٩ / ١٩٨١ . منشور في مجموعة الأحكام العدلية ، العدد) 3) س ٢ ا ، ١٩٨١ ، ص 32 .
23- راجع د. أنور العمروسي؟ المرجع السابق ، ص ١٩3 - ٩٤ 1 وحسين علي الأعظمي . المرجع السابق ، ص 75 .
24- منشور في الوقائع العراقية . العدد (3153) في ٨ / ٦ / ٩٨٧ ا .
25- قرار ٤٦٠ / شخصية/ ١٩٧٧ بتاريخ ٧ / ٣ / ٩٧٧ ا منشور في مجموعة الأحكام العدلية العدد (الأول) السنة الثامنة ، ١٩٧٧ و ٢٦٢ / موصعة أولى/ ٨٦ - ١٩٨٧ في ٢٩ / ٤ / ٩٨٧ ا (غير منثور) .
26- قرار ٢٢٨٦ / شخصية/ ٨٢ - ١٩٨٣ بتاريخ ٧ / ٧ / ١٩٨٣ منشور في مجموعة الأحكام العدلية . الأعد اد (١ و ٢ و ٣ و ٤) لسنة ١٩٨٣.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً